تقاريرمراجعات

اضطرابات في الأفق ٢٠٢٤

(دراسة استشرافية لأهم الاضطرابات الكبرى المتوقعة خلال العشر سنوات القادمة)

في السنوات الأربعة الأخيرة، شهد العالم عدة اضطرابات كبرى: جائحة كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، وانقطاع سلسلة التوريد العالمية، وارتفاع تكاليف المعيشة، ثم الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. هذه الاضطرابات الأربعة لم يتوقعها أكثر الناس، وفاجأت أكثر دول العالم، مما جعل ردود الأفعال مضطربة ومرتبكة وارتجالية في كثير من الأحيان. لذلك تسعى الدول إلى محاولة معرفة وتوقع أكثر الاضطرابات احتمالا ومدى تأثيرها، ومن ثم الاستعداد ورصد الموارد للتعامل معها بحسب احتمال وقوعها ومدى تأثيرها.

قام المركز بجمع وتحليل مدخلات من حوالي 500 من المتخصصين وخبراء الاستشراف عبر حكومة كندا وخارجها.

 

وإذا كان التنبؤ بالاضطرابات الكبيرة القادمة صعبا، لكن من الأهمية بمكان محاولة استكشاف الاضطرابات المحتملة وتوقع السيناريوهات المستقبلية المحتملة. حتى الأحداث والظروف التي تبدو بعيدة أو غير محتملة يمكن أن تصبح فجأة حقيقة واقعة، في حين أن الاضطرابات المتداخلة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات مجتمعية مركبة.

مركز الدراسات “آفاق السياسات Policy Horizons“، مركز تابع للحكومة الكندية، يقوم بدعم صناع القرار في حكومة كندا في تحديد واستكشاف الاضطرابات والأزمات المحتملة لتمكين إنشاء سياسات قوية ومرنة.

 

في تقرير للمركز بعنوان “الاضطرابات في الأفق – ٢٠٢٤“، قدم المركز دراسة استشرافية للاضطرابات التي يُتوقع حدوثها خلال السنوات العشر القادمة. يهدف التقرير إلى مساعدة صناع القرار في التفكير في كيفية الاستعداد لهذه الاضطرابات وتحديد السياسات المناسبة للتعامل معها.

ولتقييم هذه الاضطرابات، قام المركز بجمع وتحليل مدخلات من حوالي 500 من المتخصصين وخبراء الاستشراف عبر حكومة كندا وخارجها. وقد قدموا رؤاهم من خلال دراسة استقصائية، حيث قاموا تحديدا بتقييم الجوانب التالية لكل اضطراب:

  1. نسبة الاحتمالية ومقدار التأثير: أي ما مدى احتمالية حدوث التهديد، ومدى التأثير الذي يمكن أن يُحدثه، لو حدث؛
  2. الأفق الزمني: أي متى يُتوقع أن يحدث؛
  3. العلاقات البينية: أي في حالة حدوث اضطراب واحد، ما هي الاضطرابات ذات الصلة التي ستكون أكثر احتمالاً أن تحدث بسببه.

 

سلط التقرير الضوء على 35 تهديدًا محتملاً قد تواجهها كندا (وربما أي بلد آخر) في المستقبل القريب. تم تقسيم هذه الاضطرابات المحتملة إلى مجموعات: اجتماعية، اقتصادية، سياسية، صحية، وبيئية. كان من اللافت أن يسجل التقرير اضطرابا مُحتملا باندلاع حرب أهلية أمريكية، خلال ٦ سنوات، ما يوجب على الحكومة الكندية أن تفكر في الاستعداد لتداعياتها. جاء وصف هذا الاضطراب المحتمل في كلمات قليلة:

“تصاعد الانقسامات الأيديولوجية في الولايات المتحدة، والتآكل الديمقراطي، والاضطرابات الداخلية، مما يؤدي إلى إغراق البلاد في حرب أهلية.”

نقدم هنا عرضا لأهم مخرجات هذا التقرير، وقراءة نقدية لبعضها، مع استنتاج لعلاقة بعض هذه التهديدات المحتملة بالعالم العربي.

 

أولا: القائمة الكاملة للاضطرابات المحتملة

الاضطرابات الاجتماعية:

  1. انهيار الدعم الاجتماعي لكبار السن
  2. الذكاء الاصطناعي يخرج عن السيطرة وينطلق بشكل جامح
  3. الاحتياجات المعيشية الأساسية لا تتم تلبيتها
  4. تراجع الطبقة الوسطى يصبح هو القاعدة
  5. الغذاء يصبح نادرا لا يسد رمق الشعوب
  6. الرجال يتسربون من التعليم ويعانون من البطالة والوحدة، مع التحديات الناشئة عن الهوية الجنسية
  7. لا يستطيع الناس التمييز بين المعلومات الصحيحة والزائفة، سواء من المحتوى البشري أو الناتج بالذكاء الاصطناعي
  8. الصدامات القائمة على القيم والهوية والثقافة تقسم المجتمع، وتتحول لصدامات عنيفة

 

الاضطرابات الاقتصادية:

  1. كان من اللافت أن يسجل التقرير اضطرابا مُحتملا باندلاع حرب أهلية أمريكية، خلال ٦ سنوات، ما يوجب على الحكومة الكندية أن تفكر في الاستعداد لتداعياتها.

    سييل وتجارة البيانات الحيوية للناس على نطاق واسع (بما في ذلك بصمات الأصابع، ومسح القزحية، وصور الوجه، والمعلومات الصحية، والحمض النووي)

  2. الطاقة لا يمكن الوصول إليها وغير موثوقة (بعد أن تبين التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة أكثر تعقيدا من الناحية الجيوسياسية مما كان متوقعا، مما يؤدي إلى اعتماد غير متساو في جميع أنحاء العالم. يواجه العديد من الأشخاص في كندا حالة من عدم اليقين بشأن الطاقة من حيث التوافر والموثوقية والتكلفة)
  3. الأسلحة البيولوجية محلية الصنع تنتشر بسرعة (مع سهولة ورخص تكلفتها وتوفر تقنياتها)
  4. ديون الأسر العقارية تصل إلى نقطة إعلان الإفلاس
  5. المهاجرون لا يختارون كندا وجهة لهم
  6. البنية التحتية والممتلكات غير قابلة للتأمين، مع خشية شركات التأمين من الكوارث الطبيعية والمناخية
  7. الاقتصادات الكبرى تواجه أزمات الدين العام، مما يقلص نفقاتها على الخدمات الاجتماعية
  8. لا يستطيع الناس أن يعيشوا بمفردهم، مما يجبرهم على العيش في عائلات ممتدة (أحيانا من عدة أجيال)
  9. يتم تسويق الفضاء مع تأخر خضوعه للتنظيم القانوني بسبب التحديات الجيوسياسية
  10. يشهد الشمال القطبي طفرة اقتصادية، مما يؤثر على تغييره ديموغرافيا ومناخيا
  11. الموارد الطبيعية الحيوية نادرة (مثل الماء والرمال والمعادن) مع زيادة الطلب عليها

 

الاضطرابات البيئية:

  1. فقدان التنوع البيولوجي (وكذا القدرة على استرداده) وتنهار النظم البيئية
  2. الاستجابة لحالات الطوارئ مرهقة وغير كافية لمواجهة تداعيات التغير المناخي
  3. الهندسة الجيولوجية، وهي المعنية بتقليل درجة حرارة الأرض وتأثيرات تغير المناخ، مثل إزالة الكربون والهندسة الجيولوجية الشمسية (التي تعكس ضوء الشمس بعيدًا عن الأرض)
  4. اعتبار البيئات الصحية حقا من حقوق الإنسان، والضغط على الحكومات لتوفيرها
  5. أصبحت العديد من المناطق الكندية غير صالحة للسكن نتيجة لحرائق الغابات والفيضانات، ما يؤدي لنزوح داخلي

 

أعلى خمسة اضطرابات مُحتملة: 1.⁠ ⁠عدم القدرة على التمييز بين المعلومات الحقيقية والزائفة 2.⁠ ⁠فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم البيئية 3.⁠ ⁠زيادة الكوارث الطبيعية وارتفاع شدة الطوارئ 4.⁠ ⁠الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية 5.⁠ ⁠تزايد نفوذ المليارديرات على السياسات العامة

الاضطرابات الصحية:

  1. المضادات الحيوية لم تعد تؤثر، بسبب مقاومتها نتيجة الأنظمة الغذائية، مما يرفع تكلفة الغذاء الحيواني والنباتي (الطبيعي)
  2. انهيار أنظمة الرعاية الصحية
  3. الصحة النفسية في أزمة

 

الاضطرابات السياسة والجغرافيا السياسية:

  1. المليارديرات يديرون العالم، بما يملكون من منصات التواصل الاجتماعي وشركات ومؤسسات تعليمية تشكل قيم ومعتقدات الناس، ويتجاوزون بها الحكومات المنتخبة.
  2. الوحدة الوطنية الكندية تتفكك، وتفقد الهوية المشتركة مع بروز نزعات انفصالية في عدة مقاطعات
  3. اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، بسبب الانقسامات الفكرية وتآكل الديمقراطية
  4. الهجمات الإلكترونية تعطل البنية التحتية الحيوية (مثل الماء والكهرباء والإنترنت وخطوط إمداد الغذاء)
  5. انهيار الأنظمة الديمقراطية لصالح الأنظمة الاستبدادية
  6. تحكم الشعوب الأصلية في الأراضي غير المتنازل عنها، حتى في مناطق كثيفة السكان
  7. التحالفات الدولية في تغير مستمر
  8. اندلاع الحرب العالمية، تحت ضغط التنافس الشديد على التفوق التكنولوجي وموارد الطاقة وإمدادات الغذاء، وإجبار الدول على الانحياز لأحد الأطراف

 

ثانيا: أعلى عشرة اضطرابات مُحتملة:

من بين 35 تهديدًا، هناك عشرة تم تصنيفها على أنها الأعلى تأثيرًا واحتمالاً، وهي:

  1. 1. عدم القدرة على التمييز بين المعلومات الحقيقية والزائفة:

– التأثير: يؤدي إلى تفكك اجتماعي وزيادة عدم الثقة في المؤسسات والمعرفة التقليدية.

– الاحتمالية: عالية، خاصة مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى والمعلومات.

– الزمن المتوقع: خلال ثلاث سنوات.

 

  1. 2. فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم البيئية:

   – التأثير: يهدد الاحتياجات الأساسية مثل الهواء النظيف والمياه والغذاء، ويؤدي إلى زيادة الأمراض والمشاكل الصحية.

– الاحتمالية: مرتفعة بسبب تغير المناخ والتلوث.

– الزمن المتوقع: خلال سبع سنوات.

 

  1. 3. زيادة الكوارث الطبيعية وارتفاع شدة الطوارئ:

– التأثير: يؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وفقدان الحياة، وزيادة حالات النزوح.

– الاحتمالية: مرتفعة مع تزايد تأثيرات تغير المناخ.

– الزمن المتوقع: خلال ست سنوات.

 

  1. 4. الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية:

– التأثير: تعطيل الخدمات الأساسية مثل الإنترنت والكهرباء والماء والنقل.

– الاحتمالية: عالية بسبب تزايد الاعتماد على التكنولوجيا وتطور أساليب الهجمات الإلكترونية.

– الزمن المتوقع: خلال أربع سنوات.

 

  1. 5. تزايد نفوذ المليارديرات على السياسات العامة:

– التأثير: يمكن أن يؤدي إلى قرارات غير متوازنة تؤثر على المجتمع والديمقراطية.

– الاحتمالية: مرتفعة نظرًا لتزايد تركز الثروة والنفوذ الاقتصادي، وامتلاك المليارديرات لمنصات التواصل الاجتماعي، والمؤسسات الإعلامية والتعليم القادرة على توجيه قناعات الناس واختياراتهم، بما يتجاوز السلطات المنتخبة.

– الزمن المتوقع: خلال خمس سنوات.

 

  1. 6. انتشار الذكاء الاصطناعي بدون رقابة، وخروجه عن السيطرة:

– التأثير: يؤدي إلى تحديات غير متوقعة في الخصوصية والأمن والعدالة.

– الاحتمالية: عالية بسبب التقدم السريع في تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، الذي يمكن أن يتجاوز قدرة المجتمع على فهمه والتحكم فيه، مما يؤدي إلى مشكلات غير متوقعة.

– الزمن المتوقع: خلال ست سنوات.

 

  1. 7. ندرة الموارد الطبيعية:

– التأثير: يسبب نقصًا في المياه والمعادن الأساسية، مما يؤدي إلى نزاعات جيوسياسية.

– الاحتمالية: مرتفعة بسبب زيادة الطلب وتغير المناخ.

– الزمن المتوقع: خلال ثماني سنوات.

 

  1. 8. تراجع المستوى الاجتماعي:

– التأثير: يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الفقر وانعدام الأمان الوظيفي.

– الاحتمالية: مرتفعة مع تزايد صعوبة الوصول إلى امتلاك المسكن والعمل الآمن.

– الزمن المتوقع: خلال خمس سنوات.

 

  1. 9. انهيار الأنظمة الصحية:

– التأثير: عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الصحية اليومية والتعامل مع الأزمات الصحية.

– الاحتمالية: مرتفعة نظرًا للضغوط المتزايدة على الأنظمة الصحية.

– الزمن المتوقع: خلال ست سنوات.

 

  1. 10. انهيار الأنظمة الديمقراطية:

– التأثير: تراجع الثقة في المؤسسات الديمقراطية وتفككها، وذلك لحساب الأنظمة الاستبدادية.

– الاحتمالية: مرتفعة بسبب الأزمات السياسية والتوترات الاجتماعية.

– الزمن المتوقع: خلال ست سنوات.

 

تلك التوقعات الزمنية تعتمد بطبيعة الحال على الاتجاهات الحالية والتطورات المحتملة في المستقبل القريب، وتهدف إلى تحفيز صناع القرار على اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل مع هذه التهديدات

 

ثالثا: أعلى عشرة اضطرابات تأثيرا

إن تهديد (تراجع الثقة في المؤسسات الديمقراطية وتفككها)، وظهور بوادر له، ربما يغري كثيرا من أنظمة الحكم العربية بمزيد من الاستبداد، ومصادرة أي هامش ولو ضئيل من الحريات العامة.

أعلى 10 اضطرابات من ناحية قوة التأثير والتداعيات:

  1. اندلاع الحرب العالمية
  2. فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم البيئية
  3. انهيار أنظمة الرعاية الصحية
  4. اندلاع الحرب الأهلية في الولايات المتحدة
  5. صعوبة الاستجابة لحالات الطوارئ
  6. عدم كفاية الاحتياجات الأساسية المعيشية
  7. تعطيل الهجمات الإلكترونية للبنية التحتية الحيوية
  8. عدم قدرة الناس على التمييز بين المعلومة الصحيحة والزائفة
  9. انهيار الأنظمة الديمقراطية
  10. نفاد أو ندرة الموارد الطبيعية الحيوية

 

رابعا: تقييم التقرير

  1. 1. الموثوقية: يعد التقرير موثوقًا إلى حد كبير لأنه يصدر عن منظمة حكومية تابعة لحكومة كندا، بعيدة عن الأغراض التجارية أو الحزبية، بالإضافة إلى أن تطوير التقرير تم من خلال أبحاث وتحليلات مستفيضة شملت مجموعة واسعة من البيانات والمصادر العلمية.

 

  1. 2. الاحترافية: تم إعداد التقرير بواسطة فريق من الخبراء في مجالات مختلفة مثل السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والبيئة والصحة. كما اعتمد التقرير على أساليب بحثية وتنبؤية متقدمة لضمان دقة النتائج والتوصيات.

 

  1. 3. التعاون والمراجعة: التقرير غالبًا ما يتم مراجعته والمساهمة فيه من قبل خبراء خارجيين ومؤسسات بحثية لتوسيع نطاق التحليل وضمان الشمولية.

 

وبشكل عام يعتبر التقرير موثوقًا واحترافيًا نظرًا لاعتماده على منهجيات بحثية متقدمة واستشارات من خبراء متعددين في مختلف المجالات، مما يعزز من مصداقيته واستخدامه كأداة لتوجيه السياسات المستقبلية.

 

خامسا: التقرير والعالم العربي

  1. التقرير موجه للحكومة الكندية، ولكن كثيرا من الاضطرابات المذكورة يمكن أن تحدث في بلاد كثيرة، ومنها العالم العربي، الذي يمكن أن يستفيد من هذه الدراسة الاستشرافية المهمة.
  2. من اللافت أن التقرير لم يذكر من بعيد أو قريب أي اضطراب له علاقة بما يسمونه “الإرهاب الإسلامي”، والذي كان إلى عهد قريب، على رأس قائمة التهديدات التي يتكلم عنها الغرب عموما. هذا قد يعود إلى تراجع مثل هذا التهديد المزعوم في نظرهم، أو – وهو الأغلب – أنه كان تهديدا مصطنعا لأغراض سياسية، لا يصمد أمام أي دراسة استشرافية رصينة.
  3. بالتقرير ذكر غير مباشر للشرق الأوسط، لأن التهديدات تشمل الأزمات الجيوسياسية والنزاعات المستمرة التي تؤثر على استقرار المنطقة، وكذلك دور هذه المنطقة في سياق الطاقة العالمية والموارد الطبيعية.
  4. إن كثرة عدد الإضرابات المحتملة يشير إلى حالة السيولة الكبيرة التي تسود العالم، بحيث يمكن أن تقع اضطرابات كبرى مؤثرة من عشرات المصادر والأسباب المتنوعة. هذه في حد ذاتها تمثل توترا وقلقا، يمكن اعتباره اضطرابا قائما بذاته.
  5. برغم الجدل السياسي والشعبوي الذي تثيره مسألة الهجرة والمهاجرين في الغرب، إلا أن الواقع المتراجع للتناقص السكاني في أكثر دول الغرب، سيجعلها مضطرة لاستقبال مهاجرين جدد، وهو ما جعل كون (المهاجرون لا يختارون كندا وجهة لهم) تهديدا محتملا يثير القلق في بلد غني مثل كندا.
  6. إن خطر (تسييل وتجارة البيانات الحيوية للناس على نطاق واسع)، من أكثر التهديدات التي يمكن أن تؤثر على العالم العربي، ليس فقط من ناحية البيانات الشخصية مثل بصمات الأصابع، ومسح القزحية، وصور الوجه، والمعلومات الصحية، والحمض النووي ونحوها، ولكن الأخطر من ذلك البيانات الثقافية والفكرية والسياسية للشعوب، وبالتالي امتلاك الأدوات الكفيلة بالتأثير على قناعاتها وميولها، ربما إلى حد المسخ والتشويه.
  7. إن مجرد ظهور احتمالية جادة لاندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة، وإثارة مخاوف إقليمية في كندا بسبب الحدود الطويلة بين البلدين، ينبغي أن يثير مخاوف أكبر لدى العديد من الدول العربية التي تضع بيضها كله في سلة الولايات المتحدة، وينبغي أن يدفعها للابتعاد عن التبعية الكاملة التي تعيق كل آمال لنهضتها.
  8. إن تهديد (تراجع الثقة في المؤسسات الديمقراطية وتفككها)، وظهور بوادر له، ربما يغري كثيرا من أنظمة الحكم العربية بمزيد من الاستبداد، ومصادرة أي هامش ولو ضئيل من الحريات العامة.
  9. إذا كان تهديد (الهجمات الإلكترونية تعطل البنية التحتية الحيوية (مثل الماء والكهرباء والإنترنت وخطوط إمداد الغذاء) تأخذه دولة غنية تتمتع ببنية تحتية رقمية قوية مثل كندا، على محمل الجد، فإن أولى ببلادنا العربية أن تنتبه لهذا الخطر الداهم، والذي رأينا لمحة مرعبة عن تداعياته أثناء الانقطاع الهائل في تكنولوجيا المعلومات في ١٩ يوليو الماضي، والذي أصاب قطاعات حيوية واسعة في أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا.
  10. جدير بمراكز الدراسات ومستودعات التفكير المقدرة في عالمنا العربي أن تحاكي مثل هذه الدراسة الاستشرافية، مع مراعاة خصوصية المنطقة وأولويات همومها وقضاياها.

 

د. محمد هشام راغب

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى