استطلاعاتمراجعات

قراءة في استطلاع مركز بروكينجز حول آراء الطلاب الجامعيين الأمريكيين في مدى ومجال حرية التعبير داخل الجامعات

تمهيد:

التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الأمريكية هو المادة الأولى في الدستور الأمريكي الذي تم إقراره عام ١٧٩١. بدأ الدستور بعشرة تعديلات (= مواد) سميت بوثيقة الحقوق، ثم أضيفت له مواد أخرى ليصل إلى سبعة وعشرين تعديلا (مادة) عام ١٩٩٢.

نص هذا التعديل الأول كالتالي:

“حرية العبادة والكلام، والصحافة وحق الاجتماع والمطالبة برفع الأجور. لا يصدر الكونجرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف”.

هذا التعديل يمثل حجر الزاوية في الحقوق المدنية للمواطنين الأمريكيين وكف يد الحكومة عن المساس بالحريات العامة، حتى اعتبر بعضهم أن التعديل الأول يمثل أمريكا. عبر السنين صدرت أحكام عديدة للمحكمة العليا تشرح فيه مواقف وأحداث وقضايا في ضوء هذا التعديل الأول وتحكم بمدى تماشيها وتوافقها مع هذا التعديل.

استطلاع الرأي الذي بين أيدينا أجرته مؤسسة بروكينجز وقام به البروفيسور جون فيلاسينور. فلاسينور كبير باحثين في بروكينجز، وهو متعدد التخصصات فهو أستاذ للهندسة الكهربية وأستاذ سياسات عامة وأستاذ قانون في آن واحد في جامعة كاليفورنيا، كما أنه عضو هيئة العلاقات الخارجية الحكومية. لاحظت أن دراسات فلاسينور (وتغريداته على منصة تويتر) تركز كثيرا على العلاقات المتشابكة بين السياسة والقانون والتكنولوجيا، كما أن له عناية خاصة بخطورة فقدان الحوار المجتمعي وأن ذلك من التهديدات الكبرى لأي أمة. يكرر فلاسينور في سياق العديد من كتاباته قوله ” إذا كان لدينا أي أمل في معالجة التحديات الاجتماعية والسياسية الكثيرة التي نواجهها اليوم، فسنحتاج إلى استعادة ثقافة الحوار العام التي ترحب بمجموعة متنوعة من وجهات النظر، بما في ذلك تلك التي تختلف عن وجهات نظرنا “. البحث هنا يدور حول “فهم وقناعات” الطلاب الجامعيين لهذا التعديل الأول، ونظرتهم لبعض الممارسات العامة والآراء المتضادة وكيفية التعامل معها. الاستطلاع له أهمية كبيرة لأنه يستكشف البيئة الجامعية الأمريكية والتحولات الفكرية فيها، والمعتاد أن تكون مثل هذه البيئات هي الطليعة المغيرة والمعبرة عن مستقبل أي أمة.

بين يدي الاستطلاع

تعتبر أراء الطلاب الجامعيين الأمريكيين حول تعديل المادة الأولى في الدستور ذات أهمية عميقة لعدة أسباب. أولا: لأن الجامعات والكليات هي الأماكن التي يجب أن يزدهر بها النقاش الفكري. ولن يحدث ذلك إلا إذا كان حرم الجامعات أماكن يتم فيها عرض وجهات النظر المختلفة، وحيث يتم احترام تعديل المادة الأولى في الدستور ليس فقط من الناحية النظرية بل أيضا من الناحية العملية. ثانيا: أن ما يحدث في حرم الجامعات غالبا ما ينبئ على نطاق أوسع بالاتجاهات الاجتماعية القادمة، فطلاب اليوم هم محاميو ومعلمو وأساتذة وواضعو السياسات ومشرعو وقضاة الغد. فمثلا إذا اعتقدت نسبة كبيرة من طلاب الجامعات، حتى لو بشكل غير صحيح أن الخطب الهجومية غير محمية من قبل التعديل الأول في الدستور، فإن ذلك سيؤثر على القرارات التي سيتخذونها أثناء تنقلهم في المناصب السلطوية في حياتهم المهنية لاحقا.

وثالثا: يعد رأي الطلاب حول تعديل المادة الأولى في الدستور مهما لسبب آخر وهو أنهم يعملون فعليا كوسطاء للتعبير الحر في الحرم الجامعي، حيث لا يقف قضاة المحكمة العليا عند مداخل قاعات المحاضرات في الجامعة للتدخل إذا تم إهمال حقوق التعديل الأول. الطلاب أنفسهم هم المسئولون عن التطبيق الفعلي والواقعي للتعديل الأول للدستور داخل الجامعات، فإذا اعتقدت نسبة كبيرة من الطلاب أنه يجب إسكات الآراء التي يجدونها هجومية، سيتم بالفعل إسكات هذه الآراء.

لشرح قضية التعديل الأول في حرم الجامعات تم إجراء هذا الاستطلاع خلال النصف الثاني من أغسطس ٢٠١٧، وشمل هذا الاستطلاع القومي ١٥٠٠ طالبا جامعيا في كليات وجامعات الولايات المتحدة التي تبلغ سنواتها الدراسية أربع سنوات.

كانت عينة الاستطلاع متنوعة جغرافيا فقد كان المشتركون من ٤٩ ولاية بالإضافة إلى منطقة كولومبيا. يخطط مركز روكينجز لنشر تحليل مفصل لتلك النتائج في بحث أكاديمي، ولكن نظرا إلى التأخير الزمني الطويل المرتبط بالنشر الأكاديمي، وأهمية الموضوع في هذا التوقيت، فرأى المركز أنه من المهم عرض بعض مفاتيح نتائج الاستطلاع على الرأي العام فورا.

تثبت نتائج الاستطلاع مع البيانات ما كان واضحا لأي شخص يراقب التغييرات في الحرم الجامعي في السنوات الأخيرة وهو أن حرية التعبير معرضة للخطر في الجامعات في الولايات المتحدة. ففي الواقع وبالرغم من الاحتجاجات ضد الاتجاه المعاكس (بمقولات مثل “نحن ندعم التعديل الأول تماما ولكن…”) من الواضح أن حرية التعبير ليست متاحة في العديد من الجامعات، بما في ذلك العديد من الجامعات العامة الملتزمة بالتعديل الأول.

من المفيد أن نتذكر بعض الأشياء بخصوص تعديل المادة الأولى في الدستور في ضوء بعض أحكام سابقة للمحكمة العليا قبل الوصول إلى تفاصيل النتائج.

يعتبر التعديل الأول واسعا جدا، ولكن هناك بعض الاستثناءات. فبناء على قرار براندنبرج ضد أوهايو عام ١٩٦٩ الذي أعلنت فيه المحكمة أن الحكومة لا تستطيع معاقبة خطاب التهديد إلا إذا كان هذا الخطاب “موجها إلى التحريض على أو على وشك القيام بنشاط (بفعل) غير شرعي ويحتمل أن يحرض على أو يقوم بمثل هذا النشاط” ففي هذه الحالة يكون الخطاب خارج حماية تعديل الدستور الأول. كما أن “التهديدات الحقيقية” أيضا غير محمية (انظر إلى قرار واتس ضد الولايات المتحدة عام ١٩٦٩ وانظر أيضا إلى حكم فيرجينيا ضد بلاك عام ٢٠٠٣). هناك استثناءات أخرى أيضا فمثلا يمكن أن تقع البذاءة خارج نطاق حماية تعديل المادة الأولى في الدستور.

وبعد تقديم هذه الخلفية، إليكم بعض نتائج الاستطلاع الرئيسية:

 

 

خطاب الكراهية

على الرغم من أن “خطاب الكراهية” قبيح ومكروه ولكن طالما أنه يبتعد عن الاستثناءات الراسخة في التعديل الأول، فهو محمي دستوريا. ومع ذلك توضح نتائج الاستطلاع أن كثيرا من الطلاب الجامعيين يظنون ان خطاب الكراهية غير محمي.

فيما يلي أحد الأسئلة المطروحة في الاستبيان، مع تقديم النتائج في كلا المجموعتين (في العمود المسمى “الكل”)، وكذلك الانتماء السياسي وفئة الكلية / الجامعة (عامة أو خاصة) والجنس.

سؤال الاستطلاع: هل يحمي التعديل الأول “خطاب الكراهية”؟

الجنس نوع الجامعة الانتماء السياسي    
ذكر أنثى خاصة حكومية مستقل جمهوري ديمقراطي كل
٥١ ٣١ ٤٣ ٣٨ ٤٠ ٤٤ ٣٩ ٣٩ نعم
٣٨ ٤٩ ٤٤ ٤٤ ٤٤ ٣٩ ٤١ ٤٤ لا
١١ ٢١ ١٣ ١٧ ١٧ ١٧ ١٥ ١٦ لا أعلم

تحدد القيم في الجدول الاستجابات حسب النسبة المئوية، المرجحة لنوع الجنس. يتم تقريب النسب المئوية إلى رقمين عشريين، لذلك في بعض الحالات لن يكون الإجمالي 100 بالضبط (لمزيد من التفاصيل بخصوص الاستطلاع، راجع الشرح في نهاية هذه القراءة).

ما يجب أن نلاحظه من هذه البيانات أنه عبر جميع الانتماءات السياسية الثلاثة المكتوبة في الجدول، أشار أقل من نصف المشاركين إلى الاعتقاد بأن خطاب الكراهية محمي دستوريًا. كما أنه ملاحظ أيضا الاختلاف الكبير بين الجنسين في الإجابات. هذا يعني ببساطة أن أكثر من نصف الطلاب الجامعيين عندهم تصور خاطئ عن موقف الدستور (في مادته الأولى) من خطاب الكراهية، ولا يدركون أنه خطاب محمي دستوريا عدا بعض الاستثناءات القليلة المشار إليها سابقا.

المتحدثون المثيرون للجدل

تتمثل إحدى طرق البحث عن التسامح في الخطب المهينة، استكشاف وجهات النظر حول الإجراءات التي يعتبرها الطلاب مسموحا بها لمنع تلك الخطب من الحدوث. يقوم السؤالان القادمان على هذا السيناريو:

قامت احدى الجامعات الحكومية بدعوة أحد المتحدثين المثيرين للجدل إلى حضور مناسبة في الحرم الجامعي. كان هذا المتحدث معروفا بكلامه العدواني وألفاظه المؤذية.

وشمل الاستطلاع مجموعة من الأسئلة التي تدرس آراء الطلاب بخصوص التصرفات التي تهدف إلى تعطيل الخطاب، منها سؤال الاستطلاع التالي:

قامت مجموعة من الطلاب المعارضين للمتحدث بالتشويش على الخطاب من خلال أصواتهم المرتفعة وصراخهم المستمر حيث لا يستطيع الحضور سماع المتحدث. هل توافق على هذا التصرف وتراه مقبولا أم لا؟

نتيجة الاستطلاع:  

الجنس نوع الجامعة الانتماء السياسي    
ذكر أنثى خاصة حكومية مستقل جمهوري ديمقراطي كل
٥٧ ٤٧ ٥١ ٥١ ٤٥ ٣٩ ٦٢ ٥١ أوافق
٤٣ ٥٣ ٤٩ ٤٩ ٥٥ ٦١ ٣٨ ٤٩ لا أوافق

توضح الإجابات على السؤال المطروح اختلافا واضحا بين الانتماءات السياسية، حيث وافق ٦٢٪ من الديمقراطيين و ٣٩٪ “فقط” من الجمهوريين على هذا التصرف واعتبروه مقبولا لإسكات المتحدث.

بشكل عام سيرى كثير من السياسيين أن الأرقام المذكورة في الجدول السابق مقلقة للغاية حيث توضح أن شريحة كبيرة من الطلاب من كل الفئات تقبل بإسكات أي متحدث يرون خطابه مهينا عن طريق الصراخ والتشويش المنفعل.

وهناك ما هو أسوأ كما في سؤال الاستطلاع التالي:

مجموعة من الطلاب المعارضين للمتحدث تستخدم العنف لمنع المتحدث من الكلام. هل توافق أم لا على هذا التصرف؟ 

نتيجة الاستطلاع:  

الجنس نوع الجامعة الانتماء السياسي    
ذكر أنثى خاصة حكومية مستقل جمهوري ديمقراطي كل
٣٠ ١٠ ٢١ ١٨ ١٦ ٢٢ ٢٠ ١٩ أوافق
٧٠ ٩٠ ٧٩ ٨٢ ٨٤ ٧٨ ٨٠ ٨١ لا أوافق

هذه النتائج جديرة بالملاحظة لعدة أسباب. أولا أن الشريحة الطلابية التي ترى أن استخدام العنف مقبولا تعتبر مرتفعة جدا. بينما تعتبر النسبة المئوية للمراهقين والشباب منخفضة مقارنة بما يمكن أن نتوقعه منهم، فمن المهم أن نتذكر أن هذا السؤال عن قبول استخدام العنف لوقف الخطاب. فأي رقم أعلى من الصفر بكثير يعتبر مهما. كما يُلاحظ أيضا الاختلاف بين الجنسين، فالرجال أكثر ميلا (٣٠٪) لقبول استخدام العنف لإسكات خطاب معارض من النساء (١٠٪)..

هل يتطلب تعديل المادة الأولى في الدستور تقديم الرأي والرأي الأخر؟ بالتأكيد لا يتطلب. ولكن كما وضحت إجابات الطلاب على سؤال هذا الموضوع، يعتقد عدد كبير من الطلاب أنه بناء على تعديل المادة الأولى في الدستور يتطلب قانونيا تقديم وجهات نظر مضادة للآراء الهجومية في المناسبات في الحرم الجامعي.

هنا يأتي السؤال والأجوبة:

تخيل أنه تم استضافة حدث في حرم جامعة حكومية أمريكية من قبل إدارة الجامعة، يشمل متحدثا يعتبر العديد من الطلاب كلامه مسيئا وعدوانيا. تقوم مجموعة من الطلاب المعارضين للمتحدث بإصدار بيان ينص على أنه بناء على تعديل المادة الأولى في الدستور أن الإدارة داخل الحرم الجامعي التي تستضيف الحدث مطالبة قانونيا أن يشمل ذلك الحدث إلى جانب المتحدث الهجومي متحدثا اخر يقوم بتقديم وجهة نظر معارضة. هل تتفق مع رأي هذه المجموعة أم تعارضه؟     

نتيجة الاستطلاع:  

الجنس نوع الجامعة الانتماء السياسي    
ذكر أنثى خاصة حكومية مستقل جمهوري ديمقراطي كل
٦٦ ٦٠ ٦٠ ٦٣ ٥٨ ٦٢ ٦٥ ٦٢ أوافق
٣٤ ٤٠ ٤٠ ٣٧ ٤٢ ٣٨ ٣٥ ٣٨ لا أوافق

من جميع الفئات في الجدول أعربت أغلبية الطلاب عن موافقتهم على التأكيد بأنه في السيناريو المعروض، يتطلب الامتثال لتعديل المادة الأولى في الدستور تقديم الرأي المعارض. ويوضح ذلك سوء فهم واضح حيث لا يحتوي التعديل بالتأكيد على هذا المطلب.

يبدو أن العديد من المشاركين يخلطون بين تخطيط الحدث الجيد – والذي يمكن تحت ظروف معينة الاستفادة من عرض وجهات النظر المعارضة – مع قضية مختلفة تماما عن مدى الالتزام بمتطلبات تعديل المادة الأولى في الدستور.

ما هي البيئة التعليمية التي يجب أن ينشأ فيها الطلاب الجامعيون؟

أحد الأسئلة التي وُجهَت للطلاب في الاستطلاع أن يختاروا بين نوعين من أنواع البيئات التعليمية (ملحوظة: تم طرح هذا السؤال في استطلاع جالوب ومؤسسة نايت عام ٢٠١٦):

إذا كنت ستختار بين أحد الاختيارات التالية، أي واحد تظن أنه أكثر أهمية للكليات؟

 

الاختيار رقم ١: خلق بيئة تعليمية إيجابية لكافة الطلاب من خلال منع بعض الكلام أو التعبير عن وجهات نظر مسيئة أو متحيزة ضد مجموعات معينة من الناس

الاختيار رقم ٢: خلق بيئة تعليمية منفتحة حيث يتعرض الطلاب لجميع أنواع الخطب ووجهات النظر، حتى لو كان هذه يعني السماح بالكلام المسيء أو المتحيز ضد فئات من الناس؟

نتيجة الاستطلاع:

الجنس نوع الجامعة الانتماء السياسي    
ذكر أنثى خاصة حكومية مستقل جمهوري ديمقراطي كل
٥٥ ٥٢ ٥٤ ٥٣ ٤٥ ٤٧ ٦١ ٥٣ اختيار رقم ١
٤٥ ٤٨ ٤٦ ٤٧ ٥٥ ٥٣ ٣٩ ٤٧ اختيار رقم ٢

ومن المثير للاهتمام (بل محبط من وجه نظر المؤلف فلاسينور) أن في المجمل وعبر كل الفئات يبدو أن أغلبية الطلاب يفضلون البيئة التي يتوقع من مؤسساتهم خلق بيئة تحميهم من الآراء الهجومية (العدوانية). يوجد بعض الاستثناءات بين الجمهوريين والمستقلين، على الرغم من أن حوالي نصف الطلاب التابعين لهذه الفئات يميلون أيضا إلى البيئات الأكثر حماية.

بعض الدروس المستفادة

كما وضحت النتائج السابقة هناك اختلاف واضح بين العديد من طلاب الجامعات الحاليين في النطاق الفعلي والمفهوم لحريات تعديل المادة الأولى في الدستور. وبشكل محدد أكثر بخصوص الأسئلة المطروحة فإن العديد من الطلاب لديهم رؤية ضيقة للغاية لمدى ومجال حرية التعبير. فمثلا هناك نسبة مئوية كبيرة من الطلاب لديهم اعتقاد بأن خطاب الكراهية لا ينبغي حمايته. بالإضافة إلى أن هناك شريحة كبيرة من الطلاب تعتقد أنه من المقبول التصرف – ولو باستخدام العنف –  لوقف أي تعبير يرونه مسيئا. كما يبدو أن أغلبية الطلاب يريدون تلك البيئة التي لا تعرضهم لمواجهة الآراء التي يرونها عدوانية أو مهينة.

ما الذي يمكن أن يترتب على مثل هذا الاستطلاع؟

أنقل هنا كلام المؤلف (البروفيسور فلاسينور) في قوله:

“ماذا يمكن أن نفعل بعد الوصول لهذه النتائج؟ أولا، أعتقد أن أعضاء هيئة التدريس والإداريين بالكلية يتحملون مسؤولية كبيرة للقيام بعمل أفضل في تعزيز حرية التعبير داخل حرمهم الجامعي. ولتحقيق ذلك سيصبح الأمر تحديا. فأتوقع أنه إذا تم طرح أسئلة الاستطلاع على أعضاء هيئة التدريس والمديرين في الجامعة ستكون النتائج مشابهة لنتائج الطلاب المذكورة أعلاه. ولذلك آمل أن تساعد هذه النتائج في حث أعضاء التدريس ومديري الجامعة على التفكير في أهمية خلق بيئة داخل الحرم الجامعي يقوم فيها الطلاب بالتعرض لمدى واسع من وجهات النظر المختلفة تشمل آراء ربما يعتبرها الطلاب غير مقبولة.

وبشكل أساسي أعتقد أن هناك اهتمام غير كافي بتعديل المادة الأولى في الدستور وكذلك بالمبادئ الدستورية عامة في المدارس الثانوية.  فمثلا يتم تعليم معظم طلاب الإعدادي والثانوي قانون حقوق الفرد. ولكن تتلقى قلة قليلة منهم تعليما مهما حول كيفية صياغة قرارات المحكمة العليا للتفسيرات المعاصرة لتعديلات المادة الأولى في الدستور (أو غيرها).

ليس من الضروري أن نجعل طلاب الإعدادي والثانوي خبراء في القانون الدستوري، ولكن يمكن أن نعطيهم شرحا مفصلا لمجال تعديل المادة الأولى في الدستور وحقيقة أنه يحمي التعبير حتى عن الآراء المعادية أو المهينة. كما آمل أن نتمكن من القيام بعمل أفضل في إقناع طلاب الجامعات الحاليين والمستقبليين بأن أفضل طريقة للرد على الكلام الهجومي هي النقاش الجاد، أو الاحتجاج السلمي – وليس بالعنف كما يعتقد الكثيرون”.

أما فيما يعنينا – نحن العرب – فهنا نقطتان جوهريتان نحتاجهما بشكل مُلح:

الأولى: أن الأمم الحريصة على نهضتها وتقدمها تولي عناية خاصة برعاية شبابها والاهتمام بوعيه وفعاليته وإدماجه في قضايا بلده والإصغاء لتطلعاته ورؤيته، وأن هذا كله يتطلب بيئة مفتوحة لكل الآراء ووجهات النظر مهما بدا بعضها شاذا أو متطرفا أو معاديا، فإن بيئات الحوار الجاد كفيلة بهضم هذه الاختلافات والاستفادة من هذا التنوع لصياغة تيار من الرأي العام الوطني.

الثانية: أن من رعاية الشباب الانتباه مبكرا إلى أي مؤشرات انحراف أو أخطار فكرية تتهدد العقل الجمعي للشباب، ومن ثم بحثها ومناقشة سبل التعامل معها. وهذا بالضبط موضوع هذا البحث وقد نشأت فكرته مما لاحظه مراقبون بانخفاض سقف حرية الحوار داخل الجامعات فأجروا هذا الاستطلاع ليتبينوا مواضع الخلل وأسباب الظاهرة وتفاصيلها حتى يسهل إيجاد الحلول لها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه معلومات مفصلة أكثر بخصوص الاستطلاع:

تم القيام باستطلاع الويب لـ ١٥٠٠ طالب جامعي في كليات وجامعات الولايات المتحدة في الفترة من ١٧ إلى ٣١ أغسطس عام ٢٠١٧. وتم دعم هذا الاستطلاع ماديا من قبل مؤسسة تشارلز كوخ إلى جامعة كاليفورنيا.  لقد قام المؤلف بصياغة (= بتصميم) أسئلة الاستطلاع ثم رتب اتفاقية من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس مع إحدى شركات جمع البيانات. بعد ذلك قام المؤلف بتحليل البيانات بما فيها أوزانها النسبية.

وقد تم ترجيح نتائج دراسة الاستطلاع المعروضة هنا بالنسبة لنوع الجنس لضبط التقسيم بين الجنسين بنسبة ٥٧٪ / ٤٣٪ المذكورة بين طلاب الجامعات، وعلى الناحية الأخرى تم تحديد ٧٠٪ (١٠٤٠ من ١٥٠٠) من المشتركين في الاستطلاع بأنهم من الإناث. كانت النسب المئوية المذكورة في جداول هذا المقال باستثناء النسب المئوية في الأعمدة الخاصة بالجنس (أقصى اليسار) من الجداول هي موضوع الأوزان النسبية بخصوص الجنس.

فمن بين ١٥٠٠ مشتركا تم تحديد ٦٩٧ من الديمقراطيين و٢٦١ من الجمهوريين و٤٣١ من المستقلين. كما أنه هناك ١١١ مشتركا عندما طُلب منهم تحديد انتمائهم السياسي كانت اجابتهم “لا أعلم”. ومن بين ١٥٠٠ مشتركا (متجاوبا) هناك ١١١٦ طالب في المؤسسات العامة بينما ٣٨٤ طالب في المؤسسات الخاصة. هذا التقسيم للعام/الخاص بنسبة ٧٤٪/٣٦٪ بين المتجاوبين (المشتركين) يعكس تقريبا الانقسام بين الطلاب الجامعيين من السكان. لدرجة أن إحصاءات المشتركين في الاستطلاع (بعد الترجيح لنوع الجنس) تمثل بشكل احتمالي تعداد السكان الطلاب الجامعيين بشكل أوسع في الولايات المتحدة، فمن الممكن أن يكون هناك نسبة خطأ في الجداول المذكورة.

يمكن التأكيد وبنسبة ٩٥٪  أن هامش الخطأ يتراوح تقريبا بين ٢٪ و٦٪ ويعد هامش الخطأ بنسبة أصغر في الفئات التي لديها أعداد أكبر من المشتركين (مثل فئة “الكل” في الجداول التي تشمل ١٥٠٠ مشتركا) بينما يعد هامش الخطأ بنسبة أكبر في الفئات التي تشمل أعدادا أصغر للمشتركين (مثل الجمهوريين).

كان الاستطلاع محصورا على الطلاب الذين أشاروا أنهم مواطنون أمريكيون، وكان تعليل مؤلف البحث لهذا قوله (هذا أمر مهم لأنه لا يمكن أن نتوقع من القادمين إلى الولايات المتحدة مؤخرا أن يكون لديهم فهم كامل لتعديل المادة الأولى في الدستور كالمواطنين الأمريكيين).

زر الذهاب إلى الأعلى