بحوثمشاريع

التيار السلفي المصري.. من 25 يناير إلى الوقت الحاضر

 

(١) مدخل

السلفية صارت تطلق ويراد بها طريقة السلف في التدين، فمن يدعو إلى السلفية يقصد أن يقتدي الناس بطريقة السلف في فهم الدين والتمسك به والعمل به([1]).

وكلمة السلف لغةً تعني: “الذين مضوا”([2]) وجاءت في القرآن الكريم بهذا المعنى: {عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ}([3]). وفي السنة النبوية: “أسلمتَ على ما سلف من خير”([4]).

و يذكر علماء الشريعة أن “المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وأعيان التابعين لهم بإحسان، وأتباعهم، وأئمة الدين ممن شُهد له بالإمامة، وعُرف عظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامهم خلفاً عن سلف، دون من رُمي ببدعة، أو شُهر بلقب غير مرضي، مثل الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة والجبرية والجهمية والمعتزلة والكرامية”([5]).

يقول المستشرق الفرنسي هنري لاووست: “ولقد بدأت الحاجة إلى الانتساب للسلف حين تفرقت الأمة الإسلامية، وتعددت الاتجاهات الفكرية فيها حول أصول الدين، مما دعا علماء الأمة الأثبات وأساطينها الأعلام لتجريد أنفسهم لتلخيص وترتيب الأصول العظمى والقواعد الكبرى للاتجاه السلفي، والمعتقد القرآني النبوي، ومن ثم نسبته إلى السلف الصالح؛ لقطع الباب على كل من ابتدع بدعة اعتقادية وأراد نسبتها إليهم، حتى كانت النسبة إلى السلف رمزاً للافتخار، وعلامة على العدالة في الاعتقاد”([6]).

وظل أنموذج الصحابة ومن تبع مذهبهم نصب أعين المسلمين دائمًا كأفضل نموذج للتشبه والاقتداء، لكونه مثالاً حياً تطبيقياً لتعاليم الدين الإسلامي، ولحفاظهم على الدين من التحريف، وقيامهم بنشره والدفاع عنه وعن أهله ضد خصومه، بالإضافة إلى امتثالهم لأحكام الدين وشريعته في شؤون حياتهم.

اطّرد ظهور المخالفات الدينية في الاعتقاد والعمل والسلوك، مع تتابع الدعوات التي أخذت على عاتقها التذكير بهذا النموذج النقي ودعوة بقية المسلمين إلى التمسك به، فتبلورت الفِرق التي تبنت اعتقادات مخالفة لما كان عليه السلف الصالح؛ كالخوارج والقدرية والجهمية وغيرهم، في مقابل المتمسكين بالدين الصحيح كما كان على عهد النبي عليه الصلاة والسلام والذي مثله نموذج الصحابة، وأطلق على هؤلاء أسماء عدة اختلفت باختلاف الزمان أو المكان، فأطلق عليهم أهل السنة والجماعة، والفرقة الناجية، وأهل الحديث، وأهل الأثر، والطائفة المنصورة، بالإضافة إلى اللفظ المشهور في الزمن المعاصر: “السلف”([7]).

كانت هذه الجهود الإحيائية تندرج تحت مظلة “الخلافة الإسلامية” في صورة مصلحين وعلماء، فلم توجد حقبة تقريباً إلا ووجد فيها العلماء والدعاة الذين يدعون إلى التمسك بطريقة السلف الصالح في فهم الدين والعمل به، استمر هذا من بعد جيل الصحابة وحتى الدولة العثمانية، فقد ظهرت فيها على سبيل المثال “حركة سلفية/إحيائية عُرفت باسم حركة “قاضي زاده وأتباعه”، وكان لها أثر واضح في محاربة المتصوفة وعقائدهم التي اعتبروها بدعًا دينيةً لا علاقة للشرع بها. تأثرت حركة قاضي زاده وأتباعه بتعاليم عالِم دين عثماني كبير يُدعى “البرگوي”، فعبر مؤلفاته نادى بوجوب محاربة البدع التي ليست من الدين في شيء، وضرورة التمسك بسنة النبي في جميع أمور الدين”([8]).

وفي فترة الضعف الشديد وبعد إلغاء السلطنة العثمانية رسمياً وازدياد مظاهر عدم التدين وبروز مظاهر التغريب أكثر، بدأت الشخصيات والجماعات الدينية في الظهور في الأقطار الإسلامية المختلفة، تنادي المسلمين بالعودة إلى هذا النموذج الإسلامي الصحيح في التدين، وقدمت تلك الشخصيات والجماعات هذه الدعوة كمخرج لما تعاني منه الأمة الإسلامية من الانقسام وتسلط الغرب وسعيه لنشر أفكاره ونموذج حضارته، فصارت السلفية تُقدم بمثابة حائط صد أمام الهجوم الغربي على حواضر المسلمين، وفي نفس الوقت كعاصمة من الانحراف العقدي والسلوكي.

 

(٢) من إرهاصات السلفية إلى الربيع العربي.. موجز تاريخي

كان القطر المصري أحد الأقطار التي ظهرت فيها تلك المحاولات الإحيائية، فقد قام السيد جمال الدين الأفغاني بتحريك الماء الراكد في الساحة المصرية في أول زيارة له إليها عام ١٨٧٠، ثم في الزيارات التالية بتنسيق مسبق مع السلطان عبد الحميد الثاني الذي كان يريد حشد الأمة تحت مظلة الجامعة الإسلامية، في مصر والهند وغيرهما.

وتتلمذ على يد الأفغاني عدد كبير من المصريين، منهم الشيخ محمد عبده وعبدالله النديم، اللذان شاركا بعد ذلك في الثورة العرابية ذات الصبغة الوطنية الإسلامية العثمانية، وساهمت الثورة وما أعقبها من احتلال إنجليزي في تصاعد الروح الإسلامية والوطنية، تلك الروح التي انعكست على الزعيم مصطفى كامل الذي بثها في خطبه وفي جريدة اللواء، وقد سبق له أن تواصل مع خطيب الثورة العرابية عبد الله النديم للوقوف على تجربة ثورة عرابي، والتي شارك فيها الكثير من مشايخ الأزهر الشريف.

وكان لتلميذ محمد عبده، الشيخ محمد رشيد رضا، الدور الأبرز في هذه المرحلة على صعيد نشر الثقافة السلفية، فقد أعاد إحياء تراث ابن تيمية وابن القيم، ونشَر أدبيات الدعوة الوهابية ودافع عنها في مجلة المنار وجريدة الأهرام([9])، وأسس مدرسة الدعوة والإرشاد التي تبث المفاهيم الإسلامية بخلفية سلفية، وغير ذلك، مما أدى إلى ازدهار مبادئ الدعوة السلفية بصورة علمية ومحددة أكثر في أوائل القرن العشرين.

تميز مفهوم السلفية عند رشيد رضا بأنه كان أشبه بالمشروع الإحيائي للأمة الإسلامية، مستندًا إلى مبادئ الدين الخالية من الخرافات المنتشرة بكثرة حينها، واتصف منهج رضا بالاجتهاد العقلي وإعمال الرأي متأثرًا بشيخه محمد عبده([10]).

وكان لمحب الدين الخطيب دوره البارز الذي لا يمكن إغفاله بهذا الصدد، وخاصة من خلال المكتبة السلفية، وكذلك الشيخ محمد حامد الفقي وأحمد شاكر وغيرهم.

نشأ في خضم هذه اليقظة السلفية العلمية الشيخ حسن البنا، والذي تتلمذ على يد الشيخ محمد رشيد رضا، وفتح له محب الدين الخطيب أبواب مجلة الفتح، وحول البنا هذه اليقظة العلمية إلى محاولة إيقاظ عملية إسلامية، فأسس جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت “دعوة سلفية ذات حقيقة صوفية”، كما يقول البنا.

وقد كان التيار السلفي في نشأته تلك منفتحاً على جميع الكُتاب والمفكرين والجمعيات، ومتقبلاً لجميع الجهود والمشاركات الأخرى، ومستوعباً لأي خلاف في الفكر تحت مظلة الحضارة الإسلامية الواسعة.

بعد اغتيال البنا ثم استهداف النظام الناصري لجماعة الإخوان المسلمين بعد ذلك، سادت حالة من “الركود الدعوي”، باستثناء أنشطة بعض الجمعيات الإسلامية والدعاة، مثل جماعة أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية وبالطبع الأزهر الشريف، قضت على الركود “نكسة ٦٧” وما أعقبها من حالة عامة للتدين انعكست على الجامعات التي حدثت فيها “صحوة إسلامية” تمثلت في “الجماعة الإسلامية” حينها([11])، والتي ضمت أغلب تيار الشباب الإسلامي.

ولما تولى الرئيس محمد أنور السادات الحكم، وحدثت انفراجة سياسية لأفراد جماعة الإخوان المسلمين، بدأوا يتواصلون مع الشباب الجامعي لضمهم إليهم، ولكن لم يقبل جميع الشباب هذا الأمر، خاصة الشباب الذين كوّنوا بعد ذلك المدرسة السلفية بالإسكندرية، وشباب آخرون أصحاب أفكار جهادية.

خارج الجامعات بدأ بعض الشباب المتدين بالسفر لتلقي العلم الديني عن العلماء أصحاب التوجه السلفي في المملكة العربية السعودية واليمن والأردن، كالشيخ ابن باز وابن عثيمين، ومقبل الوادعي، وناصر الألباني.

حدثت خلال هذا الانفتاح الساداتي انتعاشة سلفية استمرت حتى عصر حسني مبارك، ولكن مع عمل الأخير على تقليم أظافر التيار وضبط ممارساته، دون منعه كلياً أو القضاء عليه؛ بل رأى في وجوده فائدة له في مواجهته للتيار الجهادي من جانب، والإخوان المسلمين من جانب آخر.

مع مطلع القرن الحالي، حدث إقبال من الجماهير على الاستماع إلى الرموز السلفية، حتى أصبحت مساجد المشايخ السلفيين تعج بآلاف الحضور خلال أوقات دروسهم وخطبهم، خاصة بعد أن شرعوا في الظهور من خلال القنوات الفضائية “الإسلامية” ذات الهوى السلفي، مثل قناة الناس والرحمة والحكمة، وانتشرت مظاهر اللحية وغطاء الرأس والثوب الأبيض والنقاب والإسدال والعباءة السوداء، وتميزت بعض الأحياء بالشكل السلفي، من مكتبات تبيع الكتب الدينية، ودكاكين تبيع ملابس الرجال والنساء “الإسلامية”، وعطور المسك والسواك وخلافه، كمنطقة مسجد “العزيز بالله” بحي الزيتون بالقاهرة.

مع مرور الوقت ومنذ ظهور التيار السلفي التي مررنا عليها سريعاً وحتى الوقت الحاضر، تعددت الشخصيات والجماعات المختلفة التي تتبنى السلفية كشعار لها، ولم يأتلفوا في مجموعة واحدة أو على الأقل ينسقوا جهودهم، وذلك نتيجة الخلاف بإزاء بعض المسائل الدينية، أو المواقف الواقعية، أو وسيلة تغيير المجتمع.

ساهم في وجود تلك السيولة أن السلفية بطبيعتها منهج فكري يقوم على تقرير أصل الاتباع والاقتداء، وليست جماعة تنظيمية، أو مجموعة من الاختيارات الفقهية المحددة، ونتيجة أيضاً للبعد الزماني وتعقد مشكلات المجتمعات الإسلامية أكثر عن ذي قبل.

ومن أهم ما أدى إلى تلك السيولة، انكماش معنى السلفية شيئاً فشيئاً، فتحولت من إطار فكري إسلامي حضاري جامع إلى مجموعة اختيارات ومظاهر شكلية، وأُخرجتْ كثير من الشخصيات والجماعات الإسلامية من مظلة السلفية الحديثة على يد شخصيات وجماعات أخرى([12])، فانشطرت السلفية في مصر بالنظر إلى منهج التغيير، إلى سلفية علمية دعوية تنشغل بالجانب العلمي الديني ولا تتدخل في السياسة، وترى أن الدعوة السلفية العلمية الدعوية هي طريقة التغيير الهادئة والأنسب، وسلفية جهادية ترى أن المجتمع لن يتغير إلا بالحركة المسلحة ومقاومة الحكام للتمكن من إزالة أنظمتهم والحكم بالشريعة الإسلامية، والسلفية الحركية وترى أهمية الانشغال بالسياسة الشرعية وتتبنى النهي عن مخالفات الحكام علانية وتدعو إلى تحكيم الشريعة ومنابذة من ينحيها. ومَن هم خارج هذه التقسيمات كانوا يُسمَّون بالسلفيين المستقلين، الذين اختاروا عدم الانضمام إلى أي تجمع والانخراط في العمل الدعوي بصورة فردية، عن طريق الدروس الدينية وخطبة الجمعة والفضائيات “الإسلامية”.

وظهر تقسيم آخر ذو بعد جغرافي، فأصبحت هناك سلفية الإسكندرية، وسلفية القاهرة، والأول يشير بالخصوص إلى جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية والتي انبثق عنها بعد ذلك حزب النور، وسلفية القاهرة والتي انبثق عنها بعد ذلك حزب الأصالة ثم الفضيلة، وكان هذا التقسيم مشهوراً في الحقل السلفي([13]).

(٣) الخريطة السلفية قبيل ثورة ٢٥ يناير

سنتحدث تحت هذا العنوان باختصار، عن الحالة التي كانت عليها الخريطة السلفية، في الفترة الزمنية التي سبقت الثورة مباشرة.

وقد كانت ملامح التيار السلفي العامل في هذه الفترة: التركيز على الدعوة والعمل الخيري، والإحجام شبه التام عن السياسة، وذلك بعد تقليم أظافر التيار أمنياً بعزل جميع الناشطين السياسيين داخله، بإيقافهم عن مزاولة نشاطهم أو باعتقالهم.

١- الرموز السلفية المستقلة

هم مجموعة من المشايخ ليس لهم عمل تنظيمي معين ولا ينخرطون في أي جماعة، هم فقط يتمحورون حول مسجد ما ويلقون الدروس الدينية وخطب الجمعة في مسجدهم الأساسي والمساجد الكبيرة الأخرى ذات التوجه السلفي المنتشرة في أنحاء البلاد([14])، وأشهرهم جماهيرياً: محمد حسان، ومحمد حسين يعقوب، وأبو إسحاق الحويني، ومحمود المصري.

وبعد أفول عصر الأشرطة الصوتية، ومع بداية القنوات الفضائية سلفية الهوى، مثل قناة الناس، والحكمة، والرحمة، ذاع صيت هؤلاء المشايخ أكثر.

وقد وجد أيضًا بعض الدعاة السلفيين أصحاب المدارس الفردية لكن غير منفتحين على الجماهير، كأسامة عبد العظيم ومحمد الدبيسي وأبي ذر القلموني، وإن كان لهم طلابهم السلفيون المواظبون على دروس المسجد.

لم يكن لرموز هذا التيار اهتمام سياسي بالواقع المصري، ونشطوا بصورة كبيرة في الدعوة الدينية المحضة إلى المحافظة على العبادات وفي الإفتاء وتدريس بعض كتب التراث وما شابه ذلك، وزادت الأشرطة الصوتية ثم الفضائيات وخاصة قناة الناس والرحمة والحكمة من جماهيريتهم.

وقد تعاملت هذه الرموز بمرونة وإيجابية مع استخدام القنوات الفضائية لتوصيل رسالتهم، وقد نجحوا في ذلك بصورة كبيرة.

وفيما يخص الواقع المحيط فكانوا بعيدين عنه، فلم يتناولوه في دروسهم أو خطبهم، واكتسب تلاميذهم هذه السلبية وصبوا جل اهتمامهم على “طلب العلم” والحديث عن العبادة والأخلاق، دون انشغال بمشاكل واقعهم والحديث عن السياسة والمجتمع. وهي سلبية وُجدت عند غالب التيار السلفي.

وقبيل الثورة وبالتحديد عام ٢٠٠٩ وفي تصريح غريب، أشاد محمد حسان بكلمات حسني مبارك ودور مصر تجاه القضية الفلسطينية، مما عده البعض تزلفاً للنظام.

٢- جماعة الدعوة السلفية([15]):

أسس بالإسكندرية الشباب الجامعي الرافض للانضمام لجماعة الإخوان “المدرسة السلفية”، والتي أصبحت بعد ذلك “الدعوة السلفية”.

وهي الجماعة التي صدر عنها حزب النور بعد ثورة ٢٥ يناير، وأبرز رموزها: محمد إسماعيل المقدم – محمد عبد الفتاح – أحمد فريد – سعيد عبد العظيم – أحمد حُطيبة – ياسر برهامي.

أغلب رموز الجماعة كانوا معنيين بالدروس الدينية الأسبوعية وخطب الجمعة، خاصة بعد الاستهداف الأمني للعمل التنظيمي لهم عام ١٩٩٤م، إلا القيادي ياسر برهامي، الذي استمر بنشاط في العمل التنظيمي بالإضافة إلى هذه الدروس، مما شكل ما يشبه الجماعة داخل الجماعة، فكان يشرف على موقعين، صوت السلف، وأنا السلفي، وله تلاميذ هم بدورهم يكوّنون مجموعات للتدريس لها والتعاون في العمل الدعوي والخيري، بإشراف برهامي، وله رجال مقربون منه كعبد المنعم الشحات، ومصطفى دياب، ومصطفى محمد، وغريب أبو الحسن وغيرهم.

واهتمت الجماعة وخاصة برهامي وتلاميذه بتقرير مسألة الحكم بالشريعة الإسلامية وإلزاميتها، فسلطوا الضوء بشكل مركز على أن الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة الإسلامية هو “طاغوت” لا تجب طاعته وكانوا في صراع فقهي مع من يخالفهم في هذا، خاصة الجامية والمدخلية.

والعجيب أنهم قد انتخبوا لاحقاً من تنطبق عليه تلك المواصفات عند النظر في أدبياتهم، وشكلوا أكبر حملة داعمة له، وصرحت قياداتهم أنه ليس مسؤولاً عن “تطبيق الشريعة” لكن البرلمان هو المسؤول، وقالوا إنه – أي عبد الفتاح السيسي – ليس ضد الشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى تصريح بعض قياداتهم أن المادة الثانية من دستور ما بعد انقلاب ٣ يوليو تكفي لأسلمة الدستور والقوانين، رغم وجود نفس المادة منذ ثمانينيات القرن الماضي وتصريحاتهم السابقة بعدم كفايتها وأنها هامشية، في مخالفة صريحة لمبادئهم.

وركزوا في هذه الفترة أيضاً على نقد تجربة الإخوان السياسية والبرلمانية، وكانت تنشط ردودهم بهذا الصدد أكثر في أوقات الانتخابات البرلمانية، فكانوا يفتون بحرمة الترشح والانتخاب، لأن الديمقراطية مذهب “كفري” ولأن دخول مجلس الشعب ليس له أثر في التغيير ويجعل الإسلاميين يقدمون تنازلات دينية ويضربون مثلاً على ذلك بما عدوه تنازلات دينية من قيادات إخوانية كعبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان، وأن السلطات تستخدم الإسلاميين وتتركهم يشاركون في البرلمان بأعداد قليلة لتجميل وجهها لا أكثر، وهو الأمر الذي سيفعله حزب النور بعد ذلك عندما يشارك باثني عشر عضواً في البرلمان الحالي، في تناقض صارخ مع مواقفه السابقة.


٣- جماعة أنصار السنة المحمدية

ظلت جماعة أنصار السنة المحمدية تمارس دورها بنشاط واسع في الدعوة الإسلامية والأعمال الخيرية، عن طريق مساجدها ومراكزها المنتشرة بكثرة في ربوع مصر، ومن خلال مجلتها الشهرية مجلة التوحيد، نائية بنفسها عن أي حديث في السياسة أو مشاركة بآلياتها، مع الحفاظ على التأكيد على طاعة ولاة الأمور من وقت لآخر.

ومن أبرز رموز الجماعة: رئيسها السابق جمال المراكبي، والحالي عبد الله شاكر، وعبد العظيم بدوي نائب رئيس الجماعة، وعادل السيد، مؤلف كتاب (الحاكمية والسياسة الشرعية عند شيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية)([16])، والذي صدر قبل الثورة بعام، ويحاول الكاتب فيه إثبات أن الرئيس المصري حينها حسني مبارك هو ولي أمر شرعي تجب طاعته، وأن المنهج السلفي ومنهج شيوخ أنصار السنة عبر تاريخها يحث على طاعة الحكام وعدم الخروج عليهم. وقد صرح رئيس جماعة أنصار السنة الشيخ عبد الله شاكر قبيل الثورة بعدم وجود مانع لدى الجماعة من ترشح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية([17]).

٤- تيار السلفية الحركية

هذا ما يطلقه البعض على قيادات سلفية بالقاهرة؛ لتميز منهجهم عن السلفية العلمية الدعوية البحتة بأنهم يهتمون بالأحداث السياسية، ويبدون رأيهم فيها ويعارضون الرئيس مبارك ويصرحون بذلك، بالإضافة إلى دعمهم للبلاد الإسلامية المحتلة وحركات المقاومة بها، وقد تعرضوا للاعتقال والتعذيب بسبب ذلك في مقرات جهاز أمن الدولة.

وأبرز رموز هذا التيار: محمد عبد المقصود، وفوزي السعيد، وحسن أبو الأشبال، ونشأت أحمد، وسيد العربي، ومصطفى سلامة. وقبيل ثورة ٢٥ يناير مُنعوا من إلقاء الدروس والمحاضرات أو الظهور في الفضائيات، لكن ظل جمهورهم موجودًا بسبب التسجيلات الصوتية التي سجلوا فيها دروسهم وخطبهم السابقة على منعهم، والموجودة بكثرة على شبكة الإنترنت.

وقد نأى هذا الصنف بنفسه عن نقد الشخصيات والجماعات الإسلامية الأخرى بصورة كبيرة، باستثناء بعض الحالات التي رأى فيها أن المخالف يجب التحذير منه، وأبرز مثال على ذلك سجالات محمد عبد المقصود قبل إيقافه، مع أحد أفراد التيار المدخلي حينها، أسامة القوصي، والتي حظيت باهتمام الوسط السلفي ومتابعته، وقد أدى ذلك إلى هدر الكثير من الأوقات والجهود.

٥- التيار المدخلي/ الجامي

التيار المدخلي/ الجامي أو المدخلية/ الجامية أو المداخلة، كلها ألقاب تطلق نسبة إلى الشيخ السعودي ربيع المدخلي، ونسبة إلى الشيخ الإثيوبي الأصل محمد أمان الجامي، وقد تأثر بتيارهم في مصر فريق من السلفيين، أبرز دعاتهم محمد سعيد رسلان بمحافظة المنوفية، ومحمود لطفي عامر رئيس فرع جماعة أنصار السنة سابقاً بمدينة دمنهور، ومحمد إبراهيم بالقاهرة، وطلعت زهران بالإسكندرية، وهشام البيلي بالقليبوية.

واشتهروا قبل الثورة بالاهتمام بالدعوة إلى طاعة الرئيس الأسبق مبارك وعدم الخروج عليه، وتبديع من يرى خلاف ذلك مثل جماعة الإخوان المسلمين وبعض السلفيين.

وكذلك كانوا في أخذ ورد مع جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية حول الحاكم الذي لا يحكم بالشريعة الإسلامية، فكانوا يرون أنه صاحب معصية فقط وليس كافراً كما تقول الجماعة.

وكذلك شغل المفكر الإسلامي سيد قطب حيزاً كبيراً من اهتمام المدخلية؛ حيث كانوا يرونه مبتدعاً خطيراً قاد كثيراً من الشباب إلى التطرف بكتاباته.

ولقد عُرفوا بمساعدة الأجهزة الأمنية ضد خصومهم من الإسلاميين، ولم يعدّوا ذلك أمراً مشيناً باعتبار أن الأجهزة الأمنية تبع لولاة الأمر ويجب طاعتهم في حين أن خصومهم من “أهل البدع”.

وقد رصد ناشطون بالقاهرة توزيع بعض أعضاء الحزب الوطني (حزب حسني مبارك) لأشرطة محمد سعيد رسلان عن نقد الإخوان المسلمين، أثناء الانتخابات البرلمانية عام ٢٠٠٥.

٦- تيار السلفية الجهادية

قبيل انطلاق ثورة ٢٥ يناير، كان ناشطو السلفية الجهادية والمؤيدون فكرياً لهم وللأفكار الجهادية عموماً في السجون، وقامت قوات الأمن باعتقالات جماعية لعشرات السيناويين المشتبه بهم في حمل أفكار سلفية جهادية والقيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل، إضافة إلى اعتقال جميع من يعتنق الفكر الجهادي السلفي في القاهرة والإسكندرية وغيرها من المحافظات والتعذيب الممنهج ضدهم، وكان من أواخرهم اعتقالاً الشاب سيد بلال الذي كانت له ميول جهادية، والذي قتل تحت وطأة التعذيب بجهاز أمن الدولة بالإسكندرية لمجرد فكره الجهادي.

على جانب آخر، خرج العديد من الجهاديين من مصر إلى جبهات القتال المفتوحة، مثل أفغانستان والعراق، وكان الوجود الجهادي في هذا الوقت في مصر خارج السجون قليلاً للغاية وسرياً، ونشط بعض أفراده على شبكة الإنترنت وخاصة المنتديات الجهادية، وانشغلوا بقضايا العراق وأفغانستان والشيشان والصومال وغيرها من البقاع التي يحدث فيها اعتداءات على المسلمين، وكذلك أخذ الجدال حيزاً كبيراً من اهتماماتهم، حول بعض القضايا الفكرية، والخلاف في تكفير بعض الشخصيات والجماعات، ونقد الإخوان المسلمين في مصر والعراق، ونقد حركة حماس في فلسطين لأنها لا تحكم بالشريعة في غزة ولقتلها الشيخ أبو النور وجماعته في مسجد ابن تيمية في الواقعة المشهورة، وقد امتدت تلك الخلافات إلى داخل السجون والمعتقلات، مما يعكس حالة الفراغ المعرفي والعملي الذي يعاني منه التيار.

 

(٤) منعطف الثورة والانقلاب

كان المنعطف الأخطر الذي واجه جماعات ورموز التيار السلفي في مصر، هو منعطف ٢٥ يناير ٢٠١١ وما تلتها من وقائع، خاصة الانقلاب العسكري في ٣ يوليو ٢٠١٣، فقد فتحت تلك الأحداث الباب على مصراعيه أمام اختيارات وممارسات جديدة، وتحالفات غير مسبوقة، لم تكن تلك الجماعات والرموز قد أعدت لها أو مارستها أو درستها من قبل؛ مما أدى إلى تخبط وفوضوية نتج عنها تغييرات عدة في الخريطة السلفية المصرية.

وظهرت الأحزاب السياسية السلفية المختلفة بدون إعداد كاف ونظر متأن، مما أوجد اضطراباً في الممارسة أنتج تنافساً سياسياً مشحوناً. ومواقف وبيانات وتصريحات بعض الأحزاب السلفية بإزاء التحالف مع الجيش أو بعض الأحزاب العلمانية أو ردة أفعالهم تجاه الأحداث الجارية المتتابعة، أظهرت ردوداً بالإنكار من البعض الآخر، حتى تطور الأمر إلى التبديع والوصف بالنفاق واتباع الخوارج وغيرها من الاتهامات بين الجماعات السلفية. وتبدلت مواقف شخصيات وجماعات سلفية إلى النقيض دون تبرير واضح لأتباعهم، الذين عد بعضهم ذلك رجوعاً عن الحق و”انتكاسة”.

هذا باختصار شديد ما ساد المشهد السلفي السياسي من ملامح بعد الثورة، والذي انتهى بانحسار الجماعات والرموز السلفية بصورة كبيرة عن المشهد.

أما بعد ٣ يوليو ٢٠١٣، فيضاف إلى ذلك سبب من أهم أسباب الضمور الذي أصاب الجماعات والرموز السلفية، وهو استهداف السلطات في مصر للتيار الديني عموماً، سعياً للحد من التجمعات الإسلامية التي قد تكرر فرز نماذج سياسية معارضة تحشد الجماهير حولها للتغيير، فصمت جزء من التيار السلفي لتفادي موجة الاستهداف الأمني، ولجأ ثانٍ إلى الهجرة خارج البلاد، وانصهر ثالث في النظام الجديد.

أوجدت تلك الحالة من التشظي والضعف مناخاً من التيه أصاب الجمهور السلفي/المتدين لتلك الجماعات والدعاة، وسادت حالة من الإحباط لدى السواد الأعظم من الشباب، فأصبح لا يثق في أحد من الرموز السلفية ولا يسمع لهم، ولم يعودوا يمثلون مرجعية دينية عنده، وبقي جزء آخر من جمهور تلك الجماعات والرموز في حالة من الحيرة لكنه بقي مديناً بالولاء لهم.

  • الخريطة السلفية من الثورة إلى الانقلاب

 

١- الرموز السلفية المستقلة

لم تشارك الرموز السلفية المستقلة في ثورة ٢٥ يناير، بل رأوها فتنة وتدميراً للبلاد، وقام بعضهم كالشيخ محمد حسان بالنزول إلى ميدان التحرير لدعوة المتظاهرين ضمنياً إلى التراجع، وكذلك فعل محمود المصري على شاشة التليفزيون الرسمي المصري، وحرم بعضهم التواجد في ميدان التحرير كأسامة عبد العظيم.

وكان موقفاً سلبياً إلى حد كبير ظهر فيه عدم إدراك هذه الرموز للتغيير الذي يحدث حولهم، وكان ذلك انعكاساً لعزوفهم عن الاهتمام السياسي والشعبي في خطابهم السابق على الثورة.

بعد تنحي حسني مبارك بأيام احتفت أغلب هذه الرموز بالثورة وبزوال حسني مبارك، واجتمعت بعض الرموز السلفية المستقلة على تشكيل “مجلس شورى العلماء”، من أبرز أعضائه محمد حسين يعقوب، محمد حسان، مصطفى العدوي، وانضم إليهم سعيد عبد العظيم من جماعة الدعوة السلفية، وجمال المراكبي وعبد الله شاكر من جماعة أنصار السنة. وانضم إليهم أبو إسحاق الحويني لاحقاً.

لم يتعد دور المجلس نطاق إصدار البيانات والتوفيق بين الفصائل الإسلامية الأخرى في بعض الأوقات التي تشتعل فيها الأزمات بينهم، وفي بيانه الأول دعا إلى التصويت بنعم على استفتاء مارس ٢٠١١، وقرر أن الطريق الصحيح لتطبيق الشريعة الإسلامية هو تربية المسلمين علي عقائد الإسلام وأحكامه وآدابه من خلال الوسائل الشرعية المتاحة، وأفتى بأنه لا مانع من المشاركات السياسية في مجلس الشعب والشورى والمحليات، معللاً ذلك بأنها من وسائل التمكين للدعوة ونشرها بين فئات المجتمع، ولكنه رأى أن لا يترشح العلماء والدعاة بأنفسهم “حتى لا ينشغلوا عن الدعوة إلى الله وإنما يقدمون من يتبني قضايا الإسلام ومصلحة الأمة”([18]).

وقد أيّد مجلس شورى العلماء الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى والثانية، وشارك محمد حسان في “الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح” التي تأسست بعد تنحي مبارك، وهي هيئة تنسيقية جمعت أبرز رموز التيار الإسلامي والأزهر؛ فيما يشبه نواه لإيجاد “أهل الحل والعقد” المذكورين في كتب السياسة الشرعية، وكان حسان النائب الثاني لرئيسها.

لم يؤسس مجلس شورى العلماء حزباً سياسياً ولم يدعم حزباً قائماً، بل وقف على مسافة وسط بين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية.

ونشطت رموز هذا التيار دعوياً بعد الثورة بصورة كبيرة، وأخذ الواقع السياسي حيزاً لا بأس به من خطابهم، مقارنة بعهدهم السابق على الثورة([19]).

وقد تميز هذا القسم من السلفيين بالمرونة وعدم الحدة في التعامل مع التيارات الأخرى، وبإعطاء الدور الدعوي مساحة كبيرة من خطابهم.

 

 

٢- جماعة الدعوة السلفية:

رفضت الجماعة المشاركة في الثورة ورأت أنها مؤامرة، وبعد تنحي مبارك نظمت الجماعة مؤتمرات عديدة في ربوع مصر، احتفت فيها بـ”سقوط” مبارك وأثنت على شباب الثورة وحذرت من المساس بالمادة الثانية من الدستور، والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.

وقد افتعلت بهذا معركة غير حقيقية حول المادة الثانية التي كانت محل إجماع وطني – باستثناء أقوال شاذة ليس لها وزن مجتمعي – ولكن الجماعة رأت في افتعالها لهذه المعركة حشداً لشبابها حولها بعد أن اختلت صورتها في نظر قطاع من جمهورها نتيجة موقفها السلبي من الثورة، فأوجدت هذه المعركة وبالغت في اختلاق ما يحاك بمصر من مؤامرات أغلبها غير حقيقي، وكل ما ذكروه تقريباً يتعلق بإلغاء المادة وبالتالي نشر الإلحاد والشذوذ والعري بصورة كبيرة.

ثم شاركت الجماعة بقوة في حشد الجماهير للتصويت بنعم على التعديلات الدستورية في ١٩ مارس ٢٠١١ ورأت في ذلك انتصاراً للإسلام في مصر، ثم بعد مرحلة مترددة قررت إنشاء حزب النور، لكن بطريقة غير مباشرة عن طريق شخصيات مقربين منها وليس من بينهم رموزها المشهورة، مما أدى إلى نشأة الحزب في البداية بمشاركة الطيف الواسع من السلفيين وليس فقط المنتظمون في الجماعة، وهذا الذي أكسب الحزب زخماً وقوة.

ولكن سرعان ما رأى ياسر برهامي الشخصية التنظيمية الأقوى أن الحزب “يُسرق” من جماعته؛ فوجّه الأعضاء الموالين له بضرورة إحكام القبضة على الحزب، وذلك لأن قيادات كثيرة في الحزب لا تأتمر بأمر برهامي وترى فيه غير مسؤول عن الحزب خاصة وأنهم ليسوا من الجماعة.

وبعد مرحلة من الشد والجذب والخلاف الخفي والمعلن على وسائل الإعلام مع رئيس الحزب عماد عبد الغفور وتياره، والذي نجح في الحصول على 22% من مقاعد البرلمان الأول لصالح الحزب، انتهت المعركة بسيطرة حديدية لبرهامي ورجاله على الحزب، بينما انفصل عبد الغفور وتياره الذي كان ضد سيطرة برهامي مؤسسين فيما بعد حزب الوطن، ولكن خرج القيادي الأبرز على المستوى الروحي محمد إسماعيل المقدم بمقال في جريدة الفتح التابعة للجماعة، يؤكد فيه أن حزب النور هو الحزب التابع للدعوة وليس الوطن، مما أدى مع أسباب أخرى إلى ضمور حزب الوطن.

في انتخابات الرئاسة الأولى بعد الثورة، أيّد حزب النور عبد المنعم أبو الفتوح في محاولة منه للحد من نفوذ الإخوان المسلمين، وبعد انحسار المنافسة بين محمد مرسي وأحمد شفيق، لم يجد الحزب بديلاً عن انتخاب مرسي كاختيار اضطراري، وبعد إعلان مرسي رئيساً سرعان ما توترت العلاقة بين النور والإخوان بصورة أكبر، بدأ على إثرها حزب النور معارضة شديدة للرئيس محمد مرسي، وتحالف حزب النور مع التحالف المدني/ العلماني المسمى “جبهة الإنقاذ”، ضد حكم مرسي وسياساته، ووقف حزب النور موقف العداء لبقية حركات وشخصيات تيار الإسلام السياسي، وحاول أن يظهر في صورة الإسلامي المعتدل الحكيم المحافظ على الوطن، مقارنة بالإخوان الذين كانت تجري شيطنتهم في ذلك الوقت.

وعندما زادت الدعوات وانتشرت للتظاهر ضد حكم مرسي في ٣٠ يونيو، صرح الحزب أنه لن يشارك في أي تظاهرات ضد أو مع الرئيس، تعللاً بالحفاظ على الوطن وحتى لا يزيد الاستقطاب السياسي، وقد عُد ذلك وسطية فارغة المضمون وسلبية أمام تظاهرات تمثل الثورة المضادة، ومحاولات حثيثة لإسقاط أول رئيس مدني في مصر الثورة.

وقبيل الانقلاب العسكري بيوم واحد نصح حزب النور الرئيس محمد مرسي بالاستجابة للمعارضة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

وعلى صعيد علاقاتهم بالمجلس العسكري، تعددت اللقاءات بين عدد من رموزه وقيادات الجيش، وأيدوا المجلس العسكري، ورأوا في سقوطه سقوطاً للبلاد، ورأى برهامي قُبيل انتخابات الرئاسة الأولى أن يقوم التيار الإسلامي بترشيح رئيس من الجيش يكون غير معارض للشريعة الإسلامية.

وقد نجح المجلس العسكري في احتواء حزب النور وجره بعيداً عن معسكر الثورة، وقد رأى فيه الحزب بدوره الاختيار الآمن له بغض النظر عن أهداف الثورة، في برجماتية لم تكن متوقعة من حزب “سلفي”.

واستمرت الجماعة على الجانب الآخر في أنشطتها الدعوية، ولكن الانشغال السياسي قد أخذ حيزاً كبيراً من رصيد العمل الدعوي، وحدث انصهار شبه تام بين الجماعة والحزب.

٣- جماعة أنصار السنة المحمدية

بعد قيام الثورة شارك رئيسها عبد الله شاكر ورئيسها السابق جمال المراكبي في مجلس شورى العلماء، فكان شاكر رئيساً للمجلس، والمراكبي عضواً به. هذا المجلس الذي اهتم بالتعليق على المستجدات السياسية وأصدر أكثر من ثلاثين بياناً، وقد عد بعض مشايخ أنصار السنة كـ”عادل السيد” ذلك مخالفاً لمنهج الجماعة، مما جعله يرد على ذلك من خلال خطبه ودروسه، إلى أن وصل الأمر إلى أن قدم استقالته.

ولكن قواعد الجماعة ظلت محافظة على العمل العلمي الدعوي والنشاط الخيري ولم تشغلهم السياسة عن ذلك.

٤- تيار السلفية الحركية

أيّدوا ثورة ٢٥ يناير، وشاركوا فيها بخطاباتهم وبنفسهم، وهاجموا الحزب الوطني وحسني مبارك، وأفتوا بالنزول للانضمام إلى المتظاهرين، وبعد تنحي مبارك خرج من رحم تيار السلفية الحركية حزب الفضيلة ثم انشق عنه محمد عبد المقصود ليدعم تأسيس حزب الأصالة بقيادة أخيه مساعد وزير الداخلية السابق عادل عبد المقصود، إضافة لحزب كان تحت التأسيس اسمه حزب الهدف تابع لمصطفى سلامة.

وعاد على التوازي نشاط مشايخ التيار في إلقاء الدروس وخطب الجمعة والندوات والمشاركة بالقنوات الفضائية، وأخذت الأحداث على الساحة السياسية المساحة الأكبر من خطابهم، ومع الوقت اقترب رموزها من الإخوان لأنهم رأوا فيهم الأقدر على القيادة السياسية في هذه المرحلة، وقد انتُقد ذلك عليهم لأنهم بدوا مع الوقت وكأن قرارهم مرهون بقرار الإخوان دون تميز طرحهم الخاص.

على الجهة الأخرى حدث تنافر بينهم وبين جماعة الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور، وذلك بعد علاقة “مثالية” تلت الثورة مباشرة، هذا التنافر أخذ في الصعود تدريجيًّا حتى بلغ أقصاه قبيل الانقلاب العسكري منتصف ٢٠١٣م، فصاروا عند حزب النور في خانة “التكفيريين” وصار حزب النور عندهم في خانة “المنافقين”.

وعلى صعيد علاقاتهم بالمجلس العسكري، تعددت اللقاءات بين عدد من رموزهم وقيادات الجيش، ولم تكن هناك معارضة منهم للمجلس العسكري، لأنهم ظنوا أن في استمالته إلى التيار الإسلامي مصلحة، وحرصوا على عدم معاداتهم ليكونوا ظهيرا للتيار الإسلامي في حكمه للبلاد بدلاً من أن ينحاز إلى التيار العلماني، وقد نجح المجلس العسكري في وضعهم في هذه الدائرة، وفي الظهور أمامهم بمظهر الشخص الممكن استمالته من طرفهم، مع ثنائه عليهم وعلى شعبيتهم، مما جعلهم خلال هذه الفترة يعاملونه كفتى مدلل يعامله أبواه برفق لكسبه.

أما على صعيد التحالفات مع الحركات غير الإسلامية، فلم يقم هذا التيار بتحالفات مع أحزاب أو ائتلافات غير إسلامية، ورأى أن جبهة الإنقاذ التي ضمت رموزاً ليبرالية ويسارية هي عدوة للمشروع الإسلامي وتسعى لإسقاط حكم الرئيس محمد مرسي، وقد وقف هذا التيار بتصريحاته بشدة أمام مظاهرات الثورة المضادة ٣٠-٦ وحشد أتباعه للتظاهر ضدها مع مؤيدي الرئيس مرسي.

٥- السلفية المدخلية/ الجامية

عارضت السلفية المدخلية ثورة ٢٥ يناير وقالوا إنها فتنة وإن الخروج على الحكام سيدمر البلاد والعباد، ثم أفتوا بعدم جواز المشاركة في الانتخابات لأن الديمقراطية “كفر”، وعندما فاز مرسي بالرئاسة نادوا بطاعته، قال محمد سعيد رسلان: “فأما الرئيس المنتخب فله السمع والطاعة في المعروف”([20])، “لا يحل الخروج عليه ولا منازعته في الأمر، ومن الخروج عليه انتقادات سياسته والتشهير بطريقة إدارته والخوض في خصوصياته وسيرته، وتناوله بما لا يليق في المجامع أو رؤوس المنابر والندوات أو في المحافل والمسامرات”([21]).

ولكن على صعيد آخر استمر هذا التيار في نقد جماعة الإخوان ورموزها التاريخية؛ كحسن البنا وسيد قطب، وكذلك استمر في تبديع بقية التيارات السلفية.

ومما قوّى رأي مراقبين أن هذا التيار يعمل بتنسيق مع الأجهزة الأمنية خروج رسلان بخطبة جمعة عصماء خلال انتخابات الرئاسة، بعنوان: “ماذا لو حكم الإخوان مصر”، وفيها هجوم حاد على الإخوان في وقت غريب، ثم طبعت الخطبة ووزعت بشكل واسع على الناخبين، وأبرزت وسائل إعلام تابعة للنظام شخصية رسلان في سياق مدح له ولعلمه([22]).

وكذلك تحرك عبد الرزاق الرضواني من نفس التيار في إطار حملة ممنهجة لنفس الغرض.

٦- السلفية الجهادية

أثناء ثورة ٢٥ يناير، هرب كثير من الجهاديين من المعتقلات، وبدأت أولى العمليات بهجوم على مقر جهاز أمن الدولة برفح بشمال سيناء، في 29 يناير 2011م.

وبعدها بأسابيع أُفرج عن كثير من المعتقلين الجهاديين من السجون، من سيناء وخارج سيناء، بعضهم كان على علاقة بجماعة التوحيد والجهاد التي كانت فاعلة في سيناء، وبعضهم كان من معتنقي الفكر الجهادي وسبق لهم الجهاد في أفغانستان والعراق، ونتج عن هذا تشكُّل جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء لاستهداف “إسرائيل” ومستوطناتها القريبة بالصواريخ، وتفجير خطوط الغاز الواصلة إليها، مما عرف إعلامياً بعمليات “الملثم”.

وقد قام الجيش المصري باستهدافهم بعد توسع أنشطتهم، وردت الجماعة بعمليات استهدفت عناصر الجيش.

أما باقي العناصر الجهادية خارج سيناء، فقد رأوا أن مرحلة بعد الثورة هي مرحلة “إبراز الدعوة الإسلامية الصحيحة بكل أبعادها وأهدافها المأمولة لا سيما بعد انحراف كثير من الدعاة والدعوات عن النهج المستقيم؛ حيث مال كثير منهم إلى الليبرالية والديمقراطية ونظام الغرب ومنهجه في الحكم”([23]).

وأبرز رموز السلفيين الجهاديين خارج سيناء: محمد الظواهري، أحمد عشوش، داود خيرت، عادل شحتو، مرجان سالم، جلال الدين أبو الفتوح، توفيق العفني، سيد أبو خضرة.

وقد تواجدوا والمتأثرون بهم في ميدان التحرير إبان الفعاليات المختلفة، ودخلوا في حوارات موسعة مع الأطياف الأخرى، ووزعوا كتبهم ورسائلهم، وظهرت قياداتهم في الإعلام المرئي الإسلامي وغير الإسلامي على حد سواء. وأسس أحمد عشوش مجموعة طليعة السلفية المجاهدة، وأسس سيد أبو خضرة أنصار الشريعة بالإسكندرية.

وقد بدء جهاز الأمن الوطني في ملاحقتهم للحد من انتشارهم في ذلك الوقت، الأمر الذي قابله التيار السلفي الجهادي بالتظاهرات أمام قصر الاتحادية للمطالبة بوقف ذلك والإفراج عن المعتقلين الجهاديين.

 

(٥) الخريطة السلفية بعد ٣ يوليو ٢٠١٣

 

١- الرموز السلفية المستقلة

وُصف موقف هذا التيار بالمتذبذب، فقد تعاملت الرموز السلفية المستقلة مع الانقلاب العسكري وما تلاه من أحداث على أنه مجرد أزمة ودورها هو الوساطة لحلها، فلم يؤيدوا حركة الانقلاب علناً ولم يؤيدوا معارضيها أيضاً، وطالبوا بعد حصول الانقلاب وانتهاكاته الحقوقية بعودة مرسي رئيساً للبلاد، وإيقاف الاعتقالات، وعقد مصالحة وطنية. وقد عدوا ما قام به المجلس العسكري من انقلاب “لون اجتهاد” لا يطعن في حبه للبلاد([24])، في تصريح عجيب ينم عن عدم إدراك لحقيقة ما يحدث والمخطط الذي يجري تنفيذه على قدم وساق.

لكن أيضًا وجدت تصريحات مؤيدة لمعارضي الانقلاب، فبعد اعتصام معارضي الانقلاب في ميدان رابعة والنهضة، وجه لهم محمد حسين يعقوب نداء بالثبات والصمود([25]).

وعندما طلب السيسي التفويض الشعبي باستخدام القوة لفض الاعتصامات، قال أبو إسحاق الحويني في بيان له إن هذا أمر منكر لا يجوز شرعاً ولا عُرفاً… قد يؤدي إلى حرب أهلية، وفيه ما فيه من سفك الدماء المحرمة. وقال إن ما دعاه لنشر هذا البيان ما لمسه من الفريق السيسي عندما قابله من “محبة للدين” وأنه “رجل متدين”([26]).

وقد أتى هذا البيان فيما يشبه النصيحة الموجهة لأحد رواد المسجد الذي يخطب فيه الشيخ، لا لقائد حركة مسلحة مغتصبة لحكم البلاد ومتورطة في سفك دماء المصريين.

وبعد فض اعتصام رابعة نزل حسان ويعقوب إلى المحتشدين في ميدان مصطفى محمود، وقال حسان للغاضبين: “دمي ليس أغلى من دمائكم”، وقال يعقوب: “اثبتوا نصركم الله… بالروح بالدم نفديك يا ديننا… ودمنا دون دمكم”([27]). وبعد ساعات قليلة غادر الشيخان بعد ما قيل أزمة صحية.

توقف “مجلس شورى العلماء” عن الانعقاد وإصدار البيانات، وتنوعت أحوال أعضائه،  فسافر الحويني واستقر في دولة قطر ممارسًا الدعوة وإلقاء الدروس الدينية هناك، فيما استمر مصطفى العدوي في إلقاء دروسه العلمية والدعوية في بعض المساجد بمصر، إضافة إلى لقاءات للفتوى في قناة الندى الإسلامية، وتوقف يعقوب عن اللقاءات الجماهيرية والفضائية مكتفياً بمسجده الصغير حيث يلتقي فيه بخاصة طلبته، أما حسان فاستمرت قناته الفضائية قناة الرحمة بصورة عادية ولكنه قلل من الظهور عما قبل، وكان آخر ظهور مهم له في ذكرى فض اعتصام رابعة يوليو ٢٠١٦م.

وهو من مرات الظهور القليلة التي ظهر فيها حسان، والتي قرئت كلها تقريباً بأنها تصب في مصلحة النظام الجديد، كظهوره بعد فض الاعتصامات خلال موسم الحج لينهى عن الحديث في السياسة خلال الحج رداً كما يبدو على حملة انطلقت حينها لتعريف الحجاج بما جرى في مصر من سفك للدماء خلال فض الاعتصامات، وظهر على جبل عرفات يدعو للجيش المصري بعد مرحلة قامت فيها قيادات الجيش بالانقلاب على الشرعية وإسقاط الدستور والتورط في انتهاكات بالقتل والاعتقال للمعارضين السياسيين، ووصولاً إلى ظهوره الأخير مع عبد الله شاكر والمراكبي والذي كانت خلاصته أن مؤيدي الشرعية هم السبب في سفك الدماء والسيسي لا ذنب له وقد فعل ما عليه.

 

٢- جماعة الدعوة السلفية:

في يوم الانقلاب شاركت جماعة الدعوة السلفية وحزب النور مع وزير الدفاع حينها الفريق عبد الفتاح السيسي في إعلان الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، وذلك من خلال القيادي في حزب النور والأمين العام له جلال مُرة([28]). في ظهور لم يُستغرب كثيراً بسبب مواقف حزب النور السابقة من تأييد للمجلس العسكري ومضادة للثورة وفصائلها.

وقد أدى ذلك الظهور الفج ذلك إلى انشقاق عدد من القيادات والأعضاء، أبرزهم القيادي التاريخي بالجماعة سعيد عبد العظيم وكان نائب رئيس الجماعة، وقد تبرأ من حزب النور وقال إنهم سقطوا في الفتنة وهاجمهم([29])، وخرج من مصر بعد ذلك بغير عودة، وكذلك القيادي أحمد السيسي الذي قال عن حزب النور إنهم خانوا الشعب المصري([30]).

بعد ذلك شارك حزب النور من خلال أحد أعضائه في لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وحشد أتباعه للموافقة على دستور ٢٠١٤م، ولانتخاب الفريق عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية، وكانت حملة حزب النور لتأييد السيسي أقوى الحملات حينها، بصورة فاقت حملة السيسي نفسه.

وقاد حملة للترويج داخلياً وخارجياً بأن ما حدث في مصر ليس انقلاباً عسكرياً ولكن الجيش تدخل لتنفيذ إرادة الشعب الذي نزل في مظاهرات ٣٠ يونيو، وأن المظاهرات أثبتت أن تلك إرادة شعب مصر([31]).

ثم شن التيار المدني/العلماني حملة على الحزب بأنه حزب ديني وطالبوا بحل الحزب وهاجموه إعلامياً، وقد قابل هذا حزب النور بحملة دفاعية عن نفسه بأنه حزب لكل المصريين المسلمين والأقباط وليس حزباً دينياً، ثم ترشح بعض أفراد الحزب في انتخابات البرلمان ٢٠١٥م وحصل الحزب على اثني عشر مقعدًا.

بعد ذلك قل نشاط حزب النور بشكل كبير مقارنة بنشاطه منذ بدايته، وكذلك قل ظهور العديد من أعضائه الفاعلين، كنادر بكار وأشرف ثابت وبسام الزرقا، وكذلك انحسر ظهور ياسر برهامي وتعليقه على الأحداث السياسية. مما حدا بالبعض أن يثبت بذلك أن الجماعة والحزب كانوا مكلفين من جهة ما خلال فترة ما بعد الثورة بأدوار إجهاضية للثورة، وانحساره ما هو إلا لانتهاء دوره المنوط به، وخروجه بأمان مع مكسب تأسيس حزب وبعض مقاعد البرلمان مع عمل حزبي غير مزعج.

واستمرت الدروس والخطب التي يلقيها مشايخ الجماعة وخاصة أحمد فريد وأحمد حطيبة وياسر برهامي والمقربون منه، مع اعتزال للقيادي المؤسس محمد إسماعيل المقدم للمشهد حيث قيل إنه معترض على سيطرة برهامي على الحزب والجماعة ولكنه لا يريد التصريح بذلك حرصاً على عدم تفكك الجماعة.

٣- جماعة أنصار السنة المحمدية

أيدت أنصار السنة السيسي في مناسبات مختلفة بتصريحات قوية، أبرزها تصريح نائب رئيس الجماعة عبد العظيم بدوي([32]).

وبعد نشاط سياسي له بعد الثورة من خلال مجلس شورى العلماء، انزوى رئيس أنصار السنة عبد الله شاكر تماماً منذ البيان الأخير للمجلس في يوليو ٢٠١٣، حتى ظهر بعدها بثلاث سنوات في ذكرى فض رابعة، مع محمد حسان وجال المراكبي رئيس أنصار السنة السابق، على شاشة قناة الرحمة التابعة لحسان.

وخلال هذا اللقاء صدر بيان يكشف تفاصيل وساطة شاكر ومن معه بين جماعة الإخوان وقيادات المجلس العسكري قبل فض الاعتصامات، وأنهم التقوا السيسي وطالبوه بحقن الدماء وعدم فض الاعتصامات بالقوة، وأن السيسي وافق بشرط عدم الاعتصام في الطرق الحيوية التي تؤدي إلى المطار وغيره، وطالبوه بالإفراج عن المعتقلين فقال السيسي إنه سيوافق على هذا في حالة فتح الطرق، ووافق أيضاً على الجلوس للتفاوض مع الإخوان كأكبر حزب سياسي في مصر.

وبعد هذا اللقاء الذي وصفه البيان بالمبشر بالخير مع المجلس العسكري، قال الثلاثة إنهم فوجئوا برفض تحالف دعم الشرعية والإخوان. واستمر هذا الوضع حتى حدوث فض الاعتصامات([33]). وقد رأى مراقبون أن هذا البيان في هذا التوقيت (ذكرى فض الاعتصامات) يصب في مصلحة السيسي بتبرئة ساحته.

على صعيد آخر استمرت الجهود الدعوية والخيرية لجماعة أنصار السنة المحمدية، في مساجدها ومقارها المنتشرة، ويؤكدون من آن لآخر دعمهم للسيسي والجيش المصري في مواجهة “الإرهاب”.

٤- تيار السلفية الحركية

أيد مشايخ تيار السلفية الحركية الرئيس محمد مرسي وعارضوا الانقلاب العسكري منذ لحظته الأولى، مما أدى إلى اعتقال فوزي السعيد ومصطفى سلامة، وخروج نشأت أحمد ومحمد عبد المقصود من مصر فرارًا من استهداف أمني متوقع.

واعتقل أيضاً سيد العربي ثم خرج بعدها بأيام لظروف صحية، وتوقف عن أي نشاط دعوي أو سياسي، شأنه شأن حسن أبو الأشبال الذي كان يؤيد الأستاذ حازم أبو إسماعيل بقوة في تياره المعارض.

ويعقد عبد المقصود ونشأت دروسهما وخطبها خارج مصر والتي يتم تسجيلها ليتسنى لمتابعيهم الاستماع إليها ومشاهدتها على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تركيز الأول بشكل أكبر على التعليق المستمر على الأحداث السياسية المستجدة.

وتفكك الحزبان اللذان انبثقا عن هذا التيار، حزب الفضيلة والأصالة، وخرجت قياداتهما خارج مصر.

٥- السلفية المدخلية/ الجامية

لم يتغير نهج التيار السلفي المدخلي، فقد مر بمرحلة من فقدان التوازن إبان الانقلاب العسكري، ولكن سرعان ما انتُخب السيسي رئيساً لمصر، ومن ثم أعلن رموز التيار دعمهم له وطاعته، وركزوا بصورة كبيرة على نقد الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى المعارضة، ووصفوهم بالتكفيريين والخوارج والإرهابيين.

إضافة إلى استمرارهم في إلقاء الدروس العلمية التي تشرح العقيدة السلفية ومنهج السلف وغيرها من المواد الشرعية.

٦- تيار السلفية الجهادية

شملت تحركات الانقلاب العسكري حملة اعتقالات لرموز تيار السلفية الجهادية خارج سيناء، في القاهرة والإسكندرية والقليوبية وغير ذلك، هذا القسم الذي كان يرى أن المرحلة مرحلة دعوة وبيان لأحكام الإسلام فقط، أما القسم الثاني المسلح والذي يتركز بشكل أساسي في سيناء فقد أعلن الحرب على الجيش المصري والشرطة بعد الانتهاكات التي تلت الانقلاب.

زادت حدة المواجهات بين القوات الأمنية والسلفية الجهادية، وتركزت العمليات في سيناء بشراسة ولكنها امتدت أيضًا إلى العاصمة وغيرها من المدن، فاستهدفت وزير الداخلية محمد إبراهيم بسيارة مفخخة في مدينة نصر بالقاهرة ونجا بأعجوبة، وكان قائد المفخخة ضابطاً سابقاً بالجيش المصري اسمه الرائد وليد بدر، واستهدفت مديرية أمن القاهرة بمفخخة أيضاً مما أودى بحياة عدد من المجندين والضباط وإصابة العشراء، وكذلك حدث لمديرية أمن الدقهلية، وغير ذلك من العمليات التي تبنتها أنصار بيت المقدس.

وبعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية “قيام الخلافة” المزعوم، اختلفت قيادات أنصار بيت المقدس فيما بينها، فأعلن قسم منهم البيعة لأبي بكر البغدادي زعيم التنظيم، ورفض القسم الآخر وانشق، وأبرز المنشقين كان نقيباً سابقاً بالجيش المصري يدعى هشام عشماوي، وضابط سابق بالجيش أيضاً اسمه عماد الدين عبد الحميد، وهو قائد المجموعة التي نفذت هجوم الواحات الكبير ضد الشرطة المصرية في العشرين من أكتوبر ٢٠١٧، ثم تمت تصفيتها بعد أحد عشر يوماً في صحراء الواحات بواسطة طائرات الجيش، ولم ينجُ منها إلا فرد ليبي.

  • استشراف

 

  • على صعيد التيار عموماً

من خلال عرض خريطة التيار السلفي المصري، يتضح التنوع الكبير لمكوناته، وأنه ليس نسيجاً واحداً له قائد أو عدة قادة يديرونه بأكمله، وهذا التيار أيضاً لا يقتصر على الجماعات أو التيارات المذكورة؛ بل هو حالة فكرية أعم وأوسع من ذلك، وكل ما في الأمر أنه تم حصر غالب نشاطه المنظم أو شبه المنظم فقط، وهذا لا يعني عدم وجود مجموعات أخرى صغيرة وشخصيات ذات تأثير.

إن التيار السلفي يشمل أيضاً الأشخاص المتدينين بأصول الفكرة السلفية وفي نفس الوقت لا ينضمون إلى جماعة ولا يرتبطون بشيخ واحد؛ بل يضع الواحد منهم لنفسه نظاماً ما لممارسة حالة التدين الشخصية، فيسمع لرجال دين سلفيين متعددين ربما يكونون على خلاف فكري لا يلاحظه هذا الشخص الذي غالباً ما يعتني أكثر بالجانب التعبدي النسكي البحت كمشاهدة حلقة تتحدث عن الصلاة، أو بالجانب العلمي الديني كالاستماع إلى مقطع صوتي يشرح كتاباً في علم الحديث، على سبيل المثال.

هؤلاء الأفراد يمارسون دورهم في التأثير في المجتمع المصري من خلال تحركاتهم الطبيعية بين أصدقائهم وأقاربهم وجيرانهم وزملائهم في العمل، خاصة وأن هذا التأثير سيكون بدافع ديني تحت بند الدعوة الإسلامية، والتي من التأكيد أنها ستكون بمحددات سلفية، مما سيوسع من دائرة التيار السلفي العام كنتيجة طبيعية لهذه الديناميكية المجتمعية.

لكن ثمة عوامل سوف تجعل تلك الدائرة لا تتوسع بأريحية وباستمرار، أولها ذاتي يتعلق بعدم استمرار جميع الأفراد في ممارسة الدعوة لأسباب تتعلق بالضغط النفسي على الفرد نتيجة الصراع بين محاولات الانضباط الديني والمغريات المنتشرة في البيئة المحيطة.

وثانيها خارج عن الذات السلفية، فعمل الدولة المستمر لتعميم نموذجها الفكري العلماني، والذي يضاد بالطبع الفكرة الدينية ككل ومن ضمنها الفكرة السلفية، سيشكل تحدياً كبيراً أمام انتشار السلفية، وذلك لامتلاك الدولة الإعلام الأقوى مضافاً إلى إعلام رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة؛ فيُواجه النموذج السلفي في التدين من خلال الأفلام والمسلسلات والإذاعة والجرائد، ويُستخدم رجال دين أيضاً إلى جانب الأساليب الأخرى للإقناع الفكري المغاير، مما سيبتعد بقطاع كبير من الشعب عن الفكرة السلفية واعتناقها.

يُضم إلى هذا التضييق الأمني على الدعاة بشكل عام، سواء بالاعتقال، أو بث حالة أمنية مخيفة للمتدينين جعلت بعضهم يغادرون البلاد أو يحجمون عن ممارسة العمل الدعوي، أو بالمنع من ممارسة الدعوة العلنية.

كل هذا سيحد من الانتشار السلفي، على عكس الوضع السابق على ثورة ٢٥ يناير على سبيل المثال، فقد كان هناك تضييقاً أمنياً لكنه محدود جداً إذا قورن بالوضع الحالي.

لكن هذا الحد لن يمنع من اتساع الدائرة السلفية بإطلاق بسبب ما ذكرنا من وجود تحرك مجتمعي طبيعي لتيار واسع من السلفيين، يضاف إلى ذلك وجود منصات التواصل الاجتماعي التي تتيح للسلفيين وسائل أخرى لبث دعوتهم وفكرهم ونشر أدبياتهم وتراث مشايخهم.

  • العمل المنظم/ شبه المنظم

أما بالنسبة للجماعات والقيادات السلفية المعنية بتغيير المجتمع وأسلمته بصورة منظمة أو شبه منظمة فسوف تستمر في مواجهة إشكالية ذاتية تتمثل في عدم وضوح المنهج السلفي نفسه من زاوية البناء المجتمعي والتغيير الحضاري، وبالتالي اختفاء الرؤية المحددة والعملية للتغيير أو للتعاطي مع وتيرته، وهذا يلاحظ من الاختلاف الكبير بين مجموعات التيار السلفي السابق ذكرها في طريقة النظر إلى المجتمع وقضية التغيير وسؤال السلطة والشريعة وغير هذا.

فانحصر المنهج السلفي لديها في زاوية فكرية وتعبدية بحتة دون أن ينتج عنه مشروع إسلامي حضاري أو طريقة ما مؤصلة للتعامل مع المتغيرات السياسية والمجتمعية المعاصرة.

جذور هذه الإشكالية تكمن في أن القيادات الروحية التاريخية التي أعادت إحياء هذا التيار في العصر الحديث في مصر كمحمد رشيد رضا، لم تعتمد أطروحاتهم عند المعاصرين، وإنما اعتمدت مرجعيات لم تضع فيما وضعت ما يصلح أن يفيد في تلك الأبواب، وكذلك يقال في العديد ممن أخذوا على عاتقهم سابقاً تجديد الدماء في هذا التيار، من الشيوخ والدعاة.

فمن أكبر الأمثلة على المرجعيات، الشيخ محمد عبد الوهاب، الذي تجمع التيارات السلفية بتنوعاتها على أنه نفخ الروح في الأفكار السلفية من جديد بعد أن اندثرت ودرست، وقد كانت رسالته غير معقدة بالمرة، وكانت حركته السياسية تعتمد على تلك المبادئ الإسلامية السهلة الواضحة ومحاربة من يرفضها، أو بمعنى أصح يرفض فهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب لها.

فنشأت السلفية المعاصرة في مصر بدورها أيضاً هذه النشأة غير المعقدة، مجموعة من الاعتقادات والمناسك، من قَبلها فهو معنا ومن لم يقبلها فليس منا.

فلم توجد رؤية لإدارة العلاقات المعقدة، أو التنوعات المجتمعية الكبيرة التي على السلفيين أن يتعاملوا معها، خاصة إذا كانوا أقلية في المجتمع، بلا قوة مادية، وبلا إمكانيات اقتصادية.

خرجت الحركة السلفية من هذا الرحم، واستمرت على هذا النحو، حتى فوجئت بأنها في واقع متغير، غير الموجود بالكتب، فصارت كل مجموعة “تجتهد” لتتعامل مع الواقع دون أي أصول سابقة أو كتالوج مساعد.

وحتى بعد أن واجهت هذه المجموعات إعصار الانقلاب العسكري في مصر وانهار حلم التغيير والأسلمة أمام العديد منهم، لم يدركوا بعد مدى عمق هذه الإشكالية وما ينتج عنها من ممارسات، لذلك لا يتوقع حدوث تغير كبير في الإطار العام للممارسة السلفية عما سبق ما دامت الرؤية مفقودة والمشروع التغييري غير مكتوب أو واضح في العقلية السلفية، ولو تكررت الأحداث مرة أخرى في المستقبل القريب سيتكرر معها نفس أسلوب التعاطي تقريباً، فقط مع تغير الأسماء والتواريخ.

أما إذا وُجدت الرؤية وكُتب مشروع تغييري واستُفيد من الممارسات والمرحلة السابقة، حينها سيكون هناك تغيير إيجابي؛ لما يتميز به التيار من دماء متجددة دوماً، ولما لديه من طاقات شبابية كثيرة ونوعية ربما لا توجد لدى تيارات أخرى.

عقبة كؤود ستواجه مريدي التغيير من التيار السلفي، ألا وهي أن العديد من المجموعات السلفية نفسها ستواجه هذا التغيير، فمثلاً التيار المدخلي لن يقبل بأي مشروع يحوي بين جنباته أي صورة من صور التضاد للحكم القائم، والجماعات السلفية الجهادية غير مؤمنة بأي حل غير جذري، وتأييد جماعة الدعوة السلفية وحزب النور لنظام السيسي سيجعلها دائماً نائية عن أي مشروع قد يفسد عليها تلك العلاقة.

لذلك من الممكن أن نلخص ما سبق بتوقع اتساع بطيء لنطاق الدائرة السلفية من الناحية الفكرية ونمط التدين، مع تفخخ هذه الدائرة بإشكالية انعدام تصور كيفية وملامح وخطط التغيير السياسي/ الاقتصادي/المجتمعي، والتضاد السلفي السلفي بإزاء مشاريع التغيير في حالة قيامها.

تحدٍ كبير أمام الشباب والكوادر السلفية القلقة بإزاء ما آل إليه واقع التيار السلفي، ودور كبير منوط بهم، لتنسيق الجهود وبدء عملية الإصلاح وتجديد الدم في عروق التيار، وعلاج آثار الماضي القريب. خاصة وأن فرص نجاحهم كبيرة، ولكن هل تجد هذه الفرص من يقتنصها ليحرك الماء الراكد ويقود مسيرة الإصلاح؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.

الاسم طريقة أسلمة المجتمع العمل السياسي الموقف من ٢٥ يناير الموقف من ٣٠ يونيو الموقف من المجلس العسكري بعد الثورة الموقف من المجلس العسكري بعد الانقلاب
الرموز السلفية المستقلة دعوية علمية بُعد عن السياسة قبل الثورة، وعمل سياسي على مستوى البيانات والتوفيق بين الفصائل بعد الثورة، واعتزال المشهد بعد الانقلاب. رفض. رفض. تأييد. متذبذب.
الدعوة السلفية وحزب النور دعوية علمية بعيدة عن السياسة قبل الثورة، ومشاركة سياسية بعد الثورة وحتى الآن. رفض. موقف متذبذب. تأييد. تأييد.
أنصار السنة دعوية علمية اعتزال للسياسة قبل الثورة، ومشاركة سياسية عن طريق البيانات والتوفيق بين الفصائل أثناء الثورة عن طريق قليل من قياداتها، وعزلة سياسية بعد الانقلاب. رفض. رفض. تأييد. تأييد.
السلفية الحركية دعوية علمية حركية اهتمام بالواقع السياسي قبل الثورة، مشاركة سياسية بعد الثورة، وبعد الانقلاب من خلال معارضة الانقلاب تأييد رفض تأييد مع شيء من النقد رفض
المدخلية دعوية علمية عزلة عن السياسة في جميع المراحل. رفض رفض تأييد تأييد
السلفية الجهادية مسلحة مشاركة سياسية قبل وأثناء الثورة وبعد الانقلاب، عن طريق نقد الأنظمة والتحريض على قتالها. تأييد رفض رفض رفض

([1] ) “مدلول السلفية أصبح اصطلاحاً جامعاً يطلق على طريقة السلف في تلقي الإسلام وفهمه وتطبيقه”. د/ مصطفى حلمي، (قواعد المنهج السلفي في الفكر الإسلامي)، ص١٧٦، ط: دار الكتب العلمية، ط: ١، ٢٠٠٥م.

([2] ) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، (٣/٩).

([3] ) سورة المائدة، آية ٩٥.

([4] ) من كلام النبي عليه الصلاة والسلام لحكيم بن حزام، البخاري (١٤٣٦)، مسلم (١٢٣).

([5] ) السمعاني، لوامع الأنوار، (1/20) .

([6] ) هنري لاووست، نظريات شيخ الإسلام في السياسة والاجتماع، ص٣٢. ينظر: د. محمد يسري إبراهيم، طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة، ص٥٦، ط: دار اليسر، ط:٣، القاهرة.

([7] ) للاطلاع على التسميات المختلفة وبعض أمثلتها، ينظر: د. محمد يسري إبراهيم، (مصدر سابق) (ص٤٩-٦١).

([8] ) كريم عبد المجيد، السلفية العثمانية إحيائية إسلامية في مواجهة البدع الصوفية، موقع إضاءات، ٢٣-٨-٢٠١٥م.

([9] ) وقد جمع كلامه المتناثر عن الوهابية في كتاب له مستقل بعنوان: (الوهابيون والحجاز)، ط: المنار، ١٣٤٤هـ.

([10] ) فعلى سبيل المثال، اعترض رشيد رضا على أخبار ظهور المهدي ولم يقبل فكرة ظهوره آخر الزمان، ورأى أن أحاديث الآحاد لا تثبت بها مسائل العقيدة.

([11] ) بخلاف “الجماعة الإسلامية” الموجودة بمصر حالياً.

([12] ) ولتقريب هذا المعنى، فقد خرجت “الجمعية الشرعية” مثلاً من عباءة السلفية ولم يعتبرها أغلب السلفيين “سلفية” مع كونها قد نصت على ذلك في بيانات تأسيسها وعلى لسان مؤسسها، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين، وجماعات التصوف السني، وجماعة التبليغ والدعوة وغيرها، رغم أن كل هذه الجماعات تتبنى منذ نشأتها الفكرة السلفية بمعناها العام.

([13] ) بالطبع لا تحصي هذه التقسيمات جميع السلفيين؛ فالتيار السلفي تيار ضخم ومتشعب، ويضم بخلاف المذكورين مجموعات صغيرة أخرى، ولكنا نذكر هنا أبرز الفاعلين.

([14] ) مثل مسجد الرحمة بالهرم بمحافظة الجيزة، ومسجد العزيز بالله في حلمية الزيتون بالقاهرة.

([15] ) للمزيد ينظر: (من المسجد إلى البرلمان دراسة حول الدعوة السلفية وحزب النور)، معتز زاهر، ٢٠١٥، مركز تكوين، لندن.

([16] ) ط: (دار الإبانة)، القاهرة، ٢٠٠٩م.

([17] ) جريدة المصري اليوم، ١٣-٤-٢٠١٠م.

([18] ) البيان الأول لمجلس الشورى العلماء، ٢-٣-٢٠١١م، موقع المجلس الرسمي shora-alolamaa.com

([19] ) كان الشيخ يعقوب قبل الثورة ينهى الشباب عن الانشغال بقراءة الجرائد والسياسة، والاستعاضة عن ذلك بقراءة القرآن والانشغال بما يفيد.

([20] ) مقطع يوتيوب بعنوان: (رسلان: السمع والطاعة لد. مرسي وليست لمرشد أو حزب أو جماعة)، ٢٩-٦-٢٠١٢م.

([21] ) مقطع يوتيوب بعنوان: (رسلان: لا يجوز انتقاد سياسات د.مرسي على منابر أو قنوات)، ٦-٧-٢٠١٢م.

([22] ) موقع رسلان الرسمي، ٢٥-٥-٢٠١٢م.

([23] ) مقطع يوتيوب بعنوان: (رسلان: لا يجوز انتقاد سياسات د.مرسي على منابر أو قنوات)، ٦-٧-٢٠١٢م.

([24] ) البيان الثالث والثلاثون لمجلس الشورى العلماء، ٧-٧-٢٠١٣م، موقع المجلس الرسمي shora-alolamaa.com

([25] ) يوتيوب: يُذاع لأول مرة موقف الشيخ محمد حسين يعقوب من الإنقلاب والإخوان وإعلام الضلال.

([26] ) جريدة الأهرام، أبو إسحاق الحويني يروي تفاصيل لقاءه بالسيسي، ٢٦-٧-٢٠١٣م، نقلًا عن الصفحة الرسمية للحويني.

([27] ) يوتيوب: الشيخ محمد حسان يوم فض رابعة (دمى ليس أغلى من دمكم).

([28] ) موقع يوتيوب، مقطع بعنوان: (قناة النهار كلمة جلال مرة أمين حزب النور بعد بيان السيسى)، ٣-٧-٢٠١٣م.

([29] ) موقع يوتيوب، مقطع بعنوان: (الشيخ سعيد عبدالعظيم لحزب النور: ألا في الفتنة سقطوا).

([30] ) موقع يوتيوب، مقطع بعنوان: (الشيخ أحمد السيسي يلقن حزب النور درساً ويعيد روح الثورة).

([31] ) موقع يوتيوب، مقطع لـ ياسر برهامي بتاريخ ١٨-١٠-٢٠١٥.

([32] ) حيث قال عن السيسي قائد حكيم ومخلص وقال إنه في حفره قناة السويس الجديدة يشبه ذا القرنين عند بنائه السد. يوتيوب: (مقارنة بين سد ذو القرنين وقناة السويس للشيخ عبد العظيم بدوي).

([33] )  لتفاصيل البيان كاملة، جريدة المصريون، (المراكبي وحسان وشاكر يكشفون تفاصيل الوساطة بين الإخوان والسيسي)، ١٧-٨-٢٠١٦م.

زر الذهاب إلى الأعلى