قراءة الحدث

التوسع الاستراتيجي لتركيا في الصومال: الطاقة والأمن والسياسة

1-العلاقات التاريخية بين تركيا والصومال:

تعود العلاقات التاريخية بين تركيا والصومال إلى حقب تاريخية قديمة، حيث بدأت بوادر التقارب الثقافي والتجاري خلال العصر

تسعى تركيا منذ عام ٢٠٠٢ لتصبح فاعلًا مركزيًّا ودوليًّا، مما يجعل سياستها الخارجية ذات أبعاد متعددة ومتشابكة، لذلك زادت العلاقات التركية الصومالية قوةً وتطوُّرًا، خاصة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصومال عام 2011

العثماني، حينما لعبت الإمبراطورية العثمانية دورًا مهمًّا في منطقة القرن الإفريقي، حينها سعى العثمانيون إلى تعزيز وجودهم في البحر الأحمر والمحيط الهندي، الأمر الذي جعلهم يُمدِّون جسور التعاون مع الصومال، والتي كانت تقع على خطِّ التجارة العالمي المهم آنذاك.

في العصر الحديث، تسعى تركيا منذ عام ٢٠٠٢ لتصبح فاعلًا مركزيًّا ودوليًّا، مما يجعل سياستها الخارجية ذات أبعاد متعددة ومتشابكة، لذلك زادت العلاقات التركية الصومالية قوةً وتطوُّرًا، خاصة بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصومال عام 2011، والتي تُعدُّ أول زيارة لزعيم غير إفريقي للصومال منذ اندلاع الحرب الأهلية، وجاءت الزيارة ضمن جهود تركيا لتقديم المساعدات الإنسانية في أعقاب المجاعة التي ضربت البلاد، لتكون بداية مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، تبع ذلك افتتاح أكبر مستشفى في العاصمة مقديشو عام 2015 بسعة كبيرة، مما جعلها أكبر مؤسسة صحية في الصومال، بالإضافة إلى عدد من مشاريع البنية التحتية وبرامج التعليم والتدريب المهني.

2-مقدمة حول مستجدات العلاقات التركية في الصومال:

على المستوى الاستراتيجي تواصل تركيا تعزيز وجودها في الصومال عبر الاستثمارات والتعاون في مجال الطاقة؛ فقد أرسلت مؤخرًا سفينة الأبحاث ” الريس عروج ” لاستكشاف موارد الطاقة قبالة السواحل الصومالية، إضافةً إلى ذلك تقوم تركيا بتطوير شراكات في مجالات الأمن والتدريب، وتوقيع اتفاقيات في قطاع الطاقة مع دول أخرى، هو التوجُّه الذي يعكس حرص تركيا على توطيد علاقاتها في مناطق القرن الأفريقي، في خطوة تهدف لتوسيع وتأمين مصالحها الاستراتيجية.

وفي هذا السياق، يأتي إرسال سفينة “الريس عروج” إلى سواحل الصومال للتنقيب عن النفط، بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين أنقرة ومقديشو عام 2024، تتويجًا للجهود التركية للاستفادة من الموارد الصومالية في تعزيز أمن الطاقة وتقليل عجز استهلاك تركيا للطاقة البالغة تكلفته 50 مليار دولار سنويًّا. تَحرُّك أنقرة في هذا الاتجاه يُعدُّ محوريًّا في الأزمة التي يمرُّ بها الاقتصاد التركي والتي تُؤثِّر سلبًا على شعبية “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، في المقابل تأمل مقديشو في الحصول

ومن المتوقَّع أن يكون الحضور التركي البحري أمام سواحل الصومال سببًا في وضع أنقرة في قلب الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وذلك في ظل سعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري من إقليم “أرض الصومال” مقابل اعترافها باستقلاله عن دولة الصومال

على مصدر إيرادات جديد يعزز من قدرة الاقتصاد الصومالي، ويقلل من اعتماد الميزانية الحكومية على المنح من الجهات الدولية،  وفي هذا الإطار تقوم فرقاطتان تركيتان بمهام تأمين عمليات التنقيب عن النفط في ثلاث مناطق امتياز تبلغ مساحة كل منها خمسة آلاف كيلومتر مربع أمام سواحل الصومال، مما يُعزِّز من ثِقَل أنقرة باعتبارها قوة بحرية قادرة على العمل بعيدًا عن السواحل التركية، بما يتضمنه ذلك من اكتساب خبرة في الإمداد اللوجستي وتعزيز القدرات التشغيلية، كما يُكسب تركيا عمقًا بحريًّا استراتيجيًّا جديدًا يُضاف إلى وجودها في البحر المتوسط والبحر الأسود، ويُوفِّر لها حضورًا غرب المحيط الهندي.

ومن المتوقَّع أن يكون الحضور التركي البحري أمام سواحل الصومال سببًا في وضع أنقرة في قلب الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وذلك في ظل سعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري من إقليم “أرض الصومال” مقابل اعترافها باستقلاله عن دولة الصومال، خاصة مع وجود  قاعدة عسكرية وكلية حربية تركية تقع في مقديشو، تُعدُّ أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج من أجل تدريب الجيش الوطني الصومالي، ورغم ذلك يُرجَّح أن يزداد الحضور العسكري البحري التركي في الصومال بموجب “اتفاقية إطار التعاون الدفاعي والاقتصادي” الموقعة بين البلدين؛ فبمقتضاها ستشرف البحرية التركية على بناء وتطوير القوات البحرية الصومالية وحماية سواحل الصومال، ما سيُعزِّز الوجود التركي في القرن الإفريقي.

3-المنافسة الإقليمية والدولية على النفوذ في الصومال

تواجه تركيا منافسة إقليمية حادَّة في الصومال من قبل قوى إقليمية ودولية تشمل الإمارات العربية المتحدة، ومصر، وإثيوبيا، وعددًا من الدول الغربية، حيث تسعى كل من هذه الأطراف إلى تحقيق نفوذها الخاص في الصومال الذي يتمتع بموقع استراتيجي مهمٍّ على سواحل المحيط الهندي.

عملت تركيا على توسيع نفوذها من خلال اتفاقيات متعددة في مجال البنية التحتية والطاقة، وتدريب القوات الصومالية على يد جيشها، كما أنشأت قاعدة تدريب عسكرية في مقديشو، ومع ذلك، تُشكِّل الإمارات أحد أبرز المنافسين الإقليميين، حيث تركز من خلال مشاريعها على دعم بنية الموانئ وتطوير المرافق اللوجستية، مثل ميناء بربرة في أرض الصومال، الذي يمنحها تأثيرًا كبيرًا في التجارة البحرية الإقليمية.

مصر من جهتها تنظر إلى الصومال على أنها جزء من استراتيجيتها الأمنية المرتبطة بملف سد النهضة الإثيوبي، إذ تتخوَّف من نفوذ إثيوبي قوي على الأمن المائي، مما يُعزِّز رغبتها في دعم النفوذ الصومالي لتحجيم الدور الإثيوبي هناك، وتدعم القاهرة كذلك علاقاتها مع الحكومة الصومالية، بهدف تحقيق نفوذ أمني وسياسي يمنحها نقطة ارتكاز في القرن الإفريقي.

يشير هذا التنافس الإقليمي والدولي إلى أن الصومال أصبح ساحة للصراع من أجل السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية، خاصة بعد تزايد وتيرة الهجمات الحوثية على السفن التجارية والنفطية في البحر الأحمر، وتراجع الأمان في مضيق باب المندب والبحر الأحمر

إثيوبيا بدورها تعتبر الصومال منطقة حساسة لأمنها القومي، وتسعى أديس أبابا إلى منافسة النفوذ التركي في المنطقة عبر تقديم الدعم العسكري واللوجستي للحكومة الصومالية، علاوةً على ذلك، ترى إثيوبيا في صومال لاند منفذًا بحريًّا استراتيجيًّا محتملًا يُخفِّف من اعتمادها على موانئ الدول المجاورة ويتيح لها وصولًا مباشرًا إلى البحر الأحمر، مما يزيد من أهميتها الاقتصادية والسياسية، ويساعدها في تعزيز قدراتها التجارية الإقليمية والدولية، في ظل افتقادها سواحل بحرية خاصة بها.

أما الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، فتهدف إلى الحدِّ من الوجود الإقليمي المتزايد للصين وروسيا من جهة، وكذلك للحدِّ من النفوذ التركي في هذه المنطقة ذات أهمية الاستراتيجية، وتستخدم هذه الدول وسائل مثل الدعم المالي والمساعدات الإنمائية لمساعدة الحكومة الصومالية، كما تبني قواعد عسكرية لضمان حضورها العسكري هناك.

يشير هذا التنافس الإقليمي والدولي إلى أن الصومال أصبح ساحة للصراع من أجل السيطرة على الممرات البحرية الاستراتيجية، خاصة بعد تزايد وتيرة الهجمات الحوثية على السفن التجارية والنفطية في البحر الأحمر، وتراجع الأمان في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، مما أكسب السواحل الصومالية مثل مقديشو وبربرة، أهمية كبيرة باعتبارها منطقة يمكن للدول المتنافسة من خلالها تعزيز نفوذها الأمني والعسكري، وأصبحت الصومال نقطة تركيز لمختلف الأطراف، لقرب موقعها من الممرات البحرية التي تُعدُّ شريانًا حيويًّا للتجارة الدولية.

4-جوانب عناية تركيا بالصومال:

تهتم تركيا بالصومال لأسباب اقتصادية وجيوسياسية حيوية، فعلى المستوى الاقتصادي، يمتلك الصومال موقعًا مهمًّا على طريق التجارة الدولية، مما يجعله شريكًا واعدًا في مجال الطاقة والنقل، وتأمل تركيا في استغلال موارد الطاقة الصومالية لتلبية جزء من احتياجاتها الضخمة من الطاقة، والتي تبلغ تكلفتها حوالي 50 مليار دولار سنويًّا، إذ يوفر التنقيب عن النفط والغاز في السواحل الصومالية فرصة لتركيا لتعزيز أمنها في هذا المجال على المدى الطويل وتقليل اعتمادها على المورِّدين الدوليين، إضافة إلى تأسيسها قاعدة اقتصادية تساعدها على تصدير خبراتها في البنية التحتية والخدمات.

 

أما من الجانب الجيوسياسي، فإن موقع الصومال في القرن الأفريقي يجعل منه نقطة جذب للقوى الإقليمية والدولية، خاصة إثيوبيا ودول الخليج والقوى الغربية، حيث تتنافس كثير من القوى الدولية على توسيع نفوذها في منطقة تُشكِّل محورًا للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، لذلك تُعدُّ الصومال جزءًا من استراتيجية تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي عبر الوجود في المواقع البحرية الحيوية، ويُعدُّ الدعم التركي لمقديشو، إلى جانب وجود قاعدة عسكرية تركية في مقديشو، بمثابة ردع استراتيجي في مواجهة النفوذ الإثيوبي، والمصالح المتشابكة لبعض دول الخليج، فضلاً عن توطيد علاقات تركيا بالقارة الإفريقية، وتعزيز دورها كقوةٍ إقليمية مؤثرة قادرة على موازنة النفوذ الدولي في المنطقة.

5-رصد إعلامي لموقف الداخل التركي بشأن استراتيجية أنقرة في (الصومال):

تُشير الأسباب السابقة بشكل واضح إلى أن تركيا تولي اهتمامًا واضحًا بالصومال باعتبارها جزءًا من استراتيجيتها الهادفة لتعزيز نفوذها الإقليمي في القرن الأفريقي، ونعرض فيما يلي رصدًا إعلاميًّا للداخل التركي حول الجانبين الاقتصادي والجيوسياسي اللذين يجعلان من الصومال محور اهتمام استراتيجي لتركيا، بدءًا بعرض أهميته الاقتصادية الواعدة، وانتهاءً بموقعه الجيوسياسي الذي يجعله موضع تنافس دولي محتدم.

أولًا: رصد إعلامي لموقف الداخل بشأن المحور الاقتصادي التركي في الصومال:

يُمثل المحور الاقتصادي في الاستراتيجية التركية في القرن الإفريقي بُعدًا حيويًّا يقوي من حضور تركيا في المنطقة، من أجل تعزيز موارد الطاقة والبنية التحتية وفرص الاستثمار، وفيما يلي، نعرض أبرز ما أثاره المؤثِّرون والصحف ومراكز البحث التركية حول هذا التوجُّه:

1-في مقال الكاتب BARIŞ SAVAŞ، والذي نشرته صحيفة صباح المقربة من الحكومة التركية في أكتوبر 2024 ، أكد الكاتب أن تركيا تعمل على تعزيز وجودها الاستراتيجي في الصومال من خلال اتخاذ خطوات كبيرة في قطاع الطاقة؛ حيث شمل ذلك إرسالها سفينة الأبحاث ” الريس عروج” لاستكشاف موارد الطاقة في المياه الصومالية، وذلك ضمن خططها لتوسيع نفوذها الإقليمي، كما أشار الكاتب إلى توقيع اتفاقيات في مجالات الأمن والتدريب، مما يعكس التوجه التركي نحو تكريس دورها باعتبارها فاعلًا محوريًّا في القارة الإفريقية، وتُعدُّ هذه الخطوة خطوة مهمة لاستراتيجية تركيا في تعزيز وجودها في قطاع الطاقة في الصومال.

2-وأوضح تقرير في نفس الصحيفة نُشر في سبتمبر 2024م التطورات النفطية للحقول التركية واستهداف الحكومة التركية لزيادتها وتنميتها من خلال النفط في الصومال، حيث أفاد التقرير أن تركيا تواصل تعزيز جهودها في قطاع الطاقة، حيث يُعدُّ حقل غابار، الواقع في جنوب شرق البلاد، من أبرز مصادر النفط، إذ يُحقق 5% من احتياجاتها النفطية بإنتاج يومي يصل إلى 47,058 برميل. sabah

3- وحول عملية إرسال سفينة البحث ” الريس عروج” إلى السواحل الصومالية، أكد تقرير نشرته صحيفة صباح في سبتمبر 2024 أنه من المقرر أن تقوم السفينة، بمساعدة قطع بحرية تركية، بجمع بيانات زلزالية على مساحة ثلاثة مناطق تبلغ كل منها نحو 5000 كيلومتر مربع، ويُتوقَّع أن تستغرق هذه العملية نحو سبعة أشهر، وفي حال إيجابية النتائج، ستتبعها مرحلة التنقيب، وقد شدَّد التقرير على أهمية هذه الخطوة في تعزيز نفوذ تركيا في شرق إفريقيا، في إطار سعيها لمدِّ نفوذها في القرن الإفريقي، في هذا الإطار، أعلنت وزارة الطاقة التركية أن أنشطة التنقيب عن النفط في الصومال تأتي في سياق استراتيجيات تعزيز وجود تركيا في أسواق الطاقة العالمية، إذ تُعدُّ هذه الأنشطة بداية لمرحلة جديدة تسهم في دعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز علاقات التعاون مع الصومال في مجالات الطاقة، وتعكس هذه الخطوات السياسية التركية استهداف تركيا لبناء تحالفات استراتيجية في أفريقيا لتعزيز نفوذها الإقليمي، ما يساعد في تحقيق أهدافها الاقتصادية. صحيفة sabah

4-وبحسب ما أعلنه وزير الطاقة ألب أرسلان بيرقدار فإن العملية التي تنفذها تركيا عبر إرسال سفينة
“الريس عروج” إلى السواحل الصومالية لا تقتصر على البحث الزلزالي فحسب، بل تعزز أيضًا طموحات تركيا في قطاع الطاقة، فمن المتوقع أن تُسهم هذه العملية في اكتشاف موارد جديدة من الغاز أو النفط، ما يؤدي إلى تنويع مصادر الطاقة التركية ويقلل من اعتمادها على الواردات، ويدعم هذا المشروع أهداف تركيا الاستراتيجية. جريدة  sabah

5-في مقال للكاتب MAHMUT ÖVÜR ، والذي نُشر بالصحيفة في سبتمبر 2024م تناول الكاتب التحديات والإنجازات التي مرت بها تركيا في سعيها لتصبح مركزًا عالميًّا للطاقة في ظل التحولات في القوى العالمية، وأبرز الكاتب جهود تركيا التاريخية في قطاع الطاقة، متناولًا تحدياتها الداخلية والخارجية التي واجهتها في مجال استكشاف وإنتاج الطاقة، مشيرًا إلى مشاريع مهمة منها استكشاف النفط في الصومال، مسلطًا الضوء على استراتيجية تركيا في الصومال في إطار سعيها لتعزيز دورها الإقليمي كقوة في مجال الطاقة، مما يعزز مواردها الاقتصادية من موارد الطاقة وزيادة نفوذها هناك، ويعزز من موقع تركيا كمركز جيوسياسي في إفريقيا.

6-في مقال الكاتب  Tunç Demirta، والذي نُشر بذات الصحيفة في سبتمبر 2024م تناول الكاتب استراتيجية تركيا في الصومال في سياق التحديات الإقليمية، موضحًا أن تركيا تسعى إلى تعزيز وجودها في الصومال عبر تقديم الدعم الاقتصادي والاستثماري، مما يعكس طموحاتها لزيادة نفوذها في القرن الإفريقي، إذ تشمل هذه الاستراتيجية استثمارات في مجالات مثل التعليم والبنية التحتية، مما يساعد كذلك على دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في الصومال.

وأضاف الكاتب أن تركيا تنظر إلى العلاقات مع مصر باعتبارها فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي، إذ تعد الصومال نقطة استراتيجية في العلاقات التركية المصرية، فبينما تهتم تركيا بالصومال من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية، تنظر مصر إلى الصومال باعتباره حليفًا في مواجهة التحديات الأمنية والإقليمية، مما يجعل التنسيق بينهما ضروريًّا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة.

7- أما تقرير صحيفة (تقويم) “takvim” التركية المقربة من الحكومة، والذي صدر في أكتوبر 2024م، فيلقي الضوء على إنجازات تركيا في مجال الطاقة، خاصة في منطقة جبل غابار بولاية شرناق جنوب شرقي البلاد التي تحولت إلى مركز استراتيجي، مشيرًا إلى أن المنطقة الآن تسهم في توفير 5% من احتياجات تركيا النفطية، حيث تنتج 47 ألف برميل يوميًّا من 47 بئرًا، مما يشكل دعمًا كبيرًا للاقتصاد كما أوضح التقرير أهمية الصومال في هذا الجانب، مشيرًا إلى تصريحات وزير الطاقة والموارد الطبيعية، ألب أرسلان بيرقدار، الذي أكد على الدور الكبير الذي تقوم به تركيا في عمليات التنقيب عن النفط والغاز في الصومال، فقد أصبحت تركيا قادرة على تنفيذ عمليات التنقيب بقدراتها الذاتية، وتعتبر الصومال نقطة تحول تاريخية في هذا السياق، إذ تواصل تركيا استكشاف إمكانيات النفط والغاز في السواحل الصومالية.

وأوضح التقرير أن هذا الدور المتنامي لتركيا في الصومال يعكس استراتيجية أنقرة الطموحة لتعزيز وجودها في مجالات الطاقة على مستوى عالمي، وذلك بالتعاون مع دول أخرى في مناطق مثل العراق وليبيا، مما يعزز من مكانتها كقوةٍ مؤثرة في قطاع الطاقة العالمي.

8- في تقرير بنفس الصحيفة، صدر في أكتوبر 2024م، أشار التقرير إلى أن تركيا قامت بخطوات مهمة في مساعيها لتصبح قوة رئيسة في مجال الطاقة من خلال تحركات استراتيجية متعددة الأطراف، موضحًا أن من بين أهم هذه التحركات إرسال سفينة البحث الزلزالي “الريس عروج” إلى الصومال، وذلك في إطار اتفاقية وُقعت بين وزارة الطاقة التركية ووزارة النفط والمعادن الصومالية، في سياق التعاون على استكشاف موارد النفط والغاز البحرية، ما يشير إلى تحول تركيا نحو تعزيز وجودها في الساحة الدولية للطاقة، وعلى صعيد آخر، أشار التقرير إلى أن تركيا وسعت شراكاتها في مجال الهيدروكربونات مع جمهورية ساو تومي وبرينسيب في إفريقيا عبر عدد من الاتفاقيات التي تضمنت التعاون في استكشافات النفط والغاز، ضمن جهود تركيا لتوسيع نطاق تعاونها الاقتصادي في إفريقيا وتعزيز استراتيجيتها العالمية في قطاع الطاقة.

وتُظهر هذه التحركات اهتمام تركيا المتزايد بتعزيز قدرتها على أن تكون مزودًا رئيسًا للطاقة، سواء من خلال تعاونها مع الصومال في البحر أو من خلال توقيع اتفاقيات مهمة مع دول أفريقية أخرى، مما يعكس التزام أنقرة بتطوير قدراتها الذاتية في مجال الطاقة وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية في إفريقيا.

9- في تقرير آخر للصحفية ركز التقرير، والذي صدر في سبتمبر 2024م على التعاون العسكري بين مصر والصومال، عقب إعلان مصر عن تقديم دعم عسكري مهم للصومال، وأبرز التقرير أن سعي القاهرة هو لتعزيز قدرات الجيش الصومالي في مواجهة التحديات الأمنية، في إطار التعاون العسكري الموقع في أغسطس 2024م.

على الجانب الآخر، أشار التقرير إلى أن تركيا تُعد فاعلًا رئيسًا في الصومال من خلال جهودها في تطوير البنية التحتية ومشاريع التنمية، بالإضافة إلى استكشاف الموارد الطبيعية، مما يُظهر استراتيجيتها الهادفة إلى بناء علاقات وثيقة مع الصومال من خلال تقديم الدعم الاقتصادي والتنموي.

يتضح من ذلك وجود تقاطع في السياسة بين مصر وتركيا في الصومال، إذ يسعى كلا البلدين لتعزيز نفوذهما في المنطقة، ولكن بطريقة مختلفة، فبينما تركز مصر على البعد العسكري والأمني، تتبنى تركيا نهجًا اقتصاديًّا وتنمويًّا بصورة أكبر.

ثانيًا: رصد إعلامي لموقف الداخل بشأن المحور السياسي والأمني التركي في الصومال:

يشكل المحور السياسي والأمني في الاستراتيجية التركية في القرن الإفريقي ركيزة أساسية لتمديد نفوذ تركيا وتعزيز تحالفاتها، خصوصًا في ظل التنافس الإقليمي والدولي على المنطقة، ونعرض فيما يلي أبرز ما تناولته الوسائل الإعلامية والصحف ومراكز الأبحاث التركية حول هذا الجانب:

1-أوضح  تقرير نشرته وكالة الأناضول، والذي صدر في أغسطس 2024 عزم تركيا على مواصلة دورها في الوساطة بين الصومال وإثيوبيا من خلال “عملية أنقرة”، مظهرًا سعي أنقرة لتعزيز دورها باعتبارها قوة إقليمية فاعلة في حل الأزمات.

التقرير أشار كذلك إلى أن العلاقات التركية الصومالية تشهد اهتمامًا متزايدًا من قبل أنقرة، وأن تركيا تعتبر من أبرز الدول الداعمة للصومال على مختلف المستويات، بما في ذلك السياسية والأمنية، وذلك منذ بداية تدخلها في الصومال، إذ قدمت تركيا مساعدات إنسانية وتنموية وأقامت قاعدة عسكرية في مقديشو لتدريب القوات الصومالية وتعزيز الاستقرار.

واختتم التقرير بتأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن الحل التعاوني والبناء بين الصومال وإثيوبيا هو السبيل لتحقيق نتائج مستدامة، وهكذا، يتضح أن تركيا تواصل تقديم نفسها باعتبارها وسيطًا إقليميًّا له نفوذه القوي في الجانب الأمني في المنطقة.

2-في تقرير آخر نشرته وكالة الأناضول في سبتمبر 2024 أبرز التقرير ما قامت به تركيا من تدريب لحوالي 200 موظف من الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث الصومالية، بدعم تركي مباشر، حيث أقيم البرنامج التدريبي لمدة شهر في مستشفى مقديشو الصومالي التركي للتدريب والبحث، والمعروف أيضًا باسم مستشفى أردوغان، مما يعزز من التعاون المستمر في مجال الصحة والتعليم، وأشار التقرير أيضًا إلى أن تركيا، باعتبارها حليفًا وثيقًا للصومال، استثمرت بشكل كبير في البنية التحتية والتعليم والصحة، إلى جانب تقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق، مما يعكس التزام أنقرة بالقيام بدور فاعل في تعزيز الاستقرار في الصومال.

وفي الختام شدد التقرير على أن تركيا تملك أكبر منشأة عسكرية خارجية في مقديشو، مخصصة لتدريب الجيش الوطني الصومالي، مما يعزز قدرات الصومال في المجال العسكري ويؤكد الدعم الاستراتيجي التركي على المستويات كافة، كما أن الحلف العسكري مع الصومال وتدريب الجيش الوطني يقوي موقع الصومال إقليميًّا، ويشكل توازنًا استراتيجيًّا في مواجهة النفوذ الإثيوبي في المنطقة.

يشار إلى أن تركيا تقوم كذلك بدور نشط في تدريب الأئمة الصوماليين، وذلك باعتباره جزءًا من جهودها لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ودعم القطاع الديني في الصومال بجانب دعمها للقطاع التعليمي والعسكري في الصومال.

3-في تقرير نشرته وكالة الأناضول، في أكتوبر 2024، برزت أهمية التعاون التركي الصومالي في مجال الطاقة باعتباره جزءًا من استراتيجية أنقرة لتعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي، وذكر التقرير إشادة الصومال بدعم تركيا في تطوير الطاقة، عقب انطلاق سفينة ” الريس عروج” في مهمة لاستكشاف احتياطيات الطاقة قبالة سواحل الصومال، وأضاف التقرير أن تركيا وقَّعت مع الصومال مذكرات تفاهم هذا العام، مما منح شركة النفط الوطنية التركية تراخيص لاستكشاف ثلاث مناطق بحرية، تغطي كل منها حوالي 5000 كيلومتر مربع.

كما أشار التقرير أن تركيا استثمرت بشكل كبير في القطاعات التعليمية والبنية التحتية والصحية، وأن لديها أكبر منشأة عسكرية خارجية في مقديشو لتدريب الجيش الوطني الصومالي، وهو ما يلفت الانتباه إلى أن هذا التعاون سيؤثر سلبًا على وضع إثيوبيا، ويعزز من الموقف الصومالي في النزاعات القائمة بينهما.

4- الكاتب التركي إيفي أوزكان في مقال له نشرته وكالة الأناضول في سبتمبر 2024، تناول الدعم التركي للصومال وتأثيره العميق على الأمن والاستقرار في البلاد، وأظهر التقرير امتنان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور للدعم التركي المستمر، لا سيما في القطاعين العسكري والدفاعي، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين نمت إلى “مستوى استراتيجي” منذ الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الصومال في عام 2011، كما أكد نور أن تركيا قامت بدور مهم في إعادة هيكلة الجيش الصومالي، ويبرز هذا المقال أهمية التعاون العسكري بين تركيا والصومال في تعزيز الأمن إذ إن الدعم الذي تقدمه تركيا يعزز من قدرة الصومال على مواجهة التحديات الأمنية، خاصة في ظل النزاعات القائمة مع إثيوبيا.

5-الكاتب التركي  يحيى بستان  استعرض في مقاله المنشور في أغسطس 2024 بصحيفة “يني شفق” المقربة من الحكومة التركية تطورات الصراع العالمي في إفريقيا، حيث تبرز تركيا كقوةٍ رئيسة بفضل استراتيجياتها الناجحة، لافتا في المقابل إلى تراجع نفوذ الولايات المتحدة، وتناول المقال أهم الخطوات الاستراتيجية التي أنجزتها تركيا مؤخرًا:

  1. الاتفاقات مع الصومال التي تشمل حماية المياه البحرية والبحث عن احتياطيات النفط.
  2. التوسط في الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، حيث تسعى أنقرة لحل النزاع القائم، متجاوزة جهود الوساطة السابقة.

مؤكدًا أن خطوة إثيوبيا بالتعاون مع (أرض الصومال) لتأمين منفذ بحري لها تُعد ضربة للأمن القومي الصومالي، مما يزيد من التحديات أمام وحدة أراضي الصومال مشيرًا كذلك إلى دعم مصر للصومال، من خلال اتفاقية أمنية، تأييدًا لها ضد النفوذ الإثيوبي.

أوضح التقرير أن الصومال تُشكل حجر زاوية في السياسة التركية تجاه القارة الإفريقية، حيث تحتضن الصومال أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد، إلى جانب المبادرات التركية التي تشمل بناء المدارس، والمستشفيات، والمساهمة في تدريب القوات الصومالية

وتحمل هذه التطورات دلالات واضحة على أن تركيا تتبنى استراتيجية فعّالة لتعزيز وجودها في المنطقة، مما يتيح لها مزيدًا من التأثير في معادلات القوى في القرن الإفريقي، مما قد يغير من توازنات القوى الإقليمية ويزيد من نفوذ أنقرة.

6-وفي تقرير صحيفة ( تقرير يتكين ) التركية المستقلة، الصادر في أغسطس 2024، تناول التقرير سياسة تركيا في القرن الإفريقي، ودورها المتزايد باعتبارها وسيطًا بين الصومال وإثيوبيا لحل النزاعات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن لقاءات “عملية أنقرة” المستمرة بين تركيا وإثيوبيا والصومال، أظهرت التزام أنقرة بالدبلوماسية الهادفة إلى الحضور الفاعل في المنطقة، خاصةً بعد توقيع إثيوبيا وصومالي لاند اتفاقية أثارت توترات مع الحكومة الصومالية التي تعتبر صومالي لاند جزءًا من أراضيها، وقد ركز التقرير على المحاور التالية:

  أولًا: تركيا وسيط في القرن الإفريقي:

أكد التقرير أن أنقرة بدأت دور الوساطة بشكل واضح عندما طلبت إثيوبيا تدخل تركيا بعد نشوب أزمة في العلاقات مع الصومال، ورغم عدم عقد لقاءات مباشرة بين المسؤولين الصوماليين والإثيوبيين، بادرت تركيا بتنظيم محادثات دبلوماسية غير مباشرة، مما يعكس استراتيجيتها باعتبارها وسيطًا قويًّا في المنطقة.

ثانيًا: البُعد الاستراتيجي لسياسة تركيا في الصومال:

أوضح التقرير أن الصومال تُشكل حجر زاوية في السياسة التركية تجاه القارة الإفريقية، حيث تحتضن الصومال أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج البلاد، إلى جانب المبادرات التركية التي تشمل بناء المدارس، والمستشفيات، والمساهمة في تدريب القوات الصومالية، ويظهر ذلك في علاقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الوثيقة مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، ما يعزز دور أنقرة شريكًا استراتيجيًّا في الصومال، وأكد التقرير في الختام إنه إلى جانب التحرك التركي لتحقيق مصالح اقتصادية وأمنية، يبرز دور تركيا باعتبارها قوة ناعمة تعمل على توسيع نفوذها في إفريقيا، ورغم التحديات التي تواجهها، مثل الصراع المتصاعد حول قضية صومالي لاند وعلاقتها بإثيوبيا، وتهديدات الحوثيين على خطوط التجارة البحرية في البحر الأحمر، تبدو تركيا مصممة على متابعة جهودها في الوساطة، خاصة أن استقرار المنطقة يعزز مكانتها في إفريقيا، وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تستمر تركيا في استثمارها في “عملية أنقرة” إطارًا لحل النزاعات في القرن الإفريقي، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يعوّل بحسب ما جاء في التقرير، على قدرة تركيا في سد الفجوات بين إثيوبيا والصومال، لما لذلك من أهمية استراتيجية في تحقيق الاستقرار في المنطقة. yetkinreport

7-تقرير صحيفة gdh.digital المستقلة التوجه، والصادر في أكتوبر 2024، جاء بعنوان: لماذا تعتبر الصومال دولة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لتركيا؟ وقد ركز التقرير على النقاط التالية:

 تركيا والصومال: دوافع التحالف الاستراتيجي وأبعاده الجيوسياسية:

أكد التقرير أن العلاقة بين تركيا والصومال تتميز بعمق استراتيجي يتجاوز الدعم الثنائي التقليدي، إذ تشكل هذه العلاقة جزءًا من رؤية تركية موسعة للقيام بدور فعال في مناطق استراتيجية من العالم، وتأتي أهمية الصومال لتركيا من الموقع الجيوسياسي للصومال في منطقة القرن الإفريقي، والتي تشكل محورًا للتجارة العالمية؛ إذ تمر بها نسبة كبيرة من السلع والبضائع المتجهة عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، ما يجعل سواحل الصومال محطَّ اهتمام عالمي، وقد ركز التقرير على النقاط التالية:

أولًا: التحالف البحري التركي-الصومالي.. أداة للتأثير والسيطرة:

وقع البلدان في فبراير 2024 “اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي”، والتي تشمل شراكة بحرية بين قواتهما تمتد لعشر سنوات، وتهدف هذه الشراكة لتعزيز قدرات الصومال البحرية لمواجهة التهديدات الأمنية، ولتمكين الصومال من بسط سيطرته على سواحله ومياهه الإقليمية، فيما يعزز موقع تركيا كقوةٍ إقليمية، وداعمٍ أمنيٍّ رئيسٍ في منطقة البحر الأحمر.

ثانيًا: الأبعاد الإقليمية والدولية للتعاون البحري:

وأوضح التقرير أن هذه الاتفاقية تُشكل خطوة دفاعية لتعزيز الأمن الإقليمي، كما أنها تتعلق بقضايا السيادة البحرية للصومال، خاصة في ظل التقارب بين إثيوبيا وصومالي لاند، مشيرًا إلى أن هذا التعاون البحري بالنسبة لتركيا يُعد مدخلاً للتأثير في القرارات المتعلقة بممرات بحرية استراتيجية وتوسيع نفوذها في البحر الأحمر.

ثالثًا: دور تركيا في تنمية الصومال وتعزيز الاستقلالية:

على الصعيد الاقتصادي، يشمل التعاون التركي الصومالي مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة، إذ تُدير تركيا إحدى كبرى قواعدها العسكرية خارج حدودها في العاصمة مقديشو، وتقدم الدعم التدريبي للجيش والشرطة الصومالية، كما تعمل على تطوير القطاعات المدنية كالتعليم والصحة، وتوفير منح تعليمية للطلاب الصوماليين، وأوضح التقرير أن هذا الالتزام الاستراتيجي يجعل تركيا داعمًا موثوقًا للصومال.

رابعًا: تأثيرات الاتفاقية على النزاعات الإقليمية في القرن الإفريقي:

يرى بعض الباحثين، مثل البروفيسور إلييم تيبيكلي أوغلو، أن الصومال يسعى للتحول إلى دولة محورية في منطقة القرن الإفريقي، مستندًا إلى علاقاته الاستراتيجية مع تركيا، كما يُعد هذا التعاون بمثابة ردع إضافي للضغوط التي تتعرض لها الصومال من دول مجاورة تسعى لتوسيع نفوذها، مثل إثيوبيا التي تسعى للوصول إلى البحر الأحمر عبر اتفاقيات مع صومالي لاند، مما يشكل تهديدًا لسيادة الصومال.

وأكد التقرير في الختام أن تركيا تسعى عبر دعمها للصومال إلى توطيد شراكتها الاستراتيجية في القرن الإفريقي، مما يمهد لتأثيرها المتنامي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

8- في تقرير نشره مركز تسام (tasam)، في سبتمبر 2024 بعنوان: “المنطقة الاستراتيجية المتوسعة لتركيا في منطقة المحيط الهندي”، تناول الكاتب سارابجيت برامار التحولات الجيوسياسية الناتجة عن توسيع تركيا لوجودها الاستراتيجي في هذه المنطقة الحيوية من خلال الأهداف التالية:

أولًا: توسيع النفوذ التركي: أبرز التقرير الجهود التركية في توسيع وجودها في المحيط الهندي من خلال اتفاقياتها مع الصومال، وبدء المشاركة في النزاعات الإقليمية، بالإضافة إلى تعزيز صناعة الدفاع، مما يخلق فرصًا جديدة تقوي الوضع الاستراتيجي التركي في المنطقة.

ثانيًا: أبعاد التعاون الدفاعي: تشير اتفاقيات تركيا مع الصومال إلى طموحات أنقرة في إقامة علاقات عسكرية وثيقة، من خلال تدريب الجيش الصومالي وزيادة قدرات الدفاع البحري، هذا التعاون يشمل أيضًا تطوير الصناعة الدفاعية التركية، وهو ما يتيح لها موطئ قدم في التجارة العسكرية الإقليمية.

ثالثًا: التحديات الأمنية: يوضح التقرير أن تركيا تعتزم إرسال سفنها البحرية لحماية المصالح التركية في التنقيب عن النفط، مما يزيد من الوجود العسكري في المنطقة، هذا، بجانب الوجود البحري الصيني، مما يشكل ضغطًا إضافيًّا على التوازن الاستراتيجي في المحيط الهندي.

رابعًا: العوامل الاقتصادية: يشير التقرير إلى استغلال تركيا لفرص الاستثمار في الصومال من خلال مشاريع تنموية واقتصادية، بما في ذلك استكشاف احتياطيات النفط والغاز، في إطار الطموحات الاقتصادية التركية.

ويعكس التقرير الجهود المستمرة لتركيا لتوسيع نفوذها في منطقة المحيط الهندي، مما يشكل تحديًّا استراتيجيًّا جديدًا في المنطقة موضحًا أن من مرتكزات سعي تركيا إلى تعزيز نفوذها وقوتها العسكرية والاقتصادية هو التعاون مع الصومال.

9- في تقرير لمركز سيتا التركي للدراسات المقرب من الحكومة التركية، والذي صدر في سبتمبر 2024 بشأن العلاقات التركية الصومالية حول الأمن والاستقرار في الشراكة الاستراتيجية، أوضح التقرير عددًا من المحاور المهمة في العلاقات التركية الصومالية كالتالي:

أولًا: بداية العلاقات التركية الصومالية:

بدأت العلاقات بين تركيا والصومال بشكل جدي بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للصومال في عام 2011، إذ قدمت تركيا مساعدات إنسانية وتنموية شاملة للصومال، مما أسس لشراكة استراتيجية قوية.

ثانيًا: أهداف وأبعاد التعاون:

تسعى تركيا إلى إقامة شراكة شاملة مع الصومال تشمل تعزيز الاستقرار الأمني، وإعادة بناء البنية التحتية، ودعم القطاعات الحيوية، وأشار التقرير إلى أن هذا التعاون يعكس رؤية تركيا لتوسيع نفوذها في إفريقيا، وتعزيز حضورها في مناطق الأزمات.

ثالثًا: دور تركيا في الصراع الأمني:

تعمل تركيا على تدريب القوات الصومالية، مما ساعد على استعادة السيطرة على مناطق كبيرة في البلاد.

الاستثمارات التركية وأثرها:

استثمرت تركيا في البنية التحتية، الصحة، والتعليم، مما أسهم في تحسين الظروف المعيشية في الصومال، وتعزيز استقرار البلاد على المدى الطويل.

10- في تقرير للمركز، صدر في أغسطس 2024 حول دور تركيا في الصومال أوضح التقرير:

أن تركيا تضطلع بدور أساسي في جهود تحقيق السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، التي تشمل الصومال وإثيوبيا، وتركز تركيا على تعزيز المصداقية والصورة الإيجابية بين الطرفين، مما يسهم في تحقيق أهدافها الوطنية والإقليمية، فنجاح الصومال وإثيوبيا في حل مشاكلهما سيفيد تركيا في تحقيق مصالحها الاقتصادية في إثيوبيا واستراتيجيتها في الصومال الاستراتيجية، موضحًا أن تركيا تركز على استخدام الدبلوماسية أداة رئيسة لحل النزاع في ظل تصاعد الصراعات وذلك عبر اللقاءات التي عقدها الرئيس رجب طيب أردوغان مع القادة الصوماليين والإثيوبيين لفتح قنوات الحوار بين الدولتين.

11- في تقرير آخر للمركز، والذي صدر في أغسطس 2024 حول البحث عن حل للأزمة الصومالية الإثيوبية، الجولة الثانية من عملية أنقرة، استعرض التقرير مذكرة التفاهم الموقعة في الأول من يناير 2024 بين رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ورئيس أرض الصومال موسى بيهي، الذي يسعى للانفصال عن جمهورية الصومال الفيدرالية، إذ أوضح التقرير أن المذكرة لم تكن مجرد اتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، بل أدت أيضًا إلى أزمة دبلوماسية مع الحكومة الصومالية، وفي ضوء ذلك، قامت تركيا بدور مهم في محاولة إحلال السلام، وقد عقدت الاجتماعات في أنقرة بين الوفدين الصومالي والإثيوبي، حيث استضافت تركيا المحادثات لخفض التوترات، وفيما يتعلق بالتقدم المحتمل، يُعتبر إلغاء مذكرة التفاهم نقطة محورية، كما أن موضوع وصول إثيوبيا إلى البحر يظل معقدًا، حيث يُعد الوصول لأغراض عسكرية خطًا أحمر للصوماليين، بينما يكون مقبولًا لأغراض تجارية، وأكد التقرير كذلك أن العلاقات التاريخية والثقافية بين الصومال وإثيوبيا تعكس وجود مشكلات ثقة كبيرة، مما يتطلب معالجة حساسة من تركيا لتحقيق الاستقرار، في إطار سعيها  للقيام بدور الوسيط الفعال في الإقليم.

التقدير الصومالي للجهود التركية في البلاد:

تُعد الجهود التركية في الصومال موضع تقدير كبير من قبل المسؤولين الصوماليين، حيث يرون في التعاون مع تركيا خطوة استراتيجية تعزز من أمن وتنمية البلاد، إذ تشير العديد من التصريحات الرسمية إلى أن الدعم التركي في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية يسهم بشكل فعال في تحسين الأوضاع المعيشية، على سبيل المثال، وزير التخطيط والتنمية، جمال حسن، أعرب في حديثه عن أهمية المشاريع التركية، قائلاً: إن “تركيا أصبحت شريكًا رئيسيًّا في جهود التنمية المستدامة في الصومال”. دبلوماسي القرن.

وقد أكد العديد من الكتاب والمنافذ الإعلامية الصومالية والمراكز البحثية على أهمية المشاركات الاقتصادية والاستراتيجية التركية في الصومال، مع التركيز على التعاون المتعمق وتأثيراته، فعلى سبيل المثال، تفصل مجلة صومالي الشراكة بين تركيا والصومال في مجال التنقيب عن النفط والغاز، مؤكدة على أن هذا المشروع لا يعزز قطاع الطاقة في الصومال فحسب، بل يؤكد أيضًا على النفوذ الإقليمي الكبير لتركيا من خلال البنية التحتية والدعم العسكري، ويجسد هذا الاتفاق التزام تركيا بتعزيز إدارة الموارد في الصومال واستقلالها في مجال الطاقة مع توسيع بصمتها الاستراتيجية في منطقة القرن الإفريقي. مجلة الصومال – مجلة الشعب ومجلة الصومال – مجلة الشعب

بالإضافة إلى ذلك، يقدم موقع الدبلوماسي الصومالي تقريرًا عن إطار التعاون الدفاعي والاقتصادي الذي يسمح لتركيا بالمساعدة في تدريب القوات الصومالية، مما يعكس الترابط الاستراتيجي في مجال الأمن والتنمية.

وغالبًا ما تتم مناقشة مثل هذه الشراكات داخل وسائل الإعلام الصومالية ومراكز الفكر كجزء من مصلحة تركيا الأوسع في ترسيخ نفسها كقوة استقرار في شرق إفريقيا وموازنة التأثيرات من دول أخرى مثل دول الخليج وإثيوبيا. دبلوماسي.

وتُظهر تلك التصريحات تقدير الصومال لجهود تركيا في دعم التنمية والاقتصاد ومدى أهمية هذه العلاقة الاستراتيجية لديها، واعتبار تركيا شريكًا رئيسًا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الصومال.

خاتمة:

تسعى الحكومة التركية في الصومال والقرن الأفريقي من خلال أدواتها السياسية والاقتصادية، إلى تعزيز مكانتها في المنطقة من خلال توسيع نفوذها الاستراتيجي في مجالات الطاقة والأمن والسياسة، وذلك عبر عقد اتفاقيات استكشاف الطاقة وشراكاتها العسكرية والاقتصادية، من أجل بناء عُمق استراتيجي في سواحل المحيط الهندي يعزز من جهة تقدمها في مجال الطاقة، في ظل تكلفة استيرادها للطاقة العالية، ويسهم من جهة أخرى في منحها ثقلاً متزايدًا في ميزان القوى الإقليمي وقدرة على القيام بدور فاعل في القضايا الحيوية للمنطقة مثل الأمن البحري والنزاعات الإقليمية، وهو ما ظهر من خلال متابعة ورصد الصحف التركية القريبة من الحكومة، بينما لم تتناول صحف المعارضة الموضوع بشكل واضح، مما يبرز الفجوة الإعلامية وتباين الاهتمامات بشأن قضايا السياسة الخارجية التركية المهمة.

تنبع أهمية القرن الأفريقي بالنسبة لتركيا من موقعه الجيوسياسي الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر، ما يجعله محورًا مهمًّا لطرق التجارة الدولية، ومجالًا تتقاطع فيه مصالح قوى كبرى، وهو ما يجعل تعزيز النفوذ التركي في المنطقة استثمارًا استراتيجيًّا يتيح لأنقرة تعزيز حضورها في القضايا الإفريقية والدولية، بما يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى