اختطاف الإسلامملفـات

المؤسسات الإسلامية ومساعي التطويع

مدخل.. بواعث التطويع

تسود العلاقة بين عالِم الدين من جانب والسلطة من جانب آخر توتراتٌ وتغيراتٌ في الملامح من وقت إلى آخر، ومن مكان إلى غيره، فأحياناً تتسم بالندية، وأحياناً تتصف بالتابعية، وبما أن “الدين” قيمة تحظى باحترام أغلبية البشر، وبالتالي من يمثلونه من علماء ودعاة ومؤسسات؛ فقد حرصت جهات مختلفة ذات مآرب متباينة على تطويع القائمين عليه لتحقيق أجنداتها من خلالهم، وقد زاد هذا الحرص في حالة المجتمعات الإسلامية في الواقع المعاصر، حيث يتفشى الاستبداد في الحكم ومحاولات امتلاك السلطة -ترسيخاً لمركزية الدولة الحديثة- لأدوات القوة المختلفة، وفي القلب منها المؤسسات الدينية بشكل عام والإسلامية خاصةً، ومع تحول النظام العالمي إلى نظام ذي قطب واحد له أذرعه المختلفة ومصالحه المتشابكة مع القوى الإقليمية والمحلية، أخذت محاولات التطويع بُعداً إقليمياً ودولياً خاصة مع المؤسسات التي لها تأثير على العالم الإسلامي جميعه.

إن الوجود الاجتماعي للدين يكون إما في صورة جماعات أو أفراد يمارسون الدعوة الإسلامية، أو في شكل مؤسسة رسمية، والمتتبع لوجود المؤسسات الدينية الرسمية يجد أنها بدأت في صورة مسجد أو مدرسة أو تجمع علمي يمارس أنشطة دينية ويبث رسالة دينية ودعوية، ثم تطورت العلاقة بينها وبين السلطة، وغالباً ما كانت تبدأ في شكل علاقة دعم خيري وإنفاق على نشر الدعوة الإسلامية وتعليم المسلمين تعاليم الدين، وتنتهي بإحكام القبضة من السلطة على المؤسسة لتصبح “رسمية” لها قوانين وتشريعات غالباً ما تتدخل فيها الدولة، وقليل من المؤسسات قد فلتت من قبضة السلطة.

تتبوأ المؤسسات الدينية الإسلامية مكانة مركزية ومحورية داخل مجتمعات العالم الإسلامي، مكانة استمدتها من كون الدين الإسلامي يحمل منظوراً خاصاً ومبادئ كلية لكافة مجالات الحياة، وليس مجرد مجموعة من الشعائر التعبدية أو المواعظ الأخلاقية المحضة، وإنما يقدم رؤية اجتماعية واقتصادية وسياسية وأخلاقية، وغير ذلك، على عكس المؤسسات الدينية في المجتمعات الغربية على سبيل المثال، والتي تعاني من التهميش والانعزال، فمركزيتها داخل المجتمع في أدنى السلم الاجتماعي، لفشل تجربة هيمنة الكنيسة في العصور الوسطى وما خلفته من آثار كارثية انعكست على رفض المجتمعات لأي تدخل ديني في شؤون الحياة، ولأن الدين المسيحي عبارة عن شريعة روحية أكثر منها منظمة لكافة مجالات الحياة من زاوية المبادئ الكلية والقواعد العامة.

وتنبع أهمية المؤسسات الإسلامية أيضاً من الوظائف التي تؤديها، والتي من بينها: تنشئة الفرد من ناحية الاعتقاد والوعي؛ فهي المعنية بنشر الثقافة الدينية وتنمية الوعي الديني، وبثها لروح التضامن والرباط الاجتماعي، وبالتالي تنمية المجتمع وتطويره ومساعدته في استقراره من خلال ضبط وتنظيم سلوكات أفراده، إضافة إلى تأديتها دوراً كبيراً في التصدي لمحاولات “الغزو الفكري” للأمة الإسلامية والحفاظ على العقيدة الإسلامية والشريعة من محاولات التغيير والتعديل أو بمعنى أصح “التحريف” التي طالت وتطول الأديان المختلفة سواء من مخالفيها أو من بعض الحكام سعياً لتنحية ما يعارض ممارسات الحكم، وكما تصد المؤسسات الدينية الغزو الفكري فهي أيضاً تصد الغزو الخارجي بفضل ما تقوم به من إبقاء روح المقاومة والجهاد حية في الأمة وحاضرة، مما يجعلها عصية على أي هيمنة، عسكرية كانت أو اقتصادية أو سياسية.

ومن إدراك مدى أهمية المؤسسات الإسلامية تُبرر مساعي تطويعها واختطافها من قِبل الأطراف المختلفة، فهي جزء مهم من أجزاء القوة، وعامل مهم يسعى في اكتسابه إلى صفه العديد من الجهات.

أولاً: المؤسسات الإسلامية والعلاقة بالسلطة

المؤسسات الإسلامية: هي المؤسسات التي تُعنى بالدعوة الإسلامية وما يتعلق بها، وهي نوعان: رسمية، وتشير إلى المؤسسات التي تتبنّاها الدولة بشكل رسمي، وعادة ما يكون هذا النوع من المؤسسات الكبيرة ذات التأثير الواسع، كالأزهر الشريف في مصر، والمؤسسة الدينية في السعودية، والمؤسسة الدينية في المغرب، وهكذا، والنوع الثاني: المؤسسات غير الرسمية من الجماعات والجمعيات الإسلامية الأهلية، والتي تعتمد على الدعم الذاتي غالباً.

بعد انتهاء فترة الحكم الراشدي وظهور الملك العضوض، تراوحت العلاقة بين علماء الدين والسلطة بين صورتين، صورة الطاعة المطلقة والمديح الذي أحياناً ما كان يتخذ بُعداً دينياً كالاستشهاد بأحاديث موضوعة تؤكد فضل بعض الأمراء[1]، وبين الانعزال وإنكار منكرات السلطة، كما في حالة الإمام أبي حنيفة ومالك وسفيان الثوري، وصدرت عن هذا الفريق ومدرسته آراء من قبيل عدم نقل الأحاديث عن الرواة الذين يدخلون على السلاطين، وصدرت عنهم كتب النهي عن الدخول على السلاطين، ووضعوا ضوابط محددة للدخول على السلاطين وشروطاً أبرزها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان اتجاه العلماء الغالب هو هذا النوع الأخير؛ فدأب العلماء على أن يكون لهم سلطة روحية واستقلال وهيبة ومكانة كبيرة في المجتمع تُقارب مكانة السلاطين، وساعد على ذلك أن السلاطين في هذا الزمن المتقدم كانوا يكنّون في المجمل الاحترام والتقدير لدور العلماء الديني والمجتمعي، ولم يعملوا في الغالب على تحويلهم إلى بوق يتحدث باسم السلطة.

وظل هذان التوجهان موجودين في الأمة، حتى غلب التوجه الأول الموالي للسلطة والمتحدث باسمها، مع مرور الزمان وتراجُع حالة التدين بصورة عامة، مع بقاء صور مشرفة من العلاقة الندية تظهر من حين إلى آخر في صورة مؤسسة أو تيار أو فرد.

بعد 11 سبتمبر عام  2001م، دأبت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أساسي على طرح أطروحة أن “المتطرفين خطفوا الدين وأن على أهل الاعتدال أن يستعيدوا الدين من خاطفيه”. وجاء وزير الخارجية الأميركي ليقول من القاهرة إن المؤسسة الدينية المصرية (الأزهر) تقع في طليعة الاعتدال، ويكون عليها أن تتحرك، وقد حدث مثل ذلك في السعودية ودول عربية أخرى[2].

ففي الحالة المصرية على سبيل المثال، بعد انقلاب 3 يوليو العسكري، زادت في دوائر الإعلام الدعوة إلى “تجديد الخطاب”، وقد ظهرت هذه الدعوة من قبل في مصر، خاصة في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات وحسني مبارك، لكنها زادنت كثافة حالياً؛ ففي إحدى احتفاليات المولد النبوي الشريف قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موجهاً كلامه إلى شيخ الأزهر وإلى وزير الأوقاف والمفتي، إن عليهم أن يضعوا برنامجا لخطاب جديد “يحول دون استغلال الدين، ويجلو وجه الإسلام الوضاء”. وقد طالب ملك السعودية السابق عبد الله بن عبد العزيز المؤسسة الدينية “بالخروج من الغفلة والتكاسل”. وبالفعل فإن سائر الجهات الدينية والثقافية راحت تنظم ندوات ومؤتمرات لمواجهة “التطرف”، وكان أبرز المساعي في ذلك المؤتمر الكبير الذي أقامه الأزهر بين 2 و4 نوفمبر عام 2014، وحضره شخصيات ذو ثقل  مسلمون ومسيحيون، وفي المضامين كان هناك محور في “تحرير المفاهيم وتصحيحها”.

ولكن بدا أن مصطلح “التطرف” قد توسع بصورة كبيرة لتدخل فيه ممارسات شرعية وعقائد راسخة مستقرة لدى علماء المسلمين في مختلف المذاهب الفقهية حول الخلافة والسياسة والحكم بما أنزل الله والشريعة المطهرة وقضايا الكفر والإيمان ومسائل الولاء والبراء وغير ذلك.

ثانياً: أهداف الاختطاف

بالنظر إلى محاولات اختطاف المؤسسات الإسلامية في الدول الإسلامية المختلفة، نجد أن وراءها عدة أهداف، نذكر منها ما يلي:

1– ترسيخ الحكم الاستبدادي

يحتاج الحكام المستبدون كل أداة من شأنها أن ترسخ حكمهم أكثر وتضفي عليهم الشرعية، وللدين الإسلامي قوة دافعة في إرساء دعائم الحكم الراشد القائم على العدل والشورى والحرية، فيخاطب المسلمين بإقامة تلك المبادئ من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية، الأمر الذي يضع المؤسسات الإسلامية وعلماء الدين بطبيعة الحال في مواجهة مع الاستبداد وما ينتج عنه من ممارسات خاطئة، مواجهة منطلقة من تنزيل المبادئ والتعاليم الإسلامية على الواقع المعيش في ظل ما يأمر به الإسلام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بنصوص قاطعة وواضحة، وما يرتبه من أجر وثواب على أمْر الحكام بالمعروف ونهيهم عن المنكر بصورة خاصة[3].

لذلك حرص الحكام على تطويع المؤسسات الإسلامية لتحييدها وضمان ولائها، حتى لا تقوم بواجبها الديني بإزاء الاستبداد، المتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإشاعة ذلك في المجتمع، مما يهدد عروشهم الاستبداد ويؤلب الشعوب على حكامه، بعكس إذا عملت تلك المؤسسات على التصديق على سياسات السلطة وتبرير أفعالها والترويج لشرعيتها في أوساط الجماهير.

2- تقزيم الأمة حضارياً

علماء الدين الإسلامي ومؤسساته هم في الحقيقة من أهم طلائع التغيير واستعادة السيادة الحضارية، في حالة قيامهم بالأمر على وجهه، إذ يحملون المبادئ الإسلامية والمنهج القرآني وهداياته ويُنتظر منهم استنهاض الأمة ويناط بهم العمل على إفاقتها من غفلتها، بنشر الوعي بدور الأمة في تغيير وجه العالم من وضعه المزري الحالي بما تسيطر عليه من مذاهب مادية جافة ترسخ الصراعات والحروب وتؤصل لسياسات مدمرة للبشرية ككل على المدى البعيد، ومن سياسات اقتصادية تقوم على الجشع والفردية والقسوة على الفقراء، وتوسيع الهُوة بين بني آدم وتُقسمهم إلى أسيادٍ قلة، وعبيدٍ كثرة، وسياسات أخلاقية تطلق العنان للفرد لإشباع الملذات الفردية حتى لو أثرت على البشرية جمعاء؛ كما في إباحة الشذوذ الجنسي وتقنينه، بغض النظر عما يؤدي إليه من قطع للنسل، في ظل احتياج البشرية إليه لتعمير الأرض وإصلاحها وبغض النظر عن التهديد الذي يواجه “بقاء الإنسان”، ومن سياسات مع الدول المختلفة تقوم على الفوقية والابتزاز والهيمنة والاستيلاء على مقدرات الشعوب واستعباد شعوب ما يسمونهم “دول العالم الثالث”.

وغير ذلك من السياسات التي تسود النظام العالمي الجديد الذي يعمل بأدواته المختلفة من إعلام واقتصاد وقوة عسكرية على تقزيم الدور الإسلامي الإحيائي للمؤسسات الإسلامية واختطافها وتطويعها لإثنائها عن العمل على استنهاض المسلمين من ركودهم لاستعادة ريادة حضارتهم التي أضحت كما يثبت الواقع أنها صاحبة المشروع الأهم القادر على الحفاظ على بقاء الإنسان وفطرته، وعلى عالم متوازن وعادل ومتراحم.

3- إماتة روح المقاومة

تمثل المؤسسات الإسلامية رافداً مهماً لبقاء جذوة المقاومة والجهاد بمعنيهما الشاملين حية في الأمة، بما تحمله تلك الروح من ضمانة لبقاء الأمة قوية وعصية على الهيمنة، فالمؤسسات الإسلامية لديها القدرة على حث الشعوب على الدفاع عن دينها وحضارتها ومقدراتها، وقد اكتسبت تلك القدرة من احترام الناس لها كونها تحمل الرسالة وتقوم على تبليغها، تلك الرسالة التي تحث على إعداد القوة وبذل الغالي والنفيس من النفس والمال فداء للأمة واستقلالها.

إن روح المقاومة تكفل للأمة الاستقلال الفكري بما توجده من حالة استنفارية تدفع مفكري الأمة وعلماءها ليجاهدوا بأقلامهم وكلماتهم وكل ما يقدرون عليها؛ للحفاظ على التعاليم الإسلامية نقية وبعيدة عن التحريف والتجريف، وتكفل أيضاً الاستعداد المستمر لفداء أوطان هذه الأمة بالنفس والمال بإزاء أي محاولة لتركيعها واحتلالها أو سرقة مقدراتها، لذلك كانت إماتة روح المقاومة من أهداف محاولات اختطاف المؤسسات الإسلامية وتطويعها.

وكان من نتائج ذلك وجود مؤسسات صامتة عن الاعتداءات التي تحدث بحق شعوب الأمة، أو متحدثة لكن باستحياء لحفظ ماء الوجه، سواء كانت هذه الاعتداءات عسكرية أو حقوقية أو اقتصادية أو سياسية.

ثالثاً: القوى والجهات الفاعلة

تتنوع القوى وتتداخل الجهات التي تحاول اختطاف وتطويع المؤسسات الإسلامية، ما بين أنظمة محلية وقوى إقليمية، في علاقة تشابكت فيها المصالح تشابكاً قوياً فيما يبدو، فالنظام المحلي يريد مؤسسات دينية تدعم قراراته بالإفتاء بأنها من صميم الدين، وتُثبت حُكمه بالثناء عليه وإضفاء الصفات الميزة عليه، وتحافظ على هدوء الشعب بأمره بالصبر وما يترتب عليه من جزيل الثواب، وتنهاه عن الثورة والاعتراض محذرة له من السير على خُطى الخوارج.

والقوى الإقليمية الحريصة على منع قيام ثورات أخرى بعد ثورات الربيع العربي التي رأت فيها تهديداً لعروشها في حال انتقال رياح الثورات إليها، تتدخل أيضاً لتطويع المؤسسات الدينية بإغداق المال عليها، وترميم مساجدها ومراكزها، “لدعم مسيرتها الدعوية” و”نشر رسالتها الوسطية”، وغير ذلك من الشعارات البراقة، كما تقوم به المؤسسة الخيرية العالمية، المسماة على اسم الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، للأعمال الإنسانية في مصر، من أعمال في مقدمتها إعادة تأهيل جامع الأزهر الشريف، وكذا مشيخة الأزهر الأثرية، وإنشاء قناة فضائية أزهرية، وتوسيع مدينة البعوث الإسلامية، وإنشاء عدد من المعاهد على مستوى محافظات الجمهورية، وتنظيم رحلات حج وعمرة موسمية، لأعضاء هيئة كبار العلماء، وأعداد كبيرة من شيوخ الأزهر، بما يشتمل على توفير تذاكر طيران سياحي، والإقامة داخل المملكة في فنادق مُميزة. ويتوازى مسار الدعم المالي، مع مسارات أخرى، ترعاها المملكة أيضًا، كتنظيم لقاءات واجتماعات مشتركة، بين شيوخ الأزهر والمسؤولين الرسميين بوزارة الأوقاف السعودية، وإطلاق مبادرات للأزهر، تتولى هي رعايتها بشكل غير مُباشر. وقد توسع دعم المملكة العربية للسعودية، لمؤسسة الأزهر بدءاً من الفترة الرئاسية الأولى للسيسي عام 2014، بشكل لافت للنظر، ما يطرح العديد من التساؤلات، حول فرص تحول هذا الدعم لسيطرة كاملة، من جانب السعودية على الأزهر، ومدى إمكانية تحول الأزهر إلى فاعل سياسي[4].

ولم تكن دولة الإمارات بعيدة عن جارتها الخليجية في هذا الأمر، فقد وقعت “مذكرة تفاهم” بين وزارة شؤون الرئاسة بالإمارات، والأزهر الشريف؛ لتمويل ودعم المشروعات والبرامج التي ينفذها الأزهر، بتكلفة إجمالية تبلغ 155 مليون درهم إماراتي، وبموجب المذكرة التي تأتي في إطار “التعاون العلمي والثقافي” بين الإمارات ومصر يأتي تمويل إنشاء مكتبة جديدة للأزهر الشريف “تليق بمكانته” وما تحويه مكتبته من نفائس المخطوطات، التي تبلغ 50 ألف مخطوطة، وكذلك المطبوعات على أحدث النظم المكتبية العالمية، بالإضافة إلى تجهيز تأمين مقتنيات المكتبة الحالية من خلال أحدث نظم المراقبة والتأمين الإلكترونية، كما تتضمن الاتفاقية تمويل مشروع سكن لطلاب الأزهر يتناسب واحتياجات النمو في أعداد الطلبة الدارسين في الأزهر الشريف[5].

والتركيز على الأزهر في محاولات الاختطاف يرجع إلى كونه يحتل مكانة مرموقة في التاريخ المصري، الوسيط والحديث، السياسي والاجتماعي والثقافي، فقد اضطلع بدور كبير في قيادة الحركة الوطنية المصرية في مواجهة قوى الاستبداد، والاستعمار، وكان رافداً أساسياً من روافدها، أمدّها بالعديد من رموزها، وعلاماتها البارزة، كما مثّل مركز إشعاع حضاري وثقافي، كان له أبرز الأثر في صياغة السمت الإسلامي، المعروف بوسطيته واعتداله، إلى جانب الدور الاجتماعي الذي لعبه الأزهر، بما كان لرجاله من نفوذٍ اجتماعي، جعلهم، في أحيان كثيرة، صوت المجتمع في مواجهة السلطة، ونقطة تجاذبٍ بين الطرفيْن.  وفي ثورة 25 يناير خرج الآلاف من شيوخ الأزهر ليطالبوا باستقلال الأزهر وتحقيق أهداف الثورة.

كما أنّه يُعدّ من أكبر أدوات القوة الناعمة لمصر، والتي تعرّضت مؤخراً لحالة من تدهور قدرتها، وتآكل فاعليتها، فيكفي أن الأزهر يضمّ طلبةً من أكثر من 80 دولة، تُرسل أبناءها للتعلّم في رحابه، كما يكفي أن ننظر إلى مظاهر الحفاوة والترحيب التي يحظى بها شيخ الأزهر في زياراته الخارجية[6].

رابعاً: مؤسسات إسلامية مختطفة.. الأزهر نموذجاً[7]

اتسمت علاقة الأزهر بالسلطة الحاكمة في مصر تاريخياً بحالة من الشد والجذب، منذ تأسيس المؤسسة الدينية العتيدة قبل أكثر من ألف عام، فمجموعة القواعد والقرارات التنظيمية لشؤون الجامع الأزهر ومعاهده، أوضحت مدى حرص السلطة السياسية على الهيمنة على شؤونها، لما لها من مكانة عالية بين الناس، وكذلك الحال  فيما يتعلق برؤوساء الطوائف الدينية الأخرى. ولقد أوجدت تلك القرارات أرضية من المصالح المشتركة بين الطرفين؛ فشيخ الأزهر يستمد نفوذه الإداري على العلماء من الحاكم، والحاكم يتعاون معه على إقرار النظام بين العلماء وتأكيد ولائهم للحاكم، أي أن أحدهما يستجيب لمطالب الآخر حسب مقتضى الحال.

ولم يكن للجامع الأزهر في بدايته رئاسة معينة؛ إذ كان يتولى إدارة شؤونه سلاطين مصر وأمراؤها شأن بقية المساجد، أما شؤونه الداخلية فيقوم بها مشايخ المذاهب الأربعة وشيوخ الأروقة، يعاونهم خطيب المسجد والمشرف ومعاونوه من العمال والخدم. بقي هذا الوضع متبعاً طيلة حكم الفاطميين والأيوبيين والمماليك البحرية، وفي عهد السلطان برقوق أول سلاطين المماليك البرجية وفي عام 1383م/784هـ عُين ناظر للأزهر، لينوب عن الحاكم في الإشراف على شؤون الأزهر مالياً وإدارياً ويعمل على تنفيذ تعليمات السلطان في ما يخص أهل الأزهر، وكان هذا الناظر يُختار من بين رجال الدولة من الأمراء والأغوات وتُعد رئاسته إدارية وليست علمية.

ومنذ نشأ منصب المشيخة لم تكن هناك قوانين توضح طريقة تعيين شيخ الأزهر وتحدد علاقته بالحاكم، وكانت العادة أن شيخ الأزهر لا يعزل من منصبه إلا بالموت، وظل هذا التقليد معمولاً به حتى عام 1871م، حين عزل الشيخ مصطفى العمروسي، ثم أصبح تعيين شيخ الأزهر بمقتضى القوانين التي يصدرها الحاكم نفسه، وكذلك بالنسبة للوظائف الفرعية الأخرى، مثل مشايخ المذاهب ومشايخ الملحقات والوكلاء بناء على ترشيح شيخ الأزهر نفسه.

وأثناء الإعداد لدستور 1923م أشار الملك أحمد فؤاد الأول على لجنة إعداد الدستور بالاحتفاظ بحق تعيين الرؤساء الدينيين فوضعت اللجنة فقرة بأن “ينظم القانون الطريقة التي يباشر بها الملك سلطته طبقاً للمبادئ المقررة بهذا الدستور، فيما يختص بالمعاهد الدينية وتعيين الرؤساء الدينيين …”. ثم وافق البرلمان على مشروع قانون في عهد حكومة عبد الخالق ثروت بأن يكون استعمال سلطة الملك في تعيين شيخ الأزهر بواسطة مجلس الوزراء، وأن يكون التعيين بأمر ملكي بناء على ما يعرضه رئيس مجلس الوزراء. ثم بإعلان النظام الجمهوري في مصر 18/6/1953 انتقل حق تعيين شيخ الأزهر إلى رئيس الجمهورية.

وكان قد أضيف تشريع عام 1945 بأن يكون التدريس بالجامعة مساوياً للتدريس في المعاهد الدينية من حيث شروط الترشح لمشيخة الجامع الأزهر، وكانت وراء هذا التعديل إرادة تعيين مصطفى عبد الرازق شيخاً للأزهر، الذي كان حينها يفتقد شروط وصلاحيات جماعة كبار العلماء. وهكذا كانت تُعدل القوانين وفق المصالح. ثم تقرر عدم اشتراط شيخ الأزهر من بين هيئة كبار العلماء، وفي هذا إلغاء لوجود هيئة كبار العلماء كقناة شرعية لمنصب المشيخة وإطلاق ليد السلطة الحاكمة في اختيار عناصر معينة لهذا المنصب، وغالباً ما تكون الشخصيات الطيّعة[8].

وقد توالت القرارات والتشريعات التي كان من شأنها أن أحكمت السلطة قبضتها على مؤسسة الأزهر، كإصدار قانون إعادة تنظيم الأزهر رقم 103 في 22 يونيو 1961، والذي استهدف ضبط إيقاع المؤسسة الإسلامية الكبرى مع أداء النظام السياسي الناصري وطموحاته الداخلية والخارجية.

ومما ساعد على تبعية الأزهر لسلطة الحكم فقدانه تمويله الذاتي من الأوقاف الخيرية، التي استولت الدولة عليها، وكان الأزهر في ظل ذلك الاستقلال الاقتصادي لا يراعي علماؤه في أعمالهم إلا دين الله وتعاليمه، ويتجنبون قدر الإمكان الخضوع لأي مؤثر داخلي أو خارجي، الأمر الذي تبدّل بصورة أو بأخرى عندما أصبح شيوخ الأزهر موظفين يتقاضون رواتبهم من الدولة.

وكان من نتيجة ذلك أن صدرت من مؤسسة الأزهر والتابعين لها تصريحات وفتاوي تدعم السلطة وقراراتها خلال العقود السابقة بشكل تصاعدي وصولاً إلى وقتنا هذا، فعلى سبيل المثال بعد الإصلاح الزراعي الذي أعقب ثورة يوليو 1952، خرج علماء أزهريون ينادون بالاشتراكية الإسلامية، كما استخدمت الدولة الأزهر كذراع لحروبها مع الجماعات الدينية مثل الإخوان المسلمين والدعوة الوهابية بالمملكة العربية السعودية؛ وفي أعقاب حادث المنشية الشهير عام 1954، أصدرت هيئة علماء الأزهر بيانا استنكرت فيه انحراف جماعة الإخوان المسلمين، التي وصفتها بـ”العصابة الخارجة” على منهج القرآن في الدعوة[9].

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، استعملت الدولة الأزهر ذراعا في الدفاع عن اتجاهها السياسي، وخرجت الفتاوي بتأييد معاهدة كامب ديفد مع الكيان الصهيوني على لسان شيخ الأزهر حينها محمد عبد الرحمن البيصار، الذي قال: “إن مصر تعيش أمجد أيامها بالزيارة التي يقوم بها الرئيس السادات لتوقيع معاهدة السلام”، رغم وجود فتاوي سابقة تحرم التعامل مع الكيان الصهيوني واعتباره عدوا يجب جهاده[10].

ثم جاء شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، وشهدت فترته تناغماً بين الأزهر والسلطة السياسية، وأصدر فتاوي عديدة أبرزها فتوى جواز “جلْد صحفيين” في 8 أكتوبر2007، بسبب نشرهم أخباراً تتحدث عن مرض الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعلق الكاتب الصحفي فهمي هويدي عليه بقوله: «إنه ارتدى قبعة الأمن وخلع ثياب المشيخة”[11].

ثم تولى الدكتور أحمد الطيب منصب شيخ الأزهر إلى الآن، وقد كان عضواً بلجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل (حزب السلطة) خلال عهد مبارك، وقد وقف موقفاً سلبياً من ثورة 25 يناير، وأفتى بعدم جواز الخروج في المظاهرات، وقال إن المظاهرات حرام، وحرام وجود الشباب في المظاهرات[12]، لكن تغيرت مواقف الطيب وشارك لاحقاً مؤيدًا تدخل وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي لعزل الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي ووضعه في السجن الانقلاب على الدستور واختيار الشعب.

وقد استخدم العسكريون بعض علماء الدين الأزهريين لشيطنة المعارضين والتأصيل لوجوب قتلهم، وأشهر من قام بهذا الدور مفتي الجمهورية السابق د. علي جمعة؛ إذ تحدث إلى جمع غفير من العسكريين منهم السيسي ووزير الدفاع السابق صدقي صبحي ووزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم، وقادة أفرع الجيش ووزارة الداخلية، ومما جاء في حديث جمعة عن المعارضين: “اضرب في المليان.. هؤلاء الخوارج.. طوبى لمن قتلهم وقتلوه، يجب أن نطهر مدينتنا ومصرنا من هذه الأوباش.. إنهم لا يستحقون مصريتنا.. إننا نصاب بالعار منهم.. يجب أن نتبرأ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. ناس نتنة ريحتهم وحشة في الظاهر والباطن.. ولقد تواترت الرؤى بتأييدكم من قِبل رسول الله ومن قِبل أولياء الله.. مسجد حرّقه رسول الله لأنه لا يريد هذه اللواعة ولا هذا المكر.. لا تخف بدعوى الدين.. فالدين معك والله معك والرسول معك والمؤمنون معك”[13].

وقبل أن يتوجه المصريون للتصويت على دستور 2014 الذي عقب الانقلاب العسكري، أفتى جمعة بأن “الله يؤيد كل من يخرج للتصويت بنعم على المسودة، لأنه يعمر الأرض وضد الإلحاد والكفر وتخريب البلاد”، وأضاف “اخرجوا للتصويت بنعم للدستور، وادفعوا بعمالكم ومزارعيكم أمام اللجان الانتخابية لتمرير الدستور”[14].

وذهب أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، إلى وصف السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم، بأنهما “رسولان بعثهما الله لحماية الدين”، وقال الهلالي: إن “الله بعث رجلين هما السيسي وإبراهيم، كما أرسل من قبل موسى وهارون”[15].

ووصف وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سالم عبدالجليل، معارضي السيسي بأنهم “بغاة يجب قتلهم”، أمّا وكيل وزارة الأوقاف المصري، صبري عبادة، فأكّد، أن “الأمر استقر، وتمّت البيعة لولي الأمر، وهو عبد الفتاح السيسي، والخروج عليه يعتبر خروجًا على ثوابت الإسلام”[16].

وظهرت فتوى الشيخ عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وصف فيها التصويت على اختيار نواب البرلمان بـ “واجب شرعي لا يقل عن الصلاة، ومن يترك هذا الواجب كأنه ترك صلاة واجبة عليه”. وبعد ضجة اتفاق ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية ومصر، والاتفاق على إنشاء جسر بري يربط البلدين، سارع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، للإفتاء بأن “الجسر مذكور في القرآن”[17].

وقبيل مشروع قناة السويس الثانية، صدرت التعليمات لجميع الأئمة والخطباء، بإلقاء خطبة الجمعة عن فضائل مشروع قناة السويس، وما يعود به على الاقتصاد المصري من فوائد جمّة، وطُلب منهم أن يستذكروا النصر الذي تحقق للنبي محمد، في غزوة الخندق، تشبيهًا للخندق الذي حفره النبي وأتباعه بتوسعة القناة[18].

ومما سبق يظهر الأزهر كنموضج مختطف يتحدث باسم السلطة ويرسخ وجودها ويحفظ بقاءها، بغض النظر عن شرعية هذه السلطة من عدمها، وبغض النظر عن تجاوزاتها السياسية والاقتصادية والحقوقية وغير ذلك من التجاوزات.

خامساً: أدوات الاختطاف

1- تغيير القوانين والأنظمة والأشخاص

كما عرضنا سابقاً، تلجأ السلطة إلى سن التشريعات وتعديل قوانين وأنظمة المؤسسات الإسلامية لتضمن ولاءها، بالتدخل في اختيار رؤوساء المؤسسة، واستبعاد من يناوئ السلطة من العلماء والدعاة، وقد برز ذلك بوضوح بعد انقلاب 3 يوليو في مصر، إذ زاد التحكم الأمني والسياسي في تعيين المعيدين ورؤساء الأقسام والعمداء بجامعة الأزهر، واستُبعد أصحاب الكلمة والعلم والرأي[19].

2- الهجمات الإعلامية

تُمارس الهجمات الإعلامية على المؤسسات الدينية لدفعها إلى التماشي أكثر مع أهواء السلطة، كالحملات الإعلامية التي شنها الإعلام الموالي للنظام الحاكم في مصر على الأزهر الشريف، والتي استهدفت الأزهر ونظامه التعليمي ومناهجه الدراسية، ووجهت له اتهامات بشكل ضمني حيناً، وصريح أحياناً، بأنّه أحد أسباب انتشار “الإرهاب”، مطالبة بضرورة إعادة النظر في المنظومة التعليمية للمؤسسّة الأزهرية بصورة جذرية، وتجديد خطابه الديني، وتنقية تراثه، بما يجعله مواكباً للعصر، ومطالبة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالاستقالة بحجة أنه لم يعد صالحا لمنصبه.

وقد يصل هذا الهجوم الإعلامي إلى ذروته عندما يقوم به رئيس الدولة.. “تعبتني يا فضيلة الإمام” بهذه الكلمات، توجه السيسي، إبان حديث عام تنقله القنوات المختلفة عن انتشار ظاهرة الطلاق في مصر، معاتبا شيخ الأزهر، في محاولة لاقتناص فتوى منه بعدم وقوع الطلاق الشفوي وضرورة ألا يجري سوى بتوثيقه لدى مأذون شرعي. ولكن ما هي إلا أيام حتى أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر، برئاسة الطيب، بيانا أقرت فيه وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، وأكدت أن “هذا ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم”، فيما حذرت المسلمين من الاستهانة بأمر الطلاق، ومن التسرع في هدم الأسرة وتشريد الأولاد[20].

3- الإرهاب الفكري

الإرهاب الفكري ومصادرة الرأي الآخر والاعتقال على خلفية الاختلاف في الرأي، كلها عوامل عندما تشيع في مجتمع تجعل المؤسسات الدينية وعلماء الدين في حالة من الخوف والضغط النفسي، الأمر الذي يعطلهم عن ممارسة دورهم المنوط بهم، وانعزالهم عن المشهد لحساب طائفة منتفعة من العلماء المؤيدين للسلطة، والتي بدورها توليهم المناصب المختلفة وتبرزهم لملء الساحة الدينية.

4- القوة الناعمة

من أهم أدوات اختطاف المؤسسات الدينية استخدام القوة الناعمة معها، عن طريق إغداق الأموال عليها وعلى مرافقها، جنباً إلى جنب تحسين وضع القائمين عليها مادياً، والعمل على تقريبهم من دوائر السلطة في المؤتمرات والندوات والفعاليات المختلفة، بالإضافة إلى إعطائهم وضعاً بارزاً في المجتمع عن طريق تسليط الضوء عليهم واستضافتهم في القنوات الرسمية والفضائية وإجراء الحوارات الصحفية وفتح المساجد الكبرى لهم ليتولوا الخطابة والإمامة، مما يضع علماء الدين في دائرة السلطة ويحولهم إلى متحدثين رسميين باسمها، ويجعل من الصعب للغاية أمامهم الخروج عن النص ونقد ممارسات السلطة وتبيين حلالها من حرامها.

سادساً: وسائل لمواجهة تطويع المؤسسات وما ينتج عنها

– استخدام المنابر الإعلامية والفكرية المختلفة للتحذير من محاولات اختطاف المؤسسات الدينية، وبيان طرق ووسائل الجهات التي تفعل ذلك.

– الردود الشرعية والدينية والفتاوي والأبحاث، التي توضح بالدليل الشرعي فساد ما ينتج عن المؤسسات المؤيدة للدولة من فتاوي وأفكار تخدم السلطة.

– استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص للوصول إلى الجماهير المسلمة، وإيقاف احتكار المؤسسات التابعة للدولة للخطاب الديني، وبالتالي تفويت الفرصة على الجهات الخاطفة من السيطرة على المنابر الدينية.

– إنشاء المؤسسات البديلة العلمية والدعوية والخدمية ذات المصداقية، سواء في الداخل أو في الخارج، لتزاحم المؤسسات التي نجحت السلطة في احتوائها.

– تبيين حقيقة القائمين على المؤسسات الدينية الموالية للاستبداد ومصالحهم الخاصة للأمة، حتى لا تنخدع فيهم الجماهير وتتبعهم.

– ضبط ميزان العلاقة بين العالم والسلطان فيما يتعلق بالخبرات، ودور العلماء في عصور سلطان الجور.

– نشر ثقافة “الوقف” لما لها من أثر كبير على استقلال العالم وعدم تابعيته للسلطة وأهوائها لإنفاقها عليه، وحث المسلمين على وقف جزء من أموالهم على العلماء والدعاة.

– المطالبة بإصلاح واستقلال المؤسسات الدينية، واختيار أئمتها من داخلها بواسطة العلماء والشيوخ، لا عن طريق السلطة السياسية وإقراره الباطل.

– إطلاق الحملات الإعلامية والمواد العلمية التي تعيد تذكير العالم بمسؤوليته أمام الله سبحانه وتعالى، وخطورة كتمانه الحق.


[1] كعشرات الأحاديث عن معاوية بن أبي سفيان، ومنها: “اللهم علّم معاوية الكتاب، ومكّن له في البلاد، وقهِ العذاب”، وأحاديث العباسيين ومنها: أن رسول الله قال للعباس: “فيكم النبوة والمملكة”، وأنه قال: “منا السّفاح، والمنصور، والمهدي”. (ابن الجوزي، العلل المتناهية في الأحاديث الواهية).

[2] رضوان السيد، المؤسسات الدينية وسياسات الدين والدولة، 9-1-2015، جريدة الشرق الأوسط.

[3] في الحديث الشريف: “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله”. رواه الحاكم وصححه.

[4]  ينظر: تقرير: كيف أصبحت السعودية المتحكم الأول في الأزهر، موقع ساسة بوست، 22-6-2016م، وتقرير: بعد ترميم الجامع السعودية تحملت نفقات تطوير هذه المشروعات للأزهر، جريدة التحرير، 6-3-2018.

[5]  الإمارات تدعم مشاريع الأزهر بـ155 مليون درهم، جريدة البيان الإماراتية، 5-7-2012م.

[6]  أحمد طه، الأزهر والسلطة والتطرف، صحيفة العربي الجديد، 15-1-2015م.

[7]  تعاني مؤسسات إسلامية كبيرة أيضاً من محاولات الاحتطاف، كالموسسات الدينية الرسمية في السعودية والجزائر والمغرب وغيرهم، وإنما ركزنا على الأزهر كنموذج لا غير.

[8]  للمزيد حول مراحل تطويع الأزهر السابق عرضها، ينظر: د. عاصم الدسوقي، مشيخة الأزهر والسلطة في مصر، ضمن كتاب حراسة الإيمان المؤسسات الدينية،  ص41- 59، ط3، مركز المسبار، دبي 2011.

[9]  ينظر: مسعود صبري، الأزهر في ظل الجمهورية المصرية، إسلام أون لاين، 24-4-2017م، ومحمود عبد الله، الأزهر والسلطة تاريخ من الصراع والمواءمات، جريدة البديل، 12-4-2017م.

[10]  د. يوسف المرعشلي، نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر، ص2080، ط دار المعرفة، بيروت، 2006م.

[11] مشيخة الأزهر بين خدمة الدين وضغوط السياسة، الجزيرة نت، 6-3-2016م.

[12] مقطع يوتيوب بعنوان: أحمد الطيب شيخ الأزهر عن 25 يناير 2011م.

[13]  موقع يوتيوب، مقطع مرئي بعنوان: (علي جمعة شيخ العسكر طوبى لمن قتلهم وقتلوه).

[14]  مفتي مصر السابق: الله يؤيد من يؤيد الدستور، جريدة العرب، 18-12-2013م.

[15]  أستاذ أزهري يشبه السيسي ووزير الداخلية بموسى وهارون، جريدة إيلاف، 10-2-2014م.

[16]  سعيد عبد الرحيم، صندوق فتاوي في خدمة السيسي، 27-11-2015م

[17]  أحمد عزيز، فتاوي شيوخ السلاطين على مر العصور، موقع نون بوست، 17-4-2017م.

[18]  ديفيد هيرست، فتوى آية الله السيسي، موقع نون بوست، 18-8-2015م.

[19]  كقرار جامعة الأزهر فصل الدكتور حسن عبيدو الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، نهائيا من العمل، وحرمانه من المكافأة والمعيش لتحريضه الطلاب على المشاركة في التظاهرات داخل الحرم الجامعي. وقررت جامعة الأزهر. موقع مصراوي، 16-3-2016م

[20]  هيئة كبار العلماء بالأزهر تحسم الجدل وتقر الطلاق الشفوي في بيان للأمة، صحيفة اليوم السابع، 5-2-2017م.

زر الذهاب إلى الأعلى