العقل اليهوديملفـات

كيف يرانا اليهود؟

مقدمة عن أهمية فهم العقل اليهودي

انتبه كثيرون في العالم الإسلامي – بعد طوفان الأقصى – إلى أن معرفتنا وفهمنا لليهود محدود للغاية، بينما معرفتهم وفهمهم لنا – نحن المسلمين – واسعة وتفصيلية ودقيقة في غالب الأحوال. أما معرفتنا بما يدينون وأصول ما يعتقدون، فتكاد من ضعفها تجعل العقل اليهودي أمامنا كأنه صندوق أسود.

هذه النظرة المتعجلة لا تفسر العلاقة الدينية الحميمة التي تجمع بين اليهود والمسيحيين، في الوقت الذي تحتقن فيه العلاقة بين اليهود والمسلمين، برغم أن عامة اليهود المتدينين يرون النصارى وثنيين، والمسلمين موحدين!

من الجوانب الغامضة في معتقداتهم نظرتهم إلى الآخر (أو الأغيار أو الأميين أو الأمميين أو الجوييم)[1]، إذ ما ينتشر في ثقافتنا عن هذا الجانب يكاد ينحصر في نظرتهم الاستعلائية لغيرهم، وشعورهم بالتميز والتفوق بأنهم شعب الله المختار، وأنهم أبناء الله وأحباؤه. هذه النظرة المتعجلة لا تفسر العلاقة الدينية الحميمة التي تجمع بين اليهود والمسيحيين، في الوقت الذي تحتقن فيه العلاقة بين اليهود والمسلمين، برغم أن عامة اليهود المتدينين يرون النصارى وثنيين، والمسلمين موحدين! كما أنها لا تفسر تعامل اليهود مع النصوص المحكمة الصارمة التي يدينون بها مع غير اليهود، في الوقت الذي توجد لديهم نصوص فيها تسامح وتعايش مع الغرباء، وتصريح بأن صالحي غير اليهود لهم مقام ومكان في جنة الآخرة.

هذه الورقة تقدم نظرة فاحصة للطريقة التي ينظر بها اليهود – عامة – لغيرهم من البشر، والمساحة الضيقة التي يمكنهم فيها التملص أو الانفكاك من نصوص صارمة تلزمهم بهذا العداء إلزامًا. الورقة تستعرض أربعة عشر جانبًا لهذه العقيدة العدائية من خلال نصوصهم المقدسة والتأويلات الحاخامية لأئمة التفسير عندهم، ومن تاريخهم المدون وأحداث حرب غزة الحالية بعد مرور سبعة أشهر عليها.

وللفائدة نضع في الهامش أهم عشرة مصادر تأسيسية لليهودية[2]، وننوه إلى أن أقدم مدونة للقانون التلمودي والتي لا تزال ذات أهمية كبيرة هي مشناه التوراة التي كتبها موسى بن ميمون في أواخر القرن الثاني عشر. كما أن الكود الأكثر موثوقية وشعبية، والمستخدم على نطاق واسع حتى الآن كدليل، هو شولحان عاروخ[3] الذي ألفه يوسف كارو في أواخر القرن السادس عشر باعتباره تلخيصًا شعبيًا لكتابه الأكثر ضخامة “بيت يوسف” والذي كان مخصصًا للباحث المتقدم. لقد جرى التعليق كثيرًا على شولحان عاروخ؛ بالإضافة إلى التعليقات الكلاسيكية التي يعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، هناك تعليق مهم من القرن العشرين، وهو مشناه برورة. وأخيراً فإن الموسوعة التلمودية ـ وهي مجموعة حديثة نُشرت في إسرائيل منذ خمسينيات القرن العشرين وقام بتحريرها أهم الحاخامات الأرثوذكس المتأخرين، تشكل خلاصة جيدة لكل الأدب التلمودي.

نستعرض نصوص العقيدة اليهودية تجاه غير اليهود، وما يترتب عليها من أحكام في التوراة (التناخ) والتلمود والمصادر الحاخامية من أربعة عشر جانبًا تغطي رؤية اليهود للآخر، ونذكر مع كل منها ما تجلى بوضوح لا لبس فيه، في تعاملهم مع الفلسطينيين بعد طوفان الأقصى، وهي كما سنرى جوانب تقطر عنصرية وازدراء وظلمًا واستباحة للأغيار.

أولًا: الأمر بالاستباحة والقتل:

تَحدد لليهود كيفية الاستيلاء على المدن والتعامل مع أهلها في آيات عديدة تعتبر مرجعًا وقانونًا ومصدر إلهام للقادة الإسرائيليين المعاصرين، منها:

” حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربًا، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحدِّ السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك …”. (التثنية ٢٠/ ١٠-١٤).

يتتبع راشي في تفسيره الشهير هذه الآيات ويعتمد الكابالا[4] في تحديد معاني ومدى هذه الآيات، فيقول:

  • السلم المقصود هنا هو الاستسلام التام وقبول الجزية والاستعباد، فإن قال من تحت الحصار: نقبل الجزية ولا نقبل العبودية؛ أو نقبل العبودية ولا نقبل الجزية، فلا يتم الالتفات إليهم، إذ يجب عليهم قبول كليهما.
  • وإن لم تستسلم لك، فداوم على حصارها، ليتم تقليل أعدادهم بالجوع أو العطش أو الطاعون (وكأنها تصف فعلهم حرفيًّا منذ شهور في حصار غزة تحت شعار: لا طعام، لا ماء، لا دواء ولا وقود، الذي أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي جالانت يوم ٧ أكتوبر)، والنص يعطيه هذه الفرصة لتقليل أعدادهم بالجوع والمرض (= إبادة)، ولم يكن هذا بالحصار فقط، بل تسارع بالقصف المكثف للمخابز ومحطات الماء وشبكة الصرف الصحي من الأيام الأولى للحرب.
  • وأما قوله: ” فاضرب كلَّ ذَكَر بحدِّ السيف “: نعتقد أن هذا يشمل الأطفال الذكور؛ لذلك هو مكتوب “أما النساء والأطفال… فاغتنمها لنفسك”: فربما المقصود الأطفال الإناث![5]

وهكذا طبق يشوع بن نون وما ورد فيها عندما دخل أريحا: “واقتلوا كلَّ ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم بحدِّ السيف”. (يشوع ٦/ ٢٠-٢١).

ثانيا: قتل الأطفال والرضع:

العبارة السابقة: (واقتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ)، يصعب تصورها في نصٍّ إلهيٍّ، فحُرمة دماء الأطفال أمرٌ فطريٌّ يتوافق عليه البشر، ولا تقر أي نفس سوية استباحة دماء الأطفال، إذ لا ذنب لهم حتى يُقضى بقتلهم جميعًا في بلد ما. إن قتل حوالي ١٥ ألفًا من أطفال غزة دون أن يثير هذا احتجاجاتٍ داخل إسرائيل أمرٌ يثير الاشمئزاز والعجب، لكن معرفة بعض نصوص القوم المقدَّسة التي لا تبيح فقط قتل الأطفال بل تأمر به، يزيل هذا العجب وينقله إلى التعجُّب من النصوص نفسها!

فالآن اقتلوا كلَّ ذكر، وكلَّ امرأة اضطجعت مع رجل فاقتلوها، المقصود هنا كل امرأة يمكنها أن تضاجع رجلاً: قادرة على ممارسة الجنس، حتى لو لم تجرب ذلك من قبل. مروا بهم جميعًا أمام لوحة العرض، وسترون خضرة وجوه القادرين على الجماع. — [ييف. 60ب.

يتكرر هذا الأمر مرات وبهذا التصريح، ففي سفر صموئيل الأول، يأمر الرب الملك شاول (وهو نفسه طالوت الملك الصالح المذكور في القرآن) فيقول: “فالآن اذهب واضرب عماليق، وحرموا كلَّ ما له ولا تعفُ عنهم بل اقتل رجلًا، وامرأة، طفلًا ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملًا وحمارًا” (صموئيل ١: ١٥/ ٣).

ولا يستوقف الأمرُ بقتل الأطفال والرضع الحاخام راشي في تفسيره الشهير، ولا يعلِّق عليه بكلمة، وإنما يستوقفه الأمر بقتل الأبقار والأغنام! فيقول: البقر والغنم: فإنهما كانا سحرة، وكانا سيتحولان إلى شبه الحيوانات.

ومثال ثالث من سفر العدد ٣١:

“١٤ فسخط موسى على وكلاء الجيش، رؤساء الألوف ورؤساء المئات القادمين من جند الحرب،١٥   وقال لهم موسى: هل أبقيتم كل أنثى حية؟ ١٦  إن هؤلاء كن لبني إسرائيل، حسب كلام بلعام، سبب خيانة للرب في أمر فغور، فكان الوبأ في جماعة الرب،١٧ فالآن اقتلوا كلَّ ذكر من الأطفال. وكلَّ امرأة عرفت رجلًا بمضاجعة ذَكَر اقتلوها”.

في هذه الفقرة العنيفة التي تدعي أن موسى (عليه السلام) غضب على قادة جيشه لأنهم لم يقتلوا بعض نساء وأطفال مدين، يقول راشي:

غضب موسى على وكلاء الجيش: القائمين على الجيش، لتعلم أنه عندما يفسد جيل ما، يتحمل القادة المسؤولية، لأن لديهم القدرة على الاحتجاج. — [سِفري ماتوث 43[.

فالآن اقتلوا كلَّ ذكر، وكلَّ امرأة اضطجعت مع رجل فاقتلوها، المقصود هنا كل امرأة يمكنها أن تضاجع رجلاً: قادرة على ممارسة الجنس، حتى لو لم تجرب ذلك من قبل. مروا بهم جميعًا أمام لوحة العرض، وسترون خضرة وجوه القادرين على الجماع. — [ييف. 60ب[.

ثم بعد هذا الخوض في دماء النساء والأطفال، يكتب فقرة طويلة حول أحكام التطهر من النجاسات التي طالت أسلحة وثياب وأحذية الجنود الذين قتلوا هؤلاء الكفار، وكيفية التطهر منها تفصيلًا!

والأشد عجبًا أن ترى التبرير المسيحي لهذه الإبادة، ففي الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم: العدد 31 – تفسير سفر العدد (ع14-20)، تعلق هكذا على هذه الآيات (دون أن يستوقفها مسألة قتل الأطفال):

“كان موسى خادمًا وقائدًا بحقٍّ، إذ كان له بعد نظر عن باقي قادة الجيش، ورأى جيدًا الخطر الذي يهدد شعبه باستبقاء النساء، ولم تأخذه أفراح النصر وكثرة عدد السبايا عن هذا الخطر فلم يجامل بل وبَّخ هؤلاء القادة.

أخي الحبيب … أبوك الروحي هو الإنسان الذي أؤتمن من الله على خلاص نفسك وأعطاه الله أن يرى الشرَّ المحيط بك، فاسمع له وأطع توجيهاته، فتأخذ بذلك بركة الطاعة وتنجو من الشرِّ.

أمر موسى بحسم قادة جيشه أن يقتلوا كلَّ الأطفال الذكور، الذين إذا كبروا، صاروا رجالًا يقاومون الشعب وقد يتأثرون لما حدث لآبائهم، وكذلك كل النساء غير العذارى واللواتي تلوث بعضهن بإغواء بنى إسرائيل سابقًا بالإضافة إلى أنهنَّ تحملنَ شعور انتقام لقتل أزواجهنَّ أو آبائهنَّ أو أبنائهن، أما الأطفال من الإناث والفتيات العذارى فأبقى موسى عليهنَّ كسبايا وعطايا لرجال شعبه”.


ثالثًا: الأنبياء القدوة والسيف:

يتميز أنبياء التناخ عند اليهود بالقسوة والعنف وجرأتهم على ارتكاب أعمال الإبادة، ولأن الأنبياء هم القدوة والمثل العليا لأي متدين يهودي، فإن هذه الصورة الذهنية توفر مبررًا أخلاقيًّا كافيا لأي أعمال وحشية يمكن ارتكابها. فبالإضافة إلى الآيات السابقة عن موسى (عليه السلام) عندما انتصر على أهل مدين، نجد الربَّ يوصي موسى قائلًا (العدد ٣٣/ ٥٠ -٥٦):

“50 وكلم الربُّ موسى في عربات موآب على أردن أريحا قائلًا:

51 كلم بني إسرائيل وقل لهم: إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان،

52 فتطردون كلَّ سكان الأرض من أمامكم، وتمحون جميع تصاويرهم، وتبيدون كلَّ أصنامهم المسبوكة وتخربون جميع مرتفعاتهم.

53 تملكون الأرض وتستوطنون فيها لأني قد أعطيتكم الأرض لكي تحتلوها،

54 وتقتسمون الأرض بالقرعة حسب عشائركم. الكثير تكثرون له نصيبه والقليل تقللون له نصيبه. حيث خرجت له القرعة فهناك يكون له. حسب أسباط آبائكم تقتسمون.

55 وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم، ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها.

56 فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم “.

يقول راشي تعليقًا على هذه الآيات:

  • (فتطردون كلَّ سكان الأرض من أمامكم) أي: يجب أن تطردوهم من أرضهم.
  • (تملكون الأرض وتستوطنون فيها) أي: وتُخلِّي الأرض من سكانها، وبعد ذلك «تسكن فيها». عندها فقط ستتمكن من البقاء على قيد الحياة هناك، ولكن إذا لم تفعل ذلك، فلن تتمكن من البقاء على قيد الحياة هناك.
  • (وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم)، أي: والذين تركتموهم: سيكونون عليكم عذابًا، كالمسامير في عينيك أو الدبابيس التي ستقتلع عينيك، وفسر المفسرون ذلك على أنه سياج من الشوك يحيط بك ويحاصرك حتى لا يخرج أحد ولا يدخل!

إن مثل هذه الآيات لا شكَّ تصبح مصدر إلهام لحملات التدمير الهائلة التي لم تتوقف لأكثر من مائتي يوم على مساحة صغيرة كقطاع غزة، ويمكن مثلًا مقارنة الصور الجوية للخراب الهائل الذي أصاب القطاع وتسوية أحياء كاملة بالأرض، وعرضها على الآية: (وتخربون جميع مرتفعاتهم).


رابعًا: الروح الاستئصالية:

لدى اليهود في تربيتهم نزعة استئصالية تجاه الأغيار (كل من هو غير يهودي) وتظهر بوضوح في نصوصهم مثل: “هو ذا شعب يقوم كلبوة، ويرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى” (العدد ٢٣/ ٢٤).

يقول راشي:

  • “هو ذا شعب يقوم كاللبوة…” كما يقول الترجوم [أونكيلوس] أي: لن يستقر في أرضه حتى يدمر (العدو) ويستولي على أرض الأمم.
  • ويشرب دم القتلى: يتنبأ هنا أن موسى لا يموت حتى يقتل ملوك مديان فيُقتل معهم، كما جاء في الكتاب.

وفي الموسوعة الكنسية (المسيحية) تعليق على الآية:

بعد طوفان الأقصى، انغمس كثيرون في تفاصيل المذابح التي وقعت في غزة، لكن قلة راجعت الصورة الكبرى للحرب، والقضايا الأساسية في الصراع من الاحتلال إلى الحصار وإنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني كشعب واقع تحت الاحتلال.

إنه شعب يقوم في الهجوم على أعدائه بقوة اللبؤة (أنثى الأسد)، وهي مشهورة بالصيد والاقتناص والسرعة أكثر من ذكور الأسود، ويرتفع بين الأمم كالأسد الذي له سلطان أكثر من باقي الحيوانات، وقد جعل الله لهذا الشعب النصرة إذ لا يرتاح ولا ينام حتى يقضى على كل أعدائه من الأمم ويُبيدهم.

ومما يستحق الانتباه له في تفصيلات تدمير شعب “مَديَن” وملوكها، أن الروايات التوراتية لا تقدم أسبابًا وجيهة لهذه العداوة الدامية مع قوم استقبلوا موسى (عليه السلام) وآووه وتزوَّج من بنت كاهنهم وعاش بينهم سنوات، وقصة “بًلعام بن باعور” مضطربة للغاية، وبين علماء يهود أقوال جد متضاربة حوله.

الشاهد أن تفاصيل تلك الأحداث الدامية والتحريض عليها دون أساس واضح من الحق والعدل أمر مثير ومريب!

بعد طوفان الأقصى، انغمس كثيرون في تفاصيل المذابح التي وقعت في غزة، لكن قلة راجعت الصورة الكبرى للحرب، والقضايا الأساسية في الصراع من الاحتلال إلى الحصار وإنكار الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني كشعب واقع تحت الاحتلال.

وفي سفر التثنية: “الرب إلهك يطرد هؤلاء الشعوب من أمامك ويدفع ملوكهم إلى يدك فتمحو اسمهم من تحت السماء” (التثنية ٧/ ١٥).

إن مسألة محو الأسماء تكررت كثيرًا في حرب غزة، بأن عائلات بأكملها تم محو اسمها حرفيًّا من سجلات المواطنين الفلسطينيين.

وتظهر عملية الاستئصال الدموية للشعوب المغايرة بأنها أمر إلهي:

“وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما، بل تحرمها تحريمًا (أي تقتلها قتلًا): الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، كما أمرك الربُّ إلهك ” (التثنية ٢٠/ ١٦، ١٧)[6]

ويستدرك راشي هنا على الأمر الإلهي بالإبادة والاستئصال فيقول:

كما أمرك الربُّ إلهك: هذا يشمل الجرجاشيين (الأمة السابعة)، لم تُذكر هنا، لكنك أُمرت أيضًا بإبادتها!

خامسًا: الأغيار في التلمود:


التلمود بدوره يرى الأغيار بمنزلة أدنى من اليهود، وأحيانًا أدنى من البشر. وقد ظلت نصوص التلمود حصرًا على اطلاع اليهود، حتى زمن اختراع الطباعة، إذ جعلتها الطباعة متاحة لاطلاع غير اليهود، ولما رأى الأوروبيون النصارى بعض نصوصها، حدثت اضطرابات عظيمة في كثير من المدن الأوروبية وتم جمع وحرق النسخ التي تمت طباعتها في باريس ونابولي والبندقية وغيرها بعد محاكمات ومناظرات علنية بين رجال الدين المسيحي واليهودي، وحُظرت طباعتها في القرن السادس عشر، وظل الحظر ساريًا في بعض المناطق إلى أواخر القرن التاسع عشر. وإلى يومنا الحالي تشعر دوائر يهودية كثيرة بالحرج الشديد من نشر بعض أحكام التلمود عن الأغيار، وقد صدرت ترجمات غربية للتلمود فيها حجب لبعض العبارات أو تلطيف لها، أو النص على أنها تخص الأغيار القدامى من الوثنيين الكنعانيين فقط!

 

 

 

بعض أحكام التلمود عن غير اليهود ترى[7]:

  • اليهود هم البشر، أما غيرهم فهم ليسوا من البشر، بل وحوش وشياطين.
  • المرأة الحامل من الأغيار ليست أفضل من الحيوان الحامل.
  • أرواح غير اليهود جاءت من أرواح غير نقية تسمى خنازير.
  • تناول الطعام مع غير اليهودي، كتناوله مع كلب.
  • كل يهودي يريق دم غير يهودي عمدًا، قد وقع في خطأ، لكن لا يُقتص منه، لكن إذا تسبب في قتله بشكل غير مباشر فلم يرتكب خطيئة على الإطلاق.
  • اليهودي يفتتح بالشكر للرب على أنه لم يخلقه من الأغيار أو جعله امرأة أو عبدًا.
  • ضرب اليهودي كضرب الربِّ، وإذا ضرب غير يهودي يهوديًّا فلا بد من قتله.
  • النعيم مأوى أرواح اليهود ولا يدخل الجنة إلا اليهود، أما الجحيم فمأوى الكفار ولا نصيب لهم إلا البكاء.
  • الذي يرتد عن الدين اليهودي يعامل كأجنبي ويقتل، إلا إذا فعل ذلك لأجل أن يغش غير اليهود.
  • مسموح غشُّ الأجنبي وسرقة ماله بواسطة الربا الفاحش.
  • اقتل الصالح من غير اليهود، ومُحرَّم على اليهودي أن يُنجي أحدًا من الأجانب من هلاك أو يخرجه من حفرة وقع فيها، بل عليه أن يسدها بحجر.

 

سادسًا: الهالاخاه والأغيار:

تستند الهالاخاه (المنظومة التشريعية لليهودية)[8]، في المقام الأول إلى التلمود البابلي الذي يرسم منظومة علاقات اليهود مع الأغيار، من موقع التفوق والاستعلاء.

“تضع الهالاخاه واجب إنقاذ اليهودي لحياة أخيه اليهودي فوق أي واجب آخر، حتى لا يجاريه في الأهمية سوى تحريم الكبائر الثلاث: (الزنا والقتل والوثنية)، أما بالنسبة لغير اليهود فإن المبدأ التلمودي الأساسي ينصُّ على عدم إنقاذهم، رغم تحريم قتلهم صراحة في بعض المواضع، ويعبر التلمود نفسه عن هذا المبدأ على النحو التالي:

“لا يجب إخراج غير اليهود من بئر أو دفعهم في البئر”، ويفسر موسى بن ميمون هذا الأمر: “يجب ألا نتسبب بقتل غير اليهود الذين لسنا في حالة حرب معهم، ولكن يحظر إنقاذ حياتهم إذا كانوا على مشارف الموت إذا شوهد أحدهم يسقط في البحر مثلًا، فلا يجب إنقاذه، لأن الشريعة تقول: لا تهمل دم أخيك وغير اليهودي ليس أخًا”[9].

 

ثامنًا: قتل الأفراد:

في أعقاب طوفان الأقصى، انتشر فيديو على منصات التواصل الاجتماعي[10] لبعض الإسرائيليين وهم يمنعون رجل دين مسيحي من إعطاء موعظة في أحد شوارع القدس، وبعد مناقشة حامية، قال أحد الإسرائيليين: “التوراة تأمرني بقتل المسيحيين لأنهم عبدة أوثان”. في المقطع لم يعترض رجال ونساء الشرطة الحاضرون على فحوى عبارات التهديد.

كانت العبارة الأكثر إثارة في الكتاب هي: “هناك سبب للاعتقاد بأن إيذاء الأطفال، إذا كان هناك سبب للاعتقاد بأنهم سيكبرون لإيذائنا، أمر مسموح به؛ وفي مثل هذه الحالة، يجب أن يوجه القتل إليهم بشكل خاص، وليس فقط عند قتل الكبار”.

وفي عام ٢٠١٢ قرر المدعي العام الإسرائيلي يهودا فاينشتاين إسقاط الدعوى المرفوعة ضد الكتاب العنصري “توراة الملك – Torat Hamelekh” – لأن عنصريته صيغت بعبارات دينية. الكتاب صدر عام ٢٠٠٩ ويدعو صراحة إلى قتل العرب والمسلمين (بما في ذلك الأطفال والرضع) بأدلة توراتية. استغرق الأمر ثلاث سنوات حتى صدر قرار المدعي العام بإسقاط التهم، وأصبح الكتاب متاحًا بطريقة قانونية.

وأعلنت النيابة العامة حينها، أنها أسقطت القضية ضد الحاخامات يتسحاق شابيرا، يوسف إليزور، دوف ليئور ويتسحاق غينزبورغ. الأولان هما مؤلفا الكتاب، بينما الآخران أيدا الكتاب. الحاخامات الأربعة جميعهم كانوا موظفين حكوميين وينتمون إلى مدرسة دينية تمولها الدولة في مستوطنة يتسهار بالضفة الغربية.

كانت العبارة الأكثر إثارة في الكتاب هي: “هناك سبب للاعتقاد بأن إيذاء الأطفال، إذا كان هناك سبب للاعتقاد بأنهم سيكبرون لإيذائنا، أمر مسموح به؛ وفي مثل هذه الحالة، يجب أن يوجه القتل إليهم بشكل خاص، وليس فقط عند قتل الكبار”.

وفقًا للديانة اليهودية، فإن قتل يهودي هو جريمة يعاقب عليها بالإعدام وواحدة من أبشع الخطايا الثلاث (الاثنان الآخران هما عبادة الأصنام والزنا). أُمرت المحاكم الدينية اليهودية والسلطات العلمانية بمعاقبة أي شخص مذنب بقتل يهودي، حتى خارج حدود إقامة العدل العادية. ومع ذلك، فإن اليهودي الذي يتسبب بشكل غير مباشر في وفاة يهودي آخر لا يكون مذنبًا إلا بما يسميه قانون التلمود خطيئة ضد “قوانين السماء”، والتي يعاقب عليها الله وليس الإنسان.

عندما تكون الضحية من غير اليهود، يكون الوضع مختلفًا تمامًا. اليهودي الذي يقتل أحد الأمميين لا يكون مذنبًا إلا بارتكاب خطيئة ضد قوانين السماء، ولا تعاقب عليها المحكمة[11]. إن التسبب بشكل غير مباشر في موت أحد الأمم ليس خطيئة على الإطلاق[12]. وأكثر من ذلك فإن اليهودي الذي يقتل يهوديًّا ظنًّا منه أنه غير يهودي، يعتبر من القتل الخطأ الذي لا قصاص فيه.

وهكذا، يوضح أحد أهم اثنين من المعلقين على شولحان عاروخ أنه عندما يتعلق الأمر بالأغيار، “لا يجوز للمرء أن يرفع يده لإيذائه، ولكن يمكن للمرء أن يؤذيه بشكل غير مباشر، على سبيل المثال عن طريق إزالة سلم بعد أن كان قد رفعه، فسقط في شق”، ليس هناك حظر، لأنه لم يتم بشكل مباشر. لكن الفعل الذي يؤدي بشكل غير مباشر إلى موت غير يهودي محظور إذا كان من شأنه أن يسبب انتشار العداء تجاه اليهود[13].

يجب إعدام القاتل الأممي الذي يقع تحت الولاية القضائية اليهودية سواء كانت الضحية يهودية أم لا. أما إذا كان الضحية أمميًا واعتنق القاتل اليهودية، فلا يُعاقب.

كل هذا له علاقة مباشرة وعملية بواقع دولة إسرائيل اليوم وتعاملها مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر (وهم رسميًّا مواطنون إسرائيليون) أو الفلسطينيين في الضفة والقطاع. على الرغم من أن القوانين الجنائية للولاية لا تميز بين اليهود وغير اليهود، فإن هذا التمييز يفعله بالتأكيد الحاخامات الأرثوذكس، الذين يتبعون الهالاخاه في توجيه أتباعهم، خاصة من الجنود المتدينين.

وبما أن الحد الأدنى من الحظر ضد قتل غير يهودي بشكل مباشر ينطبق فقط على “الأغيار الذين ليس اليهود معهم في حالة حرب”، فقد توصل العديد من المعلقين الحاخاميين في الماضي إلى نتيجة منطقية مفادها أنه في زمن الحرب يمكن قتل جميع الأمميين الذين ينتمون إلى مجموعة سكانية معادية[14]. منذ عام 1973 يتم نشر هذه العقيدة علنًا لإرشاد الجنود الإسرائيليين المتدينين. وقد ورد أول تحذير رسمي من هذا القبيل في كتيب نشرته قيادة المنطقة الوسطى للجيش الإسرائيلي، التي تشمل منطقتها الضفة الغربية. في هذا الكتيب، كتب كبير قساوسة القيادة: “عندما تصادف قواتنا مدنيين أثناء حرب أو أثناء مطاردة ساخنة أو في غارة، طالما أنه ليس هناك يقين من أن هؤلاء المدنيين غير قادرين على إيذاء قواتنا، فإنه وفقًا للهالاخاه يجوز، بل ويجب، أن يُقتلوا… ولا ينبغي الوثوق بأي عربي تحت أي ظرف من الظروف، حتى لو ترك انطباعًا بأنه متحضر… في الحرب، عندما تهاجم قواتنا العدو، تسمح لهم الهالاخاه بل وتأمرهم بقتل حتى الطيبين المدنيين الصالحين ظاهريًّا[15].

فتوى ذائعة الصيت عن طهارة السلاح:

تم شرح نفس المبدأ العنصري في الرسائل المتبادلة التالية بين جندي إسرائيلي شاب وحاخامه (وقد ذاع ذكرها منذ أكثر من عقدين في أعقاب الانتفاضة الثانية)، والتي نُشرت في الكتاب السنوي لإحدى الكليات الدينية المرموقة في البلاد، مدراشيات نعوم[16]، حيث تلقى تعليم العديد من قادة وناشطي الحزب الديني الوطني وغوش إيمونيم[17].

هذه الاقتباسات المطولة الغرض منها الغوص قليلًا في طريقة التفكير الحاخامي في مؤسسة عسكرية فاعلة، يوجد بين صفوفها حاخامات مُعيَّنون لهم رتب عسكرية، تصل إلى رتبة حاخام لواء، يصدرون فتاوى العقيدة القتالية، والتي تسمى في الفقه التلمودي “طهارة السلاح”.

رسالة من الجندي موشيه إلى الحاخام شمعون وايزر:

“بعون الله، ولكرامته، أيها الحاخام العزيز،

“في إحدى المناقشات في مجموعتنا، كان هناك نقاش حول “طهارة السلاح” وناقشنا ما إذا كان يجوز قتل الرجال العزل – أو النساء والأطفال؟ أو ربما ينبغي لنا أن ننتقم من العرب؟ ثم أجاب كل واحد حسب فهمه. لم أتمكن من التوصل إلى قرار واضح، ما إذا كان ينبغي معاملة العرب مثل العماليق؟ (يقصد: أي نقتلهم حتى نستأصل ذكراهم في الأرض.. كما جاء في سفر التثنية، إصحاح :25 :19 “ولتمح ذكرى العماليق تحت السماء”)، بمعنى أنه يجوز قتلهم، حتى يُمحى ذكرهم من تحت السماء، أو ربما ينبغي للمرء أن يفعل كما في حرب عادلة، حيث يتم قتل الجنود فقط؟

“المشكلة الثانية التي أواجهها: هي هل يُسمح لي بتعريض نفسي للخطر من خلال السماح لامرأة بالبقاء على قيد الحياة؟” فقد كانت هناك حالات ألقت فيها النساء قنابل يدوية. أم يجوز لي أن أسقي العربي الذي يرفع يديه؟ لأنه قد يكون هناك سبب للخوف من أنه لا يقصد سوى خداعي وسيقتلني، وقد حدثت مثل هذه الأمور.

وأختتم كلامي بتحية حارة للحاخام ولجميع أفراد عائلته. – موشيه.

رد شمعون وايزر على موشيه:

“بمساعدة السماء.” عزيزي موشيه، تحياتي.

“لدى الأمم غير اليهودية عادة مفادها أن للحرب قواعدها الخاصة، مثل قواعد اللعبة، مثل قواعد كرة القدم أو كرة السلة. ولكن وفقًا لأقوال حكمائنا المباركين، فإن الحرب بالنسبة لنا ليست لعبة، بل هي ضرورة حيوية، ووفقًا لهذا المعيار فقط يجب أن نقرر كيفية شنها.

“الفرق بين اليهودي والأممي: على الرغم من أن قاعدة “من جاء ليقتلك فاقتله أولاً” تنطبق أيضًا على اليهودي، كما جاء في رسالة السنهدرين [التلمود]، صفحة 72 أ، إلا أنها لا تزال كذلك. لا ينطبق عليه إلا إذا كان هناك سبب [حقيقي] للخوف من أنه سيأتي لقتلك. لكن الأممي في زمن الحرب يُفترض عادةً أنه كذلك، إلا عندما يكون من الواضح تمامًا أنه ليس لديه نية شريرة. هذه هي قاعدة “طهارة السلاح” بحسب الهالاخاه – واستنادًا إلى هذه المقاييس فقط، ينبغي التفكير حول كيفية القيام بها، أفضل غير اليهودي اقتلوه، وهشموا رأسه، هذه هي قاعدة “طهارة السلاح” – حسب الهالاخاه، وليس المفهوم الغريب المقبول الآن في الجيش الإسرائيلي والذي كان سببًا في سقوط العديد من الضحايا [اليهود]. وأرفق طيه مقطعًا من صحيفة يتضمن الخطاب الذي ألقاه الحاخام كالمان كاهانا الأسبوع الماضي في الكنيست، والذي يظهر بطريقة واقعية للغاية – ومؤلمة أيضًا – كيف تسبب مبدأ “طهارة الأسلحة” هذا في حدوث وفيات.

سلامٌ لكم ولجميع اليهود، وأراكم قريبًا كما تقولون”. لك – شمعون.

رد موشيه على شمعون وايزر:

“إلى حضرة صاحب السمو، عزيزي الحاخام،

“لقد تلقيت رسالتك الطويلة وأنا ممتن لرعايتك الشخصية لي، لأنني أفترض أنك تكتب للكثيرين، وأن معظم وقتك تقضيه في دراستك في برنامجك الخاص.

“لذلك فإن شكري لك عميق بشكل مضاعف.”

وأما الرسالة نفسها فقد فهمتها كما يلي:

“في زمن الحرب، لا يُسمح لي فحسب، بل أُؤمر بقتل كل رجل وامرأة عربيين أصادفهما بالصدفة، إذا كان هناك سبب للخوف من أنهم يساعدون في الحرب ضدنا، بشكل مباشر أو غير مباشر”. وبقدر ما يهمني يجب أن أقتلهم حتى لو كان ذلك قد يؤدي إلى التورط في القانون العسكري. أعتقد أنه ينبغي نقل مسألة طهارة السلاح هذه إلى المؤسسات التعليمية، الدينية على الأقل، حتى يكون لها موقف من هذا الموضوع، وحتى لا تتجول في مجالات «المنطق» الواسعة، خاصة. حول هذا الموضوع؛ ويجب شرح القاعدة كما ينبغي اتباعها في الممارسة العملية. لأنه يؤسفني أن أقول إنني رأيت أنواعًا مختلفة من “المنطق” هنا حتى بين الرفاق المتدينين. أتمنى أن تنشطوا في هذا، حتى يعرف أولادنا نسب أسلافهم بشكل واضح لا لبس فيه.

تحياتي – موشيه.

نرى في ضوء هذه الرسائل أن مبدأ الهالاخاه بشأن القتل يتعارض، من حيث المبدأ، ليس فقط مع القانون الجنائي الإسرائيلي، ولكن حتى مع اللوائح العسكرية الرسمية. ومع ذلك، فإنه في جميع الحالات التي قام فيها اليهود، في سياق عسكري أو شبه عسكري، بقتل الفلسطينيين غير المقاتلين – بما في ذلك حالات القتل الجماعي، فإن القتلة، إذا لم يتم إطلاق سراحهم تمامًا، تلقوا أحكامًا مخففة للغاية أو حصلوا على عفو بعيد المدى.

تاسعًا: إنقاذ الحياة:

من الشائع في الثقافة الغربية إدانة العالم كله – أو أوروبا وأمريكا على الأقل – لوقوفها متفرجًا عندما تم ذبح اليهود في الحرب العالمية الثانية. لذلك إذا عرضنا هذه الثقافة الغربية على الهالاخاه، وجدناها تضع أهمية قصوى لإنقاذ حياة أي شخص يهودي، دعونا نفحص ما تقوله الهالاخاه حول هذا الموضوع.

أما بالنسبة لغير اليهود، فإن المبدأ التلمودي الأساسي هو أنه لا ينبغي إنقاذ حياتهم، على الرغم من أنه يحظر أيضًا قتلهم على الفور. ويعبّر التلمود نفسه عن ذلك في المثل القائل: “لا يجوز إنقاذ الأممي من البئر ولا يُرمى فيها”.

وفقاً للهالاخاه، فإن واجب إنقاذ حياة إنسان يهودي هو أمر له أهمية قصوى[18]. فهو يحل محل جميع الالتزامات والمحظورات الدينية الأخرى، باستثناء الحظر المفروض على الخطايا الثلاث الأكثر شناعة، وهي الزنا (بما في ذلك سفاح القربى)، والقتل، وعبادة الأصنام.

أما بالنسبة لغير اليهود، فإن المبدأ التلمودي الأساسي هو أنه لا ينبغي إنقاذ حياتهم، على الرغم من أنه يحظر أيضًا قتلهم على الفور. ويعبّر التلمود نفسه عن ذلك في المثل القائل: “لا يجوز إنقاذ الأممي من البئر ولا يُرمى فيها”. يوضح موسى بن ميمون[19]: “أما الأمم الذين لسنا في حالة حرب معهم… فلا يجب أن نكون سبب موتهم، ولكن يحرم إنقاذهم إذا كانوا على وشك الموت؛ على سبيل المثال، إذا شوهد أحدهم يسقط في البحر، فلا ينبغي إنقاذه، لأنه مكتوب: “لا تقف على دم صاحبك”، لكن الأممي ليس صاحبك. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز للطبيب اليهودي أن يعالج مريضًا أمميًا. موسى بن ميمون – وهو طبيب مشهور – واضح تمامًا في هذا الشأن؛ وفي فقرة أخرى يكرر التمييز بين “صاحبك” والأممي، ويخلص إلى: “ومن هذا تعلموا أنه حرام أن تشفوا غير يهودي ولو مقابل أجر”.

إن مثل هذه القواعد تفسر عشرات – أو مئات – الحالات الموثقة لترك فلسطينيين ينزفون حتى الموت ومنع وصول سيارات الإسعاف لهم في الضفة والقطاع، بل وفي حرب غزة الحالية تم قصف العشرات من طواقم الإسعاف، فضلًا عن قصف المستشفيات.

 

ومع ذلك، فإن رفض يهودي – وخاصة طبيب يهودي – إنقاذ حياة غير يهودي، قد يؤدي، إذا أصبح معروفًا، إلى استعداء الأمميين الأقوياء وبالتالي تعريض اليهود للخطر. وحيثما يوجد مثل هذا الخطر، فإن الالتزام بتفاديه يحل محل الحظر على مساعدة الأممي. وهكذا يتابع موسى بن ميمون: “… ولكن إذا كنت تخاف منه أو من عداوته، فعالجه مقابل أجر، رغم أنه ممنوع عليك أن تفعل ذلك بدون أجر”.

وفي الواقع، كان ابن ميمون نفسه طبيب صلاح الدين الشخصي، وإصراره على المطالبة بالدفع – على الأرجح للتأكد من أن الفعل ليس من أعمال الخير الإنسانية ولكنه واجب لا مفر منه – ليس مطلقًا. لأنه في فقرة أخرى “يسمح للأممي الذي تُخشى عداوته أن يٌعالج حتى مجانًا، إذا كان لا مفر منه”.

إن المبدأ برمته – حظر إنقاذ حياة غير يهودي أو علاجه، وتعليق هذا الحظر في الحالات التي يوجد فيها خوف من العداء – يتكرر (حرفيًا تقريبًا) من قبل مراجع كبرى أخرى، بما في ذلك كتاب أربعاء توريم وكتاب القرن الرابع عشر. بيت يوسف كارو وشولحان عاروخ[20]. يضيف بيت يوسف نقلاً عن موسى بن ميمون: ‘ويجوز تجربة المخدرات على الوثني إذا كان ذلك يخدم غرضًا’؛ وهذا ما يكرره أيضًا الراهب موسى إسرليس[21] الشهير. وإذا قارنا هذا المنع بالترخص الشديد في حالة علاج مرضى اليهود يوم السبت، فإن الفجوة العنصرية تتضح أكثر. يقول موسى بن ميمون بألفاظ مطلقة:

“إذا تقرّر للمريض يوم السبت أنه محتاج إلى كذا وكذا لمدة ثمانية أيام» فيمنع القول: ننتظر حتى المساء» كي لا نخرق سَبتين؛ بل يُبدأ بعلاجه من يوم السبت» حتى لو خرق مئة سبت» طالما أنه يحتاج إلى العلاج بسبب الخطر أو الشك في الخطر. وتضاء له شمعة ثم تطفأ ويذبحون له، ويخبزون ويطبخون؛ ويسخنون له ماء سواء للشرب أم لغسل بدنه. وخلاصة القول: يعتبر يوم السبت بالنسبة إلى المريض الذي يكون في حالة خطر كأي يوم آخر فيما يتعلق بحاجاته العلاجية”[22].

إجماع السلطات الهالاخية هو أن مصطلح “الأممي” في العقيدة المذكورة أعلاه يشير إلى جميع غير اليهود.

بعض المتأخرين من المفكرين والمؤرخين اليهود حاولوا صرف مصطلح الأغيار التلمودي ليكون حصرًا على الوثنيين، الذين كانوا في أيامهم يعبدون الأصنام ولم يؤمنوا بخروج اليهود من مصر أو بخلق العالم من العدم، ويصفون غير اليهود من النصارى (وحتى المسلمين) بأنهم لا تنطبق عليهم النصوص التلمودية. أحد هؤلاء هو المؤرخ الشهير جاكوب كاتز، في كتابه العبري “بين اليهود والأمم” وكذلك في نسخته الإنجليزية الأكثر اعتذارية “الحصرية والتسامح”، حيث يخلص إلى الاستنتاج المذهل بأنه “فيما يتعلق بالالتزام بإنقاذ الحياة، لا ينبغي القيام بأي تمييز” بين اليهودي والمسيحي”. وتبقى مثل هذه الأصوات محدودة جدًّا، وعديمة التأثير تقريبًا سواء على المتدينين أو العلمانيين اليهود.

عاشرًا: تدنيس السبت لإنقاذ الحياة:

إن تدنيس يوم السبت – أي القيام بعمل كان من الممكن أن يكون محظورًا يوم السبت – يصبح واجبًا عندما تتطلب ذلك الحاجة إلى إنقاذ حياة اليهودي.

إن مشكلة إنقاذ حياة غير يهودي في السبت لم تُطرح في التلمود كقضية رئيسة، لأنها على أية حال محظورة حتى في أيام الأسبوع؛ ومع ذلك، فإنها مسألة محدثة تثير ارتباكًا ولغطًا في الأوساط اليهودية.

إن تفريعات هذه المسألة مذهلة في الشولحان عاروخ، لدرجة تبدو هزلية ومثيرة للعجب.

إنهم يناقشون مثلًا مسألة احتمال وجود مجموعة من الناس في خطر، ومن الممكن (ولكن ليس من المؤكد) أن يكون هناك يهودي واحد على الأقل بينهم؛ هل ينبغي تدنيس السبت من أجل إنقاذهم؟ هناك نقاش مستفيض حول مثل هذه الحالات. وعلى غرار المراجع التأسيسية، بما في ذلك موسى بن ميمون والتلمود نفسه، يقرر شولحان عاروخ[23] هذه الأمور وفقًا لوزن الاحتمالات! على سبيل المثال، لنفترض أن تسعة أمميين ويهودي واحد يعيشون في نفس المبنى. في أحد أيام السبت انهار المبنى. واحد من العشرة – ولا يُعرف أيهم – بعيد، لكن التسعة الآخرين محاصرون تحت الأنقاض. هل يجب إزالة الركام وبالتالي تدنيس السبت، مع العلم أن اليهودي قد لا يكون تحته (ربما هو الذي هرب)؟ يقول شولحان عاروخ أنه ينبغي ذلك، على الأرجح لأن احتمالات وجود اليهودي تحت الأنقاض مرتفعة (تسعة إلى واحد). ولكن لنفترض الآن أن تسعة أشخاص قد تمكنوا من الفرار وأن واحدًا فقط – ومرة أخرى، ليس من المعروف أي منهم – محاصر.  إذن ليس هناك واجب لإزالة الأنقاض، ربما لأنه هذه المرة هناك احتمال ضئيل (واحد إلى تسعة) لكون اليهودي هو الشخص المحاصر.

مثل هذه التفاصيل والتفريعات تعكس بوضوح الاستهانة التامة بحياة غير اليهود.

حادي عشر: الجرائم الجنسية:

يعتبر الاتصال الجنسي بين امرأة يهودية متزوجة وأي رجل غير زوجها جريمة يعاقب عليها بالإعدام لكلا الطرفين، وواحدة من أبشع الخطايا الثلاث. وضع المرأة غير اليهودية مختلف تمامًا. تفترض الهالاخاه أن جميع الأمم غير شرعيين تمامًا، وتنطبق عليهم الآية “الذين لحمهم كلحم الحمير ومنيهم كمني الخيل”[24].

وسواء كانت المرأة غير اليهودية متزوجة أم لا، فلا فرق، لأنه بالنسبة لليهود، فإن مفهوم الزواج ذاته لا ينطبق على غير اليهود (“ليس هناك زواج للوثني”). وهذا يمكن تفهمه لأصحاب أي شريعة، لكن المختلف هنا هو وقوع جريمة جنسية بين يهودي وامرأة غير يهودية، فإن اليهود لا يرون هذا تابعًا لمفهوم الزنا، بل إن التلمود يساوي هذا الجماع بخطيئة البهيمية. (لنفس السبب، حيث يُفترض عمومًا أن الأمم ليس لديهم أبوة مؤكدة).

وهذا لا يعني أن الاتصال الجنسي بين رجل يهودي وامرأة غير يهودية مسموح به، بل على العكس تمامًا. لكن العقوبة الرئيسية تُنزل فقط بالمرأة الأممية؛ إذ يجب إعدامها، حتى لو اغتصبها يهودي

بحسب الموسوعة التلمودية: “من له علاقة جنسية بامرأة غير يهودية لا يحكم عليه بالإعدام، لأنه مكتوب: لا تشته امرأة قريبك”[25] وليس زوجة الغريب؛ وعلى الرغم من أن المرأة الأممية المتزوجة محرمة على الأمم، إلا أنه في كل الأحوال يستثنى اليهودي.

وهذا لا يعني أن الاتصال الجنسي بين رجل يهودي وامرأة غير يهودية مسموح به، بل على العكس تمامًا. لكن العقوبة الرئيسية تُنزل فقط بالمرأة الأممية؛ إذ يجب إعدامها، حتى لو اغتصبها يهودي: “إذا جامع يهودي امرأة غير يهودية، سواء كانت طفلة لثلاثة أعوام أو بالغة، سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة، وحتى لو كان اليهودي قاصرًا يبلغ من العمر فقط تسع سنين ويوم واحد – لأنه مارس معها الجنس عمدًا، يجب أن تُقتل، كما في حالة البهيمة، لأنه بسببها وقع يهودي في مشكلة!

ومع ذلك، يُكتفى في هذه الحالة بجلد اليهودي، وإذا كان “كوهين” (لقب العضو في القبيلة الكهنوتية)، فيجب أن يتلقى ضعف عدد الجلدات، لأنه ارتكب جريمة مزدوجة: لا يجوز لكوهين أن يجامع بائعة هوى، وجميع النساء غير اليهوديات. يفترض أنهن عاهرات. ويذهب التلمود إلى أبعد من ذلك، إذا كانت العلاقة مع امرأة غير يهودية علنًا، فإن الشريعة تتغير جذريًّا ويُسمح لأي متعصب بقتل الرجل والمرأة، كما فعل فينحاس بن ألعازار بن هارون الكاهن: “وإذا رجل من بني إسرائيل جاء وقدم إلى إخوته المديانية، أمام عيني موسى وأعين كل جماعة بني إسرائيل، وهم باكون لدى باب خيمة الاجتماع، فلما رأى ذلك فينحاس بن ألعازار بن هارون الكاهن، قام من وسط الجماعة وأخذ رمحًا بيده، ودخل وراء الرجل الإسرائيلي إلى القبة وطعن كليهما، الرجل الإسرائيلي والمرأة في بطنها. فامتنع الوباء عن بني إسرائيل”[26].

ثاني عشر: القضاء:

وفقاً للهلاخاه، يجب على اليهود ألا يسمحوا (إذا كان بإمكانهم المساعدة) بتعيين غير يهودي في أي منصب سلطة، مهما كان صغيرًا، مديرًا على اليهود. هذه القاعدة الخاصة تنطبق أيضًا على المتحولين إلى اليهودية وعلى نسلهم (من خلال خط الإناث) لمدة عشرة أجيال أو “ما دام النزول معلومًا”.

يُفترض أن الأمميين كاذبون بالفطرة، وهم غير مؤهلين للإدلاء بشهادتهم في المحكمة الحاخامية. وفي هذا الصدد، فإن وضعهم، من الناحية النظرية، هو نفس وضع النساء اليهوديات والعبيد والقاصرين؛ ولكن في الممارسة العملية، فإن وضعهم أسوأ من النساء اليهوديات أمام القضاء. يجري في الوقت الحاضر قبول امرأة يهودية كشاهدة على بعض الأمور الواقعية، عندما “تصدقها” المحكمة الحاخامية؛ أما غير اليهود فلا يمكن تصديقهم أبدًا.

لأنه بالنسبة إلى غير يهودي، فإن الإجابة المباشرة على سؤال يهودي مباشر يفترض أنها كذبة.

ولذلك تنشأ مشكلة عندما تحتاج المحكمة الحاخامية إلى إثبات حقيقة لا يوجد لها سوى شهود من الأغيار. ومن الأمثلة المهمة على ذلك الحالات المتعلقة بالأرامل: بموجب القانون الديني اليهودي، لا يمكن إعلان المرأة أرملة – وبالتالي حرة في الزواج مرة أخرى – إلا إذا تم إثبات وفاة زوجها بشكل مؤكد عن طريق شاهد رآه يموت أو يتم التعرف مثلًا على جثته. ومع ذلك، فإن المحكمة الحاخامية ستقبل شهادة الإشاعات التي يقدمها اليهودي الذي يشهد بأنه سمع الواقعة المذكورة من قبل شاهد عيان غير يهودي، بشرط أن تكون المحكمة مقتنعة بأن الأخير كان يتحدث بشكل عرضي (‘goy mesiah lefi tummo’) وليس في الرد على سؤال مباشر؛ لأنه بالنسبة إلى غير يهودي، فإن الإجابة المباشرة على سؤال يهودي مباشر يفترض أنها كذبة.

وإذا لزم الأمر، يتعهد يهودي (ويفضل أن يكون حاخامًا) بمحادثة شاهد عيان غير يهودي، ودون طرح سؤال مباشر، يستخرج منه إجابة بيان غير رسمي للحقيقة المعنية. وفي الواقع هناك استثناء لهذا التعميم فيما يتعلق بالأغيار الذين يشغلون مناصب قانونية تتعلق بالمعاملات المالية: مثل كتاب العدل، ومحصلي الديون، والمُحضرين، وما شابه. ولم يتم إجراء استثناء مماثل فيما يتعلق بالأغيار العاديين المحترمين، حتى لو كانوا ودودين تجاه اليهود.

يمكن مطالعة بعض أصول وأحكام الأغيار أمام القضاء اليهودي[27]، للوقوف على النظرة العنصرية المطلقة حتى عند النظر في خصومات حقوقية بسيطة. إن القضاء اليهودي يعتبر غير اليهود، في أحسن الأحوال، غير جديرين بالثقة، وفي أسوأ الأحوال، حاقدين وأشرارًا. لهذا السبب، يتم تجميع جميع غير اليهود مع اليهود غير الشرفاء من المقامرين والمرابين واللصوص الذين لا يستطيعون أداء دور الشاهد[28].

ثالث عشر: المال والممتلكات:

بشكل عام هناك درجة من إنصاف غير اليهود في حماية أموالهم أو ممتلكاتهم من السرقة أو النهب والخداع. يقول موسى بن ميمون: “يحرم علينا أن نغش الناس في البيع والشراء أو نخدعهم سواء كانوا إسرائيليين أم أغيارا”[29]ومع ذلك فإن التلمود يبني أحكامًا قاسية على غير اليهود من الآية التي تقدمت معنا (في سفر التثنية ٧/ ٢): ودفعهم الرب إلهك أمامك، وضربتهم، فإنك تحرمهم. لا تقطع لهم عهدًا، ولا تشفق عليهم. عبارة: “لا تشفق عليهم” وفي ترجمة: “لا ترحمهم”، رتب عليها التلمود أحكامًا كثيرة، منها[30]:

لا ترحمهم: لا ينبغي أن تمنحهم فرصة للإقامة في أرض إسرائيل.

لا ترحمهم: لا ينبغي لك أن تسدي لهم معروفًا.

لا ترحمهم: لا ينبغي أن تمنحهم هدية.

لا ترحمهم: لا ينبغي أن تمدح أحدهم أو تجامله.

هذه المبالغة في تحميل ألفاظ تصل لدرجة تناقض نصوصًا أخرى. هذا مسلك يحشرهم في زوايا ضيقة يصعب تأويلها.

وهذه ستة جوانب تتعرض فيها معاملات غير اليهود لمظالم واضحة:

  1. 1. الهدايا: يحرم التلمود بصراحة تقديم هدية لأغيار. ومع ذلك، فقد خالفت السلطات الحاخامية هذه القاعدة لأنه من المعتاد بين رجال الأعمال تقديم الهدايا بعضهم لبعض. ولذلك فقد نص على أنه يجوز لليهودي أن يقدم هدية إلى أحد معارفه من الأغيار، لأن هذه لا تعتبر هدية حقيقية بل كنوع من الاستثمار، والذي يُتوقع منه بعض العائد. وتظل الهدايا المقدمة إلى “الأغيار غير المألوفين” محظورة. تنطبق قاعدة مماثلة إلى حد كبير على الصدقات. إن إعطاء الصدقات للمتسول اليهودي هو واجب ديني مهم. الصدقات للمتسولين غير اليهود مسموح بها فقط من أجل السلام وتجنب المشاكل، لا من باب الشفقة عليهم. موضوع الهدايا هامشي بطبيعة الحال، لكنه يعكس الحالة النفسية السائدة تجاه غير اليهود.
  2. 2. أخذ الفائدة الربوية: ينص سفر حزقيال على أن تحصيل الربا (الفائدة) من بين أسوأ الخطايا، ويدينها باعتبارها رجسًا ويصور المرابين مجازيًا على أنهم أشخاص سفكوا دماء المقترض. (انظر حزقيال ١٨/ ١٣: وأعطى بالربا وأخذ المرابحة، أفيحيا؟ لا يحيا! قد عمل كل هذه الرجاسات فموتًا يموت. دمه يكون على نفسه).

أما الهالاخاه فتقول:

  • يجوز الإقراض والاقتراض من غير اليهود بفائدة.
  • في الوقت الحاضر، يُمنع في إسرائيل إقراض أموال غير اليهود بفائدة لأنه من الممكن التعامل مع اليهود حصريًا. ومع ذلك فهو جائز من أجل الكسب، وليس من أجل الثروة.
  • وحتى خارج إسرائيل يجب على المرء أن يكون صارمًا إذا استطاع.
  • ويجوز الاقتراض بفائدة من غير اليهود.

لقد أصبح التمييز ضد غير اليهود في هذه المسألة نظريًّا إلى حد كبير، في ضوء “الإعفاء”[31] والذي يسمح في الواقع بتحصيل الفائدة حتى من المقترض اليهودي. ومع ذلك، لا يزال الأمر هو أن منح قرض بدون ربا ليهودي يوصى به كعمل خيري، ولكن من المقترض غير اليهودي يكون إلزاميًّا تحصيل الربا. في الواقع، العديد من السلطات الحاخامية – ولكن ليس كلها -، بما في ذلك موسى بن ميمون، تعتبر أنه من الإلزامي تحصيل أكبر قدر ممكن من الربا على قرض من غير اليهود.

يُمنع تسليم يهودي إلى الأغيار، لا هو ولا أملاکه، حتّى لو كان شريرًا وصاحب سوابق، وحتّى لو كان يضطهد الغير ويتسبب لهم بالكروب. وكل من يسلّم يهوديًّا للأغيار؛ هو أو أملاكه؛ فلا نصيب له من الآخرة. ويُسمح بقتل كل من يقوم بالتسليم في كل الحالات

٣. الممتلكات المفقودة: إذا وجد يهودي عقارًا مالكه المحتمل يهودي، فيجب على من يعثر عليه أن يبذل جهدًا إيجابيًّا لإعادة اكتشافه عن طريق الإعلان عنه.

في المقابل، فإن التلمود وجميع السلطات الحاخامية المبكرة لا تسمح فقط لليهود الذين يعثرون على ممتلكاتهم بالاستيلاء على شيء فقده أحد الأغيار، بل يمنعون في الواقع إعادته. لإعادة الممتلكات المفقودة لغير اليهود، أمرت السلطات الحاخامية اليهود بفعل ما تنص عليه هذه القوانين، كعمل من أعمال الطاعة المدنية للدولة – ولكن ليس كواجب ديني، وذلك دون بذل جهد إيجابي لاكتشاف المالك إذا لم يكن من المحتمل أنه يهودي.

وتذهب مشناة التوراة بعيدًا جدًّا في تسليم ممتلكات مفقودة لغير اليهود إذا كانت بيد يهودي، وتقول: “يُمنع تسليم يهودي إلى الأغيار، لا هو ولا أملاکه، حتّى لو كان شريرًا وصاحب سوابق، وحتّى لو كان يضطهد الغير ويتسبب لهم بالكروب. وكل من يسلّم يهوديًّا للأغيار؛ هو أو أملاكه؛ فلا نصيب له من الآخرة. ويُسمح بقتل كل من يقوم بالتسليم في كل الحالات. وحتى في هذا الوقت حيث لا توجد أحكام إجرامية ولا عقوبات مالية. ويُسمح بقتله حتى قبل أن يقوم بالتسليم إذا قال: «ها أنا أسلّم فلانًا جسدًا أو مالًا». وحتّى لو كان المال قليلاً، فقد عرّض نفسه للموت، إذ يُسمح بقتله. ويقال له: “لا تسلم” فإذا أشاح بوجهه وقال: “لا‏ بل سوف أبلَغ عنه” فالفريضة تلزم بقتله، وكلّ من يسبق لقتله يفعل خيرًا.”

إن جزاء تسليم شخص يهودي لجهة غير يهودية قد يكون مفهومًا، لكن رفض تسليم ماله وعليه أحكام إجرامية، والسماح بقتل من “ينوي” تسليمه، أمر مثير للغاية.

وهناك تخريج آخر لهذه المسألة في التلمود يقول: يحرم سرقة غير اليهودي، لكن يجوز الاحتفاظ بأمتعته المفقودة، أي لا يلزم المرء بإعادتها إليه. تدرس الجمارا أساس كل حكم من هذه الأحكام: يحرم سرقة غير اليهودي، كما يقول راف هونا: من أين يُشتق منع سرقة غير اليهودي؟ هو مشتق من آية كما جاء: “وتأكل جميع الشعوب الذين يدفعهم الرب إلهك إليك” (تثنية 7: 16)، إشارة إلى أنه يجوز أكل أموال الأمم الأخرى فقط عندما يتم تسليمهم إلى يدك، أي في أوقات الحرب، ولكن ليس عندما لا يتم تسليمهم إلى يدك.

وفي التلمود: “يجوز الاحتفاظ ببضائع غير اليهود؟ وهي مشتقة من آية، كما جاء في وصية رد الضائع: “”بكل ضالة لأخيك”” (تثنية 22: 3)، في إشارة إلى أنك لا ترد إلا لأخيك”. الضائع، لكن الضائع لا ترده إلى الأممي.

وفي الحالة التي يكون فيها هناك قلق من أن الاحتفاظ بالممتلكات المفقودة من قبل غير يهودي سيؤدي إلى تدنيس اسم الله، يُحظر حتى الاحتفاظ بممتلكات غير يهودية”[32].

  1. 4. الخداع في العمل: إنها خطيئة جسيمة ممارسة أي نوع من الخداع مهما كان ضد يهودي أو غيره كما سبق في النص الذي أوردناه من المشناة، لكن في تفاصيل النهي يُنص أيضًا على أن المحظور فقط هو ممارسة الخداع المباشر. يُسمح بالخداع غير المباشر، إلا إذا كان من المحتمل أن يسبب عداءً لليهود أو إهانة للدين اليهودي.

المثال النموذجي هو الحساب الخاطئ للسعر أثناء الشراء. إذا ارتكب يهودي خطأً غير مناسب لنفسه، فمن واجبه الديني أن يصححه. إذا تم رصد أحد الأمميين وهو يرتكب مثل هذا الخطأ، فلا يحتاج المرء إلى إخباره بذلك، بل يقول: “أنا أعتمد على حساباتك”، وذلك لمنع عداوته في حالة اكتشاف خطأه لاحقًا.

وفي التلمود: أن حظر خداع غير اليهود، قد ورد فيما يتعلق بالوثني الذي يقيم في أرض إسرائيل ويحافظ على وصايا نوح السبعة. أما الحكم الذي يجيز للمحكمة خداع غير يهودي فقد صدر فيما يتعلق بأغياري عادي[33].

هذا التحايل الفج على معاني الشريعة أمر يدعو للدهشة الشديدة، لأن مدار الشرائع السماوية حول حقائق الأحكام ومعانيها، وليس مجرد ألفاظها ومبانيها.

  1. 5. الاحتيال: يَحرم الاحتيال على اليهودي بالبيع أو الشراء بثمن بغير المعقول. ومع ذلك، “لا ينطبق الغش على الأمم، لأنه مكتوب: “لا يسلبوا كل واحد أخاه”، ولكن الأممي الذي يخدع يهوديًّا يجب أن يُجبر على تعويض الغش، ولكن لا ينبغي أن يُعاقب يهودي بأشد من العقوبة في حالة مماثلة.
  2. 6. السرقة والسطو: السرقة ممنوعة منعًا باتًّا إذا كانت الضحية يهودية. ومع ذلك، فإن سرقة غير يهودي من قبل يهودي ليست محظورة صراحة ولكن فقط في ظل ظروف معينة مثل: “عندما لا يكون الأغيار تحت حكمنا”، ولكنها مسموح بها “عندما يكونون تحت حكمنا”.

تختلف السلطات الحاخامية فيما بينها فيما يتعلق بالتفاصيل الدقيقة للظروف التي يجوز لليهودي أن يسرق فيها غير يهودي، لكن النقاش برمته يتعلق فقط بالقوة النسبية لليهود والأمميين وليس بالاعتبارات العالمية للعدالة والإنسانية. وقد يفسر هذا السبب وراء قيام عدد قليل جدًا من الحاخامات بالاحتجاج على سرقة الممتلكات الفلسطينية في إسرائيل: فقد كانت هذه العملية مدعومة من قبل قوة يهودية ساحقة. إن الانتهاكات الشائعة الآن من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ونهبهم لممتلكات الفلسطينيين تحت نظر قوات الأمن يمكن تفسيرها بناء على ذلك.

رابع عشر: الأغيار في أرض إسرائيل:

بالإضافة إلى القوانين العامة المناهضة للأغيار، لدى الهالاخاه قوانين خاصة ضد الأغيار الذين يعيشون في أرض إسرائيل.

إن التعريف الدقيق لـ “أرض إسرائيل” محل خلاف كبير في التلمود والهالاخاه منذ القدم، واستمر الخلاف في العصر الحديث بعد مرحلة الصهيونية. بشكل عام هناك ثلاثة تعريفات: تمتد أرض إسرائيل بحسب التعريف الأوسع من “نهر مصر” (الذي يعتقد أنه يتواجد في وادي العريش، وليس النيل) إلى نهر الفرات. يشمل هذا التعريف مناطق تتواجد في مناطق “دولة” إسرائيل، الضفة الغربية، قطاع غزة، شرق سيناء، لبنان، سوريا وجنوب شرق تركيا. يعتقد العديد من العلماء أن هذه الحدود تعكس المنطقة التي يُعتقد أنها كانت تحت سيطرة الملك داود والملك سليمان (عليهما السلام).

(في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد تحت قيادة عزرا الكاتب) – تمتد أرض إسرائيل من جنوب وادي أخزيف (وادي القرن) بجانب قرية معليا إلى النقب (لا يشمل البحر الأحمر)، وشرق نهر الأردن، يشمل مناطق من الجولان حتى البتراء جنوبًا

ثم تعريف “مقلص”، هو “من نهر الدان (اللدان) إلى بئر السبع”، وهو التعريف الرسمي الوارد عدة مرات في الكتاب المقدس، والذي يشير لغالبية الأرض التي احتلها بنو إسرائيل.

وتعريف “وسط” آخر – معروف في التراث اليهودي باسم “حدود القادمين من مصر”، ويصف المناطق التي استوطنت فيها قبائل يهوشع – تمتد أرض إسرائيل من شمال النقب حتى لبنان وجنوب غرب سوريا، ومن شرق نهر الأردن حتى البحر الميت.

بحسب التعريف الأخير – والمعروف باسم “المنطقة المقدّسة بحسب العائدين من الأسر في بابل” (في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد تحت قيادة عزرا الكاتب) – تمتد أرض إسرائيل من جنوب وادي أخزيف (وادي القرن) بجانب قرية معليا إلى النقب (لا يشمل البحر الأحمر)، وشرق نهر الأردن، يشمل مناطق من الجولان حتى البتراء جنوبًا.

التعريفات المختلفة لحدود أرض إسرائيل مهمة في الهالاخاه (الشريعة اليهودية) والتعريف الأخير أعلاه هو المطابق للتعريف المذكور في “الفرائص المشروط القيام بها بالتواجد على أرض إسرائيل”. هذا الخلاف في تحديد “أرض إسرائيل” لم يمنع من حالة توافق كبيرة بين اليهود على وجوب العيش على أرض إسرائيل على جميع اليهود، حتى أن بعض الحاخامات يرون أن وصية العيش على أرض إسرائيل تعادل في أهميتها جميع الوصايا الأخرى مجتمعة. بالإضافة إلى مئات الوصايا التي تتعلق بأحكام العيش في أرض إسرائيل فقط، ويتعلق جزء كبير منها بغير اليهود.

تحظر الهالاخاه على اليهود بيع الممتلكات غير المنقولة – الحقول والمنازل – في أرض إسرائيل إلى غير اليهود. في الجولان السورية، يُسمح ببيع المنازل (وليس الحقول).

يجوز تأجير منزل في أرض إسرائيل لوثني بشرطين. أولاً: ألا يستخدم المنزل للسكنى بل لأغراض أخرى كالتخزين. ولا يجوز تأجير ثلاثة منازل متجاورة أو أكثر بهذه الطريقة.

يجري شرح هذه القواعد والعديد من القواعد الأخرى على النحو التالي: “… حتى لا تسمح لهم بالتخييم على الأرض، لأنهم إذا لم يمتلكوا أرضًا، فإن إقامتهم هناك ستكون مؤقتة.”[34] حتى الوجود الأممي المؤقت لا يجوز التسامح معه إلا “عندما يكون اليهود في المنفى، أو عندما يكون الأمم أقوى من اليهود”، ولكن “عندما يكون اليهود أقوى من الأمم، يُحظر علينا أن ندع عابدًا بيننا؛ حتى المقيم المؤقت أو التاجر المتجول لن يُسمح له بالمرور في أرضنا إلا إذا قبل المبادئ النوحية السبعة، لأنه مكتوب: “لا يسكنوا في أرضك”[35]، أي حتى ولو مؤقتًا. إذا قبل غير اليهودي المبادئ النوحية السبعة، فإنه يصبح أجنبيًا مقيمًا (ger toshav)  ولكن يُحظر منح مكانة الأجنبي المقيم إلا في الأوقات التي يقام فيها اليوبيل [أي عندما يقف الهيكل وتقدم التضحيات]. ومع ذلك، في الأوقات التي لا تقام فيها اليوبيلات، يُحظر قبول أي شخص ليس متحولًا بالكامل إلى اليهودية.

هذه الوصايا تصب في النهاية في كيفية معاملة الفلسطينيين، ووفقًا للهالاخاه، فالأمر ببساطة مسألة قوة يهودية: إذا كان لدى اليهود قوة كافية، إذن ومن واجبهم الديني طرد الفلسطينيين من أرض إسرائيل.

بالإضافة إلى القوانين المناهضة عامة للأغيار، فإن شريحة كبيرة من اليهود تميز بشكل خاص الفلسطينيين (أو العرب عمومًا) عن سائر الأغيار، وتعتبرهم أحفاد الكنعانيين القدماء والأمم الأخرى التي عاشت في فلسطين قبل احتلالها على يد يشوع، وتكرر تحذيرات التلمود وتأكيده على الإبادة الجماعية لهؤلاء “الأشرار”، وليس من غير المألوف أن يتلقى جنود الاحتياط الذين يتم استدعاؤهم للقيام بجولة في قطاع غزة “محاضرة تثقيفية” يقال لهم فيها: إن الفلسطينيين في غزة “مثل العماليق”.

غني عن القول إنه لا توجد عند اليهود رغبة في دعوة غيرهم إلى اعتناق اليهودية، بل تعتبر هذه الدعوة شيئًا مرفوضًا، بل وحتى لو جاء من يريد طواعية اعتناق اليهودية، فإن الحاخامات يثنونه عن ذلك، ويوجهونه إلى أن يكون إنسانًا صالحًا وسيكون له مكان في الآخرة دون الحاجة لاعتناق اليهودية. ويقدمون لهذا الرفض لفكرة الدعوة (أو التبشير) أسبابًا واهية، مثل أن الناس أحرار لا ينبغي تحريضهم على تغيير دينهم، أو لأن تاريخًا طويلًا حظر على اليهود الدعوة إلى دينهم في البلاد الإسلامية والمسيحية. هذه أسباب واهية وغير جادة، والسبب الحقيقي هو أن اليهودية مرتبطة في عقيدتهم بالعرق اليهودي، وسلالة الدم اليهودي. وإذا كان الأمر هكذا، فروح الاستعلاء والتفوق لها هذا التمكن في نفوسهم.

دفوع إسرائيلية:

هذا، وقد حاولت بعض المؤسسات العلمية اليهودية تفنيد بعض هذه الانتهاكات، وأكدت على بعض النصوص التوراتية التي تؤكد على احترام حقوق الإنسان، وهي نصوص صحيحة بطبيعة الحال، لكن الإشكال في تفسيرها الصارم في النصوص التلمودية والتأويلات الحاخامية، والتي تجعل هذه الألفاظ العامة التوراتية حصرية على اليهود. يذكرون مثلًا الأهمية التي توليها اليهودية للرحمة؛ لكن يخفون أن كلمة “رحمة” بحسب الهالاخاه تعني الرحمة تجاه اليهود. وبالمثل، فإن الحظر المفروض على إعطاء نصيحة مضللة، أو كراهية الآخرين، أو فضحهم أو الانتقام منهم … إلخ، تنطبق فقط على إخوانهم اليهود.

لقد كشف طوفان الأقصى وأخرج إلى العلن ثقافة شرائح كبيرة من الإسرائيليين الذين يعتبرون العبودية قدرًا طبيعيًّا على الأمميين (أي غير اليهود)، وأصبح يجاهر بهذا بعض المواطنين العاديين وليس فقط التيار الديني.

 

يذكرون مثلًا كيف تحتوي بعض نصوص التوراة على نظرة عطف تجاه الغرباء كالوصية برعايتهم وشمولهم في الأعياد والمناسبات وتندد بالعنف تجاههم ومن الآيات الدالة على هذه المعاني:

” لا تتسلط عليه بعنف، بل اخش إلهك ” (اللاويين ٢٥/ ٤٣).

” المريض لم تقووه، والمجروح لم تعصبوه، المكسور لم تجبروه، والمطرود لم تستردوه، والضال لم تطلبوه، بل بشدة وعنف تسلطتم عليهم” (حزقيال ٣٤/ ٤).

” لا تبغض أخاك في قلبك، إنذارًا تنذر صاحبك ولا تحمل لأجله خطية” (اللاويين ١٩ /١٧).

لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك. بل تحب قريبك كنفسك، أنا الرب” (اللاويين ١٩/ ١٨).

“لا ترتكبوا جورًا في القضاء، لا تأخذوا بوجه مسكين ولا تحترم وجه كبير، بالعدل تحكم لقريبك” (اللاويين ١٩/ ١٥).

هذه النظرة الإيجابية، يتم غالبًا تأويلها لتتوافق مع جمهرة النصوص السلبية الاستئصالية. أشهر تأويل عندهم، هو أن هذه النصوص مقصود بها اليهود فقط، فكلمة “أخوك” تعني اليهودي، ومثلها “جارك”، وحتى كلمة “الغريب” يؤلونها أحيانًا باليهودي الغريب عن وطنه. وعلى ذلك ففي كثير من الحالات، يُنظر إلى المصطلحات العامة مثل “زميلك” أو “الغريب” أو حتى “الرجل” على أنها تحمل معنى شوفينيًا حصريًّا. الآية الشهيرة: “تحب أخاك كنفسك” (لاويين 19، 18) تفهمها المراجع اليهودية التقليدية على أنها وصية بأن يحب المرء أخاه اليهودي، وليس أي إنسان.

لقد كشف طوفان الأقصى وأخرج إلى العلن ثقافة شرائح كبيرة من الإسرائيليين الذين يعتبرون العبودية قدرًا طبيعيًّا على الأمميين (أي غير اليهود)، وأصبح يجاهر بهذا بعض المواطنين العاديين وليس فقط التيار الديني.

وحتى بعض الصهاينة – خاصة من اليسار – قد ينكرون هذا ويعلنون تعاطفهم مع الحقوق الفلسطينية، لكنهم يُرجعون هذا لمصالح سياسية ونفعية بحتة، وليس كقناعة حقوقية أو إنسانية، وتجد مبرراتهم تتنوع بين الحديث عن أن اضطهاد الفلسطينيين قد يؤدي إلى إفساد المجتمع الإسرائيلي، أو أن طرد الفلسطينيين أمر غير عملي في ظل الظروف السياسية الحالية، أو أن أعمال إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة من شأنها أن تؤدي إلى عزل إسرائيل دوليًّا.

من هذه المؤسسات المدافعة مكتبة منظمة سيفاريا (Sefaria)، وقد جعلت جزءًا كبيرًا في مقدمة طبعة التلمود للتصدي لمسألة الأغيار في التلمود، وجعلت لذلك عنوانًا مثيرًا: (ثامنًا: ما الذي لم يُكتب في التلمود؟ اليهودي والأممي – VIII What is not written in the Talmud? Jew and Gentile) ، ومما ذكرته:

“في تعليق ياقوت ٧٦ على سفر التكوين، جاء القول التالي: «قال الله (لموسى): ليس عندي تمييز بين إسرائيلي وغير يهودي، بين رجل وامرأة، بين عبد أو أَمَة. احفظ الوصية ونل أجرها[36]، ونرى استمرار هذه الفكرة موجودًا في إيليا رابا (10: 9) حيث قيل: “أحضرت عليّ السماءَ والأرض شهودًا، رجلاً كان أو امرأة، أمميًّا كان أو يهوديًّا، عبدًا أو امرأة”. أيتها الخادمة، كل شيء يعتمد على تصرفات الرجل”[37].

وماذا عن القوانين التمييزية أو “الأحكام التي تفتقر إلى المساواة أمام القانون”؟ وماذا عن “المعايير المزدوجة” في التلمود؟ إننا لا نستطيع في الوقت الحالي الإجابة على هذا السؤال بشكل مقنع. البحث في التلمود لا يستطيع حتى الآن الإجابة على هذا السؤال. ولا يسعنا الآن إلا أن نحاول تحويل انتباهنا إلى عدد من النقاط المهمة.

لقد غيروا مصطلحات “أممي” و”غريب” و”غوي” بشكل عشوائي إلى “عكوم” أو “السامري” بهدف إزالة أي إشارة غير سارة من التلمود والتي ربما يمكن تطبيقها على المسيحيين أيضًا

يوجد في التلمود عدد كبير من المصطلحات التي تشير إلى غير اليهود، مثل غير اليهود – غريب، غوي – أمة (أي: ابن أمة مختلفة)، سامري – ساكن في كوتا، عكوم – عابد النجوم (اختصار لعبادة النجوم والأبراج). من الواضح لأي شخص ذكي أنه لا يمكن استبدال تسمية بأخرى بشكل عشوائي. ولكن يبدو أنه يكاد يكون من المستحيل اليوم العثور على أي شخص يمكنه تحديد الاختلافات الدقيقة والفروق الدقيقة المحتملة بين الأسماء المختلفة. وزاد عدم الوضوح في هذه القضية بسبب الرقابة على التلمود، وأدى إلى ارتباك كامل. لقد غيروا مصطلحات “أممي” و”غريب” و”غوي” بشكل عشوائي إلى “عكوم” أو “السامري” بهدف إزالة أي إشارة غير سارة من التلمود والتي ربما يمكن تطبيقها على المسيحيين أيضًا. (باستخدام مصطلحات “أممي” أو “غريب” أو “غويي” من الممكن أن تشمل المسيحيين، ولكن لن يكون من الممكن إذا استخدموا مصطلح “سامري” – ابن مدينة كوتا، أو “عكوم” – عابد النجوم، كان هذا هو منطق الرقابة).

وتمضي المؤسسة في محاولة تفنيد اتهامات الإبادة والعنصرية وهضم حقوق الأغيار واستباحة أكل الربا منهم، وفي كل مسألة كانت الدفوع متهافتة للغاية، نكتفي هنا بذكر دفوعهم في مسألة الربا، إذ يقولون:

“عملت قوانين معينة على تنظيم العلاقات بين “الأمميين” – “الغريب” [المقيم الأجنبي] والمجتمع اليهودي. وأشهر القوانين على الإطلاق هو تحريم الربا أو “قانون الربا” كما يطلق عليه. عادة ما يتم اقتباس التعليمات ذات الصلة في النص الكتابي في ترجمة خاطئة: يجوز لك أن تأخذ فائدة باهظة من غير اليهودي، ويمنع أن تأخذ فائدة باهظة من أخيك اليهودي (تثنية 23: 21). الترجمة الصحيحة للجملة هي: يجوز أخذ الربا من الغريب (أي: من هو خارج مجتمع يهودي مستقل يمكن تصوره)، ولكن حرام أخذ الربا من أخيك اليهودي. ولا يفرق القانون اليهودي التلمودي بين الربا والفائدة. حتى أصغر العِوض في القرض محرم، على المقرض أن يعطي وعلى المقترض أن يأخذ. (حتى أن حكماء التلمود حرموا الهدايا التي يمكن تفسيرها على أنها “ربا”، بل إن هناك تعليمات تلمودية تحظر تحية المُقرِض بطريقة مهذبة على نحو غير معتاد، حيث يمكن تفسير ذلك على أنه “فائدة في شكل كلمات”) مثل هذا القانون، الذي هو أشبه باتفاقية اجتماعية، يبتعد كثيرًا عن مبادئ العدالة، لا يكون صالحًا إلا إذا كانت هناك معاملة بالمثل. إذا مُنعت من أخذ الفائدة، فيجب أن أتمكن من أخذ قرض دون دفع فائدة. لكن هذه المعاملة بالمثل لم تكن موجودة إلا في إطار المجتمع اليهودي. “الغريب” بالتأكيد لم يكن على علم بالتحريم الصارم لأخذ الربا، لذلك سيكون غير منطقي من الناحية القانونية، لأنه بينما هذا القانون ملزم لجميع “إخوانهم اليهود”، فإنه لا يلزم “الغريب”. لقد سمح للغريب أن يأخذ الفائدة، لذلك سمح له أن يقرضه بالربا…. إلخ.

هذه المحاولات الحثيثة لتجميل النصوص التلمودية، أو تقديم إنكارات خادعة ومراوغات ماكرة، لا تجدي، لأن هذه النصوص من الصرامة والجزم بحيث لا يمكن صرفها أو تلطيفها، اللهم إلا بإخفائها.

الخلاصة:

إن النصوص التلمودية مشبعة بازدراء كل الأمم من غير اليهود، وتقف وراء عمق وانتشار مواقف الكراهية والقسوة تجاه جميع الأمم بين غالبية الإسرائيليين، وتكاد تبعدهم عن الهواء الذي يتنفسه الأغيار، ونجس الغبار الذي يتصاعد من خطوات مشيهم.

في التكوين التاريخي والعقدي والمعرفي للعقل اليهودي على امتداد مراحل تكوينه من الشتات إلى الجيتو إلى الدولة القومية الصهيونية، أخذت معتقدات العنصرية والاستعلاء على الآخر والاستباحة للأغيار إيمانًا بأنهم لا قيمة لهم، وأن أرواحهم نجسة، مع إضفاء القداسة على العرق اليهودي النقي، كل هذا أخذ يتصلب ويترسب في النسيج التكويني للشخصية اليهودية بشكل عام إلا من رحم الله واستنقذه من هذه اللوثة العصبية المنتنة. أحد أهم أسباب هذه النزعة هي النصوص الصريحة الصارمة التي تدعو اليهود إلى كره ونبذ وقتل الأغيار (المعروف بمبدأ التحريم) إبادة لا يسلم منها لا الأطفال ولا النساء ولا حتى الحيوانات، فتقع هذه المذابح في نظرهم قربى لله، تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا.

تحرر اليهود من هذا الموقف لن يكون إلا بتجاوز التزامهم بنصوصهم المقدسة التي تتميز بصرامة وعنصرية يصعب تأويلها، أو إيجاد مخارج منها، وهذا يصعب تصوره، بل يغلب على الظن ظهورٌ أكبر للتيار المتشدد داخل الشعب اليهودي مسلحًا بدوافعه التوراتية العنصرية والعنيفة.

 

——————————————

 

[1] معنى (الجوييم Gentiles): «الأغيار» هي المقابل العربي للكلمة العبرية «جوييم»، وهذه هي صيغة الجمع للكلمة العبرية «جوي» التي تعني «شعب» أو «قوم» وقد انتقلت إلى العربية بمعنى «غوغاء» و«دهماء». وقد كانت الكلمة تنطبق في بادئ الأمر على اليهود وغير اليهود ولكنها بعد ذلك استُخدمت للإشــارة إلى الأمم غـير اليهــودية دون ســواها، ومن هنا كان المُصطلَح العربي «الأغيار». وقد اكتسبت الكلمة إيحاءات بالذم والقدح، وأصبح معناها «الغريب» أو «الآخر». والأغيار درجات أدناها العكوم، أي عبدة الأوثان والأصنام بالعبرية: عوبدي كوخافيم أو مزالوت أي «عبدة الكواكب والأفلاك السائرة»، وأعلاها أولئك الذين تركوا عبادة الأوثان، أي المسيحيــون والمسلمون. وهناك أيضاً مستوى وسيط من الأغيار «جـيـريم» أي «المجــاورين» أو «السـاكنين في الجوار» (مثل السامريين).

 

[2] أهم عشرة مصادر لنصوص الديانة اليهودية:

١) التناخ (الكتاب المقدس العبري)؛ هو النص التأسيسي لليهودية، ويتكون من ثلاثة أقسام رئيسة: التوراة (القانون)، والنفيئيم (الأنبياء)، والكتابات. وهو يشتمل على أسفار مثل التكوين والخروج والمزامير وإشعياء وغيرها الكثير.

٢)  التلمود: نص مركزي في اليهودية الحاخامية، ويتكون من عنصرين رئيسين – المشناه والجمارا. يحتوي على مناقشات وتفسيرات للقانون والأخلاق والعادات والتاريخ اليهودي.

٣)  المشناه: هي أول مجموعة مكتوبة رئيسة للتقاليد الشفهية اليهودية المعروفة باسم التوراة الشفهية. إنه بمثابة أساس للمناقشات والتفسيرات التلمودية.

٤)  المدراش: عبارة عن تفسيرات وتعليقات وقصص حاخامية تتعلق بالتناخ. ويهدف إلى توضيح النص الكتابي والتوسع فيه، غالبًا من خلال وسائل خيالية واستعارية.

٥) سيفر هازوهار (الزوهار): الزوهار هو عمل أساسي للتصوف اليهودي، المعروف أيضًا باسم الكابالا. يستكشف التفسيرات الغامضة للتوراة ويتعمق في موضوعات مثل طبيعة الله والكون والروح.

٦) السيدور (كتاب الصلاة اليهودي): يحتوي السيدور على الصلوات والنصوص الطقسية المستخدمة في العبادة اليهودية. ويشمل الصلوات اليومية والبركات والخدمات الخاصة للعطلات وأحداث دورة الحياة.

٧) خلاق الآباءPirkei Avot : هي مجموعة من التعاليم والمبادئ الأخلاقية من فترة المشنايك. ويؤكد على السلوك الأخلاقي والفضائل الأخلاقية وأهمية دراسة التوراة.

٨)  شولحان عاروخ (قانون الشريعة اليهودية) : شولحان عاروخ هو نص قانوني شامل يغطي جوانب مختلفة من ممارسة الشعائر الدينية اليهودية، بما في ذلك قوانين الطعام، وحفظ السبت، والأعياد والعبادات والقضاء.

٩)  تفسير راشي: راشي، مفسر يهودي مشهور في العصور الوسطى، تعليقات شاملة على التوراة والتلمود والنصوص الكتابية والحاخامية الأخرى. تمت دراسة تعليقه على نطاق واسع واحترامه لوضوحه وبصيرته.

١٠)  الحجادة: أو الهجادة هي نص يستخدم أثناء عيد الفصح، ويروي قصة الخروج من مصر والطقوس المرتبطة بالعيد. ويشمل مقاطع الكتاب المقدس، والصلاة، والتعليق.

 

تمثل هذه المصادر العشرة النصوص المركزية للفكر والممارسة والتقاليد الدينية اليهودية.

[3] شولحان عاروخ، שולחן ערוך، عبارة عبرية تعني «المائدة المنضودة» وهو مُصنَّف تلمودي فقهي يحتوي على سائر القواعد الدينية التقليدية للسلوك، ويُعَدُّ حتى يومنا هذا، المصنَّف المعوَّل عليه بلا منازع للشريعة والعرف اليهوديين، ويسمى أيضًا التلمود الأصغر. أعده يوسف كارو ونشره عام 1565 مستنداً إلى العهد القديم والتلمود وآراء الحاخامات اليهود وفتاواهم وتفسيراتهم (الشريعة الشفوية). قام مؤلف الشولحان عاروخ بإسقاط جميع المناقشات الفقهية الطويلة والآراء المختلفة والأحكام المتناقضة، فلم يدوِّن إلا الأحكام الشرعية المستــقرة التي تبيِّن ما هو حلال وما هو حرام، وقد قسم الشولحان عاروخ إلى أربعة أقسام (أورَّح حاييم אורח חיים، أي سبيل الحياة، ويتناول أحكام الصلاة والأذكار والأعياد. ويوريه ديعاه יורה דעה، أي أستاذ المعرفة، ويتناول أحكام الطعام والطهارة والنذور والحداد، وإيفين هاعوزير אבן העוזר، أي الحجر المعين، ويتناول أحكام الزواج والطلاق، وفقه النساء، ثم حوشين مشباط חושן משפט، أي مجموع القضاء الشامل، ويتناول القوانين المدنية والجنائية وأصول المحاكمات، وأحكام الميراث والوصاية والعقود والتسجيل).

[4]  الكابالا هي الشكل الأساسي للتصوف اليهودي، مع أعمال باطنية تتراوح من القديمة إلى المعاصرة تهدف إلى تسليط الضوء على جوهر الله، والعلاقة بين خلود الله والكون المحدود، والمعنى الداخلي للتوراة. من الأمور الأساسية في الكابالا فكرة أن الله خلق العالم ويتفاعل معه من خلال عشر سفيروت، أو الصفات المنبثقة، وأن الناس يمكن أن يؤثروا على تصرفات الله من خلال التأثير على السفيروت.

[5] من تعليق راشي على التوراة، من الترجمة الإنجليزية: The Complete Jewish Bible with Rashi Commentary, Devarim (Deuteronomy) – Chapter 20/10-19

[6] وفي التفسيرات النصرانية قبول عام لمثل هذه النصوص الاستئصالية، وإن سموها بغير ذلك. في الموسوعة الكنسية مثلًا في تفسير هذه الآية: أما بالنسبة لشعوب الأرض بمختلف أسمائها، الساكنة في المدن الواقعة في نطاق أرض الموعد فتحرم تحريمًا كاملًا، أي يباد جميع سكانها حسب أمر الربِّ للتخلص من عبادة الأوثان والشهوات الشريرة ويحيا شعب الله في نقاوة، فالسبب هنا هو إبادة الشرِّ وليس الكراهية!

[7] هذه النصوص مختارة من الموسوعة اليهودية (https://jewishencyclopedia.com/)

[8] يمكن القول إن الهالاخاه هي مجموعة من الأعمال القانونية التي تقدم التوجيه في جميع جوانب الحياة، وهي مأخوذة من التوراة والمدراش والتلمود، وتنمو حتى عصرنا الحالي لمعالجة الأحداث المتغيرة. وتتألف من أعمال تهدف إلى تحديد النظام القانوني اليهودي بأكمله. ويقول د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله في موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، ج٥، ص ١٧٣: مصطلح «التشريع» هو المقابل العربي لكلمة «هالاخاه» العبرية. وهذا المصطلح يعني «القانون» أو «التشريع». وكلمة «هالاخاه» من أصل آرامي، ومعناها الحرفي هو «الطريق القويم»، وإن كان يُقال في التفسيرات الحديثة إن معنى الكلمة الأصلي هو «الضريبة» أو «القاعدة الثابتة». وكلمة «هالاخاه» لها معنى ضيق، وقد ورد لأول مرة في كتابات معلمي المشناه (تنائيم) وكانت تعني في بداية الأمر «الحكم الشفهي الذي يصدره الفقهاء» ثم أصبحت تشير إلى «الفقرة الواحدة المُتضمَنة في سنة واحدة في الفقهيات الشرعية». ثم أصبحت الكلمة تشير إلى الجانب التشريعي لليهودية ككل.

[9] إسرائيل شحاك: الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود، ص١٤٢

[10] https://www.youtube.com/watch?v=vCby29LNNmw

[11] موسى بن ميمون (ميمونيدس)، مشناه توراة، “قوانين القاتل” 2، 11؛ الموسوعة التلمودية، “غوي”.

[12] ر يوئيل سركيس، بيت حداش، تعليق على بيت يوسف، “يوريه ضياء” ص 158.

[13] المصدر السابق، نفس الصفحة.

[14] المصدر السابق.

[15] من مقال (من يزوّر الهالاخاه؟) بقلم أمنون روبنشتاين، معاريف، 13 أكتوبر 1975، عن بحث للعقيد الحاخام أ. أفيدان (زيميل) عن “طهارة الأسلحة في ضوء الهالاخاه”. وذكر روبنشتاين أن الكتيب سُحب لاحقًا من التداول بأمر من رئيس الأركان العامة، ربما لأنه شجع الجنود على عصيان أوامره.

[16] من ترجمة يسرائيل شاحاك الإنجليزية لهذه الرسائل المتبادلة من الكتاب السنوي: R Shim’on Weiser, ‘Purity of weapons – an exchange of letters’ in Niv Hammidrashiyyah, Yearbook of Midrashiyyat No’am, 1974, pp29–31. The yearbook is in Hebrew, English and French, but the material quoted here is printed in Hebrew only.

[17] شمعون وايزر، ’طهارة السلاح – تبادل الرسائل‘ في نيف حمادرشية، حولية مدراشية نعوم، 1974، ص 29 – 31.

[18] شولحان عاروخ، حوشين مشباط 426

[19] موسى بن ميمون (ميمونيدس)، مشناه توراة، “قوانين القاتل” ٤، 11

[20] شولحان عاروخ يكرر نفس المذهب في “حوشين مشباط” 425

[21] هو Mises Isserles حاخام تلمودي (١٥٣٠-١٥٧٢) صاحب التعليقات المعتمدة في الشولحان عاروخ، عند اليهود الأشكيناز.

[22] موسى بن ميمون – مشناة التوراة، كتاب الأزمنة – فرائض السبت ص ١٠٥

[23] شولحان عروخ، أورح حاييم، ٣٢٩.

[24] حزقيال، 23، 20.

[25] سفر الخروج، 20، 17.

[26] سفر العدد 25: 6-8.

[27] الرابط: https://www.myjewishlearning.com/article/the-non-jew-in-jewish-law/

[28]  شولحان عاروخ حوشين مشباط 34.

[29] موسى بن ميمون – مشناة التوراة، كتاب الاكتساب – فرائض البيع، ص ٣٤٤.

[30] التلمود – آفودا زارا ٢٠-ا (Avodah Zarah 20a).

[31] الإعفاء: وسيلة للتحايل على تحريم الربا، ولها عدة أشكال، تجتمع في اعتبار المقرض شريكًا – على الورق – للمقترض، ويكون ما يأخذه من الربا هو نصيبه من الأرباح المفترضة في عمل المقترض!

[32] التلمود – بافا كاما ١١٣ب (Bava Kamma 113b).

[33] المصدر السابق.

[34] موسى بن ميمون (ميمونيدس)، مشناه توراة، “عبادة الأوثان” 10، 6.

[35] سفر الخروج، 23، 33.

[36] وربما كان يغنيه ما ورد في رسالة بولس إلى أهل غلاطية: “ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع.” (غل 3: 28).

[37] من اللافت هنا أن هذه المؤسسة الكبيرة لم يسعفها لإيجاد نصوص يهودية تحث على إنصاف غير اليهود، إلا أن تبدأ بنصين ضعيفين، فكلاهما مجرد تعليقات على نصوص توراتية. الأول تعليق متأخر على سفر التكوين، والثانيEliyah Raba  هو تعليق توراتي يهودي كتبه الرابي إيلياهو في القرن السابع عشر على الشولحان عاروخ، وهو تعليق آخر على التوراة.

زر الذهاب إلى الأعلى