اللغةُ والهُويَّة بين الاستلاب الحضاري واستعادة الوعيملفـات

اللغةُ والهُويَّة بين الاستلاب الحضاري واستعادة الوعي (2)

ثانياً: تفاعل الثقافات في الحضارة العربية الإسلامية

(العصر العباسي نموذجاً)

 

*** 

كثيراً ما اتهمت حضارتنا العربية الإسلامية بواحدية الفكر والتعصب والعنصرية ورفض الآخر ونفيه وإنكار حقه في الوجود والسعي إلى استئصاله أو استثنائه من المشاركة في مسيرة الحضارة والتأثير فيها، وهي مقولات تشترك في إطلاقها- بسوء نية غالباً- دوائر استشراقية استعمارية خارجية، ودوائر علمانية ليبرالية داخلية بغرض تشويه الأصول الفكرية التي قامت عليها هذه الحضارة وتزوير حقائق التاريخ الواقعية التي حفلت بها هذه الحضارة أيضاً.

بيد أن الواقع التاريخي يؤكد على أن الحضارة الإسلامية كانت مثالاً حياً ورائعاً لتلك اللوحة الفسيفسائية التي امتزجت فيها الألوان والصور عاكسةً بذلك تفاعل الأعراق والثقافات والملل والنحل في تيار حضاري واحد، ضم خير ما في هذه الثقافات المختلفة، وبنى عليها حضارة راسخة قوامها الدين الذي اختص الله العرب بحمله في البداية، والعلم الذي أمرهم هذا الدين باتخاذه سبباً من أسباب بناء حضارتهم.

والقارئ المنصف لأصول الحضارة العربية الإسلامية ووقائع تاريخها الطويل يكتشف بسهولة ويسر مساحات شاسعة من التسامح والتآخي والحرية والتعددية وقبول الآخر والاعتراف به؛ فالإسلام الذي قامت عليه هذه الحضارة يعتبر أن مبدأ الاختلاف بين الناس هو أحد سنن الله في الكون، وهو واقع بمشيئة الله سبحانه

والقارئ المنصف لأصول الحضارة العربية الإسلامية ووقائع تاريخها الطويل يكتشف بسهولة ويسر مساحات شاسعة من التسامح والتآخي والحرية والتعددية وقبول الآخر والاعتراف به؛ فالإسلام الذي قامت عليه هذه الحضارة يعتبر أن مبدأ الاختلاف بين الناس هو أحد سنن الله في الكون، وهو واقع بمشيئة الله سبحانه، قال تعالى:” ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”، فلا يُنكر الإسلامُ الدوائرَ القومية والعرقية سواء ضمن الإطار الخاص للحضارة الإسلامية أم ضمن الإطار العام للحضارات الإنسانية؛ فهو يعترف بالتعدد والتنوع والتمايز والاختلاف الذي ينتج تنوعاً وتعدداً واختلافاً في المناهج والشرائع والثقافات، قال تعالى:” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا”، وقال تعالى:” ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين”، ويقول بعض المفسرين في تفسير هذه الآية:” وللاختلاف خلقهم”.([1])

والإيمان بمبدأ الاختلاف يستتبع الإيمان بمبدأ حرية الآخرين في الاختيارات العقدية والمذهبية، وعلى الرغم من أن قانون الإيمان في كل ملة من الملل الأخرى لا يكتمل إلا بإنكار كل الآخرين، إلا أن قانون الإيمان في الإسلام لا يكتمل إلا إذا آمن المسلم بكل النبوات والشرائع والكتب والرسالات السماوية، قال تعالى:” وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم”، وقال تعالى:” آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله”، بل ولا يكتمل قانون الإيمان الإسلامي إلا إذا مَكَّنَ المسلمون أهلَ تلك الشرائع والملل من إقامة عقائدهم المخالفة للإسلام الجاحدة له؛ فالإسلام وحده هو الذي لا يربط اعترافه بالآخر باعتراف الآخر به، وليس في الآخر الديني من يعترف بالإسلام ديناً وبنبي الإسلام رسولاً وبقرآن الإسلام وحياً إلهياً، وإنما يتفرد الإسلام بالاعتراف بالآخر الذي يجحده وينكره.([2])

الامتزاج الثقافي في العصر العباسي:

والنموذج الواقعي الذي اخترناه للتدليل على عِظَم احترام الحضارة الإسلامية للتنوع والاختلاف والتعدد والحرية وقبول الآخر جاء في فترة زمنية امتلك فيها العرب أسباب القوة المادية العسكرية والمعنوية الروحية التي تؤهلهم- كما فعلت وتفعل الأجناس الأخرى- للاكتفاء بالذات القوية واحتقار الآخر ونفيه ورفض مشاركته في صنع تيار الحضارة العام، إلا أن العرب باتكائهم على الإسلام رفضوا التحيز والتعصب والعنصرية، وآمنوا بوجود الحضارات الأخرى، وسعوا إلى الاستفادة من النافع الخيِّر فيها؛ فاستوعبوا كلَّ الأمم والشعوب التي انضوت تحت لوائهم، ووَسِعَوا كلَّ الثقافات التي تعايشت معهم؛ فصارت بذلك الثقافة العربية ثقافةً للعرب والمسلمين والنصارى واليهود، وثقافةً لكل أهل الأديان والطوائف والملل والنحل التي اندمجت في الكيان العربي الإسلامي وعاشت في ظلّ الدولة العربية الإسلامية عبر الأزمنة والعصور.

وقد بلغت الحضارة العربية الإسلامية أوج قوتها وعزها ومجدها في العصر العباسي بشطريه الأول والثاني، واتسعت فيه رقعة الدولة الإسلامية لتشمل حدود الصين وأواسط الهند شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، والمحيطَ الهندي والقرنَ الأفريقي جنوباً إلى بلاد الترك والخزر والروم والصقالبة شمالاً؛ فضمت بذلك  بلاد السند وخراسان وما وراء النهر وإيران والعراق والجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والمغرب العربي.

ومن الطبيعي أن تتباين أعراق وثقافات وديانات أهل هذه الأقاليم المترامية الأطراف، ولكنه ليس من الطبيعي أن تمتزج هذه العناصر كلها في عنصر واحد مع تمايز ما لها من خصوصيات ثقافية وعرقية ودينية، إلا أن السياسة العباسية المتسامحة التي استندت- غالباً- على أوامر الإسلام ونواهيه استطاعت أن تمزج هذه العناصر المختلفة في بوتقة واحدة قوامها العدل والحرية وقبول الآخر والإيمان بمبدأ الاختلاف والتعدد الذي لم تعرفه هذه العناصر- بهذا الشمول- في ثقافاتها الخاصة من قبل.

ونتج عن ذلك امتزاج حضاري ندر وجود مثيل له في الحضارات الإنسانية الكبرى، حتى أصبح غالب أبناء الخلفاء العباسيين والكثير من أبناء القبائل العربية المتمصرة مرتبطين نسباً بهذه العناصر المختلفة من ناحية أمهاتهم اللاتي كُنَّ سنديات أو فارسيات أو تركيات أو حبشيات أو بربريات، وغدت المدن الإسلامية الكبرى تعج بالمؤثرين والمشاركين في صنع الحضارة من الهنود والفرس والترك والكرد والأروام والأرمن وغيرهم، وارتبط هؤلاء بالعرب والعربية ارتباطاً كبيراً؛ فدخل الكثيرُ منهم في الإسلام وامتزجوا بالعرب نسباً أو ولاءً، ومَن بَقِيَ منهم على دينه امتزج بالعرب ثقافة ولغةً وحضارةً بفضل ما شرعه الإسلام لهم من حقوق اجتماعية وحرية دينية، حتى أن الغالبية العظمى من الثقافات الخاصة بالأعراق المختلفة القاطنة في هذه الأقاليم الممتدة لم تنتظر عملية الترجمة لتتعرف على الدين الجديد وأحكامه، بل تحولت طوعاً إلى التعرب واتخاذ اللسان العربي لسان ثقافة لها. وكان هذا المزيج الذي يتكوّن من القبائل العربية العاربة والمستعربة والآرامية والبيزنطيه والتركية والكردية والبربرية والهندية والفارسية.. وغيرها؛ يُقر إجمالاً بمرجعيته للسلطة المركزية الإسلاميّة وبالإسلام كعقيدة دينية أوثقافة اجتماعية محورية.‏[3]

وكان من الطبيعي أن تتلاقح-تأثراً وتأثيراً- أفكارُ وثقافاتُ وتقاليدُ وعاداتُ هذا الخليط المتعرب مع بعضها البعض ضمن الإطار العام للحضارة العربية الإسلامية، إلا أن التأثير الأكثر ظهوراً كان تأثير الحضارة الفارسية التي ازدهرت علومها وثقافتها بفعل قربها المكاني من عاصمة الخلافة واستعانة الكثير من خلفاء العباسيين بالأسر الفارسية المتعربة في شؤون الحكم وأنظمة السياسة؛ كآل طاهر، والبرامكة، وآل سهل. ولم يقتصر التأثير الفارسي على سياسة الدولة فقط، بل امتد إلى حياة العرب الاجتماعية والثقافية والأدبية فأثر فيها تأثيراً واسعاً حتى اقتبس العرب من الفرس كثيراً من عاداتهم وأساليبهم في المطعم والملبس وبناء القصور وترتيب الخدم والحشم، وآداب السلوك الخاصة والعامة، والاحتفال بالأعياد الفارسية، والاحتفاء بتراثهم الثقافي والسياسي، وحفظ أخبار ملوكهم وحكمائهم أمثال أنوشروان ورستم واسفنديار وبزرجمهر، وغيرهم. وقد برز من الفرس علماء وأدباء ولغويون مجتهدون في أخص خصوصيات الحضارة والثقافة العربية وتراثها كأبي حنيفة في الفقه، وسيبويه في اللغة، وابن المقفع في النثر الأدبي، وبشار بن برد وأبي نواس في الشعر.. والقائمة في هذا الباب أطول من أن تُطوى وأكثر من أن تُحصى.

وأثرت اللغةُ الفارسية خاصة تأثيراً واسعاً في بنية الثقافة العربية آنذاك حتى تعلمها كثير من الأدباء واللغويين والقصاص من العرب وغيرهم، أمثال الأصمعي، وموسى الإسواري الذي كان- كما يقول الجاحظ- من أعاجيب الدنيا حيث” كانت فصاحته بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية وكان يجلس في مجلسه المشهور به؛ فتقعد العربُ على يمينه والفرس عن يساره؛ فيقرأ الآية من كتاب الله ويفسّرها للعرب بالعربية، ثم يحوّل وجهه إلى الفرس فيفسرها لهم بالفارسية فلا يُدرى بأي لسان هو أبين”.[4]

وقد دخلت إلى العربية من الفارسية ألفاظ الأطعمة والأشربة والأدوية والملابس، ومن الهندية إلى العربية ألفاظ النباتات والحيوانات وبعض مصطلحات الطب، ومن اليونانية إلى العربية مصطلحات الفلسفة والطب وأسماء المقاييس والموازين والأمراض والأدوية. ولم تكن هذه المصطلحات غزواً للعربية من أضدادها بقدر ما كانت رافداً لغوياً استطاعت العربيةُ أن تهضمه وتعربه وتتميز به فتخرج بذلك من طور اللغة البدوية إلى طورٍ لغوي حضاري متقدم مع المحافظة على مقوماتها ومكوناتها الأساسية وأوضاعها وأصولها الاشتقاقية الصرفية والنحوية.[5]

وبالنسبة للأديان؛ فعلاوة على انتشار اليهودية والمسيحية في جزيرة العرب واعتناق بعض القبائل العربية للديانتين؛ وجدت اليهوديةُ والمسيحيةُ تسامحاً وحرية واعترافاً في الحضارة الإسلامية لم تحظيا به منذ ظهورهما، وليس أدل على ذلك من استوزار عدد من الخلفاء العباسيين لوجوه من اليهود والنصارى مثل: عبدون بن صاعد الذي يحكى أنه دخل على قاضي بغداد فقام له ورحّب به فأنكر الشهود ذلك[6]، وكان للخليفة المتقي وزير مسيحي[7]، كما كان لأحد بني بويه وزير آخر هو نصر بن هارون. وقد كان رعايا الخلفاء العبّاسيين من المسيحيّين ينتمون غالباً إلى كنيستين(سريانيّتين) هما الكنيسة اليعقوبية والكنيسة النسطورية، وكانت أكثرية مسيحيي العراق من النساطرة فنال بطريركهم المعروف بالجاثليق حق السكنى في بغداد وجعلها مقرّاً لكرسيه ونشأ حول مقره ببغداد حي للمسيحيين عُرف بدار الروم، كما أن المرشح المنتخب لمنصب الجثلقة كان يتسلّم من الخليفة (براءة) تسند إليه الزعامة الرسمية على مسيحيّي الدولة الإسلامية كلّها.

ومن أغرب الأمثلة على التسامح والانفتاح اللذين قد يخالفا أحكام الإسلام أحياناً في ظلّ الخلفاء العبّاسيّين أنّ المسيحيّين السريان افتتحوا لهم في ذلك الحين مراكز تبشيرية في الهند والصين، يدل على ذلك النصب التذكاري القائم حتى الآن في مدينة (سيان فو) بالصين منذ عام 781م تذكاراً لجهود سبعة وستين مبشراً سريانياً في التبشير بالمسيحية هناك[8]. كما لعبت الأديرة السريانية المتناثرة في جند يسابور القريبة من البصرة وفي نصيبين وحرّان والرّها وأنطاكية والإسكندرية دوراً هاماً في تلاقح الثقافات المختلفة من خلال الترجمة التي كادت أن تختص بها آنذاك. وفي هذا تقول عالمة السريانيات الباحثة الروسيّة نينا بيغو ليفسكايا:” كانت القرون الوسطى مرحلة ازدهار فعلي للمدارس السريانية، واستمرت هذه المدارس تقوم بدور المراكز التعليمية الرئيسة حتى القرن الثاني عشر للميلاد، ويجدر بالذكر أنه قد وصلت من تلك الأزمنة معلومات حول بعض المناطق التي تحولت إلى مشاتل للعلم والثقافة ومصادر للتنوير والمعرفة في أقاصي الأقاليم الشرقية”.[9]

أما اليهود فقد لقوا من معاملة الخلفاء العباسيين تسامحاً وتقبلاً وحرية لم يعهدوها في ظل الحضارات الأخرى التي عاشوا في كنفها، وكان لهم مراكز هامة في الدولة العباسية- في عهد المعتضد خاصة- وحَيَّاً كبيراً في بغداد ظل مزدهراً حتى سقوط المدينة على يد التتار، وقد زار هذا الحيّ بنيامين التطيلي سنة 1169م فوجد فيه عشر مدارس خاصة، وثلاثةً وعشرين كنيساً، منها واحدٌ رئيسيٌ مزدانٌ بالرخام المخطط ومطعّم بالذهب والفضة. وأفاض بنيامين في وصف الحفاوة التي لاقاها رئيس اليهود البابليين من المسلمين بصفته سليل بيت داود النبي ورئيس الملّة الموسوّية، أو بصفته كبير الحاخامات وزعيم جميع اليهود الذين يدينون بالطاعة للخليفة العباسي في بغداد، ومدى التوقير الذي كان يُعامل به في بغداد حتى أنه كان إذا خرج للمثول في حضرة الخليفة ارتدى الملابس الحريرية المطرّزة وعمامة بيضاء موشاة بالجواهر وأحاط به رهطٌ من الفرسان، وجرى أمامه ساعٍ يصيح بأعلى صوته:” أفسحوا درباً لسيدنا ابن داود”.[10]

ويؤكّد لويس غارديه على أنّ المجتمع العباسي هو الذي خصّص اليهود في تجارة المعادن الثمينة وفي الهيئات المصرفية وفي مهنة الطب التي فتحت لهم قصور الخلفاء والأمراء وبيوت علية القوم ووجوه العامة.[11]

ومُنح الصابئة لمؤهلاتهم العقلية وخدمات بعض نوابغهم العلمية الحماية والرعاية التي مُنحت لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وكان منهم علماء أعلام في الفلك مثل ثابت بن قرة، والبتّاني الفلكي، وابن وحشية المنسوب إليه كتاب (الفلاحة النبطية) وقد أسلم هؤلاء وحسن إسلامهم.

وكذلك اقتضت المصلحة العليا للدولة والسياسة العملية الواقعية قياس الزرادشتيين أتباع الديانة الزرادشتية الرسمية لإيران قبل الإسلام على الصابئة وإلحاقهم بهم، ليتوسع بذلك نطاق أهل الذمة وتبقى الزرادشتية وهياكلها ومعابدها بعد الفتح الإسلامي منتشرة في إيران والهند وأطراف العراق.

وبالجملة؛ فقد كانت الأديان والمذاهب والمعتقدات السماوية والأرضية محترمة ومقدرة وموقرة في ظل الدولة الإسلامية العباسية التي استطاعت أن تهضم هذا التنوع الثقافي والتعدد العقدي وتصهره في تيار حضاري عام تفيده وتفيد منه.

وقد ظلت اللغات الأصلية لهذه الأعراق متداولة رغم سيطرة اللغة العربية على مجمل التفاعلات الثقافية في ذلك العصر، ولم يتعصب العرب تعصباً سلبياً للغتهم أو يفرضوها قسراً على الشعوب التي انضوت تحت لوائهم، ولم يحاولوا طمس الهوية اللغوية لتلك الشعوب؛ فبقيت اللغات الآرامية واليونانية والقبطية والنبطية والهندية والفارسية والكردية والتركية والبربرية متداولة حتى في أكثر البيئات تعرباً في العراق والشام ومصر.

بعض عوامل التفاعل الثقافي في العصر العباسي:

ولعل أبرز ما يُظهر مدى اتساع التفاعل الثقافي في هذا العصر أمران:

الأول: الترجمة: والتي كانت إحدى الركائز الأساسية في عملية التفاعل الثقافي في ذلك العصر، وتركت نتائج فعالة في عملية بناء الحضارة الإسلامية، بل والحضارة الغربية الحالية التي استفادت من ترجمات العرب لعلوم الحضارات القديمة وإضافاتهم إليها. وقد نشطت الترجمة في عهد الرشيد ووزرائه البرامكة نشاطاً واسعاً وأذكى جذوتها إنشاء (دار الحكمة) التي كان من أهم مهماتها جلب الكتب في شتى العلوم من شتى بقاع الأرض وترجمتها، ووظُف لهذا الغرض في دار الحكمة طائفة كبيرة من المترجمين ووضعت الأسس المنظمة لعمل أقسامها ودوائرها المختلفة، وقام عليها في عهد الرشيد الطبيب النسطوري يوحنا بن ماسويه. وكذلك نشط وزراء الرشيد البرامكة في عملية الترجمة وشجعوا على نقل الذخائر النفيسة إلى العربية من اللاتينية واليونانية والفارسية والهندية، وعنوا عناية واسعة بترجمة التراث الفارسي خاصة حتى ظهر جيل من المتخصصين في الترجمة من الفارسية للعربية نذكر منهم: آل سهل وعلى رأسهم الفضل بن نوبخت الذي ركّز على ترجمة كتب الفلك([12])، وكان يترجم للمأمون في حداثته بعض الكتب الفارسية فيعجب بترجمته([13])، ومحمد بن جهم البرمكي، وزادويه بن شاهويه، وبهرام بن مردانشاه، وموسى بن عيسى الكسروي، وعمر بن الفرخان، وسَلم صاحب خزانة الحكمة، وسهل بن هرون أحد خزنتها المشهورين([14]). ومن أنفس مانقلوه (أمثال بزر جمهر) و(عهد أردشير بن بابك إلى ابنه سابور) وكتاب(جاويدان خرد) في صنوف الآداب ومكارم الأخلاق، وكتاب (هزار أفسانه) وهو أصل من أصول ألف ليلة وليلة. وقد نظم أبان بن عبد الحميد سيرة أردشير وأنوشروان شعراً بعد ترجمتها، واجتلب يحيي بن خالد البرمكي أطباء الهند المشهورين مثل منكه، وبازيكر، وقلبرقل، وسندباد، ووظفهم في البيمارستان الكبير ببغداد فاستعربوا وترجموا بعض الكنوز الهندية في الطب والعقاقير[15]، وصحيفة طويلة في قواعد البلاغة، وقصّة السندباد، وكتباً كثيرة في الحكايات والأسماء مما تولع به العامّة.([16])‏

وبلغت موجة الترجمة أوجها في عهد المأمون بن هارون الرشيد الذي حوّل بيت الحكمة إلى مؤسسة متكاملة بالغة التنظيم والفاعلية بحيث صارت أشبه بمعهد علمي كبيرٍ ألحق به بعد ذلك مرصده المشهور، وعيّن عليه يحيى بن أبي منصور رأساً لطائفة من نابهي الفلكيّين مثل: علي بن عيسى الإسطرلابي، ومحمد بن موسى الخوارزمي، والعبّاس بن سعيد الجوهري[17]، ولم يلبث هذا المرصد أن تحول إلى مدرسة رياضية فلكية كبيرة تخرّج فيها عدد كبير من أشهر الفلكيين العرب.‏

ولعلّ من مآثر المأمون في مجال الترجمة استغلاله لظروف السلم والحرب في علاقته بالروم لاستجلاب ذخائر العلم والمعرفة المدفونة عند الأمم الأخرى؛ فقد ذكر ابن النديم أن المأمون لما” استظهر على ملك الروم كتب إليه يسأله إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المخزونة المدّخرة ببلد الروم؛ فأجاب إلى ذلك بعد امتناع؛ فأخرج المأمون لذلك جماعةً منهم: الحجّاج بن مطر، وابن البطريق، وسَلم صاحب بيت الحكمة.. وغيرهم؛ فأخذوا مما وجدوا ما اختاروا، فلما حملوه إليه أمرهم بنقله فنقل”[18]، ويقول ابن نباته في ترجمته لسهل بن هرون: “جعله المأمون كاتباً على خزائن الحكمة وهي كتب الفلاسفة التي نقلت للمأمون من جزيرة قبرص، وذلك أنّ المأمون لما هادن صاحب هذه الجزيرة أرسل إليه يطلب خزانة كتب اليونان وكانت مجموعة عندهم في بيت لا يظهر عليه أحد، فأرسلها إليه واغتبط بها المأمون وجعل سهل بن هرون خازناً لها”.([19])‏

وقد برز في هذا الفن حنين بن إسحاق شيخ المترجمين الذي أسند إليه المأمون رئاسة بيت الحكمة، والذي كان يتقن السريانية والعربية واليونانية والفارسية، ويتميز بأقصى درجات الدقة فيها جميعاً، وقد ترجم للمأمون القسم الأكبر من كتب الفلسفة في بيت الحكمة، وقال عنه ابن النديم: كان حنين بن اسحق فاضلاً في صناعة الطب فصيحاً باللغة اليونانية والسريانية والعربية

وقد برز في هذا الفن حنين بن إسحاق شيخ المترجمين الذي أسند إليه المأمون رئاسة بيت الحكمة، والذي كان يتقن السريانية والعربية واليونانية والفارسية، ويتميز بأقصى درجات الدقة فيها جميعاً، وقد ترجم للمأمون القسم الأكبر من كتب الفلسفة في بيت الحكمة، وقال عنه ابن النديم:” كان حنين بن اسحق فاضلاً في صناعة الطب فصيحاً باللغة اليونانية والسريانية والعربية”([20]). وقد عين معه ابنه إسحاق، وابن أخته حبيش بن الحسن، وغيرهما؛ فكانوا يترجمون الكتب ثم يراجعها حنين ويصحح منها ما يحتاج إلى تصحيح[21]. وقد برز في هذا الفن مع حنين بن إسحاق، يعقوبُ بن اسحق الكندي الفيلسوف والرياضي والفلكي، وثابت بن قرة الرياضي والفلكي والفيلسوف، وعمر بن الفرخان الطبري الفلكي، ومتى بن يونس المنطقي، ويحيى بن عدي المنطقي، وعيسى بن اسحق بن زرعة الفيلسوف، وغيرهم كثير. وقد ترجم هؤلاء كل ما وصلت إليه أيديهم بأمر الخلفاء العباسيين الذين حرصوا حرصاً شديداً على نقل تراث الأمم، حتى ليظنّ أنه لم يبق شيء من هذا التراث لم يُنقل إلى العربية سواء منه ما اتصل بالعلوم أو ما اتصل بالصناعات أو ما اتصل بالفلسفة والحكمة أو بالعجائب والأسمار والخرافات أو ما اتصل بالعقائد والملل والنحل. وكانت كل هذه المعارف والآداب تتجمع في دكاكين الورّاقين- مكتبات ذلك العصر ودور نشره- فراجت لذلك صناعة الورق وكثرت المكتبات حتى لا تكاد تجد بيتاً أو مسجداً ليس فيه مكتبة.

وقد عرف العرب لهذه الأمم فضلها ولم يبخسوها حقها أو يطمسوا آثارها كما حاولت الحضارة الغربية الحديثة طمس آثار العرب بالتقليل من شأنهم والترويج لفكرة اقتصار جهد العرب على الشرح والترجمة لتراث الأمم السابقة؛ فهذا فيلسوف العرب يعقوب بن اسحق الكندي يصرّح بوضوح شديد أنّ” من أوجب الحقّ أن لا نذم من كان أحد أسباب منافعنا الصغار الهزيلة فكيف بالذين هم أكبر أسباب منافعنا العظام الحقيقية الجدية.. وينبغي أن لا نستحي من استحسان الحق واقتفاء الحقّ من أين أتى من الأجناس القاصية عنّا والأمم المباينة لنا، فإنه لا شيء أولى بطالب الحقّ من الحق، وليس ينبغي بخس الحقّ ولا تصغير قائله ولا الآتي به”.‏[22] والأمثلة في هذا الباب أكثر من أن تذكر.

الثاني: المجالس العلمية: وهي مجالسٌ أقرب إلى (الصالونات الأدبية) في عصرنا الحاضر، وكان يقيمها الخلفاء والأمراء والوزراء والعلماء ووجوه الناس لتدارس العلم وعقد المناظرات في شتى أنواع العلوم والفنون والآداب، وتضم زمرة من العلماء والأدباء والنحاة والشعراء والفقهاء والمتكلمين والفلاسفة دون تفريق بين مذاهبهم ومللهم ونحلهم، حتى ليقول ابن تغرى بردي عن مجلس من مجالس البصرة:” كان يجتمع بالبصرة عشرة في مجلس لا يُعرف مثلهم: الخليل بن أحمد صاحب العروض سُني، والسيد ابن محمد الحميري الشاعر شيعي، وصالح بن عبد القدوس ثنوي، وسفيان بن مجاشع صُفْري، وبشار بن برد خليع ماجن، وحماد عجرد زنديق، وابن رأس الجالوت الشاعر يهودي، وابن نظير النصراني متكلم، وعمرو بن أخت الموبذ مجوسي، وابن سنان الحرّاني الشاعر صابئي، فتتناشد الجماعة أشعاراً وأخباراً”.[23]

وقد حفظ لنا التوحيدي في كتابه (الإمتاع والمؤانسة) تفصيلات شائقة للمناظرة التي حدثت في مجلس ابن الفرات بين النصراني أبي بشر متّى بن يونس المنطقي وبين المسلم أبي سعيد السيرافي النحوي المعروف، كما حفلت كتب التراث بمجموعة رائعة من المناظرات والمحاورات التي كانت تجري في مجالس الخلفاء والوزراء والأمراء والأعيان، مثل مناظرة الكسائي الكوفي واليزيدي البصري بين يدي المهدي[24]، ومناظرة الكسائي وسيبويه بين يدي الرشيد ويحيى بن خالد البرمكي[25]، وكانت مجالس البرامكة ندوات كبيرة للمتكلمين والمتفلسفين من كل نحلة يتجادلون فيها ويتحاورون في كل ما يعرض لهم من مسائل.. يقول المسعودي:” كان يحيى بن خالد البرمكي ذا بحث ونظر، وله مجلس يجتمع فيه أهل الكلام من أهل الإسلام وغيرهم من أهل النحل، فقال لهم يحيى وقد اجتمعوا عنده:” قد أكثرتم الكلام في الكمون والظهور، والقِدم والحدوث، والإثبات والنفي، والحركة والسكون، والمماسّة والمباينة، والوجود والعدم، والجوهر والطفرة، والأجسام والأعراض، والتعديل والتحوير، والكمية والكيف والمضاف، والإمامة: أنصٌّ هي أم اختيار، وسائر ما توردونه من الكلام في الأصول والفروع؛ فقولوا الآن في العشق على غير منازعة، وليورد كل منكم ما سنح له فيه وخطر بباله”.[26]

وقد حول المأمون مجلسه في دار الخلافة ببغداد إلى ساحة واسعة للجدال والمناظرة والاطلاع على ثقافات الأمم وآدابها ومعارفها، حتى قال عنه يحيى بن أكثم:” أمرني المأمون أن أجمع له وجوه الفقهاء وأهل العلم من بغداد؛ فاخترت له من أعلامهم أربعين رجلاً وأحضرتهم، وجلس لهم المأمون فسأل عن مسائل وأفاض في فنون الحديث والعلم”[27]، ووصف المسعودي ثمرات جهد المأمون قائلاً:” قرّب المأمون إليه كثيراً من الجدليين والنظّارين كأبي الهذيل العلاف، وأبي اسحق إبراهيم بن سيار النظام، وغيرهما ممّن وافقهم وخالفهم، وألزم مجالسه الفقهاء وأهل المعرفة من الأدباء وأقدمهم من الأمصار وأجرى عليهم الأرزاق؛ فرغب الناس في صنعة النظر وتعلمّوا البحث والجدل، ووضع كل فريق منهم كتباً ينصر فيها مذهبه ويؤيّد بها قوله”.[28]

وكان وراء مجلس المأمون ومجلس يحيى بن خالد البرمكي مجالس صغرى يجتمع فيها العلماء، مثل: مجلس أيوب بن جعفر بن أبي جعفر المنصور الذي كان يجتمع فيه النظام وأبو شمر المتكلم، ومجلس رجل من الأزد بالبصرة ذكره صاحب الأغاني بقوله:” كان بالبصرة ستة من أصحاب الكلام: عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وبشّار الأعمى، وصالح بن عبد القدوس، وعبد الكريم بن أبي العوجاء، ورجل من الأزد، فكانوا يجتمعون في مجلس الأزدي ويختصمون عنده”.([29])، ومجلس يوحنا بن ماسويه الذي كان أعمر مجلس بمدينة بغداد لمتطبب أو متكلم أو متفلسف إذ كان يجتمع فيه كل صنف من أصناف أهل الأدب ويقرأ تلاميذه عليه فيه كتب أرسططاليس وجالنيوس في الطب.([30])

وقد كُفلت الحرية الفكرية في هذه المجالس والندوات إلى أبعد حدود ممكنة بحيث كان كل رأي يعرض للمناقشة العقلية الخالصة بما في ذلك آراء الزنادقة.([31])

واستمر هذا التفاعل الإنساني في العصر العباسي على نحوٍ أبعد بكثير مما ذكرنا ومما يضيق المجال عن ذكره، ونحن ليس موضوعنا هنا رصد مظاهر هذا التفاعل بجزئياته وتفصيلاته، ولكننا أردنا التدليل الواقعي التاريخي على أن هذه الحركة الحضارية الرائعة ما كانت لتبلغ هذا الطور المتقدم لولا سماحة الأسس الدينية والإنسانية التي اختصت بها الحضارة العربية الإسلامية في قبول النماذج المعرفية المختلفة وصهرها في بنية حضارية غنية في محتواها متعددة في روافدها متنوعة في مصادرها، ولكنها مع ذلك كله ذات روح واحدة وهوية متميزة راسخة.

وقد أكْسَبَ هذا الامتزاجُ والتلاقحُ الحضارةَ العربيةَ الإسلامية ثراءً وغِنَى وقوّةً ومناعة، نتجت كلها من طبيعة المبادئ التي استمدتها هذه الحضارة من جوهر الرسالة الإسلامية التي دعت إلى طلب العلم، وحثت على النظر والتفكير، وحضت على التماس الحكمة من أي وعاء أو مصدر، ورغبت في التعارف بين الأمم والشعوب، إلى جانب المبدأ القرآني العظيم(لا إكراه في الدين) والذي يمكن أن يكون قاعدةً للتعايش الثقافي والفكري في إطار وحدة الأصل الإنساني، وملخصاً لكلِّ معاني الحرية الفكرية التي هي نقيضٌ للفوضى الفكرية.

وقد كانت اللغة العربية هي لغة العلم في هذا العصر؛ ارتضاها الجميع وأحبوها- لا لهيمنة الغالب على المغلوب- بل لما وجدوا فيها من استواءٍ واتساعٍ في الألفاظ ومشتقاتها لم يعرفوا لهما مثيلاً في لغة أخرى يمكن أن يشفي نفوسهم في دقة التعبير عن مكنوناتها؛ وما ذاك إلا لأن خصائص هذه اللغة في ذاتها تحمل من الأسرار التركيبية والصوتية ما يصعب على الباحثين إدراك كنهه أو حصره؛ فقد توفر لهذه اللغة الشريفة من الدقة والمنطقية والبيان والمرونة والوفاء بالمعاني ما لا يعرف له نظير في غيرها من اللغات. وقد أدرك هذه الحقيقة العلماء العرب واعترف بها المنصفون من جهابذة الغرب.. يقول ابن جني:”.. إذا تأملت حال هذه اللغة الشريفة الكريمة اللطيفة وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقة ما يملك على جانب الفكر حتى يكاد يطمح به أمام غلوة السحر”.([32])

وقد أبدع العلماء قديماً وحديثاً في محاولة استكشاف خصائص هذه اللغة من خلال كتاباتهم التي لا تكاد تُحصر؛ فأجادوا وأفادوا، وإن ظلت خصائص هذه اللغة تكاد تكون كالأسرار المحجبة في الروح لا يكاد يعرف كنهها أحد..

وفي المقال القادم بعض من هذه الخصائص إن شاء الله.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ـ الجامع لأحكام القرآن ـ القرطبي ـ دار الكتب المصرية ـ ج 9 ـ ص 114 ـ 115

[2] ـ الغزو الفكرى ـ محمد عمارة

3ـ انظر ضحى الإسلام لأحمد أمين الفصل الأول

4ـ ـ البيان والتبيين ـ الجاحظ ـ 1 ـ 368

5ـ تاريخ الأدب العربي، العصر العباسي الأوّل ـ د.شوقي ضيف ـ دار المعارف بمصر ـ ط6 ـ 1976 ـ ص 92 ‏

6ـ معجم الأدباء ـ ياقوت الحموي ـ 2ـ 259 وانظر : تاريخ العرب ـ فيليب حتى وآخرون ـ ط5 ـ 1975 ـ ص 423

7ـ التنوخي: الفرج بعد الشدّة (القاهرة، 19-54)، ج2، ص149.‏

8ـ تاريخ العرب ـ فيليب حتى ـ ص 425

9ـ ثقافة السريان في القرون الوسطى ـ نينا بيغوليفسكايا ـ ترجمة : د. خلف جراد ـ ص 76.‏

10ـ تاريخ العرب ـ فيليب حتى ـ ص426.

11ـ أهل الإسلام ـ لويس غارديه ـ ترجمة : صلاح الدين برمدا ـ منشورات وزارة الثقافة ـدمشق ـ 1981ـ ص100‏

12ـ الوزراء والكتاب ـ الجهشياري ـ (القاهرة: 1938)، ص232.‏

13 ـالفهرست ـ ابن النديم ـ ص174-341.‏

14ـ الفهرست ـ  ابن النديم ـ ص342، 421

15 ـالبيان والتبيين ـ الجاحظ ـ 1/92.‏

16 ـ الفهرست ـ ابن النديم ـ،ص424.‏

17ـ الفهرست ـ ابن النديم ـ ص383.

18ـ الفهرست ـ ابن النديم ـ390

19ـ   سرح العيون ـ ابن نباتة ـ (القاهرة، مطبعة الموسوعات، د.ت)، ص166

20ـ الفهرست ـ ابن النديم 294

21ـ طبقات الأطباء والحكماء ـ ابن جلجل ـ ص68-69.‏

22ـ رسائل الكندي الفلسفية ـ يعقوب بن إسحق الكندي ـ ج1، ص102.‏

23ـ النجوم الزاهرة ـ ابن تغرى بردي ـ 2/29.‏

24ـ مجالس العلماء ـ الزجاجي ـ ص288.‏

25ـ ـ النجوم الزاهرة ـ ابن تغرى بردي ـ 2/271.‏

26ـ مروج الذهب ـ المسعودي ـ 3/286.‏

27ـ تاريخ بغداد ـ ابن طيفور  ص45.‏

28ـ مروج الذهب ـ المسعودي ـ 4/245

29ـ الأغاني ـ الأصفهاني ـ (طبعة دار الكتب) 3/146.‏

30 ـ عيون الأنباء ـ ابن أبي أصيبعة ، ج2، القسم الأول، ص124، وابن القفطي: أخبار الحكماء (طبعة الخانجي)، ص249.‏

31ـ انظر الحيوان للجاحظ 4/442

[32]ـ الخصائص- ابن جني ـ ج 1 ـ ص 47 .

زر الذهاب إلى الأعلى