بحوثملفـاتوباء كورونا

الحركة الإسلامية في بعدها السياسي في ضوء نازلة كورونا

 

بين فقه المراجعات وضرورة التنشئة السياسية[1]

يثير عنوان هذه الورقة جملة من القضايا والإشكاليات التي أخذت حيزاً كبيراً من النقاش العلمي والمعرفي في أوساط المتخصصين والمهتمين على حد سواء؛ ومرجع ذلك أن الحركة الإسلامية[2] ذاتها من حيث نشأتها كانت قد قارنت مرحلة زمنية أثرت في مفاصل عديدة في حياة المسلمين جميعاً من حيث أفكارها وأحداثها وأشخاصها، وتبرز في مقدمة هذه القضايا مسوغات نشوء هذه الحركة وعواملها وأسبابها ومقاصدها، ومن الإشكاليات التي ما زالت تطرح بقوة في الدرسين الشرعي والسياسي إشكالية العلاقة بين الديني والسياسي أو ما أسماه بعض المفكرين العلاقة بين الظاهرة الدينية والظاهرة السياسية.

وحتى لا نذهب بعيداً عن سياق هذه العلاقة بين الظاهرتين وقبل الخوض في مقصود هذه الورقة، فإن الإشكالية المتعلقة بهذه العلاقة متأثرة بشكل كلي بالنسق الفكري العام الذي عرض في الساحة الفكرية والمنهجية متزامناً مع  انهيار دولة الخلافة العثمانية ونشوء ظاهرة  الاستعمار، فضلاً عن الاستفزاز غير المحمود الذي أحدثته الكتابات من بعض المتشرعين في طرح أفكار مباينة للنسق الإسلامي مما له تعلق بالتقريرات السياسية، وخاصة كتاب الشيخ علي عبدالرازق، ويظهر لنا -تقريراً- أن هذه الإشكالية من حيث أصلها مفتعلة وليست ذات قيمة في بعدها المنهجي؛ لأنها متأثرة قطعاً بنسق مغاير مباين وهو النسق الغربي الوضعي الذي لا تخفى إشكاليته التاريخية في سياق العلاقة بين الديني  والسياسي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تعميم هذا النسق وتسكينه خارج سياقه الحضاري والفكري والجغرافي؛ فإن الخصوصية الفكرية والحضارية لها حظها الكبير في هذه الإشكالية وأمثالها.

وبشيء من النظر العميق يمكن للمسلم دفع هذه الإشكالية بتسكينها في دائرة الرؤية الكلية التي تنطوي عليها المنظومة الإسلامية، فإن لهذه المنظومة رؤية كونية حضارية توحيدية تأخذ باعتبارها العالمَ كله ببعديه الغيب والشهادة، وتنضوي في سياقه عوالم وظواهر متعددة، منها ما هو كوني ومنها ما هو اجتماعي، والأخيرة ذات أبعاد متعددة بحكم ما يثيره النشاط الإنساني من تفاعلات اجتماعية مختلفة، ومنها الظواهر السياسية التي هي في حد ذاتها ظواهر اجتماعية منها ما هو مرتبط بالبنية الداخلية ومنها ما هو مرتبط بالبنية الخارجية، والدين الإسلامي بحكم كونه الدينَ الخاتمَ الذي يقوم على خطاب متجاوز لحدود الزمان والمكان بحيث تستوعب مناطاته كل ما تقتضيه الحاجات البشرية فإنه يغطي كل مساحات النشاط بأحكام ورؤى يستبطنها هذا الخطاب بنصوصه من خلال منطوقه ومفهومه ومكنونه على وفق ما يدركه المتخصصون في هذا المجال، ويبقى النظر في مجال توظيف ذلك في سياقات تخصصية تعنى بما يمكن تسميته بالتمايز الوظيفي بين المجالات في مستوياتها المختلفة (الشخصي، والخاص، والعام، والسياسي)، والخلاصة في هذا الإطار أن العلاقة السياسية كما يشير إلى ذلك الدكتور حامد ربيع هي علاقة تابعة تنبع من مفهوم العلاقة الدينية وتتحدد بها، فإن علاقة المسلم بالكتاب وتعاليمه هي التي تحدد خصائص العلاقة السياسية[3].

لقد كان للتحولات التي شهدها مطلع القرن العشرين أثرها السافر في إثارة هذه القضايا والإشكاليات، حيث أسهمت متغيرات تلك المرحلة ذات السمة الحادة في طرح أمثال هذه القضايا، بعد أن كانت خارج سياقاتها المعرفية والمنهجية، بل ما كانت تخطر على بال أحد؛ بحكم أن السياقات المختلفة كانت منساقة مع الرؤية الكلية التي حكمت المسلمين على مدى قرون عدة، إلا أن تلكم التحولات التي شهدتها المعمورة آنئذ أسهمت في إثارة هذه القضايا، بل قد داخلت العقلية المسلمة بقوة وبدون استئذان؛ لجملة من العوامل أبرزها العامل النفسي الذي شخصه مالك بن نبي فيما أسماه بالقابلية للاستعمار، فلم يكن الاستعمار إلا نتيجة لذلك المعامل النفسي الذي جعل النفسية المسلمة منقادة إلى الغالب بكل قسماته مظهراً ومخبراً تتلمس ما عنده من مقومات حضارية ظنت -وقد خاب ظنها- أنها على صواب فيما أقدمت عليه من اقتداء لهذا الغالب، ولا يسع هذه الورقة أن تقف بإسهاب مع تلكم التحولات والمتغيرات وما قارنتها من أحداث، فإن المقصود في هذه المقدمة الوقوف بإجمال عند دواعي التأسيس للحركة الإسلامية والهم الرئيس الذي شغلها وقتئذ، ومدى اتساقها معه في التقادم الزمني، ومدى ما حققته من أهداف، وما شهدته من تحولات وتطورات على مستوى بنيتها الهيكلية وعلى مستوى أفكارها ومواقفها.

وكما لا يخفى فقد نشأت الحركات الإسلامية في عشرينيات القرن الماضي سواء بشكلها العضوي أو ببنائها التنظيمي، وكانت هذه النشأة ردة فعل مباشر لأمرين: الأول سياسي تمثل في إعلان سقوط الدولة والخلافة العثمانية، وتنكيس أعلامها وتقسيم تركتها، والثاني مرجعي عام وهو إيقاف العمل بالشريعة وعدم الاحتكام إليها، وكان هذان السببان دافعاً لجعل بعض الجماعات الإسلامية كالإخوان المسلمين ذات مشروع شامل من حيث النشأة والتأسيس، حيث عنيت هذه الحركة بالسياسي والدعوي والتربوي والفكري والمنهجي .. في غيرها من المجالات، بغض النظر عن مدى تحققها بشمولية هذه المجالات من عدمه، وقد اتضح البعد السياسي لدى مؤسس هذه الحركة منذ أول وهلة، وقد أسهم ما يسمى زوراً وبهتاناً بظاهرة الاستعمار الغربي لعالم المسلمين في تشكيل حالة من الوعي الفكري والمنهجي -لدى الخُلَّص من النخب في مستواها الفكري والسياسي- بأهمية التحصين ضد هجمات الاستخراب الغربي ليس في بعدها الجغرافي فحسب، بل على مستوى ما هو أخطر وأعمق من ذلك وهو التماهي مع ما تبثه من رؤى وأفكار ومناهج حداثية تأتي على البنية المنهجية لعالم المسلمين بالنقض والبطلان.

ولذلك كانت أهم القضايا الحاضرة في فكر مؤسس الحركة ونخبها قضية العلاقة مع الغرب في إطار التحدي الحضاري، وقضية بناء الدولة الحديثة بمرجعية إسلامية ونظام سياسي إسلامي، وقضية الهوية وتحديد إطار الانتماء السياسي ورابطة الولاء بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها .. في غيرها من القضايا[4]، وظاهر أن لمؤسس الحركة من الوعي السياسي والفكري ما كان قادراً معه على حسن قراءة الواقع والوقوف على مقتضياته ومتطلباته وحاجياته كما ظهر ذلك فيما بثه من رؤى وأفكار وقراءات في جوانب مختلفة، وظهر أيضاً في مسار حركته العلمية والدعوية والمنهجية والحركية، وقد يكون ذلك -تغليباً- هو السبب في تصفيته الجسدية، وظاهر أن هذا الحادث كان له أثره البليغ في مسار الحركة ورؤاها فيما استقبلته من حوادث الزمان ونوائبه.

ولقد انساقت الحركة الإسلامية على مدار عقود في سياقات متعددة تؤثر تارة وتتأثر أخرى، تنجح تارة وتخفق أخرى، وقد مر عليها من التحولات ما جعلها تتجاوز كثيراً الخطابَ الذي ساد أروقة الحركة في منتصف القرن العشرين، ومقصودٌ به خطاب المفاصلة والانقلاب الذي لا يهتم بأي شكل من الأشكال بما يسمى بالمشاركة السياسية وتأطير العلاقة بين الدولة والمجتمع، ولذلك شهدت الحركة تحولاً واضحاً باتجاه المشاركة السياسية في ظل نظم حكم علمانية تأسست في سياق ما سمي بالدولة القومية الحديثة، وهي صناعة غربية في ضوء فلسفة الحداثة التي تفاصل أي فكر مرتبط بالدين، وكان على الحركة -كما يرى أربابها- التكيف مع الواقع السياسي واستيعابه، فرضيت بصندوق الاقتراع بوصفه الآلية الفاصلة في الوصول إلى السلطة وتدوالها، والقبول كذلك بالتعددية السياسية والحزبية بألوانها المختلفة المتعددة، والقبول بالعمل في إطار الدولة الوطنية والتحالف مع القوى المغايرة فكرياً وسياسياً في إطار اللعبة السياسية[5].

وبقي هذا الإطار مستحكماً في البنية الفكرية والحركية للحركة الإسلامية حتى أحداث الربيع العربي الذي كان بحق فاصلة تاريخية في تاريخ هذه الحركة وأمثالها، ولئن كنا في سياق حركة إسلامية ذات سياق فكري متناغم مع مشروع سياسي صريح، فإن لأخواتها من الجماعات الأخرى من المواقف ما جعلها تمس بفكرها تارة وبحركتها تارة أخرى البعدَ السياسي من خلال أطروحات حاولت من خلالها التنظير لرؤية سياسية إسلامية في سياق علماني إن صح التعبير، وهذا الذي أدركه بعض مفكري السياسة المعاصرين، إلى القدر الذي يمكن توصيفه بالتناقض، ولذلك خلص إلى القول بأن أطروحات هذه الحركات قد غلبت عليها العموميات البلاغية والتصورات التاريخية حيناً، وطغت الاعتبارات العملية البراغماتية على حركتها تارة أخرى، فتراجعت مهمتها الرسالية والدعوية[6]، وهي إشكالية قد تمس كذلك بقية الحركات السياسية في سياقها الإسلامي.

وكان الحدث المفصلي في تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة بمختلف تجلياتها وتمظهراتها هو الربيع العربي الذي كان بحق حدثاً كاشفاً عن مديات مختلفة للحركات الإسلامية وغيرها في مستوى تعاطيها السياسي، في الوقت الذي كان يمثل البشارةَ التي انتظرتها العامة والخاصة؛ لكونه خلاصاً حقيقياً من الاستبداد والطغيان السياسي الذي جثم على صدور الناس عقوداً متطاولة، لقد أظهرت هذه الأحداث نقصاً كبيراً في الخبرة السياسية على مستوى بنية الدولة ومفاصلها لدى هذه الحركات، وافتقادها لكفاءات وكوادر وأدوات وآليات ووسائل إدارة الدولة على مستوى القوى الصلبة والقوى الناعمة، وكان الدخول إلى المعترك السياسي عرياً عن نظرية سياسية متكاملة موجهة، وظاهرٌ أن الحركة الإسلامية لم تدرك طبيعة البنية الهيكلية للدولة القومية الحديثة التي نشأت نشأة مشوهة لا يمكن معها الإصلاح والترقيع، وكانت الثغرة الكبرى التي جعلت الحركة الإسلامية إبان تسنمها للحكم في بعض النماذج الحاضرة هي ميدان الممارسة السياسية الذي كان أبرز أزماتها العملية، فضلاً عن إغفالها لمجالات فاعلة في البنية السياسية لو أحسنت التحكم فيها؛ لكانت قادرة على تجاوز أزماتها، والشأن هنا مرتبط بالمجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية .. في غيرها[7]، والمشهد المصري مثال سافر في هذا الإطار، وهو بحاجة إلى قراءات متعمقة على مستوى التنظير السياسي والممارسة السياسية.

واليوم مع الدخول في إطار أزمة كورونا تقف الحركة الإسلامية المعاصرة موقفاً يتطلب -أسوة بغيرها من الأزمات بل هي أحرى وأولى- انتهاج منهج الاعتبار الذي يعد منهجاً معرفياً أصيلاً في الرؤية الإسلامية، والعلامة الفارقة التي تميز كورونا عن غيرها من الأزمات أنها عابرة للقارات، فليس لها حدود تقف عندها، فإن مجالها عالمي طال كل ما يتعلق بالنشاط البشري، ولذلك حين نقف موقف التقويم لهذه الحركة في سياق هذه الأزمة، فإنه يسكن في سياق كلي؛ لكونه يأخذ أبعاداً أوسع وأكبر من دائرة الحركة ذاتها؛ ومقصودنا أن يكون للحركة الإسلامية، بل للأمة المسلمة كلها دورها الحضاري الفاعل تحقق به وجودها وحضورها في ضوء دورها الرسالي، والبعد السياسي من حيث أصله يمثل وسيلة من وسائل العمل الإسلامي الذي يقصد الدينَ أصلاً، وينبغي أن يفهم في هذا الإطار.

إن من شأن الأزمات أن تكون تهديداً مباشراً لبقاء نظام ما كما يشير أقصر تعريفاتها، وكورونا تجاوزت ذلك بمراحل؛ لأنها هددت نظم البشرية كلها، وفي الغالب تكون الأزمات متسمة بجملة من الخصائص، من أبرزها المفاجأة التي تسبب الصدمة العنيفة، التهديد المباشر للقيم والحاجات والمصالح والأهداف، حالة الخوف والهلع وقد تصل إلى حد الرعب وتقييد التفكير، التشكيك بجدوى القرارات المتخذة من قبل النظام المعني بالأزمة، فقدان أو نقصان التحكم في الأحداث، نقص المعلومات وعدم وضوح الرؤية، ضغط الوقت في ضوء الحاجة إلى اتخاذ قرارات صائبة، حالة التشابك والتداخل والتعقيد بين عناصر الأزمة وعدم القدرة على التمييز بينها .. في غيرها[8].

لقد أظهرت كورونا هشاشة النظام العالمي الذي تقوده الوضعية الغربية بمختلف أبعاده، حيث انكشف عواره في مجالات متعددة، ليثبت صدق النُذُر التي أنذرها مفكروها الغربيون أنفسهم قبل غيرهم من منظومات أخرى، فقد صدح بها قبل عقود أمثال كارل دويتش وإدغار موران ورجاء غارودي .. في غيرهم، منذرين بأن الحداثة ذاتها ستكون وبالاً على البشرية كلها، ودارت ألفاظهم ما بين تدمير البشرية بالأسلحة الشاملة وعدم النظر إلى العلاقات الدولية على أنها حفظ الجنس البشري كما يشير كارل دويتش، وغياب الأساطير الكبرى للحداثة، أسطورة التحكم في الكون، وأسطورة التقدم والضرورة التاريخية، وأسطورة السعادة كما يشير موران، وثالث الألفاظ حفارو القبور الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها كما عنون جارودي بذلك كتابَه.

وواضح أن هناك إجماعاً عاماً بأن الجائحة كان لها أثرها الكبير على جميع الأصعدة، ولم تقف عند مستوى عالم الأشياء الذي دارت فيه وما زالت، بل تجاوزته إلى عوالم الأفكار والأحداث والمؤسسات والنظم، والرسالة الأهم التي بعثها هذا الفايروس أن هناك من الأشياء التي لا ترى بالعين المجردة يمكنها تغيير أنماط الحياة بل وأنماط التفكير بما يجعل البشرية تؤسس لعلاقات تحاول معها أن تعايش هذا المتغير الذي أسهم بعمق في تغيير الخريطة الإدراكية عند الإنسان بمختلف مجالاته، ولذلك كان لزاماً على الإنسان المعاصر أن يعي أن أنماط التفكير والحياة التي عايشها كانت وراء هذه الأحداث، وقد أدركها قديماً ابن خلدون فانتقد أنماط الحياة البشرية، فكانت بحق رؤية خلدونية استشرافية لوباء كورونا، حيث أرجع الوباء إلى فساد الهواء بكثرة العمران وما يداخله من عفن وفساد في مادة العمران، فيترك أثره في الإنسان داءً وعلة ومرضاً[9].

وعوداً على بدء، فإن أثر هذه الأزمة قد أتى على مفاصل الحياة البشرية، ومن هنا فإن الحركة الإسلامية مطالبة من حيث النظر الكلي قراءة كورونا في سياق قراءة الاعتبار والاستثمار، وتستدعي هذه القراءة التأكيد على خطاب جامع يتأسس على رؤية كلية حضارية محورها ومركزها التوحيد، بحيث يسكن فيها وفي إطارها جميع ما يرتبط بفاعليتها وحركيتها على مستوى الفكر وعلى مستوى الحركة، فالتوحيد رؤية عامة للحقيقة، وللواقع، وللعالم، وللمكان، وللزمان، ولتاريخ الإنسانية، ولمصيرها[10]، فتنداح هذه الرؤية في مفاصل الحياة البشرية مصححةً مسارها، مذكرةً بوظيفتها التي خلقت من أجلها، آخذة بمقومات الصلاح والإصلاح والصلاحية، وفي هذا الإطار الجامع تقف الحركة الإسلامية بوعي على حقيقة دورها الرسالي الذي يلزم تذكره والتذكير به في مسارها كله.

وإذا كان البعد السياسي ومجاله هو نطاق البحث الذي ندور في إطاره، فإن هذا البعد ينساق مع الرؤية الكلية التوحيدية بوصفها المنطلق والمرجع والحاضنة والدافعة والرافعة والأساس، وبها نقرأ مفهوم السياسة ونعيد تعريفه، وعلى هذا الأساس، فإن نازلة كورونا تدفع باتجاه الوقوف في سياق الأولويات التي عقدت هذه الورشة من أجلها؛ لتكون دفقاً من دفقات بعث الروح في النفسية المسلمة وتفعيل دورها في الحياة، ولا يخفى أن السياسة من حيث كونها فكراً وحركة وصناعة تتبوأ أعلى الهرم رعايةً وعنايةً ووظيفةً وأثراً وتأثيراً، ولذلك هي تاج العلوم كما عبر بذلك الفخر الرازي رحمه الله، وحتى لا يكون الحديث عن الأولويات في سياق العموم والتعميم الذي قد يقصره في باب التنظير بعيداً عن دائرة التأثير والفاعلية في بعدها العملي، كان لزاماً أن يكون الحديث عن الأولويات على مستوى العام والخاص، وبحكم كوننا في سياق خاص، فإن البعد السياسي من أولويات الحركة يأخذ مساراً مخصوصاً كذلك، ومن الحكمة في هذا المقام التأكيد على فكرة ثغور المرابطة التي أطلقها بعض المفكرين، بما يجعل الحركة بل الأمة كلها في دائرة توزيع للأدوار في نطاق من فروض الكفايات التي ينظر إليها في سياق كلي تكاملي، ففي كل ثغرة مرابطٌ يخشى أن يؤتى من قبلها، فلو بثثنا في الأمة هذا النَفَس وأحييناه لكان الأمر على غير ما عهدناه وألفناه.

ولعلنا ونحن نؤكد على القراءة التقييمية والتقويمية للحركة الإسلامية في بعدها السياسي أن نقف مع سؤال يعد مركزياً في ظننا، وهو: كيف عرَّفت الحركات الإسلامية السياسة وكيف مارستها؟  

ولسنا بصدد الإجابة على هذا السؤال؛ لأن الإجابة عليه قد جاءت في بعض ما تقدم من فقرات البحث، وإنما المقصود من إثارته الدعوة إلى منهجة المواقف بجعلها خاضعة لمقاييس ومعايير حاكمة، بحيث يقف صانع القرار مهما كان عنوانه ورسمه على منهجية يُحاكم من خلالها كل إجراء أو تدبير أو قرار سياسي يتخذه صناع القرار، وإنما يضمن ذلك الوقوف على أنساق قياسية قد لا تتسع لها مفاهيم السياسة الوضعية المعاصرة؛ لتأثرها بالظواهر السياسية التي تتصف بالسيولة على مستوى الأحداث والأفكار على حد سواء، ومن هنا تأتي الدعوات من رحم الرؤية المعرفية الإسلامية للتأسيس لمفاهيم سياسية بعيداً عن هذا النسق الوضعي المستحكم، وقد يكون ذات جدوى منهاجي أن تؤصل هذه المفاهيم في سياق مقارن يوقف الباحث على مواضع ومواطن الصواب والخطأ على مستويي الفكر والحركة.

ويستدعي ذلك كلُه أمرين:

الأول: التأكيد على فقه المراجعات:

فقه المراجعات يعد بحد ذاته انعكاساً لما يسمى بمنهجية الاعتبار التي يلزم استثمارها في مراجعة المواقف وتصحيح المسار والحركة والوقوف على مواطن الصواب والإصابة، ولا يخفى أن المراجعة والنقد يعد مؤشر صحة، ودليلاً على قدرة الأمة في التجديد والتصويب[11]، وقد تأصل هذا الفقه في سياق المنهجية المعرفية القرآنية بشكل ظاهر، وقد اتخذت هذه المنهجية في إطار السياقات النصية والموضوعية مسارين في التأكيد على هذا الفقه، الأول (القراءة التاريخية)، ولعل هذا كان نوعاً من أنواع دلائل صدق النبوة في إطار الأخبار التي أخذت حيزاً كبيراً في القرآن المجيد إلى القدر الذي رآه البعض نوعاً من أنواع الإعجاز القرآني وهو الإعجاز الإخباري، وما هو في حقيقته إلا مراجعة تاريخية في مواقف الأمم من دعوة الأنبياء والرسل، وهو في حد ذاته أيضاً جزء من فقه السنن في إطارها الاجتماعي، ومفهوم السير في الخطاب القرآني معبر بظهور ووضوح عن ذلك، ولهذا قال تعالى: (أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون)[الروم: آية 9]، وبهذا يثبت المنهج القرآني أن التاريخ هو مصدر هذا الفقه ومختبره الحقيقي للوقوف على صواب الفعل البشري[12].

والثاني هو مراجعة مواقف الواقع الإسلامي زمن التنزيل، وزمن التنزيل له سياقه الخاص في فهم القرآن؛ لأنه أعطى الأمة أنموذجاً للتعامل مع الخطاب القرآني، ولأن القرآن كتاب هداية للبشرية جمعاء كانت بحاجة إلى الوقوف على مثال تطبيقي تنزيلي تفقه من خلاله منهجية التعامل مع القرآن الكريم، فكان هذا الواقع بجميع ملابساته وظروفه مصدراً ومرجعاً للأمة تنهل منه فقه الحياة وأبعادها الحضارية بمختلف صورها ومظاهرها، وكان فقه مراجعة الحوادث والوقائع زمن التنزيل معلماً من معالم تصحيح مسارات الفاعلية في الأمة لكونها الأمة الشاهدة الخاتمة، ولتتسلح بهذا الفقه في تصويب أخطائها وتجاوز هناتها حتى وإن كان ذلك في إطار من المحنة والشدة والضيق الذي واجهه جيل التلقي، قال تعالى في واحد من دروس الأمة القاسية التي بقيت ماثلة عبر تاريخها: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير)[آل عمران: آية 165]، إن هذه العندية في الآية الكريمة لها من القسمات المنهاجية التي تفتح الباب على مصراعيه أمام الناظر لفقه العثرات والكبوات الذي هو فرد من أفراد فقه المراجعات، وهذا الفقه سيمكن صاحبه فرداً كان أو جماعة أو مؤسسة أو دولة أو أمة من:

-الاستبصار بقدرة الذات على التكيف مع الأحوال والظروف.

-والقدرة على تجاوز الصعاب بالقدر المطلوب والمرجو.

-وإدخال الأفكار في مراجعة أسباب الهزيمة وعدم استصغار شأنها.

-وبذل الجهد الفكري في قراءة التراجعات التي أصابت العقل المسلم وبنيته الحضارية.

-واستثماره في البحث عن السبل والكيفيات المعينة على الوصول إلى النتائج المرجوة.

إن حتمية الابتلاء في حياة المسلمين كما تثيرها هذه التنبيهة القرآنية لا ينبغي معها استحكام عقلية التزييف في التعاطي معها وفقاً لحالة تبرير الفعل وتزكية النفس، وعدم أخذها باللوم والمحاسبة؛ فإن الابتلاء حالة مؤقتة طارئة تلزم المسلم النظر إلى سياقها في إطار التفكر والتدبر والتفقه والتنبأ واستشراف مآلات الفعل، إن “قل هو من عند أنفسكم” تنبيه إلى العامل أو العوامل الحقيقية في إحداث العثرة، وهذا يجعلنا دائماً في حالة مرابطة على استخراج الفرصة من الأخطار والعثرات، ولهذا من الأهمية بمكان توظيف معنى الابتلاء ودفعه باتجاه الاستنفار واستثمار الفرصة للخروج من المحنة صوب المنحة.

الثاني: ضرورة التنشئة السياسية:   

إن عقدة الإشكال في الحركات الإسلامية في بعدها السياسي على مدار تاريخها فيما هو ظاهر هو مجال الممارسة السياسية والإندماج في العملية السياسية في سياق لا يتسع للرؤية الإسلامية؛ لأن هذا السياق استحكم فيه النسق الوضعي الغربي الحداثي ونموذجه الدولة القومية الحديثة بكل مقوماته ومكوناته المتأثرة بنموذجها المعرفي، فضلاً عن أن هناك فارقاً مركزياً يجعل نموذج الدولة القومية يفقد خواصه وسماته عند ترحيله إلى بيئة مباينة ومغايرة، فقد كان نموذج الدولة القومية عاملاً مجمِّعاً كما هو الشأن في المثال الألماني والإيطالي، بينما هو عامل مفرِّق في النموذج الإسلامي، إذ أضحى العالم الإسلامي بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية أجزاء متفرقة مشتتة لا يمكن معه جمع شتاته مع تحكم الدعوات القطرية والقومية بعيداً عن النسق الإسلامي الجامع، فنموذج الدولة القومية في عالم المسلمين حافظ بشكل حاد ومتواتر على علاقات تسير صوب التفكك لا التكامل[13].

وفي ظل هذه البيئة غير المواتية للعمل السياسي على وفق ما تمليه الرؤية الإسلامية، فإن على الحركة الإسلامية في ضوء فقه المراجعات لمسيرتها التاريخية أن تعي أن فاعليتها وتأثيرها وتحقيقها للتغيير في بعده السياسي وغيره من الأبعاد مرهون بحسن قراءتها للواقع السياسي وامتلاكها لأدوات التأثير والتغيير التي تجعل لها من القوة والقدرة على مواجهة التحديات بالاستجابات الفاعلة لا العليلة، ويضمن ذلك لها أن تنطوي على رؤية استراتيجية وعقل استراتيجي تراعى فيه الرؤية الكلية الجامعة والمجالات الحاضنة والأولويات المقصودة والمناطات المدرَكة والمآلات المستشرَفة والقيم الحافظة، بحيث تكون عند النخب الإسلامية وقادتها وعي بالظواهر السياسية وتحولاتها ومساراتها.

وتكمن في سياق في هذه الرؤية الاستراتيجية منهجية التنشئة السياسية لأبناء الحركة بل لأبناء الأمة كلهم، في إطار من البناء والتأهيل السياسي والتوعية السياسية، ويأخذ بالاعتبار المراجعة العميقة لمفهوم السياسة في السياقين الإسلامي والغربي، ولا يقف الأمر عند التثقيف السياسي المرتبط أساساً بالبعد النظري، بل يتجاوزه إلى التأهيل العملي، والفكر الإسلامي والعقل الإسلامي كان له من الإسهامات التي تصلح لأن تكون معياراً ومقياساً من حيث بعدها الكلي لا التفصيلي في سياق هذه التنشئة، وقد أشار بعض المختصين في الفكر السياسي إلى فكرة التحليل المخالف للوقائع وهو اتجاه افتراضي في دراسة وبحث الظواهر السياسية وقف عنده بعض مفكري الغرب وخاصة في حقل العلاقات الدولية، وقد سبق هذا الاتجاه الحديث الفقه الافتراضي في ما عرف بمنهج الأرأيتيين الذين كانوا يطرحون مسائل فقهية لم تعرض عليهم لكنهم يفترضون أسئلة فقهية تتغير فيها الظروف بما يمثل لغزاً يسعى الفقيه إلى حله وافتراض شروط التنزيل في حال متغير غير متحقق[14]، وهذه منهجية صالحة للتنشئة السياسية في بعدها الإجرائي والعملي، ومن الأمثلة الكاشفة في هذا الإطار وإن كانت في سياقها الغربي أن بعض الدول الغربية كبريطانيا مثلاً يقوم حزب المعارضة بتشكيل حكومة ظل كاملة تماثل الحكومة القائمة بوزاراتها، وهذا يعطيها القدرة على تصور المشهد السياسي بكل إشكالاته وتحولاته.

وأما على المستوى الفكري والمنهجي، فتأخذ التنشئة السياسية أبعاداً أعمق مما هي عليه في بعدها الإجرائي، إذ هي من حيث أصلها عند علماء السياسة عملية استيعاب الأفراد والجماعات والأمم لمنظومة المعتقدات والرموز والقيم والاتجاهات والقناعات طويلة الأمد المتعلقة بالظاهرة السياسية السائدة في كيان سياسي معين، وانتقالها من جيل إلى آخر، بشكل تلقائي أو مخطط، عبر قنوات عديدة ووسائل مختلفة، ولذلك هي في نسقها الإسلامي تتجاوز القضايا المتعلقة بالعلاقة بين الحاكم والمحكوم والحفاظ على النظام السياسي القائم إلى أبعاد أخرى أعمق تأخذ بالاعتبار مقومات المنظومة الإسلامية ومكوناتها ومفاصلها[15].

فالتنشئة السياسية بهذا المعنى عملية إقامة حياة التقوى برعاية المقاصد الشرعية في مدارات ثلاثة: معرفي (الارتقاء في تحصيل المعرفة الجديدة المفيدة عن الماضي والحاضر والمستقبل)، وظيفي (الحفاظ على الثوابت فيما هو قائم، واستصحاب الصحيح من الواقع، مع الارتقاء به عبر أنساق الحفظ المستندة إلى قيم الحرية التوحيدية، والتي تشمل: حفظ الابتداء، وحفظ البقاء، وحفظ البناء، وحفظ الارتقاء، وحفظ النماء، وصولاً إلى التجديد المحقق لثبات الهوية وارتقائها في آن واحد)، مجالي (ترتيب علاقة الأنا بذاته وبناء الهوية، وترتيب العلاقة بين الذات والآخر، على صعيدي التخلية والتحلية). وتتم هذه العملية المرتكزة على ثوابت سنن الله في الأرض في ترتيب الاجتماع الإنساني، عبر قنوات تضم في الإسلام: الأسرة ودور العبادة، ودور التعليم، والسير في الأرض، والمجادلة بالتي هي أحسن، ووسائل الإعلام، وتستدعي تلك العملية ضوابط لحركة تلك القنوات، ولمضمون ما تقدمه[16].

وفي أثناء عملية التنشئة السياسية لا يمكن إغفال قراءة الاعتبار والاستثمار للتراث السياسي الإسلامي؛ لأنه يعد من كنوز المنظومة الإسلامية التي يلزم المسلم المعاصر أن يقف منها موقف المستثمر لا المتنمر، ولا يخفى أن الموقف من التراث السياسي الإسلامي في واقعنا الإسلامي اليوم قد تراوح بين التقديس والتنقيص، وكلاهما في سياق التقويم مذموم، فالتقديس يقتضي محاكاته وتقليده وتوصيفه بالعصمة، والتنقيص لا يرى هذا التراث إلا مدونة لسياسات الحكام المستبدين عبر التاريخ الإسلامي، وهو موقف لم يسبر غور هذا التراث ولم يقف عند مدونته موقف المستقرئ المتتبع لأفراده وأجزائه، والاقتضاب في النظر والرؤية يفضي إلى الاعتساف في الحكم.

والاعتبار بالتراث السياسي الإسلامي يقضي التعامل معه في دائرة الإحياء وفق تعبير الدكتور حامد ربيع، وعملية الإحياء تتنوع وتتوزع بين تصورات ثلاث كل منها يعكس منهاجية مستقلة، وهي بالمحصلة تتكامل من حيث مخرجاتها ونتائجها في سياق الرؤية الكلية الجامعة، وهذه الوظائف هي الوظيفة اللغوية التي تأخذ بالاعتبار تحليل النص بعناصره ودراسة مقومات التعبيرات اللفظية والنظر إليها في سياق العملية الاتصالية بوصف اللغة أداة اتصالية في مجال حضاري معين، والوظيفة التاريخية التي تنقلنا إلى مستوى آخر من التحليل حيث يكون النص اللفظي ذاته تعبيراً عن مرحلة معينة من مراحل تطور الجماعة والقوى التي ينسب إليها ذلك النص، ولذلك هي تعد مجالاً نموذجياً في كيفية تعامل شخوص التاريخ مع إشكاليات واقعهم في ضوء مرجعيتهم الحضارية، وأخيراً الوظيفة السياسية لإحياء التراث، وهي تفرض على القارئ له السعي لإدراج التراث في إطار أكثر اتساعاً، إطار الحركة الجماعية والإنسانية حيث يصير النص التراثي التقاء بين ماضٍ وحاضر ومستقبل، ويغوص في أعماق النص ومفاهيمه المستترة وبمقارنته بالعناصر التراثية الأخرى يستطيع اكتشاف الحقائق الثابتة وتمييزها عن المتغيرة[17]، وبهذا يمكن إدراك الأنساق القياسية عبر النماذج التراثية المختلفة.

وأخيراً فإن من الحكمة ألا ينشغل العمل الإسلامي في بعده السياسي بالممارسة السياسية بعيداً عن قسيمتها المرتبطة بالسياسة علماً ومعرفة ونظرية؛ فإن للعلوم السياسية وخاصة في نسقها الإسلامي من القواعد والضوابط الهاديات ما تجعل الممارسة السياسية على هدي من الاستقامة والعدل تذهب بها إلى حيث إحسان التعامل مع الوقائع والحوادث المستجدة في الظواهر السياسية المتعاقبة، فالسياسة ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد، ومن هنا فإن منهج الاستقامة يقضي بتجسير العلاقة بين علوم السياسة وممارستها وعدم الزهد بمعارفها.

[1]  ورقة بحثية اشترك بها الباحث في الورشة السياسية في المؤتمر العلمي “استشراف أولويات العمل الإسلامي بعد أزمة كورونا” الذي أقامته أكاديمية رواد الأعمال للتدريب والاستشارات يوم السبت 25/7/2020م.

[2]  مقصودنا بالحركة الإسلامية يتجاوز تحديدها بجماعة معينة أو حزب معين، بل يأخذ بالاعتبار جميع الحركات الإسلامية العاملة، سواء التي شغلها الهم السياسي أو غيره من الهموم؛ لأن البعد السياسي ظاهرٌ تأثيره حتى على مستوى الحركات التي انشغلت بقضايا الدعوة والعلم والتربية، فلا تخلو جماعة معينة من موقف سياسي وإن لم تكن مهتمة بالشأن السياسي، ولكن لا شك أن الجماعات المنشغلة بالهم السياسي فكراً وحركة وهدفاً تأخذ القدر الأكبر من مقصود هذه الورقة؛ بحكم كونها هي المتخصصة في هذا المجال.

[3]  د.حامد عبدالله ربيع، من مقدمته لكتاب سلوك المالك في تدبير الممالك، القاهرة، مطابع دار الشعب، 1400هـ/1980م، ج1ص17.

[4]  د.إبراهيم البيومي غانم، الفكر السياسي للإمام حسن البنا، القاهرة، مدارات للأبحاث والنشر، ط1، 1434هـ/2013م، ص29.

[5]  محمد أبو رمان، الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي: المقاربات، القوى، الأولويات، الاستراتيجيات، بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2010م، ص205.

[6]  د.هبة رؤوف عزت، الخيال السياسي للإسلاميين ما قبل الدولة وما بعدها، بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط2، 2015م، ص11.

[7]  د.سيف الدين عبدالفتاح، أزمة السياسة في زمن الثورات والانقلابات .. النقد الذاتي 11، عربي 21، تاريخ النشر: 1/5/2018م.

[8]  محمد فتحي، الأزمات كيف تواجهها بنفسك، دار الراية، 2005م، ص13، سوسن سالم الشيخ، إدارة ومعالجة الأزمات في الإسلام، القاهرة، دار النشر للجامعات، ط1، 1424هـ/2003م، ص15.

[9]  ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دمشق، دار يعرب، ط1، 1425هـ/2004م، ج1ص499-500.

[10]  د.إسماعيل راجي الفاروقي، التوحيد ومضامينه في الفكر والحياة، عمان/الأردن، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1437هـ/2016م، ص78.

[11]  عمر عبيد حسنة، مراجعات في الفكر والدعوة والحركة، بيروت، المكتب الإسلامي، ط3، 1419هـ/1998م، ص14.

[12]  المرجع السابق، ص17.

[13]  د.سيف الدين عبدالفتاح، الأمة الإسلامية وعواقب الدولة القومية، القاهرة، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، ص48.

[14]  د.هبة رؤوف عزت، الخيال السياسي للإسلاميين، مرجع سابق، ص91-92.

[15]  د.السيد عمر، التنشئة السياسية في المنظور القرآني، بحث منشور في موسوعة التنشئة السياسية الإسلامية: التأصيل والممارسات المعاصرةالمرجع  لمجموعة من المؤلفين، القاهرة، دار السلام، ط1، 1434هـ/2013م، ج1ص23.

[16]  المرجع السابق، ص27.

[17]  د.حامد عبدالله ربيع، مدخل في دراسة التراث السياسي الإسلامي، القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 1428هـ/2007م، ج2ص243-244.

زر الذهاب إلى الأعلى