مشهد الانتخابات الأمريكية: بين تحديات قيادة العالم والسِلم الاجتماعي الداخلي
الموقف العام:
كتابة هذا التقرير تأتي قبل أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية، لتسلط الضوء على آثار هذه الانتخابات على المشهد العالمي، وعلى حالة الاستقطاب الحادة التي تنخر في الداخل الأمريكي. وبحكم حديثنا عن التغيير في الإدارة الأمريكية، يعرض لنا
الذي يظهر أن هناك فروقًا ملحوظة بين الحزبين، على الأقل على صعيد الأساليب والخطط وإن كان هدف الهيمنة الأمريكية هدفًا ثابتًا ولكن في ظل قابليةٍ أقل لدفع أثمانٍ عسكرية بشرية واقتصادية مقارنةً بالعقود السابقة
تساؤلٌ مهم، وهو: هل هناك فروقٌ واضحة بين الإدارات الديمقراطية والجمهورية في طُرق إدارة السياسات الخارجية؛ ومنها مقدار شهية شنِّ الحروب الخشنة، ومدى أولوية مشاريع الاحتواء الناعمة، وتباين أساليب التعامل مع إيران وملفها النووي، والموقف من أسواق الطاقة الدولية، والعلاقات مع الصين، والموقف من قضايا الشرق الأوسط؟
الذي يظهر أن هناك فروقًا ملحوظة بين الحزبين، على الأقل على صعيد الأساليب والخطط وإن كان هدف الهيمنة الأمريكية هدفًا ثابتًا ولكن في ظل قابليةٍ أقل لدفع أثمانٍ عسكرية بشرية واقتصادية مقارنةً بالعقود السابقة، وقد تجلى ذلك في انسحابات أوباما من الشرق الأوسط، ومثله ترمب وبايدن.
كما إن الإجابة على السؤال السابق هنا ليست قناعة شخصية فحسب، بل هي مؤكدةٌ برؤية مراكز صنع القرار في العالم، فالكثير منها يرى أن هناك تباينًا في الرؤية السياسية العامة وأساليب العمل السياسي بين الحزبين، وهذا يثبته كذلك حجم الضرر والنتائج على المنطقة العربية والشرق الأوسط.
عند استعراض أسماء الرؤساء الأمريكان من الحزبين في العقود الأخيرة يمكن إدراك بعض التباينات. فالرؤساء الديمقراطيون هم (كيندي، كارتر، كلينتون، أوباما، بايدن)، والرؤساء الجمهوريون هم (نكسون، ريجان، بوش الأب، بوش الابن، ترامب)، وبمجرد النظر إلى هذه الأسماء سنجد أن هناك نمطًا مختلفًا بدون شك في الأولويات، فعلى سبيل المثال؛ الرؤساء الديمقراطيون أقرب إلى رؤية اليسار الإسرائيلي وحزب العمل والتطبيع الناعم، فيما الجمهوريون أميل إلى اليمين الإسرائيلي والعصا الغليظة.
هذا التفاوت يثبته أيضًا البعد الآيديولوجي للحزبين، فالحزب الجمهوري يميني محافظ، صُلبه من البروتستنت “الواسبس” الذين أسسوا أمريكا، وهذه الطائفة تُعدُّ حوالي 70 مليونًا، هم الذين يُسيِّرون الحزب، وينتمي إليهم غالب رؤساء أمريكا من الجمهوريين. كما إن النظرة الحاكمة عندهم هي تمكين اليهود في الشرق الأوسط في فلسطين والقدس.
بعض قواعد الحزب الديمقراطي إذًا تُحمِّل أوباما وبايدن وهيلاري العجز الذي آل إليه الوضع، بحيث فتح الطريق لمثل ترامب ليصبح تهديدًا فعليًّا تدحرج إلى يومنا هذا بل بات تيارًا يمينيًّا رئيسًا يطلق عليه اسم MAGA
بينما الحزب الديمقراطي يشهد تحولات مهمة، فالحزب تنضوي تحته غالب الأقليات؛ وأهمهم السود وغالب اليهود والمهاجرين. والملاحظ أن اليهود بالرغم من كونهم مكونًا رئيسًا في الحزب الديمقراطي، إلا إنهم في الغالبية ليبراليون، وليسوا على نسق واحد في أفكارهم ورؤاهم. وهناك إحصائيات تاريخية عامة تفيد بأن اليهود في الانتخابات عادة يصوتون بنسبة 70% للحزب الديمقراطي.
البعض يقول إن معظم أركان الإدارة القادمة لكامالا هاريس ستكون من حقبة أوباما أو تياره، فأوباما حاضرٌ في المشهد والحملة الانتخابية مع بيل كلينتون بنشاطٍ وحماسةٍ تفوق مساهمة بايدن فيها. لكن هناك متغيرات كبيرة تفرض نفسها باتجاه تغييرٍ جوهري في أسلوب إدارة كامالا إذا فازت.
ومرجع ذلك إلى أنّ بعض قواعد الحزب الديمقراطي لا سيما من الليبراليين واليساريين تلوم أوباما، وبوجه خاصٍّ على مرحلته الثانية بسبب أنانيته، وهذا صحيح إلى حدٍّ بعيد، فأوباما في فترة رئاسته الأولى في الداخل كان قويًّا وجريئًا، فنهض بالاقتصاد وبدأ يتخذ سياسةً خارجيةً مرنةً، ولكن في مرحلته الثانية صار مشغولًا بصورته وإرثه أكثر وأقلّ جرأةً حتى يخرج بطريقةٍ أقل جدلية، ولذلك خسر الحزب الديمقراطي الكونغرس ومجلس الشيوخ إلى القدر الذي لم يستطع معه أن يعين قضاةً؛ لأن المجالس التشريعية أصبحت في يد الجمهوريين، فاتخذ سياساتٍ تتجاهل مصالح الشعب في الداخل مثل الولايات الصناعية ميشغان وبنسلفانيا ووسكونسون.
أما خارجيًّا فقد أهان نتنياهو أوباما حينما ألقى خطابًا في الكونغرس دون دعوةٍ من البيت الأبيض، ومرةً أخرى حينما قال نتنياهو أنه قادر على قلب واشنطن على أوباما بسبب انفتاح أوباما على إيران.
بعض قواعد الحزب الديمقراطي إذًا تُحمِّل أوباما وبايدن وهيلاري العجز الذي آل إليه الوضع، بحيث فتح الطريق لمثل ترامب ليصبح تهديدًا فعليًّا تدحرج إلى يومنا هذا بل بات تيارًا يمينيًّا رئيسًا يطلق عليه اسم MAGA، ولذلك هناك اتجاهات جديدة في الحزب الديمقراطي تتجه أكثر نحو الليبراليين الكلاسيكيين واليساريين ونحو الأقليات وهو مايطلق عليه بالتقدميين أو تحالف بيرني ساندرز، فتشكيلة الحزب أصبحت مختلفة نوعًا ما، ولكن تبقى القضية التي ستثار هنا: ما الذي يمكن أن تفعله كامالا هاريس في الخارج بشكل يختلف عن بايدن، وما الذي ستغيره؟ وهو موضوع سنتطرق إليه.
طبعًا هنا تأتي قضية نفور القواعد الديمقراطية لا سيما الشباب والمتعلِّمين من موقف بايدن من حرب غزة، خصوصًا إن إدارته صهيونية جدًّا كما تظهر من تشكيلة بلينكن وسوليفان ومكغورك ما أدى إلى تغير الأولويات الخارجية في معالجة تحدي الصين وغيرها، وهو الذي أدى أيضًا إلى احتجاجات بل واستقالة بعض موظفي الخارجية.
كذلك لا بدَّ من الإجابة على سؤال محوري: هل ثمة فرق في علاقة اليهود مع الجمهوريين والديمقراطيين؟
الذي يظهر نعم هناك فرق، وقد أشار بعضهم ممثلًا إلى أن الفيل الجمهوري هو الذي يركب المركبة اليهودية ويُسيِّرها، والعكس صحيح مع الحمار الديمقراطي، فاليهود يستسهلون توجيه الحمار الديمقراطي، وهذا الكلام يؤيده الواقع العملي. وقد قلنا إنّ الجمهوريين كنسيون في صلبهم ويؤمنون بضرورة إقامة الهيكل وأن القدس عاصمةٌ لليهود، كما أنهم يرون أن اليهود ينبغي أن يخدموا هذا الهدف وظيفيًّا.
يجب هنا التنبيه على أن اليهود ليسوا مرتبةً واحدة، بل هم طرائقُ قِددٌ وبينهم اختلافات شديدة، فمن المعلوم أن رابين قد اغتيل على يد شخص معجب بنتنياهو، وقد نشأ مجد نتنياهو بعد اغتيال رابين. كما نعلم أن نيويورك هي عاصمة اليهود وهم كثيرون كذلك في بروكلين ويشكلون طوائف متشاكسة. لذلك لا يمكن النظر إلى اليهود على أنهم فئة واحدة.
النظرية التي تقول إن العالم تحركه جهة واحدة وهي اليهود، عليها علامات استفهام كثيرة. أما من الناحية الشرعية ففي سورة الحشر قال الله تعالى: ﴿تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى﴾، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: “افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة …” الحديث. ولذلك يوجد بينهم من الخلافات وتضارب المصالح ما الله به عليم، وهذا ينعكس تمامًا على داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ونلاحظ أن هناك مشكلة أخرى جديدة وهي أن اليهود في الحزب الديمقراطي تاريخيًّا يسيطرون بالمال والإعلام، وهذا بدأ يضمحل، والسيطرة عليه بدأت تضعف، لماذا؟
بنظرة تتبعية في الانتخابات الأمريكية منذ عام 2000م نرى تقاربًا في النتائج وفروقًا قليلة جدًّا، باستثناء فترةٍ واحدة لأوباما. ومن أظهر الأمثلة على ذلك انتخابات عام 2000م بين بوش الابن وآل جور، حيث انتهت بالعدِّ في ولاية فلوريدا وكان الفارق بينهما حوالي 400 صوت بعد تكرُّر العدِّ. هذا العدد يمكن ضمانه من قِبل أي جهة سواء من الأقليات أو من غيرهم، لذا أصبحت الحسابات ضيقة جدًّا، وأضحى للأقليات المسلمة وغيرها دور مؤثر في المشهد السياسي.
والأهم من ذلك أن أدوات اليهود في الحزب الديمقراطي بدأت تتقلَّص سواء في المال أو الإعلام. ومرجع ذلك إلى أن الإعلام أصبح “لامركزيًّا”، فأنت تتحدث عن مواقع شخصية وغير ربحية في وسائل التواصل الاجتماعي لها من المتابعين أكثر من متابعي القنوات المشهورة CNN و NBC. وهناك مواقع كثيرة يتابعها الملايين ومعظمها يميل نحو الحركات الاجتماعية واليسارية، فالتأثير المركزي والمطلق اليهودي على الإعلام بدأ يضعف.
نظرة أعمق في تطوُّر بنية الحزبين وأولوية القضايا التي تشغلهما:
من المعلوم أن المحافظين الكلاسيكيين قادوا الحزب في القرن الماضي وأشهرهم إيزنهاور ونيكسون وريغان وبوكانن وروبرت دول ونيوت غينغريتش وميتش مكانون وجون ماكين، قبل تحكم المحافظين الجدد مثل تشيني ورامسفيلد وبيرل وبايبيتس وبولتون وأشكروفت، وهؤلاء مالوا أكثر إلى الحروب المفتوحة وتشديد القبضة على روسيا والصين بعد نهاية الحرب الباردة، التي أراد المحافظون الكلاسيكون نهايةً بريغان أن لا تكون حقبة مزيدٍ من الصراعات بل هيمنةً ذكية، إلا إن المحافظين الجدد لا سيما تشيني وآل بوش كان لديهم تطرفٌ أيدلوجي غير مسبوق تغذيه الكنسية الإنجيلية ولعاب شركات النفط مثل هاليبيرتن، التي كان عرابها تشيني، ومثلها شركة إكسون موبيل؛ فشنوا حرب العراق، ومهدوا لحرب ما بعد أحداث سيبتمبر في أفغانستان والعراق واللتين تحولتا فيما بعد إلى قضايا مكلفة بشريًّا ونفسيًّا، مع ظهور انتهازية صناعات المجمعات الدفاعية، ما حوَّل تلك السياسات إلى سياسات غير شعبية أدت إلى انتهاء حقبة المحافظين الجدد وظهور حقبة أوباما وبايدن وترمب، ومعها الانسحابات التي ساعدت إيران على ملء الفراغات والتمدُّد في المنطقة ونمو المشروع النووي، مما اضطر أوباما والغرب إلى محاولة إيجاد طريقة لإيقافه.
ومع كل هذا ظهر الربيع العربي ثم جاء ترامب بسياسات التطبيع الجديدة، والعصا الغليظة وسياسة الإتاوات وصولًا إلى تقزيمه للناتو وتصادمه مع الصين ثم خسارته.
ومع حلول فترة ترامب والآثار الاقتصادية عقب جائحة كورونا ومعها حرب أوكرانيا ثم الطوفان بعد انسحاب أفغانستان المذلِّ، باتت مشاريع مهمة لا تسير بالسرعة المطلوبة، مثل مواجهة الصين وطريق الحزام والهيمنة على الممرات البرية والبحرية الاقتصادية.
الأولويات والقضايا التي تشغل الحزب الجمهوري:
داخليًّا:
- خفض الضرائب على الشركات والأثرياء من أجل تحفيز الاقتصاد واستجلاب دعم اللوبيات، وهو ما فعله ترامب.
- تقليص النفقات وحجم الإنفاق الحكومي ومدى التدخل في القطاع الخاص، وتقليص دعم البرامج المجتمعية والصحية والعلاجية.
- تبني سياسات اجتماعية محافظة نسبيًّا على مستوى الأسرة والزواج والتعليم. وتعتبر مسألة حقِّ الإجهاض من أكثر المسائل تأثيرًا على أصوات النساء.
- تبني سياسةٍ متهاونة تجاه حقِّ حيازة الأسلحة، والتغاضي عن ارتفاع أسعار الأدوية والخدمات الطبية والتعليم. وقد وصلت الجرأة بلوبيات صناعة الأسلحة بوضع تصنيف للمشرعين من حيث دعمهم لحقِّ امتلاك السلاح.
- تبني سياسة أكثر تشددًا تجاه الهجرة، وهو ما لم يفعله ريغان سابقًا. هذه القضية باتت من أكثر القضايا جدلًا.
- جلب الوظائف إلى الداخل خصوصًا في قطاع الصناعات والتكنولوجيا والتخلي عن الاتفاقات العابرة للقارات مثل الNAFTA
- التساهل مع الطاقة الكربونية والتقليدية والنفط الإحفوري والتماهي مع شركات النفط الكربونية.
خارجيًّا:
- ينوي ترامب مواصلة سياسة فرض وزيادة التعريفات الجمركية الدولية على واردات الإلكترونيات والصلب والحديد والذرة وغيرها، من أجل استعادة الوظائف باتجاه الداخل كما فعل في فترته الرئاسية السابقة حيث نجح في خلق وظائف كثيرة قبل الجائحة.
- تحميل شركاء الناتو المزيد من التكاليف والمسؤوليات. وهذا ليس محلَّ اتفاق عند المشرعين الجمهوريين وقادة الحزب التقليديين لكنه يمثل نهجًا ترامبيًّا.
- وبناءً على النقطة السابقة ينوي ترامب وغالب الجمهوريين حلَّ قضية أوكرانيا مع روسيا وتقليل دعمها، والتركيز أكثر على الضغط على الصين من كل الجهات بخلاف أولويات الأوروبيين، لا سيما ألمانيا وفرنسا.
- المضي في سياسة التشدُّد تجاه البرنامج النووي الإيراني الذي ألغى ترامب اتفاقيته وصولًا إلى ربما التخلُّص منه، وما ستتبعه من سياسة عامة تُشدد الخناق على نظام طهران بالعقوبات وغيرها، وهي خطة حيوية كذلك من أجل حرمان الصين وروسيا من امتيازات العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية مع إيران.
- وبناءً على ما سبق، الاستمرار في ابتزاز الخليج ودفع الفواتير لإدارة ترمب وتحفيز إنشاء منطقة نشاط اقتصادي وتطبيعي وأمني مركزه القيادي تل أبيب في الشرق الأوسط.
- تصفية المقاومة الفلسطينية والتماهي مع سياسات الاستيطان وضم الأراضي والتوسع استكمالًا للاعتراف بضمِّ الجولان، وقد يشمل الأمر دعم عملية تهجير واسعة من الضفة الغربية إلى إلى خارج الحدود إذا ما فاز ترامب واستمر نتنياهو في الحكم. وربما خلق مناطق للفلسطينيين المهجرين في الأنبار أو سيناء.
- توسيع اتفاقات إبراهام والتوجه ربما إلى إنشاء ناتو عربي إسرائيلي.
- الاستمرار في تغذية التناقضات الديمغرافية ونزاعات الأقليات السياسية في كردستان وسوريا وتركيا.
- عدم جدية التعاون مع معاهدات باريس والحدِّ من الانبعاث الكربوني. وتسهيل مصالح شركات النفط العملاقة.
الأولويات والقضايا التي تشغل الحزب الديمقراطي:
داخليًّا:
- خفض الضرائب على الطبقات المتوسطة والدنيا وزيادتها على الأثرياء.
- وهذا سؤدي إلى مزيد من دعم البرامج المجتمعية والصحية والعلاج وزيادة الإنفاق الحكومي وتوسع حجم الحكومة، عكس سياسة الحزب الجمهوري تمامًا.
- تبني سياسات اجتماعية ليبرالية أكثر على مستوى الأسرة والزواج والتعليم. ودعم حقِّ الإجهاض الأكثر تأثيرًا على أصوات النساء.
- التشدُّد أكثر تجاه حيازة الأسلحة، ومواصلة السيطرة على ارتفاع أسعار الأدوية والخدمات الطبية.
- مواصلة دعم نفقات التعليم الجامعي، وهي السياسة الأهم تجاه الشباب والمتعلمين ومن أهم مطالب التقدميين واليسار في الحزب الديمقراطي إلى جانب البند السابق واللاحق.
- رفع الحد الأدنى للأجور.
- تبني سياسةٍ منفتحة تجاه الهجرة وتصحيح أوضاع المخالفين من أقارب المواطنين. وتعتبر هذه السياسة حيوية لزيادة نمو الصوت الديمقراطي الذي يميل إليه المهاجرون كثيرًا. وهو كذلك مطلب المواطنين المهاجرين والأقليات لا سيما المسلمين والهنود والهيسبانك.
- الاستمرار في برامج إنتاج الطاقة البديلة والنظيفة وتوسيعها لخلق مزيد من فرص العمل في هذا القطاع المتوسع، والسيطرة على انبعاث الكربون على حساب الاعتماد على النفط الإحفوري والطاقة التقليدية.
خارجيًّا:
- الاستمرار في السياسات والاتفاقات الاقتصادية الدولية العابرة للقارات ضمن إطار العولمة واقتصاد السوق الرأسمالي والليبرالية الاقتصادية، لا سيما مع كندا والمكسيك، ومحاولة توزينها مع الصين والحدِّ من قدرة الصين على تنمية صناعات أشباه الموصلات والجيل الخامس في الاتصالات.
- الاستمرار في بناء تحالف اقتصادي وجيوسياسي يطوق الصين بالاعتماد على الحلف مع اليابان وأستراليا والهند و ج. كوريا والفليبين مع استمرارا دعم تايوان. وكذلك الحدّ من أثر منظومة آسيان الاقتصادية.
- المضي في مشا ريع الحزام والطريق – الموانئ والممرات – المضادة والمقابلة لمشاريع الحزام والطريق الصيني وهي بكلفة حوالي 600 مليار دولار تتشارك فيها أمريكا مع اليابان وأوروبا.
- محاولة تحجيم مجموعة البريكس، وقد نجحت أمريكا على ما يبدو في إبعاد السعودية، وتعمل على سحب الهند وبعض دول أمريكا الجنوبية منها، أو استخدامهم في إرباكها.
- الاستمرار في دعم الناتو وتوسيع مهامه كواحدة من ثوابت السياسة الأمريكية التي تنكب لها ترامب.
- وبناءً على النقطة السابقة: الاستمرار في دعم أوكرانيا وإضعاف روسيا ولكن مع تحميل أوروبا أكبر عبء ممكن، مع عدم التخلي عن التحالف والتنسيق القوي مع أوروبا.
- تعتزم كامالا أن تعقد اتفاقية جديدة تخصُّ الحدَّ من البرنامج النووي الإيراني الذي ألغاه ترامب، ولكن من خلال توسيع الاتفاق ليشمل نشاطات الحرس الثوري والأهم استيعاب إيران بمساعدة اللوبي الإيراني-الأمريكي مدعومًا بتوجهات حكومة بازشكيان الإصلاحية وتعليمات مجتبى خامنئي الذي يوجه الحكومة من خلال مكتب المرشد الأعلى. وتعتبر هذه الجهود حيوية من أجل استيعاب إيران وحرمان الصين وروسيا من استخدام إيران في مواجهة مشاريع الغرب الاقتصادية والجيوسياسية.
- وبناءً على ما سبق: الاستمرار في إنشاء منطقة نشاط اقتصادي وتطبيعي وأمني مركزه الإداري تل أبيب في الشرق الأوسط والخليج.
- تكريس السلام على طريقة حزب العمل الاسرائيلي وتطبيق مشروع شرق أوسط بيريز الجديد. وإقرار اتفاقات إبراهام وتوسيعها.
- الاستمرار في تغذية التناقضات الديمغرافية ونزاعات الأقليات السياسية في كردستان وسوريا وتركيا.
- التعاون مع معاهدات باريس، والحدُّ من الانبعاث الكربوني.
الموقف الحالي في الانتخابات:
حتى حين كتابة هذا التقرير، تتقدم كامالا بهامشٍ ضيق على مستوى التصويت العام حسب الاستطلاعات، في حين يحتاج عادةً المرشح الديمقراطي إلى فارق عدَّة نقاط لينعكس على أصوات الولايات بصورة تضمن له الفوز التجميعي بالنقاط. لذا كل الأنظار تتوجه إلى الولايات المتأرجحة السبعة، حيث تتقدم كامالا بهامش ضيق في ميتشغن بفضل تحالف بيرني ساندرز وفي ويسكونسن بفضل نائبها والتز من ولاية مينسوتا المجاورة لها، وكذلك نيفادا المجاورة لكاليفورنيا ولاية كامالا، فيما يتقدَّم ترامب بصعوبة في أريزونا المجاورة لكاليفورنيا، وجورجيا ونورث كاولينا الجنوبيتين اللتين دخلتا في التأرجح، مما يجعل الحسم غالبًا في ولاية بنسلفانيا ذات الوزن الأكبر حيث تصبُّ معظم حملات الجانبين وأموالهما حاليًّا.
بات المسلمون رقمًا صعبًا مثل سائر الأقليات، فلا غنى عن أصواتهم المنظمة – كما كشفت انتخابات 2016 و2020 – وذلك من أجل الفوز في الولايات المتأرجحة، فأصواتهم في انتخابات عام 2020 كانت أكثر من هامش الفارق بين بايدن وترمب في ولايات ميتشغن ووبنسلفانيا وجورجيا وربما ويسكونسن وأريزونا
في ولاية بنسلفانيا كل التفاصيل الصغيرة لها وزنها، فمن يفوز بها سيقطع غالب الطريق، تمامًا كما حسمت فلوريدا انتخابات عام 2000م بين بوش وآل غور بفارق مئات الأصوات.
العوامل المؤثرة في السباق الرئاسي:
- استمرار تسليط الحملة الإعلامية الضوء على شخصية ترامب الدوموغاغية والغوغائية وخطره على الديمقراطية ومخالفته للقوانين ومحاكماته. هنا نجد كل المكائن تعمل ضده ومعها غالب الشبكات الإعلامية والمونولوجيستس.
- تحالف كامالا الواسع بدعمٍ من الدولة العميقة والذي يشمل آل تشيني من اليمين حتى بيرني ساندرز في اليسار. كما تتمتع كامالا بمشاركة أسماء كبيرة في حملاتها مثل أوباما وآل كلينتون وبيرني وميشال أوباما وأوبرا وينفري، فيما لا يحظى ترامب بدعم مثل هذه الأسماء الرنانة كما في فترته السابقة.
- استغلال ترامب أزمة المهاجرين المتفاقمة على الحدود.
- عامل التضخم والغلاء يخدم ترامب بشكل واضح.
- استطاعت كامالا استعادة غالب الأصوات المحتجة على سياسة بايدن تجاه غزة، لاسيما في ميتشجن الولاية الحساسة.
- وجود كتلة صلبة خلف ترامب ستخرج إلى الصناديق بأعلى نسبة مشاركة في التصويت له، في مقابل وجود تحالف أوسع لصالح كامالا ولكن قد لا يخرجون إلى التصويت بنسب عالية جدًّا تضاهي حماسة أنصار ترامب.
- التوزيع الديمغرافي لحصص الولايات في التصويت يساعد الجمهوريين عادةً.
- اختيار نائب الرئيس تيم والتز زاد من فرص كامالا.
- واختيار ترمب لفانس لم يضف عناصر قوة أو يوسع قاعدة ترمب، وفوت فرصة استعادة بعض الجمهوريين الكلاسيكيين أو حتى بعض المستقلين بخلاف مزايا شخصية نائب ترامب السابق مايك بينس.
- لم يسبق لامرأة الفوز بالرئاسة سابقًا، وهو عامل نفسي مقلق خصوصًا بعد خسارة هيلاري كلينتون. ويزيد التوتر أن كامالا سمراء من أصل هندي لكن في تنافس ضيق قد تنفعها أصوات الهنود المتزايدة.
- كامالا زوجها يهودي ليبرالي، وهذا يطمئن غالب اليهود.
- حجم أموال الحملات في صالح كامالا.
- تتقدم كامالا في غالب الأداء النقاشي والمناظرات.
- يعتبر ضعف أداء إدارة بايدن في الجانب الاقتصادي، هو أكبر حافز لفوز ترامب.
- لا يوجد يقين من قدرة كامالا على إقناع المتردِّدين، فيما خطاب ترامب ينفِّر المتردِّدين.
- إيلون ماسك دفع بكامل ثقله خلف ترمب ماديًّا ومعنويًّا، وماسك لديه عقود بحجم 15 مليار دولار مع الحكومة ولديه تعثرُّات قانونية في أداء العقود. وبالتالي يبحث ماسك عن مرشحٍ يساعده، فضلًا عن وعود ترامب بتسليم ماسك مهمات حكومية وعقودٍ لتنظيم وبناء أنظمة إلكترونية وسيبرانية جديدة.
ليست انتخابات رئاسية وحسب، بل معارك حاسمة أخرى:
- هذه الانتخابات يرافقها انتخابات تشريعية عامة تشمل حوالي نصف مقاعد مجلسي الشيوخ والنواب، وكذلك تجري برفقتها انتخابات مناصب حكام الولايات والمدن.
- يحاول الديمقراطيون الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ لاسيما مع مجيء الرئيس الجديد، حيث من مهام مجلس الشيوخ التصويت على قبول تعيينات الإدارة الجديدة وكذلك تعيينات مختلف القضاة فيدراليًّا، وفي مختلف محاكم الولايات. تبدو فرص الديمقراطيين في هذا السباق أفضل.
- سيحاول الديمقراطيون استعادة الأغلبية في مجلس النواب المعني بإقرار الموازنات والتشريعات، ومحاسبة الرئيس.
- ثبت في الانتخابات النصفية أن المرشحين لمقاعد الشيوخ والنواب المقربين من ترامب أقل قدرةً على الفوز من غيرهم.
المسلمون والانتخابات:
بات المسلمون رقمًا صعبًا مثل سائر الأقليات، فلا غنى عن أصواتهم المنظمة – كما كشفت انتخابات 2016 و2020 – وذلك من أجل الفوز في الولايات المتأرجحة، فأصواتهم في انتخابات عام 2020 كانت أكثر من هامش الفارق بين بايدن وترمب في ولايات ميتشغن ووبنسلفانيا وجورجيا وربما ويسكونسن وأريزونا. وبالتالي فإن استعداءهم مغامرة. وقد تبين أن من أسباب تراجع بايدن أمام ترامب في الاستطلاعات هو تأثير عموم الطلبة والمسلمين بسبب قضيةغزة، فضلًا عن كِبر سنِّ بايدن وترهُّل الاقتصاد.
نلاحظ أنّ المسلمين قاموا بتنويع خياراتهم، فصار تصويتهم وجهودهم في التأثير مرتبطًا بشكل أقوى بالتصويت لصالح النواب والشيوخ والحكام حسب سيرتهم الذاتية وليس أحزابهم، ناهيك عن الدفع بمرشحين مسلمين أو دعم مرشحٍ معين ضد آخر ضمن ذات الحزب. كما أن المسلمين باتوا يعقدون تحالفاتٍ محليةً على مستوى ممثلي وحكام ومجالس المدن والولايات لدعم ملفاتٍ معينة كالتعليم وحقوق المسلمين، لا تلتزم بدعم حزبٍ واحدٍ، بل بحسب توجهات المرشحين.
احتمالات وحظوظ ترامب وهاريس:
- السباق شديد التقارب، والتفاصيل الصغيرة حاسمة.
- الظروف الوقتية حاليًّا تخدم ترامب أكثر. لا سيما بسبب مسائل التضخم وضغط المهاجرين على الحدود.
- أوراق وإمكانات وأدوات فريق هاريس وداعميها أكثر بصورة لافتة.
- تنظيم حملة الديمقراطيين أفضل بخلاف العادة.
- حماسة أنصار ترامب أعلى.
- الحزب موحد خلف هاريس بخلاف ترامب.
- اخترق ترامب الأقليات ذات الأصول الإسبانية.
- كامالا حظوظها أفضل بين المتردِّدين.
تميل الكفة نسبيًّا إلى صالح كامالا، ويقوم حزبها بالعمل على جوانب نفسية مثل التأكيد إعلاميًّا على وجود فرصٍ لفوز ترامب، وذلك في رسالةٍ لمؤيدي كامالا بضرورة عدم التراخي، كي لا يحدث ذات التقاعس بين المصوِّتين الديمقراطيين الذي أدى إلى فوز ترامب المفاجئ على هيلاري. وهذا يُعتبر من حنكة المخططين والميديا الداعمة لكامالا. وهو ما قد يفسر تقليص الاستطلاعات للهوامش مؤخرًا دون وجود سببٍ محرِّك واضح.
ماذا لو خسرت كامالا؟
- سيزداد الاستقطاب المجتمعي، ويُتوقع حصول شللٍ حكومي تشريعي، لا سيما إذا فاز الديمقراطيون بالمجلسين. كما حصل في فترة ترامب السابقة.
- لن تتوقف التحقيقات والمحاكمات لترامب ولا الجدال القانوني.
- يتوقع أن يقوم ترامب بإساءة استخدام سلطاته والتضييق المخالفين، وغالبًا سيصطدم بالقضاة.
- يتوقع أن تتأزم علاقة أمريكا بإيران، وتتعمَّق الأزمات في أوروبا ويضعف دور حلف الناتو.
- غالبًا سيميل الحزب الديمقراطي أكثر نحو اليسار.
ماذا لم خسر ترامب؟
- من الوارد جدًّا أن يُشكِّك ترامب في الانتخابات، ويسارع إلى رفع حزمٍ من القضايا إلى المحاكم الفيدرالية ومحاكم الولايات كي يدخل الجميع في شلل وربما حالة قانونية فريدة تعطل التصديق على النتائج. وإن كان هذا الأمر غالبًا سيثير مجرد البلابل ولن ينجح في المحاكم كما حصل في الانتخابات السابقة.
- وبالتالي فقد يؤدي هذا إلى وضع ترامب أمام قضايا متزايدة.
- السيناريو السابق مرجح كونها انتخابات متقاربة جدًّا.
- غالبًا سيتقدَّم ترمب في الولايات الحاسمة حتى الساعات الأخيرة، حيث يتم فرز أصوات الضواحي والريف بشكلٍ أسرع. لكن مع تأخر فرز أصوات المدن الكبيرة ثم حسابها حيث الأغلبية الديمقراطية، ستعود وتتعدل الكفة، ما قد يفتح جدلًا وتشكيكًا.
- يتوقع حصول ضمورٍ في الحزب الجمهوري التقليدي، وقد يؤدي هذا إلى شرخٍ بين قواعد ترامب وباقي الحزب سيبقى أثره إلى ما بعد ترامب، وقد تحمله قيادات شابة جديده لتقود تيار MAGA.
- ستصبح البُنى والتكيلات الحزبية والاجتماعية السياسية العامة مفتوحةً على تناقضات أشد، قد تتطور باتجاهات غير مسبوقة.