قراءة سريعة في إعلان أحمد شفيق ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية
أعلن الفريق أحمد شفيق – من دولة الإمارات – ترشحه خلال كلمة مصورة نشرتها وكالة رويترز، ثم في نفس اليوم وبعدها بساعات أعلن في كلمة أخرى بثتها قناة الجزيرة القطرية (حصريًا) بأنه ممنوع من مغادرة الإمارات.
لقد أدى إعلان شفيق نية ترشحه إلى نقلة نوعية في السباق الرئاسي المزمع انطلاقه قريبًا. ولتحليل هذا الحدث نستعرض المداخل الخمسة التالية:
١- المدخل الشخصي:
والمقصود شخصية شفيق على وجه الخصوص، فهل شخصية شفيق من النوعية المقاتلة؟ ولمعرفة الجواب نستحضر خروجه بأسرته إلى الإمارات بعد إعلان مرسي رئيساً بمدة قصيرة، مع عدم وجود ما يعرّض حياته لأي خطر.
فهل يتضح في الأفق شيء ممنهج لوضع شفيق في السباق الرئاسي؟ لغة شفيق القاطعة وإعلانه عن استعداده لتحمل الأخطار نتيجة قراره، كل هذه الصفات مستجدة على شخصيته تماماً.
شفيق ليس شخصاً عادياً، إنه ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، وله سابق ترشح لرئاسة الجمهورية، فهو ليس مستجداً على هذه الحالة، ولديه رغبة في الحصول على هذا المنصب بشكل أو بآخر، وحصل على ما يقارب نصف الأصوات في سباقه مع الدكتور محمد مرسي.
٢- المدخل المؤسسي:
يبدو أن هناك صراعا قويا في المؤسسة العسكرية، يدل على ذلك التغير في منصب رئاسة الأركان بعد حادثة الواحات، وأيضًا ما بدا من التهميش المستمر لوزير الدفاع صدقي صبحي، ومن مظاهر ذلك تجاوز السيسي لصبحي وعدم ذكره أو توجيه خطاب له في قراره بتغيير رئيس الأركان، وغير ذلك من الإجراءات التي تجعل صبحي خارج الصورة تماماً.
فهل ترى قيادات بالجيش أن السيسي أصبح عبئًا على المؤسسة العسكرية؟ نستطيع أن نشير إلى وجود جانب من هذا بشيء من الثقة؛ فصورة الجيش أصبحت مهتزة فيما يبدو أنها أفعال مقصودة، كالاحتفال القريب بمشروع الجيش للثروة السمكية وما رأيناه من أشياء تدعو للسخرية؛ كضابط الجيش الذي قدم نفسه بأنه رائد مقاتل خط الجمبري، فكان من الممكن أن يقدم هذا الإنجاز بصورة أفضل وباحترافية.
ويدور تساؤل آخر هل سيتدخل الجيش لاختيار رئيس غير السيسي؟ كما فعل قبل ذلك ورشح السيسي فهل من الممكن أن يختار غيره كشفيق أو سامي عنان؟
٣- المدخل الانتخابي
ترشح شفيق ليس كغيره من أمثال خالد علي، فالمرشحون المدنيون سواء من أعلنوا نية ترشحهم أو لم يعلنوا بعد، سيخوضون السباق إما على الطريقة الحمدينية باعتباره “مُحلِلا”، وإما على طريقة الإحراج والتمثيل المشرف، فلا يوجد طموح لدى المدنيين للفوز بالسباق الرئاسي.
الأمر يختلف في حالة شفيق، الذي كان رئيساً للوزراء ومرشحًا لرئاسة الجمهورية، وهو ابن المؤسسة العسكرية أيضاً، فهذه مسألة مهمة في خريطة الانتخابات وتمثل نقلة نوعية في المشهد الانتخابي.
٤- المدخل الإقليمي:
من الكلمتين المصورتين الذين بثهما شفيق، نلحظ إشارات عدة، فهل حدث هذا التصوير باتفاق أم باختلاف؟ وكذلك تغريدات أنور قرقاش الذي يعد وزير الخارجية والذي انتقد خروج شفيق بهذه الصورة وقال إنه نكران منه للجميل، مع تحدثه بلغة بها كثير من المن فيما يتعلق بإقامة شفيق بدولة الإمارات، وكذلك تصريح قرقاش بأنه لم يمنع أحدٌ الفريق شفيق من السفر.
نحن أمام ترتيب إقليمي ما ومتغير مهم فيما يتعلق بالدور الإقليمي، سواء كان اتفاقاً أو خروجاً عن النص من شفيق؛ فهل للسعودية موقف في هذا الإطار؟ وهل ما يتردد من دعم السعودية لسامي عنان حقيقي؟ ولكن الدولتين اللتين دعمتا السيسي، لن تتخليا عن رجلهم بسهولة.
٥- المدخل العالمي:
هل اختيار باريس كمحطة قادمة لشفيق قد تصور منه أن تقوم فرنسا بنفس دورها في استخلاص الحريري من السعودية؟ يثار هذا التساؤل أيضاً.
والسؤال الأهم: هل هذا يعني أن الدول الغربية والولايات المتحدة لها بعض التحفظات على السيسي وعلى بعض تصرفاته وخاصة ما يتعلق بحزب الله وإيران وكوريا الشمالية؟ كل هذا مطروح بهذا المقام.
هل يقوم اللاعب الإقليمي والعالمي بالضغط على السيسي لابتزازه أكثر؟ أم أنهم يشعرون أنه صار عبئًا؟ خاصة إذا رأى الجيش ذلك؟
وبعد عرض هذه المداخل نحن أمام سيناريوهين:
نزول شفيق السباق مسرحية جديدة، كما سبق من مسرحية قام بدور البطل فيها حمدين صباحي.
الثاني أن شفيق جاد وأنه قام بعمل ترتيبات بعضها قد يكون له مؤشرات دولية، وبعضها في مصر أو داخل المؤسسة العسكرية.
فهذان هما السيناريوهان الرئيسيان، وما سواهما مشتق من أحدهما، في هذا السياق يبرز سؤال آخر مهم في نهاية هذا التحليل، هل ممكن أن تستثمر المعارضة المقاومة للانقلاب فرصة نزول شفيق السباق الرئاسي؟ خاصة ما يوجد من أنداد للسيسي قد يشكلون تهديدًا له؟ لعل هذا هو السؤال الذي يجب أن تجيب عنه المعارضة بصورة عاجلة في الأيام القليلة القادمة.