استطلاعاتمراجعات

قراءة في التصنيف العالمي للجامعات ٢٠١٨

تصدر عدة جهات في الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا والصين والسعودية وغيرها قوائم لتقييم مستوى الجامعات في العالم، ونتائج هذه الجهات مختلفة بطبيعة الحال لأنها تستند لمعايير مختلفة، وإن كانت – بصورة عامة – متقاربة إلى حد بعيد. تٌوجه انتقادات أحيانا لمعظم هذه التقييمات بأنها منحازة بعض الشيئ للجامعات الأمريكية والبريطانية، لكن أجواء العولمة تفرض أهمية متزايدة لهذه الدراسات التي تضع تقييما عالميا للجهات الأكاديمية وسمعتها الدولية. قراءتنا هنا هي لتقييم “مراتب جامعات العالم” الذي تصدره مجلة التايمز للتعليم العالي في لندن والتي تصدر منذ ١٩٧١ ومملوكة لمجموعة روبرت مردوخ الإعلامية، وهي الجهة التي تصدر هذا التقييم منذ ٢٠٠٤. ومع بداية ٢٠١٠ أصبحت تصدر التقييم السنوي بتحليل وطرق تقييم أوسع تستند إلى ١٣ معيارا للتقييم، وتعطي في السنوات الثلاث الأخيرة ترتيبا لأفضل ١٠٠٠ جامعة في العالم. هذه المعايير الثلاثة عشرة تعتمد على خمسة محاور للتقييم:

  • التعلیم: بیئة التعلم (وتُعطى ٣٠٪ من درجة التصنیف العام)
  • البحوث: من حيث الحجم والدخل والسمعة (وتعطى ٣٠٪ )
  • الاستشهادات: من حيث تأثير البحوث على البحوث والكتب الأخرى بأخذ اقتباسات واستشهادات منها (بقيمة ٣٠٪)
  • دخل الصناعة: من حيث القيمة المالية للابتكار (وقيمتها ٢.٥٪)
  • التوقعات الدولية: بالنسبة للموظفين والطلبة والبحوث (بقيمة ٧.٥٪).

يتمتع هذا التقييم بسمعة عالية في الأوساط الأكاديمية، ونعتمد في هذه القراءة على الإصدار الأخير[1] الصادر في سبتمبر ٢٠١٧ للموسم الدراسي ٢٠١٧/٢٠١٨ وعنوانه “مراتب جامعات العالم ٢٠١٨”، ولكننا سنرجع أيضا لنفس التقييم للسنوات الثلاث الأخيرة في بعض النقاط للوقوف على معدلات التغيير لجامعات أو لدول مختلفة. إذا رغبت في مطالعة أو تحميل التقييم كاملا: اضـغط هنــا.

هذه القراءة مقسمة إلى:

  • نظرة عامة على أفضل جامعات العالم ودلالات التغيرات التي طرأت عليها
  • قراءة في تقييم جامعات الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، الصين، واليابان
  • قراءة في نتائج جامعات مصر، الأردن، السعودية، المغرب، الجزائر، الإمارات، إيران، تركيا وإسرائيل
  • خلاصة

نظرة عامة:

يشير التقييم بصورة عامة إلى تراجع مكانة الجامعات الأمريكية وإن كانت تظل الأفضل في العالم حيث حصدت ٤١ موقعا ضمن أفضل مائة جامعة في العالم. ولأول مرة على الإطلاق تتبوأ بريطانيا المركزين الأوليين بجامعتي أكسفورد وكامبريدج، وتبعتها خمس مؤسسات أمريكية هي معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، جامعة ستانفورد، معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا MIT، جامعة هارفارد وجامعة برينستون.

يلاحظ أيضا الارتفاع المستمر للمؤسسات الصينية، حيث أصبحت جامعتا بكين وتشينغهوا داخل قائمة أفضل ٣٠ جامعة في العالم متقدمة على العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية العريقة. وبشكل عام تقدمت مراكز جميع الجامعات الصينية مما يبرهن على صدق تعهدات الحكومة الصينية بمزيد من الدعم والاستثمار لرفع كفاءة المستوى الأكاديمي في البلاد.

نتائج الجامعات العربية متدن جدا مع تفاوت بينها، بينما أداء تركيا وإيران وإسرائيل جيد وفي تحسن ملحوظ.

يلاحظ أيضا الارتفاع المستمر للمؤسسات الصينية، حيث أصبحت جامعتا بكين وتشينغهوا داخل قائمة أفضل ٣٠ جامعة في العالم متقدمة على العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية العريقة

الولايات المتحدة:

فقدان الولايات المتحدة للمركزين الأوليين علامة واضحة لتراجع الجامعات الأمريكية (احتفظ معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بالمركز الأول لست سنوات متتالية من ٢٠١٠ – ٢٠١٦ والآن في المركز الثالث). تراجع دخل الجامعات والهيئات الأمريكية من البحوث العلمية بنسبة ٢٣٪ و ٢٤٪ على التوالي عن العام الماضي، كما تراجعت أعداد الحاصلين على درجة الدكتوراه بالنسبة لعدد الطلاب في جامعة ستانفورد ومركز كالتيكس.

مما يثير القلق أيضا بالنسبة للجامعات الأمريكية أن منها ٦٢ جامعة وهيئة ضمن أفضل ٢٠٠ جامعة في العالم، لكن ٥٩ منها تراجعت فيها دخول البحوث العلمية  لكل عضو هيئة تدريس بينما تراجع ٢٩ منها عن مراكزهم في العام الماضي. هذا يعني تراجعا ملحوظا لزبدة الجامعات والهيئات البحثية الأمريكية. هذه النخبة من الجامعات كان عددها ٧٤ منذ ثلاث سنوات في ٢٠١٥، ولكن عدد الجامعات الأمريكية ضمن العشرين مركز الأولى ظل كما هو في السنوات الثلاث الأخيرة محتفظا بنصيب الأسد منها بخمسة عشر مركزا (أي بنسبة ٧٥٪ منها)، وهو ما يشير إلى أن تربع الولايات المتحدة على قمة التقدم البحثي في العالم ما زال قائما بقوة وربما لعشر سنوات قادمة على الأقل.

أحد أسباب التراجع الأمريكي مؤخرا يرجع لخفض الدعم الحكومي في غالبية الولايات، ويتوقع انخفاض الدعم أكثر تحت إدارة الرئيس ترامب. هذا الخفض يؤثر على مستوى هيئات التدريس وعلى الإمكانيات البحثية، مما ينذر بانخفاض أعداد الطلاب الأجانب وتوجههم لدول أخرى مثل كندا التي ارتفعت مراكز جامعاتها في المقابل[2] (ارتفعت كل الجامعات الكندية الكبرى تقريبا، وبلغ تقدم جامعة مكماستر مثلا ٣٤ مركزا دفعة واحدة مقارنة بالعام الماضي).

الصين:

جامعة بكين تقدمت في السنوات الثلاث الأخيرة من المركز ٤٢ إلى ٢٩ إلى  ٢٧ وتقدمت جامعة تشينغهوا خلال نفس الفترة من المركز ٤٧ إلى ٣٥ إلى ٣٠ وأصبح للصين ٧ جامعات ضمن أفضل ٢٠٠ جامعة في العالم بعد أن كان لها في هذه النخبة ٣ جامعات فقط في ٢٠١٥. هذا التقدم الصيني – والآسيوي عموما – يأتي على حساب مراكز الجامعات الأوروبية والأمريكية، حيث للجامعات الآسيوية الآن أكثر من ثلث المراكز في قائمة أفضل ١٠٠٠ جامعة في العالم (منها ٦٣ جامعة صينية).

بدأت النهضة الصينية في التعليم العالي بمشروع ٢١١ القومي (Project 211) عام ١٩٩٥ والذي استهدف إنشاء وتطوير ١٠٠ جامعة صينية لتحقق مستويات عالمية متقدمة. حقق المشروع نتائج كبيرة، حيث بلغ في ٢٠١٠ عدد المنتسبين للمشروع ٨٠٪ من طلبة الدكتوراه في الصين، و٦٥٪ من طلبة الماجستير، و ٣٣٪ من طلبة الجامعات دون الدراسات العليا، ونصف الطلاب الأجانب، واستحوذ المشروع على ٩٦٪ من المعامل و ٧٥٪ من ميزانية البحث العلمي.

تبع هذا المشروع برنامج ثان (مشروع ٩٨٥ – Progect 985) والذي استهدف إنشاء مراكز بحثية بمستوى عالمي، إقامة مؤتمرات علمية دولية، دعوة أساتذة زائرين من كبريات الجامعات العالمية، وتبني ٤٧ جامعة لتصبح جامعات في الصف الأول من الجامعات العالمية.

في هذا العام ٢٠١٧ أوقفت الصين البرنامجين، وأطلقت مشروعا جديدا يضمهما، وهو الخطة المزدوجة للجامعات من الدرجة الأولى (Double First Class University Plan). تهدف الخطة الجديدة لأن تصبح ٥٠٧ جامعة ومؤسسة بحثية بالصين ذات مستويات عالمية متفوقة قبل عام ٢٠٥٠. هذه الجامعات تم تحديدها وضمها للخطة وبدأ التنفيذ في سبتمبر ٢٠١٧.

بريطانيا:

نتائج جيدة لبريطانيا حيث احتفظت جامعة أكسفورد بالمركز الأول للسنة الثانية على التوالي، وصعدت جامعة كامبردج للمركز الثاني من مركزها الرابع للعام السابق. صعود كامبريدج يرجع لارتفاع دخلها من البحوث بالإضافة لمستوى البحوث (ارتفع دخل جامعتي أكسفورد وكامبريدج من البحوث بنسبة ٢٤٪ و ١١٪ على التوالي). احتلال بريطانيا لأول مركزين برغم تراجع دورها الدولي يعد إنجازا علميا كبيرا. هذا الإنجاز ربما يتراجع بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تحصل جامعتا أكسفورد وكامبريدج على ٢٠٪  و ٢٥٪ على التوالي من منحها الدراسية من دول الاتحاد الأوروبي.

لبريطانيا ٩٣ جامعة داخل التصنيف وهو إنجاز هائل، منها ١٢ جامعة ضمن أفضل ١٠٠ جامعة، وكَون بريطانيا بها ١٨٢ جامعة تعطي درجات علمية معترف بها، فهذا معناه أن أكثر من نصف الجامعات البريطانية داخل التصنيف العالمي. الدولة العجوز برغم تراجعها السياسي والاقتصادي ما زالت متمسكة بأهداب الهيمنة والسيطرة من خلال تقدمها البحثي، وتعتبر الأولى أوروبيا في هذا المضمار الحيوي.

ألمانيا:

لألمانيا ٤٤ جامعة داخل التصنيف العالمي منها ١٠ جامعات ضمن أفضل ١٠٠ جامعة، و ١٠ جامعات أخرى في المراكز (١٠١-٢٠٠)، ثم ٩ جامعات في المراكز (٢٠١-٢٥٠) وهو إنجاز ضخم إذا عرفنا أن بألمانيا ٧٠ جامعة فقط بها دراسات عليا لدرجة الدكتوراه، وهي الجامعات التي أمامها فرصة في هذا التصنيف بما تنتجه من أبحاث علمية. كل هذه الجامعات السبعين حكومية ومدعومة بالكامل حيث لا يتحمل الطالب فيها أي رسوم دراسية (وإنما يسدد من ٢٠٠-٤٠٠ دولار للفصل الدراسي مقابل أنشطة اتحادات الطلاب والمواصلات الجامعية).

مستوى الجامعات الألمانية مستقر في السنوات الخمس الأخيرة مع تحسن تدريجي، ولم تتراجع في نصيبها في كل الفئات جراء تقدم الجامعات الآسيوية.

في ألمانيا أيضا أكثر من ٢٠٠ جامعة للعلوم التطبيقية (Fachhochschulen) وهي جامعات لا تقدم دراسات عليا لدرجة الدكتوراه وإنما تركز على الدراسات العملية التي تلبي حاجات أسواق العمل.

تتبنى الحكومة المركزية برامج تحفيز ضخمة لرفع مستوى الأبحاث الجامعية كما ترصد جوائز عالية لأصحاب أفضل الأبحاث.

لألمانيا ٤٤ جامعة داخل التصنيف العالمي منها ١٠ جامعات ضمن أفضل ١٠٠ جامعة، و ١٠ جامعات أخرى في المراكز (١٠١-٢٠٠)، ثم ٩ جامعات في المراكز (٢٠١-٢٥٠) وهو إنجاز ضخم إذا عرفنا أن بألمانيا ٧٠ جامعة فقط بها دراسات عليا لدرجة الدكتوراه

فرنسا:

كان للجامعات الفرنسية منذ ٣ سنوات ٢٧ مركزا ضمن أفضل ٨٠٠ جامعة في العالم، وأصبح لها هذا العام ٣١ مركزا ضمن أفضل ١٠٠٠ جامعة، فنصيبها ثابت تقريبا. للجامعات الفرنسية مركز واحد ضمن أفضل مائة جامعة (جامعة PSL في المركز ٧٢) ثم خمس جامعات في المركز (١٠١-٢٠٠).

مستوى الجامعات يبدو متذبذبا، فجامعة (École Normale Supérieure) ) التي كانت أفضل جامعة فرنسية لسبع سنوات متتالية (٢٠١١-٢٠١٧) قد تراجعت هذا العام لتصبح الرابعة فرنسيا والـ ١٨٢ عالميا، بينما الجامعة الأولى فرنسيا هذا العام (Paris Sciences et Lettres) ) لم يسبق لها أن تدخل قائمة أفضل الجامعات مطلقا برغم أن من منتسبيها ٢٢ عالما حصلوا على جائزة نوبل في فروع مختلفة شملت الفيزياء والكيمياء والآداب والاقتصاد وعلم النفس. فرنسا لم يكن لها أكثر من ممثل واحد دائما ضمن أفضل ١٠٠ جامعة خلال السنوات الخمس الأخيرة.

بفرنسا ٨٣ جامعة حكومية وخمس جامعات كاثوليكية خاصة، وبها أيضا مؤسسات جامعية للمتفوقين والنابهين Grandes Écoles) ) ومنها يتخرج سنويا من ١٠٠-٣٠٠ خريج، يمثلون فيما بعد القاعدة الأساسية للعلماء الفرنسيين والنخب الحاكمة.

اليابان:

لليابان ٨٩ موقعا ضمن أفضل ١٠٠٠ جامعة في العالم، أي لها ٩٪ من أفضل جامعات العالم، منها جامعتان ضمن أفضل ١٠٠ جامعة هما جامعتا طوكيو وكيوتو. كان لليابان قبل سنتين فقط ٤١ موقعا ضمن أفضل ٨٠٠ جامعة، وهو ما يعكس تقدما عاما للجامعات اليابانية، لكن ليس لها مكان في أول ٤٥ جامعة وهو ما يشير إلى تباعد اليابان عن مكان الصدارة بعد أن كانت جامعة طوكيو في المركز ٢٣ منذ عامين.

باليابان ١٨١ جامعة حكومية و ٥٩٧ جامعة خاصة. ٦٠٪ من هذه الجامعات تقدم برامج للدراسات العليا، والتي يلتحق بها حوالي ٧٪ فقط من الخريجين. طلبة الدراسات العليا معظمهم من الذكور، ويمثل الإناث ١٣٪ فقط من طلبة الدكتوراه في البلاد ربما لأن معظم الدراسات العليا تكون في الهندسة والتكنولوجيا.

باليابان حوالي ربع مليون طالب أجنبي في جامعاتها، نصفهم تقريبا من الصين، ثم يأتي بعدها فيتنام، نيبال، كوريا، تايوان، إندونيسيا وسريلانكا مما يعطيها تأثيرا إقليميا قويا.

بمصر ٢٩ جامعة حكومية و ٤٣ جامعة خاصة، ويعتبر الأداء العام متدني للغاية بالنسبة لبلد عريق كمصر حيث لا يوجد بها أي جامعة ضمن أفضل ٦٠٠ جامعة في العالم

مصر:

حصلت مصر على ٩ مراكز فقط ضمن أفضل ١٠٠٠ جامعة في العالم، منها جامعتان فقط ضمن المراكز  هما الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة بني سويف. جاء ترتيب السبع جامعات الأخرى (وكلها في فئة ٨٠١-١٠٠٠) كالتالي:

جامعة عين شمس – جامعة الأسكندرية – جامعة أسيوط – جامعة القاهرة – جامعة المنصورة – جامعة جنوب الوادي – جامعة قناة السويس

الجدول التالي يقارن بين هذه الجامعات:

اسم الجامعة عد الطلاب عد الطلاب لكل مدرس بيئة التعليم الأبحاث الاستشهادات الدخل من الأبحاث وغيرها القيمة الدولية
الأمريكية 6093 12.4 23.3 18.0 24.7 32.5 68.3
بني سويف 69962 32.5 18.4 6.4 63.2 31.8 43.3
عين شمس 131200 13.5 21.1 8.2 13.5 33.0 34.9
الأسكندرية 166350 26.9 16.8 7.9 23.9 33.4 44.5
أسيوط 60170 33.0 20.0 6.8 15.2 1.1 43.9
القاهرة 252095 46.2 21.5 11.4 22.6 33.0 32.9
المنصورة 109714 26.5 17.4 6.5 29.3 40.0 36.2
جنوب الوادي 52098 60.8 14.7 6.5 18.7 31.7 44.5
قناة السويس 33846 12.7 18.2 7.0 31.9 0.5 45.4

قراءة في هذه المؤشرات تعكس التالي:

  • بمصر ٢٩ جامعة حكومية و ٤٣ جامعة خاصة، ويعتبر الأداء العام متدني للغاية بالنسبة لبلد عريق كمصر حيث لا يوجد بها أي جامعة ضمن أفضل ٦٠٠ جامعة في العالم، وبها جامعتان فقط ضمن المراكز (٦٠١-٨٠٠) هما الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة بني سويف، وقد حصلتا على نفس التقدير الكلي (٣٠.٦).
  • من المستغرب أن تتقدم جامعة إقليمية محدودة الموارد هي جامعة بني سويف على سائر الجامعات المصرية الحكومية والخاصة (عدا الجامعة الأمريكية)، ويرجع السبب في ذلك إلى ارتفاع نقاط الاستشهادات (٦٣.٢) بفارق كبير عن الجامعات الأخرى. هذا الارتفاع – في غالب الأمر – مردوده لأحد المدرسين النشطين بالجامعة ممن لهم بحوث منشورة في جهات مرموقة، وقد يكون لهذا المدرس مجموعة من الطلاب يشاركونه نشاطه وأبحاثه، مما جعلها مرجعا مميزا في مجال تخصصه، وإلا فسائر المعايير لجامعة بني سويف ضعيفة جدا مثلها مثل باقي الجامعات المصرية
  • اللافت أيضا غياب كل الجامعات الخاصة (عدا الجامعة الأمريكية)، وكلها خارج التصنيف (الذي شمل ١١٠٢ جامعة)، برغم الضجيج الإعلامي عن تلك الجامعات ورسومها الدراسية المرتفعة جدا، والانطباع المجتمعي عنها أنها جامعات مرموقة بمستوى أكاديمي مرموق، فإذا بها جميعا خارج التصنيف، وأدنى مستوى من جامعات مثل بني سويف وجنوب الوادي والمنصورة، فالتقويم يضع أسماء رنانة كالجامعة البريطانية والألمانية والكندية والأكاديمية البحرية وغيرها خارج التصنيف تماما
  • وحتى الجامعة الأمريكية بكل بريقها التاريخي والمجتمعي جاءت نتائجها هزيلة للغاية، وهو ما يلقي بظلاله على مستوى الأبحاث التي تخرج منها، ومستوى هيئة التدريس بها
  • أعداد الطلاب في الجامعات الحكومية كبيرة جدا لدرجة لا تتناسب إطلاقا مع إمكانيات الجامعات ومواردها ومعاملها وقاعات التدريس بها (جامعة القاهرة وحدها بها أكثر من ربع مليون طالب)، كما أن نسبة عدد الطلاب لكل مدرس مرتفعة جدا كذلك، وهما عاملان يصيبان العملية التعليمية في مقتل. نذكر هنا جامعة بكين التي تعد من أكبر مؤسسات التعليم العالي في الصين تضم ٤٢١٣٦ طالب ونسبة عدد الطلاب لكل مدرس ٨.٩ فقط. ومن وجهة نظر إدارية تعتبر إدارة المؤسسات الكبرى من الأمور بالغة الصعوبة. ومعظم الجامعات التي بها أعداد بهذه الضخامة أبعد ما تكون عن تنفيذ ممارسات الإدارة الحديثة بدءا من الاعتماد على نظام معلومات إداري متطور لمراقبة العمل وإصدار قرارات مدروسة. إن حجم الجامعات المصرية الضخم له تأثير مدمر على جودة التعليم، فعندما تجتمع تلك الأعداد الضخمة من الطلاب مع عدم كفاية الموارد المالية والبشرية وهو الوضع المزمن للتعليم في مصر، فإن تلك الأعداد تتحول إلى ازدحام في قاعات المحاضرات وعدم إعطاء الاهتمام الكافي المباشر للطلاب كلٍ على حدة من جانب أعضاء هيئة التدريس، إلى جانب ظروف تعليمية غير مواتية ولا ملائمة.
  • أحد أهم أسباب ضعف التعليم الجامعي المصري هو ضعف ميزانياتها. حاولنا في هذه القراءة التعرف على ميزانية الجامعات المصرية، ولكن لم نتوصل لأرقام محددة. تصريحات المسئولين متضاربة، بدءا بوزير التعليم العالي د. خالد عبد الغفار الذي تناقضت تصريحاته في غضون شهر واحد من قوله في منتصف يوليو ٢٠١٧ أن الدولة تدعم طالب الكلية العملية بـ ٥٠ ألف جنيه فى السنة، بينما قال في منتصف سبتمبر ٢٠١٧ أن الدولة تدعم طالب الكليات العملية بـ ٣٥ ألف جنيه سنويا.
  • جامعة الأزهر العريقة والتي أسست قبل ألف عام وبعدد طلاب أكثر من ٤٠٠ ألف طالب، خارج التصنيف.
  • أحد أهم أسباب تدني مستوى الجامعات المصرية ضعف التعليم الأساسي واعتماده لدرجة كبيرة على الدروس الخاصة[3] ومعاناته من سرقة المخصصات العامة وتسريب الامتحانات.
  • لم تنشئ الحكومات المصرية المتعاقبة أي جامعة جديدة منذ حوالي سبعين سنة. الجامعات الإقليمية الجديدة هي عبارة عن امتدادات لجامعات حكومية قديمة ثم تم فصلها إداريا لتصبح جامعات مستقلة.

السعودية:

حصلت السعودية على خمسة مراكز ضمن أفضل ١٠٠٠ جامعة، وتبوأت جامعة الملك عبد العزيز بجدة، مركزا في أفضل ٢٥٠ جامعة في العالم وهو ما يعتبر إنجازا عربيا متميزا بالمقارنة بالدول العربية بل ودول الشرق الأوسط. يلاحظ أيضا في نتائج الجامعات السعودية:

  • جامعة الملك عبد العزيز حافظت على هذا المركز المتقدم للسنة الثانية على التوالي، كما حافظت على كونها ضمن أفضل ٤٠٠ جامعة للسنوات الخمس الأخيرة. الجامعة تتميز بدرجة استشهادات عالية جدا بلغت هذا العام ٩٧.٣ وهي نسبة تعكس المستوى العالي لمخرجاتها البحثية والتي تم رصدها كمراجع عالميا بهذه النسبة الممتازة. جامعة الملك سعود بالرياض بالمقابل حققت درجة استشهادات متدنية بلغت ٣٠.٧ برغم أن ميزانيتها أعلى ومواردها أكبر.
  • الجامعات السعودية الحكومية كلها تتمتع بنسبة جيدة جدا لعدد الطلاب لكل عضو هيئة تدريس، وتتراوح بين ٨ – ١٠ وهي نسبة تتماشى مع نظيراتها في أفضل جامعات العالم.
  • جامعة الملك فهد للبترول والمعادن تراجعت هذا العام وحده حوالي ١٠٠ مركز، وكانت منذ عشرين سنة من الجامعات التي تتمتع بمستويات بحثية عالية، ولا يظهر السبب واضحا في هذا التراجع الكبير.
  • جامعة الملك عبد العزيز بها أكبر نسبة للطلاب الأجانب بالجامعات الحكومية (٢١٪) ولعل هذا أحد أسباب تقدمها، لأنه يزيد من طبيعة المنافسة الدراسية بين الطلاب.
  • جامعة الفيصل الخاصة داخل التصنيف العالمي وحققت أفضل مركز بعد جامعة الملك عبد العزيز (وإن كان بفارق أكثر من ٣٠٠ مركز) ومتقدمة على باقي الجامعات الحكومية. الجامعة بها نسبة مرتفعة من الطلاب الأجانب (٣٤٪) وهو ما يحقق لها موارد مرتفعة (مصروفات الطالب حوالي ٢٥ ألف دولار سنويا). دخول الجامعة في التصنيف العالمي سيعطي دفعة للتعليم الخاص الجامعي بالمملكة السعودية.
  • بالسعودية ٢٩ جامعة حكومية و ٨ جامعات خاصة، وظهور خمسة منها فقط في التصنيف العالمي يعد قليلا بالنسبة للإنفاق الحكومي على التعليم (حوالي ٢١ مليار دولار لعام ٢٠١٦، بما يعادل متوسط كلفة الطالب في التعليم الجامعي ١٤ ألف دولار للطالب).

الأردن:

لها ثلاث جامعات ضمن التصنيف العالمي لأفضل ١٠٠٠ جامعة، منها جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ضمن أفضل ٥٠٠ جامعة، وقد احتفظت بوجودها داخل التصنيف العالمي للسنوات الثلاث الأخيرة. عدد الجامعات داخل التصنيف قليل بالنسبة لعدد الجامعات الأردنية (١٠ جامعات حكومية و ٢٠ جامعة خاصة)، وإن كانت النسبة متماشية مع ضعف التعليم العربي بشكل عام.

كل الجامعات الخاصة العشرين خارج التصنيف.

الإمارات:

لدولة الإمارات ٤ مراكز ضمن أفضل ألف جامعة، منها جامعة خليفة ضمن أفضل ٣٥٠ جامعة. النتائج جيدة بالنسبة لعدد السكان، لكنها ضعيفة بالنسبة لوجود ٧٨ جامعة ومعهد عالي بالإمارات، وبالنسبة أيضا لارتفاع الإنفاق على التعليم العالي، وارتفاع الرسوم في الجامعات والمعاهد الخاصة.

من المتوقع ارتفاع أداء الجامعات الإماراتية مستقبلا نظرا لارتفاع مؤشرات التعليم الأساسي بها، وهو المحضن الأهم للتأهل لتعليم جامعي جيد.

الجزائر:

للجزائر مركز واحد فقط ضمن أفضل ألف جامعة وهو لجامعة تلمسان. بالجزائر ١٠٦ جامعة حكومية وخاصة منها ٣٧ بالعاصمة الجزائر، ويعتبر هذا التصنيف عاكسا لانخفاض شديد في مستوى الجامعات الجزائرية، ويوجب انتباها قوميا لهذا الخطر خاصة وأن الاقتصاد الجزائري مر بسنوات انتعاش مؤخرا.

المغرب:

للمغرب جامعتان فقط داخل تصنيف أفضل ١٠٠٠ جامعة في العالم، هما جامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة محمد الخامس بالرباط. بالمغرب ١٩ جامعة حكومية و ٨ جامعات خاصة، وهو عدد قليل بالنسبة لبلد بها أكثر من ٣٥ مليون نسمة. وضع الجامعات المغربية يدعو للقلق، خاصة وأن الجامعة الأولى (القاضي عياض) قد تراجع ترتيبها في السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من مائتي مركز.

إسرائيل:

لها ٦ جامعات ضمن أفضل ألف جامعة، تتقدمها الجامعة العبرية بالقدس وجامعة تل أبيب وترتيبهما (٢٠١-٢٥٠). النتائج جيدة بالمقارنة بمنطقة الشرق الأوسط، لكنها في تراجع واضح خلال السنوات الأخيرة. توجد بإسرائيل ٧٨ مؤسسة جامعية مرخصة بمنح الدرجات الجامعية، منها ٩ جامعات فقط مرخصة بمنح الدرجات العليا (الماجستير والدكتوراه). قلة الجامعات التي بها دراسات عليا يفسر قلة المراكز التي تحصل عليها إسرائيل داخل التصنيف العالمي، وتعكس فلسفة مختلفة أيضا عن معظم بلاد العالم التي نجد فيها كل الجامعات تقريبا بها دراسات عليا للماجستير والدكتوراه.

بإسرائيل أيضا فروع لخمس جامعات أجنبية كلها أمريكية، منها جامعة نيويورك وجامعة إنديانابولس، وثلاث جامعات أسستها مراكز يهودية أمريكية. كل الفروع بها دراسات عليا.

الجامعات الإسرائيلية كلها مدعومة حكوميا ويسدد الطلاب نسبة ضئيلة من الرسوم الدراسية. التجنيد الإجباري في الجيش يبدأ بعد التعليم الثانوي، إلا في حالات استثنائية. الطالب الذي أدى الخدمة العسكرية يتأهل لمنحة قدرها ٩٠٪ من الرسوم الدراسية المدعومة أصلا.

رصدت عدة مراكز دولية انتهاكات وتفرقة عنصرية في التعليم الجامعي (والأساسي) بين اليهود والعرب (العرب يمثلون خمس السكان)، منها أن الحكومة تنفق على الطالب اليهودي ١١٠٠ دولار سنويا، بينما تنفق على الطالب العربي ١٩٢ دولار سنويا، بالمخالفة للقوانين الإسرائيلية[4]

إيران:

لإيران ١٨ جامعة داخل التصنيف العالمي، منها جامعة واحدة داخل المراكز (٣٠١-٣٥٠) و ٨ جامعات بالمراكز (٦٠١-٨٠٠) والباقي بالمراكز (٨٠١-١٠٠٠). أفضل هذه المراكز هو لجامعة بابول نوشيراوان للتكنولوجيا، ولها أبحاث علمية ذائعة الانتشار جعلت درجة الاستشهادات والاقتباسات العالمية من أبحاثها تحصل على درجة ٩٩.١ وهي أعلى درجة في الجامعات العالمية. أداء الجامعات الإيرانية جيد بالنسبة للشرق الأوسط، ويتحسن هذا الأداء سريعا حيث كان لإيران ٨ جامعات فقط داخل التصنيف عام ٢٠١٦. من المتوقع أن يؤدي رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران عام ٢٠١٥ بعد الاتفاق النووي، إلى تقدم تعليمي خاصة في المدارس والجامعات التكنولوجية.

بإيران أكثر من ٢٥٠ جامعة معظمها جامعات حكومية تابعة لوزارة التعليم والبحث العلمي (ما عدا الجامعات الطبية فتابعة لوزارة الصحة).

رصدت إيران ٠.٤٪ من دخلها القومي للأبحاث والتطوير (R&D) عام ٢٠٠٠  ارتفعت إلى ٠.٩٪ عام ٢٠٠٩ ثم تستهدف لرفعها إلى ٢.٥٪ عام ٢٠٢٠   في إشارة واضحة لرغبة البلاد في اللحاق بركب التقدم البحثي (المتوسط العالمي للأبحاث والتطوير من الدخل القومي ١.٩٪).

لا يدرس في إيران إلا أقل من ٢٠ ألف طالب أجنبي، بينما تبتعث إيران أكثر من ٣٥٠ ألف طالب للدراسة خارجها. في مقدمة الدول التي يذهب إليها المبتعثون: ماليزيا والولايات المتحدة وكندا وألمانيا وتركيا[5].

تركيا:

حصلت الجامعات التركية على ٢٢ مركزا داخل التصنيف العالمي، منها جامعة واحدة (جامعة كوتش) في المركز (٣٠١-٣٥٠) وجامعة صابانجي في المركز (٣٥١-٤٠٠) ثم جامعتان في المركز (٤٠١-٥٠٠) ثم ٤ جامعات في المركز (٦٠١-٨٠٠) والباقي في المركز (٨٠١-١١٠٠).

أداء الجامعات التركية يتحسن بشكل عام فقد كان لها ١١ جامعة فقط داخل التصنيف عام ٢٠١٦، وجامعتان فقط داخل التصنيف عام ٢٠١٠، لكنها لم تستطع أن يكون لها مركز داخل أفضل ٣٠٠ جامعة.

بتركيا ١٨٣ جامعة وأكاديمية، منها ١٠٩ جامعة حكومية والباقي مؤسسات خاصة.

ولتركيا منذ عام ٢٠٠٩ إصدار لتصنيف عالمي للجامعات (التصنيف العالمي بالأداء الأكاديمي URAP) الذي تصدره جامعة الشرق الأوسط للتقنية لأفضل ٢٥٠٠ جامعة في العالم. هذا التصنيف سيعطي الجامعات التركية قاعدة بيانات ومنصة بحثية ذات قيمة عالية[6].

وفي الخلاصة:

  • معدلات التغير في التصنيف العالمي للجامعات إذا سارت عل نفس الوتيرة، تشير إلى أنه بعد عقد من الآن – أو على أقصى تقدير بعد عقدين – سيصبح الترتيب العالمي: الصين ثم ألمانيا ثم الولايات المتحدة واليابان.
  • الدول العربية تعاني من انحدار حاد في مستوى جامعاتها وتحتاج لتغيير جذري في إرادتها السياسية لتتدارك هذا التراجع، وإلا ستصبح إيران وتركيا وإسرائيل هي القوى الإقليمية الوحيدة المؤثرة.
  • كل الدول المتقدمة تتبنى برامج خاصة – تحت مسميات متنوعة – للعناية بالتميز العلمي فوق ما تقدمه من خدمات تعليمية أساسية.

[1] https://www.timeshighereducation.com/world-university-rankings/2018/world-ranking#!/page/0/length/25/sort_by/rank/sort_order/asc/cols/scores

[2] https://qz.com/1069786/are-oxford-and-cambridge-now-better-than-stanford-and-harvard-us-universities-are-falling-in-the-2018-global-rankings/

[3] https://web.archive.org/web/20110707103425/http://www.al-hadath.com/look/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=1&NrArticle=1649&NrIssue=570&NrSection=3

[4] “Arab Sector: NIF Grantees Fight Discrimination in Arab Education”. New Israel Fund. 2005-09-13. Archived from the original on 2007-08-07.

[5] http://www.payvand.com/news/14/sep/1002.html

[6] http://www.urapcenter.org/2017/

زر الذهاب إلى الأعلى