قراءة في تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل وانعكاساتها الإقليمية

تعيش منطقة الشرق الأوسط خلال هذه الفترة على وقع التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران والكيان الصهيوني، تصعيدٌ بلغ ذروته مع التدخّل العسكري المباشر للولايات المتحدة، في لحظة فارقة أعادت تدوير الأزمة إلى مستوى استراتيجي أعلى.
ففي 21 يونيو 2025، أعلن البيت الأبيض انخراطه الصريح في دعم الحليف الإسرائيلي، عبر تنفيذ غارات جوية مركّزة استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل العمق الإيراني، وهو ما مثّل تحولًا نوعيًّا جديدًا في قواعد الاشتباك الإقليمية.
الحرب كانت مفاجئة ومثّلت نموذجًا واضحًا لاستخدام الخداع الأمريكي في إدارة الصراعات، فقد جاءت الضربة في وقت كانت الولايات المتحدة تُصور المباحثات مع إيران على أنها تسير بنجاح، وفق تصريحات دونالد ترامب الأخيرة قبل شن الهجوم على إيران.
وخلال هذه الجولة من الحرب، والتي استمرت 12 يومًا، ظهر تباين كبير داخل الدوائر العسكرية والاستخبارية بشأن تقييم نتائجها، وحول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد بلغت الأهداف التي سعت إليها من هذه العملية.
هذا التطور يفتح الباب أمام أسئلة استراتيجية أوسع:
- ما الأهداف غير المعلنة التي سعت واشنطن وتل أبيب لتحقيقها من هذا التصعيد؟
- وهل جاء الردُّ الإيراني في مستوى فرض توازن الردع؟
- وما المعادلة السياسية والعسكرية الجديدة التي فرضها هذا الانفجار المحدود في الزمن، العميق في الدلالة، على خارطة النفوذ الإقليمي وموازين القوى في المنطقة؟
أولاً: الأهداف الاستراتيجية للأطراف:
تُعدُّ المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني امتدادًا لصراع معقد تعود جذوره إلى عقود، تطوّر خلالها التنافس إلى صراع نفوذ إقليمي محموم، تَمثّل في الحروب بالوكالة، والعمليات الاستخباراتية، والهجمات السيبرانية، وعمليات الاغتيال، وقد تصاعدت التوترات بصورة ملموسة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (JCPOA) عام 2018 بقرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أعاد البرنامج النووي الإيراني إلى بؤرة الصدام.
شهدت السنوات اللاحقة تصاعدًا لعمليات “حرب الظل” بين الطرفين، شملت استهداف علماء نوويين، وتدمير مواقع عسكرية تابعة لوكلاء إيران مثل حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، هزائم حزب الله على وجه التحديد خلال المواجهات الممتدة في عامي 2023 و2024 أضعفت مظلة الردع الإقليمية التي كانت تعتمد عليها طهران، وشجعت إسرائيل على تبنّي استراتيجية هجومية أكثر جرأة، مدفوعة بتوافر الدعم السياسي والعسكري الأمريكي غير المحدود.
تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في 12 يونيو 2025، والذي كشف أن إيران تخصّب اليورانيوم بنسبة 60%، وفّر لإسرائيل الفرصة المطلوبة لتوجيه ضربات جوية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما حدث بالفعل على يد سلاح الجو الإسرائيلي، بموافقة ودعم استخباراتي وعسكري لاحق من واشنطن.
وفيما يلي استعراض تحليلي لأهداف الأطراف الرئيسة المنخرطة في التصعيد الأخير، يكشف الدوافع الاستراتيجية والعسكرية التي تحكم تحركاتها:
1.الولايات المتحدة الأمريكية:
في المشهد الراهن، تتعامل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع الصراع باعتباره فرصة استراتيجية لإعادة رسم ميزان الردع في المنطقة، مستخدمة إسرائيل كذراع هجومي متقدم لتحقيق أهدافها دون التورط المباشر في حرب شاملة، وقد تمثّلت الأهداف الأمريكية فيما يلي:
- تحييد المشروع النووي الإيراني: عبر توجيه ضربات جوية استهدفت منشآت نووية رئيسة، حيث سعت واشنطن إلى وقف تخصيب اليورانيوم والتأثير على البنية التحتية للبرنامج النووي، من أجل إضعاف القدرات النووية الإيرانية التي تُعدّ أحد أعمدة الردع الإيراني.
- تعديل وضبط سلوك النظام الإيراني: رغم اللهجة الحادة في التصريحات، لم تُعلن الإدارة الأمريكية عن نية مباشرة لتغيير النظام الإيراني، لكنها أبقت على هذا الاحتمال كأداة ضغط مستقبلي، خاصة مع الحديث المتكرر عن “خيارات مفتوحة” قد تشمل استهدافًا مباشرًا للقيادة العليا إذا استمر التصعيد.
- فرض “معادلة تفاوض بالقوة: تبنّى ترامب استراتيجية تقوم على استخدام الضغط العسكري المكثف لفرض شروط تفاوضية جديدة، حيث أعلن وقف إطلاق النار بعد تأكيده على تحقيق مكاسب ميدانية كافية، واضعًا إيران أمام خيارين: التفاوض من موقع ضعف، أو مواجهة المزيد من التصعيد.
- ضبط تداعيات الحرب على سوق الطاقة: راعت واشنطن الحفاظ على استقرار الملاحة في مضيق هرمز، أحد أهم ممرات الطاقة العالمية، وهو ما تجلّى في عدم تسجيل ارتفاع كبير للأسعار ثم تراجعها إلى معدلاتها مرة أخرى عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار.
2.إسرائيل:
تنظر إسرائيل إلى هذا التصعيد كفرصة حاسمة لتحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي كانت في صلب عقيدتها الأمنية خلال العقدين الأخيرين، من خلال الهجمات المركّزة الأخيرة، وأبرزها:
- تدمير المشروع النووي الإيراني:
تعتبر إسرائيل هذا الهدف قد تحقق بنسبة مقبولة، حيث أعلنت رسميًّا عن تدمير منشأة “نطنز” بالكامل، وألحقت أضرارًا فادحة بمنشأة “فوردو” ومنشآت أخرى في أصفهان، من وجهة نظرها، فإن هذه الضربات وجهت ضربة مؤقتة حاسمة لطموحات إيران النووية، وربما أخَّرت البرنامج سنوات إلى الوراء.
- استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية:
تعرضت مصانع الأسلحة ومخازن الصواريخ الإيرانية تحت الأرض لضربات كبيرة، ورغم عدم القدرة على القضاء على القدرة الصاروخية الإيرانية بالكامل – بدليل استمرار إطلاق الصواريخ حتى نهاية الحرب – زعمت إسرائيل تدمير ما يقارب 120 منصة إطلاق صاروخية إيرانية.
- إضعاف إيران وقدرتها في المنطقة:
استهدفت الضربات الإسرائيلية قيادات إيرانية وازنة، بما في ذلك قائد الحرس الثوري حسين سلامي، وقائد الأركان، وقائد استخبارات الحرس ونائبه، بالإضافة إلى تصفية الحاج رمضان (سعيد يزدي)، مسؤول ملف فلسطين في فيلق القدس، والذي كان شخصية محورية في الإشراف على دعم حزب الله والفصائل الفلسطينية، مما يعني تصفية كبيرة للسلسلة الإشرافية على هذا الدعم.
- ترسيخ مبدأ “حرية العمل” في المنطقة:
هذا الهدف الاستراتيجي الأبرز الذي تسعى إسرائيل لترسيخه، حيث باتت تتحرك بحرية في لبنان (شمال الليطاني)، وسوريا (قصف القواعد العسكرية والتوغل في الجنوب السوري)، واليمن (محاولة اغتيال رئيس أركان الحوثيين)، وقد وصلت الآن إلى تطبيق هذا المبدأ في إيران نفسها، من خلال ضرب المنشآت النووية أو الصاروخية أو تصفية القيادات، وترى إسرائيل نفسها “دولة عظمى” تستطيع أن تبدأ الحرب وتنهيها دون أن تُردع أو تدفع ثمنًا مشابهًا للأضرار التي ألحقتها.
3.إيران:
لم تختر إيران هذه الحرب، ولذلك، لم تكن أهدافها المعلنة سياسية بقدر ما كانت دفاعية، وصبَّت جهودها على:
- احتواء الهجمة العسكرية والحفاظ على بقاء النظام: ترى إيران أن المعركة تحولت إلى “معركة بقاء” وأن استمرار التصعيد قد يهدد وجود النظام في طهران، خاصة مع التصريحات الأمريكية بإمكانية استهداف المرشد الأعلى الإيراني.
- إيقاف الحرب: الهدف الفوري المعلن من وزير الخارجية الإيراني كان وقف الهجمات إذا أوقفت أمريكا وإسرائيل ضرباتها.
- تجنب حرب مباشرة مع الولايات المتحدة: كان الرد الإيراني في الأحداث الأخيرة مثيلًا لردها على اغتيال قاسم سليماني، “رمزيًّا وغير مؤثر” بمعنى أنه لم يلحق خسائر حقيقية بالجانب الأمريكي، حرصًا على عدم دفع واشنطن لعمليات عسكرية أكبر.
- إيصال رسالة بأن الصراع قد يؤثر على المنطقة بأكملها: استهداف قاعدة العديد في قطر، رغم معرفة سابقة وتفاهمات بإخلاء القاعدة، كان رسالة رمزية بأن الخليج وإمدادات النفط يمكن أن تشتعل، وأن الصراع لن يبقى محصورًا بين أمريكا وإيران.
ثانيًا تساؤلات حول الفعالية:
على الرغم من إعلان أمريكا عن تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل، إلا أنه لا تزال نتائج الحرب الأمريكية على إيران غير محسومة حتى الآن، حيث تشير تقييمات استخباراتية إلى أنها ربما أدت فقط إلى تأخير تقدّم البرنامج لعدة أشهر بدلاً من القضاء عليه جذريًّا.
من ناحية إسرائيل، يصعب الجزم بتحقيق كل الأهداف في هذه المواجهة القصيرة نسبيًّا، إلا أنها تمكنت من تحييد قيادات مبرزة في الأجهزة العسكرية الإيرانية، وتدمير منشآت حيوية لإنتاج الصواريخ والطاقة، من جانب آخر، كشفت صحيفة التليجراف البريطانية في تقرير لها أن الهجمات الإيرانية أصابت بشكل مباشر خمس منشآت عسكرية داخل كيان الاحتلال، خلال أيام الحرب، هذه الضربات، لم يُعلن عنها الاحتلال رسميًّا، وتشير إلى حجم الخسائر التي تسعى تل أبيب لإخفائها عن الرأي العام، ما يعكس بوضوح ضربة أمنية غير مسبوقة داخل الجبهة الداخلية للاحتلال.
أما طهران، فقد واجهت ضغوطًا كبيرة، لكنها تعاملت بحذر عبر استراتيجية تجمع بين احتواء الأضرار والحفاظ على وحدة الصف الداخلي، أما فيما يتعلق بحجم الخسائر وتُأثير الضربات الأمريكية عليها، فقد أوردت شبكة CNN تقريرًا مسربًا من وكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاغون، يفيد بأن الضربات الأمريكية على ثلاث منشآت نووية لم تُدمّر المكونات الأساسية للبرنامج الإيراني، وأحدثت فقط أضرارًا يمكن إصلاحها، مع ترجيحات بإعادة تشغيل المنشآت خلال أشهر قليلة.
ثالثًا: المعادلة الجديدة في الصراع:
رسخت هذه الحرب الأخيرة مجموعة مبادئ تشكل “معادلة جديدة” في المنطقة، يمكن الوقوف عليها وبيانها في نقاط رئيسة:
- التفاوض بالقوة الأمريكية: أظهرت الولايات المتحدة، تحت إدارة ترامب، قدرتها على استثمار إسرائيل كواجهة عسكرية لتنفيذ ضربات استراتيجية، ثم التدخل المباشر باستخدام أصول استراتيجية مثل طائرات B-2 والقنابل الخارقة للتحصينات، ما شكّل رسالة حازمة لإيران ودفعها سريعًا لقبول وقف إطلاق النار.
- حرية العمل الإسرائيلية كقوة عليا في المنطقة: تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء التقليدية، وأصبحت هي التي تحدد متى تبدأ الحرب، وأي الأهداف تستهدف، ومتى توقفها، دون الحاجة إلى اتفاقات أو شروط مسبقة، يُنظر إلى هذا كجزء من مشروع إقليمي غربي بقيادة إسرائيل يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفرض هيمنتها.
- تآكل نظرية الردع الإيرانية: تفككت المنظومة الإيرانية التي اعتمدت على الدفاع الأمامي عبر وكلائها مثل حزب الله، بعد استهداف أجهزتهم العسكرية وتصفية قياداتها، إضافة إلى تداعيات سقوط نظام الأسد، مما أفقد إيران أدواتها الأساسية للمعركة الإقليمية.
رابعًا: المآلات على المدى الطويل:
تشير التطورات الأخيرة إلى تحولات جوهرية في مسار الصراع، مما يشي بتوقع تغيرات مهمة حول المستقبل الميداني للصراع وتوازن القوى في المنطقة.
- تصاعد سباق التسلح:
بعد اهتزاز ثقة إيران في دفاعاتها العميقة، من المتوقع أن تعيد تركيزها على برنامجها النووي كضمانة أمنية نهائية، خاصة عقب تعليق تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويتزامن ذلك مع مؤشرات على توجّه طهران نحو تعميق شراكاتها الدفاعية مع الصين، ما يفتح المجال أمام سيناريوهات جديدة لتغيير موازين القوى في المنطقة.
في المقابل، يُتوقَّع أن تسارع الولايات المتحدة إلى تعزيز تفوق إسرائيل العسكري بصورة غير مسبوقة، عبر تسليحها بمنظومات متقدمة ونقل تقنيات حساسة في مجالات الدفاع الصاروخي والاستخبارات والمجال السيبراني، هذا التصعيد المتبادل قد يضع المنطقة على حافة سباق تسلح مفتوح.
- تأثيرات إعادة انتشار القوات الأمريكية:
إذا استمر الصراع لفترة طويلة، قد تضطر الولايات المتحدة إلى إعادة نشر بعض قواتها من مناطق مثل محيط الصين وروسيا إلى الشرق الأوسط، ما قد يترك فراغًا عسكريًّا وأمنيًّا في هذه المناطق. هذا الفراغ يمكن أن تستغله قوى منافسة مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها وتوسيع وجودها في مناطق مثل بحر الصين الجنوبي.
- الضغوط الداخلية الأمريكية:
قد تتزايد الأصوات داخل الولايات المتحدة التي تطالب بإعادة تقييم تكلفة التحالف غير المشروط مع إسرائيل، خاصة إذا استمر تحميل القوات الأمريكية عبء حروب لا تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي، ما قد يدفع وقد يؤدي هذا إلى تفاقم التوتر داخل تحالف ترامب، إذ تعارض قاعدته الشعبية “” MAGA خوض حروب خارجية وتفضل الانكفاء الداخلي، على عكس مكوّن “الصهيونية المسيحية” داخل نفس الحلف، الذي يدفع باتجاه دعم إسرائيل بلا حدود.
خامسًا: تداعيات إقليمية في ظل التصعيد الأخير:
تحمل المعادلة الجديدة التي فرضها التصعيد الأمريكي-الإسرائيلي تداعيات كبيرة على توازن القوى في المنطقة، مع تأثيرات واضحة على دول الخليج، والعراق، وتركيا، التي تُعد الدولة الإقليمية الوحيدة التي تتبنى خطابًا معاديًّا لإسرائيل وتسعى إلى تحجيم نفوذها، وقد عبرت أنقرة عن تمنياتها بانتصار إيران في هذا النزاع، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
فيما يخص مستقبل سوريا يتوقع أن تزداد إسرائيل تبجحًا في تعاملها مع الملف السوري، حيث يهدف الاحتلال إلى تفكيك سوريا إلى أربعة مكونات جغرافية وسياسية، وفرض حظر كامل على وجود السلاح الثقيل في الجنوب السوري من أجل تحويل سوريا إلى نموذج مشابه للبنان والضفة مما يعني فقدانها للسيادة الفعلية.
على جانب آخر تزداد التهديدات المحتملة لمصر في ظل العقلية التصعيدية المتطرفة للقيادة الإسرائيلية، إذ يبرز احتمال أن تدفع إسرائيل باتجاه تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو ما ينذر بتداعيات أمنية كبيرة خاصة في شبه جزيرة سيناء.
سادسًا: حقائق كشفتها الحرب الأخيرة:
- كشفت الحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني بوضوح كيف تدير الولايات المتحدة الأزمات الإقليمية، حيث تركز الولايات المتحدة على التحكم في مسارات الصراعات عبر استخدام الحروب التحريكية كأداة لضبط هذه المشاريع الإقليمية لمصلحتها.
- من المتوقع أن تستمر دول الخليج في سياستها الخارجية الخاضعة للولايات المتحدة عبر وجود قواعدها العسكرية في الخليج، رغم أن هذا يجعلها عرضة لخطر تحويل أراضيها لساحات صراع، ما يطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل الأمن الخليجي.
- الصراع بين إيران وإسرائيل هو صراع مشاريع لكل منهما مصالحه الخاصة، مرت بمراحل تخادم ضمن أطر دولية، لكن توسع النفوذ أدى لصدام مباشر، ولأول مرة، تنجح إسرائيل في جرِّ الولايات المتحدة إلى القيام بضربات عسكرية مباشرة ضد إيران، ما يفتح فصلًا جديدًا من الصراع المباشر والمتصاعد بين المشروعين.
- في ظل تراجع النظام الدولي وانقسامات حلف الناتو، وتصاعد النزاعات الإقليمية مثل المواجهة بين باكستان والهند، وضعف الموقف الأوروبي أمام الهيمنة الأمريكية، تتعاظم أهمية مشروع المقاومة كخط دفاع أول وأساس للعالم العربي والإسلامي.
- أمام هذه التعقيدات المتعددة، تبرز الحاجة الملحة إلى مشروع إسلامي شامل قادر على التعبير عن تطلعات الأمة نحو التحرر والنهوض، من خلال رؤية متجددة وأدوات فعالة، تحصنها من الوقوع في فخ المشاريع الوظيفية التي تصب في النهاية ضد مصالحها الحضارية والدينية.
خاتمة:
تشكل الضربات الأميركية على إيران نقطة تحوّل تؤكد استمرار حضور القوة العسكرية في رسم المشهد الإقليمي، لكنها تكشف أيضًا حدود هذا الخيار في فرض واقع دائم أو حسم الصراعات، فإسرائيل، رغم تفوقها العسكري، لا تزال تفتقر إلى القدرة على فرض نظام إقليمي مستقر، إذ تُشكّل المقاومة الفلسطينية عامل استنزاف دائم لإسرائيل، تُبقيها في حالة استنفار أمني مستمر وتمنع استقرارها الإقليمي والسياسي، ومع أن وقف إطلاق النار الذي أعلنته الولايات المتحدة بين إيران وإسرائيل قد يمنح الجميع فسحة لالتقاط الأنفاس، إلا أنه لا يعني نهاية الصراع، بل يمثل مرحلة مؤقتة في مسار قابل للاشتعال مجددًا.