إقليميتحريراتتقدير موقفعام

محاولة اغتيال المصالحة وأثرها على القضية الفلسطينية

يبدو مشروع المصالحة الفلسطينية الآن أبعد من أي وقت مضى، وتبدو آخر فصول محاولات المصالحة التي بدأت باتفاق القاهرة في أكتوبر ٢٠١٧ وبرعاية مصرية حثيثة- تبدو وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، وأن محاولة الاغتيال التي وقعت لم يكن قتل الحمد الله هو الهدف الحقيقي لها، بل كانت المصالحة الفلسطينية.

لقد أصبحت الساحة الفلسطينية الآن مفتوحة على احتمالات جديدة، نحاول تحليلها في هذه القراءة التي نختمها بعرض للسيناريوهات المحتملة للمشهد الفلسطيني.

مواقف فتح وحماس بعد محاولة الاغتيال:

سارع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في اليوم التالي لمحاولة الاغتيال بإلقاء خطاب ناري اتهم فيه حركة حماس بتدبير محاولة الاغتيال، وقال إنه لا يحتاج لانتظار أي تحقيق أمني في الحادث لأنه يعرف الفاعل، وأكد أنه حماس، ثم ذهب لحدود بعيدة حين أكد أن أمريكا وإسرائيل كانتا أصلاً وراء انقلاب حماس عام ٢٠٠٧، وأن حماس تتعاون معهما لتمرير صفقة القرن.

وكان من اللافت قول عباس: “إنه لو نجحت عملية اغتيال الحمد الله وفرج لكانت نتائجها كارثية على شعبنا وأدت لقيام حرب أهلية فلسطينية”، وقد ختم خطابه بتهديد فقال: “بصفتي رئيسا للشعب الفلسطيني قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والقانونية والمالية كافة من أجل المحافظة على المشروع الوطني”.

من جهته سارع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض العلاقات الوطنية ومسئول ملف المصالحة عزام الأحمد بوصف حماس بالانقساميين والانقلابيين داعيًا أهل غزة لإعلان التمرد، وقال: “الانقسام من أسباب استمرار الاحتلال، وأقول لأهلنا في قطاع غزة: شددوا من تمردكم على لغة الانقسام والانقساميين، انتفضوا في وجوههم وفي وجه كل من يستمر فيه ويسانده، فقد آن الأوان لوضع حد للانقسام”.

كما شدد الأحمد على أن الإجراءات التي اعتزم الرئيس عباس اتخاذها في وجه الانقسام في غزة، ستكون “ضد سلطة الخطف والانقلاب، حتى يقوضها”.

في المقابل قالت حماس: “لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لتوجيه الاتهام إلى السلطة بتدبير مخطط اغتيال رامي الحمد الله ومحاولة إلصاقه بحماس، وذلك لتبرير موقف السلطة المعطِّل للمصالحة، ولمطالبة حماس بتسليم سلاح المقاومة كشرط لإتمامها، وهو شرط تعجيزي ويستدعي التسليم للعدو وتجريد الفلسطينيين من سلاحهم في مواجهة العدوان الإسرائيلي”.

وأعلنت حماس في ٢١ مارس ٢٠١٨ اسم وصورة المتهم بمحاولة الاغتيال، وفي اليوم التالي أعلنت مقتل المطلوب أنس أبو خوصة، أثناء الاشتباك معه في النصيرات وسط قطاع غزة، وأن الاشتباك أسفر كذلك عن مقتل اثنين من أفراد الأجهزة الأمنية.

وذكر بيان لداخلية غزة أنّه جرى اعتقال اثنين من مساعدي أبو خوصة أصيبا خلال الاشتباك وجرى نقلهما للعلاج، وتوفي أحدهما متأثراً بجراحه وهو عبد الهادي الأشهب. وقالت: إنها ستكشف أبعاد المحاولة والمدبرين لها.

بعد أسبوعين من محاولة الاغتيال لم تزدد تصريحات الطرفين إلا توترًا وتحديًا، فقد أكد محمود عباس أنه لن يقبل بأقل من تسليم قطاع غزة للسلطة بنسبة ١٠٠٪ وأن تسليم مهام أمن القطاع لابد وأن يتم فورًا”.

بينما قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: “إن توقيت محاولة الاغتيال تحمل أهدافًا سياسية ووطنية وميدانية خطيرة”. وقال: “إن الاستهداف تزامن سياسيًا مع تزايد الحديث عن صفقة القرن، التي تسعى من خلالها واشنطن إنهاء القضية الفلسطينية”.

وقال صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس: “هناك تفاصيل مذهلة حرصنا ألا نظهرها للإعلام، ودعونا الفصائل التي أطلعناها عليها ألا يكشفوا عنها ريثما تتبين كافة فصول هذه الجريمة البشعة التي استهدفت حماس ووحدتنا”.

دلالات محاولة الاغتيال:

قبل رصد سيناريوهات المشهد الفلسطيني القادمة، من الضروري تقييم ما جرى من محاولة اغتيال والمواقف السياسية التي تبعتها.

إن جرائم الاغتيال السياسية يصعب غالبا تقييم بواعثها الحقيقية أو تحديد المدبرين لها، وكثيرًا ما تنتهي للقيد ضد مجهول، وهو ما ينطبق هنا أيضًا على محاولة اغتيال الحمد الله، خاصة مع التباين الشديد في مواقف فتح وحماس التي جاءت على طرفي نقيض.

على كل حال، يمكننا إحاطة هذه المحاولة من عدة وجوه:

1.    مسارعة محمود عباس لاتهام حركة حماس ربما يكون من المكايدة السياسية، ولسان حاله يقول: “سلمونا أمن غزة فورًا؛ فإنكم فشلتم في تأمين موكب رئيس الوزراء ومدير الاستخبارات”، لكنه بدلاً من اتهام حماس بالفشل والإخفاق الأمني ذهب رأسًا لاتهامها الصريح بمحاولة الاغتيال.

2.    يصعب تصديق هذا الاتهام لأربعة أسباب:

–         الأول: أن تاريخ حماس خالٍ تمامًا من الاغتيالات السياسية.

–            والثاني: أن لا فائدة ظاهرة لحماس من محاولة تستدعي لها كل المتاعب.

–          والثالث: أن الأجهزة الأمنية في غزة قادرة بالتأكيد على اغتيال الرجل وعدم الفشل في هذا.

–          والرابع: أن فتح حتى الآن لم تقدم دليلاً واحدًا على اتهامها الصريح لحماس بمحاولة اغتيال الحمد الله.

3.    تراخي حماس وتأخرها في التفنيد السياسي لاتهامات فتح أضعف موقفها، صحيح أن هنية قال: “إننا متمسكون بسياسة الصبر”، لكن ضعف رد الفعل السياسي على اتهام مباشر بمحاولة قتل رئيس حكومة التوافق الوطني لم يكن متناسبًا مع خطورة الاتهام.

4.     يصعب أيضًا تصديق اتهامات حماس للسلطة بالوقوف وراء المحاولة؛ لأنها لا تريد المصالحة وتسعى لتخريبها! فهذا لعب بالنار وخلط شديد للأوراق كما أن تاريخ السلطة خالٍ من الاغتيالات السياسية أيضًا حتى في أوقات ومنعطفات كانت أشد تأزمًا في الماضي.

5.     يحاول البعض تصوير المحاولة على أنها خلافات داخل حركة حماس، وقاموا بتركيب بعض الاتهامات الجزافية على هذا التصور، وصدر اتهام رسمي من أجهزة أمن السلطة بتورط عضو المكتب السياسي لحماس فتحي حماد فيما يتعلق بتنفيذ محاولة الاغتيال، لكونه هو الذي يسيطر على منطقة شمال قطاع غزة، وبناء عليه رفض الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية عدنان الضميري قبول أي تحقيق من حماس.

6.    يبدو أن المستفيد الأول من تداعيات محاولة الاغتيال هو “إسرائيل” التي جعلت عدم إجراء مصالحة فلسطينية أحد أهم مطالبها وأهدافها الاستراتيجية التي تسمح لها بالتمدد الاستيطاني وزحفه التدريجي لابتلاع كل فلسطين، وقد استفادت إسرائيل من واقع الانقسام أكثر من أي عامل آخر مؤثر في الصراع الإسرائيلي العربي.

إن افتعال أزمة بحجم اغتيال رئيس حكومة التوافق الوطني، ثم إدارة هذه الأزمة بابتزاز طرفي الانقسام الفلسطيني تبدو عليه بصمات “إسرائيلية” واضحة.

7.    بعد إعلان حماس قتل منفذ العملية والقبض على شريك له، أصبح واجب عليها إعلان تفاصيل ذلك المخطط وهوية المدبرين له.

موقف الأطراف من مشروع المصالحة برعاية مصرية:

تبدو احتمالات المصالحة الفلسطينية الآن بعيدة أكثر من أي وقت مضى، ويقترب الصراع الداخلي أن يكون صفريًا، بحيث يرى كل طرف ألا سبيل للقضية الفلسطينية إلا بالقضاء على الطرف الآخر، وبحيث أصبح كل طرف يرى أي خسارة تلحق بالطرف الآخر مكسبًا له، والعكس صحيح.

لقد تعلقت آمال الشعب الفلسطيني على آمال المصالحة بعد قرار ترامب نقل سفارته إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وبعد تغول الاستيطان، وتكشف ملامح ما يعرف بـ “صفقة القرن” وأنها تهدف لإهدار القضية الفلسطينية بالكامل فلا حل دولتين، ولا إدانة للمستوطنات، ولا مكان لعودة اللاجئين، ولا مستقبل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ولا حديث عن القدس.

كان من الطبيعي أن تنتعش آمال الشعب الفلسطيني ويصبح لسان حالهم: “رب ضارة نافعة”، وعبَّر كثير من الفلسطينيين عن أن المصالحة الفلسطينية وحدها كفيلة بالوقوف أمام هذه المخططات التي تستبيح الحق الفلسطيني.

جاءت الأحداث والمواقف الأخيرة مخيبة للآمال، ومن المتوقع أن تسقط الثقة في القيادات السياسية للمشهد الحالي، وربما – في أحسن الأحوال – تفرز قيادات بديلة لا تحمل على كاهلها إخفاقات الماضي ومراراته ولا شبهات علاقات الرموز القائمة.

موقف السلطة المندفع بعد محاولة الاغتيال ربما كشف في طياته طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل؛ فالولايات المتحدة غضت الطرف عن وصف عباس لسفيرها في تل أبيب بـ “ابن الكلب”، برغم أن ذلك – على أقل تقدير – تجاوز دبلوماسي كبير، واللافت أن السفير ديفيد فريدمان نفسه لم يزد على أن يتساءل إن كان وصف الرئيس عباس له “بابن الكلب” خلال خطابه، “معاداة للسامية أم نقاشاً سياسياً”.

رد الفعل الخافت يشي بأن غضبة عباس على الأمريكان ودعاءه السابق بأن “يخرب الله بيت ترامب” إنما هي انفعالات محسوبة لإظهاره خصمًا للموقف الأمريكي لامتصاص الغضب والسخط الشعبي، وتمريرًا للوقت حتى تهدأ الاحتقانات الشعبية الفلسطينية.

وأعجب من ذلك أن الولايات المتحدة و”إسرائيل” غضتا الطرف أيضًا عن اتهام عباس لهما بتحالفهما مع حماس لتمرير صفقة القرن، ولو قالها مواطن إسرائيلي عادي فربما قدم للمحاكمة.

لاستبيان “حقيقة” مشروع المصالحة الأخير لابد من سبر المواقف الحقيقية للأطراف الثلاثة: مصر وفتح وحماس:

أولاً: مصر:

أعلنت القاهرة مرارًا أن لها هدفين أساسيين من تبنيها لمشروع المصالحة الفلسطينية وهما: تقوية العلاقات الوطنية الفلسطينية، ورفع المعاناة عن سكان قطاع غزة.

حماس لا تصدق هذه النوايا، وتثق بأن مصر السيسي لن تقبل أبدا بالتعايش مع الإسلاميين الفلسطينيين على حدودها، وهي التي بنت استراتيجيتها الداخلية والدولية على سحق ما يعرف بالإسلام السياسي، حتى لو تأكد لها أن حماس لم تتدخل عبر تاريخها في الشئون الداخلية للدول العربية.

وأيضًا تدرك حماس أن مصر – ومعها الولايات المتحدة و”إسرائيل” – لا تريد وقوع انفجار شعبي في غزة قد يربك المشهد بكامله، وقد يبعثر أوراق صفقة القرن التي يحاولون ترتيبها على عجل.

من جهة أخرى صدرت من القاهرة إشارات عديدة تعكس امتعاضًا من سلطة محمود عباس، وربما تراه معوقًا لتنفيذ صفقة القرن، وأن قيادة بديلة للسلطة مثل محمد دحلان سيكون أكثر طواعية للأجندة المصرية السعودية، وربما تكون القاهرة قد اتخذت قرارها بالفعل بالتخلص من عباس في وقت لاحق.

وفي كل الأحوال لا ترى مصر في فتح وحماس – بشكلهما الحالي – شريكين محتملين في المستقبل، وبالتالي ترى مشروع المصالحة تكتيكًا وقتيًا لحين جاهزية صفقة القرن.

ثانيًا: فتح:

ترى فتح وسلطة رام الله أن سلاح حماس يمثل خطرًا على المشروع الوطني، وترى دائمًا أنه “لا يوجد نظام في العالم يقر بأن يكون السلاح موزعاً بين عدة أطراف في الدولة”، وتعلن عن مخاوفها بأن “هذا السلاح يحتاج إلى ضبط ليكون هناك ضمانة واضحة تكفل عدم استخدامه ضد الفلسطينيين في أي وقت من الأوقات”.

لذلك قبلت السلطة على مضض خطة المصالحة المصرية، وقبلت بمجرد التسليم الشكلي لقطاع غزة لحكومة الحمد الله، لكن ما تريده حقًا هو استسلام حماس التام وغير المشروط لسلطة رام الله كسلطة “شرعية ووحيدة” لكل الشعب الفلسطيني، على أن تصبح حماس قوة سياسية فقط في غزة كحالها في الضفة الغربية.

عباس لا يثق في حماس ويراها مجبورة على قبول المصالحة بعد فقدها لكل ظهير إقليمي، وبعد عجزها عن تلبية الاحتياجات المعيشية الضرورية لأهل غزة، ويراها المرحلة المناسبة لإنهاء مسألة سلاح حماس.

من جهة أخرى تزداد شكوك ومخاوف عباس من الموقف المصري، خاصة وهو يرى شيئًا من تقاطع المصالح بين مصر وحماس، فيما يشبه علاقة عمل ولو كانت مؤقتة.

وقد تعززت هذه الشكوك بعد زيارة وفد حماس الأخيرة في فبراير ٢٠١٨ إلى مصر والتي استغرقت ٢٠ يومًا كاملة، وترأس وفد حماس فيها إسماعيل هنية واصطحب معه ستة من المكتب السياسي لحماس.

طول الزيارة وما تبعها مباشرة من زيارة وفد أمني مصري رفيع لمصر يؤشر على إتمام بعض التفاهمات بين الطرفين، واللافت أن مصر قامت بعد الزيارة مباشرة بإرسال العشرات من شاحنات البضائع إلى قطاع غزة، عبر بوابة صلاح الدين جنوبي القطاع (تبعد ٣ كيلومترات عن معبر رفح) الخاضعة لإدارة حماس فقط (بدون إدارة السلطة أو إسرائيل)، في رسالة ضمنية للسلطة بأن القاهرة ماضية في تطوير علاقتها بـحماس.

يخشى محمود عباس أيضًا من روائح مشروع أمريكي “إسرائيلي” مصري سعودي يبدو في الأفق وتتم هندسته بعيدًا عن الفلسطينيين والأردنيين، وقد يتم إسكات حماس فيه ببعض التنازلات الجزئية التي ترضيها وهي محصورة في ركن ضيق.

تبدو السلطة قلقة من هذه الاحتمالات ومن حفاوة مصر والخليج بأسهم محمد دحلان، ونفوذه المتصاعد في القاهرة وأبو ظبي وفي منطقة الحدود بين غزة وسيناء أيضًا.

محمود عباس كأنه وجد متنفسًا في محاولة الاغتيال كفرصة ذهبية لخلط الأوراق وقلب الطاولة على مشروع المصالحة المصري، وفي نفس الوقت الرمي بمسئولية هذا على حماس، خاصة وأن رهانه على مشروع المصالحة لم يكن قويًا على كل الأحوال.

ثالثا: حماس:

قبول حماس لمشروع المصالحة المصري كان اضطراريًا بالأساس لضيق مساحة الحركة المتاحة لها، وبسبب تشديد قبضة الحصار على غزة في ٢٠١٧ بشكل غير مسبوق، حيث أجهز الاحتلال الإسرائيلي على البنية الاقتصادية للقطاع، ووضع شروطًا تعجيزية للحركة عبر معبر بيت حانون (إيريز) وأغلقت مصر معبر رفح طوال عام ٢٠١٧ إلا أيامًا قليلة لم تصل في مجموعها لشهر واحد.

كما قام محمود عباس بخفض رواتب حوالي ٦٠ ألف موظف حكومي في غزة بنسبة ثلاثين بالمائة، وهو ما قلص قدراتهم الشرائية بعد سداد قروضهم في البنوك، ثم أعقب ذلك بإحالة آلاف الموظفين العسكريين والمدنيين إلى التقاعد المبكر.

وأدى ضعف القدرة الشرائية إلى إغلاق نحو ٨٠ بالمائة من المصانع بالقطاع، وكذلك إلى هبوط الواردات عبر المعبر التجاري الوحيد مع “إسرائيل”، حيث عبرت ٣٥٠ شاحنة يوميًا خلال الربع الأول من ٢٠١٨ مقارنة مع ٨٠٠ شاحنة في الربع الأخير من عام ٢٠١٧.

هذه الإجراءات وغيرها دفعت القطاع إلى حافة الانهيار. حماس باعتبارها حركة شعبية لا تستطيع أن تواجه هذا التدهور المستمر في أحوال الشعب الذي تحكمه وتراه يدفع ثمن الانقسام مضاعفًا في حياته اليومية.

لذلك كله أصبحت المصالحة هدفًا استراتيجيًا لحماس، لكنها تريدها بسياسة الخطوة خطوة. قدمت حماس خطوات مبدئية بتسليم معبر رفح الحدودي مع مصر لحكومة التوافق، ويمثل هذا المعبر الصلة الوحيدة لأهل القطاع مع العالم الخارجي، كما قامت بتسليم – شكلي لحد بعيد – للوزارات المختلفة لحكومة التوافق.

توقعت حماس أن تقابَل بخطوات مماثلة من السلطة خاصة في أزمة الكهرباء الضاغطة أو في وضع موظفي الحكومة، لكن شيئًا من هذا لم يحدث.

حماس لا مفر أمامها من إقامة علاقات معقولة أو جيدة مع مصر، وفي نفس الوقت لن يمكنها التخلي عن سلاح المقاومة لها وللفصائل الأخرى بالقطاع. هذه الثنائية تكبل يدي حماس وتجعل خياراتها محدودة وباهظة التكلفة.

فالحاصل أن أطراف مشروع المصالحة الثلاثة مصر وفتح وحماس، كل طرف يفتقد الثقة في الطرفين الآخرين.

إن ضعف – أو انعدام – الثقة بين فتح وحماس يجعل فكرة المصالحة قفزًا على الواقع، دون وجود بنية تحتية توافقية لدى القيادات الحالية تتحمس للفكرة.

وإلى جانب فقدان الثقة توجد عوامل أخرى تجعل تحقيق المصالحة هدفًا بعيدًا، منها:

·  أن البيئة الإقليمية ترى حالة الانقسام في صالحها حتى تفلت “إسرائيل” بمخططاتها، كما ترى الانقسام أفضل مناخ لتمرير صفقة القرن.

·  حالة المزايدة والمكايدة السياسية بين طرفي النزاع.

·  انصراف المجتمع الدولي عن نصرة القضية الفلسطينية، والهند والصين مثالان واضحان لهذا التغير.

·  استثمار بيئة الثورة المضادة التي لها الكلمة العليا حاليًا في الشرق الأوسط.

ردود الأفعال الإقليمية على محاولة الاغتيال:

جاءت ردود الفعل “الإسرائيلية” محتفية بتصريحات عباس، فقال محرر الشؤون الفلسطينية بصحيفة يديعوت أحرونوت غال بيرغر: “إن الرئيس محمود عباس سحب مسمار القنبلة وألقى بها في وجه حماس بعد الخطاب، والأمر الآن مرتبط بكيف سترد الحركة، ومن الممكن أن تكتفي بالصراخ أو يكون هناك رد آخر من مشعلي الحرب فيها”.

وبلغ الأمر ببنيامين نتنياهو أن التمس لعباس العذر في هجومه على السفير الأمريكي وقال: “قد تكون المرة الأولى التي تدير الإدارة الأمريكية ظهرها للزعماء الفلسطينيين ما أفقدهم صوابهم”.

الموقف المصري جاء هادئًا ومتوازنًا، فقد أدانت الخارجية المصرية، محاولة اغتيال الحمد الله، ووصفتها بأنها “عملية إرهابية”، وتوجهت الخارجية بـ “التهنئة للشعب الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية، على نجاة رئيس الوزراء”، وأضافت أن “مصر ستستمر في بذل جهودها الدؤوبة لتحقيق المصالحة، وتمكين الأشقاء الفلسطينيين من إدارة شؤون دولتهم، وفق رؤية موحدة وشاملة تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني”.


المآلات المتوقعة واحتمالاتها:

أولاً: سلطة رام الله:

يلاحَظ أن تصعيد السلطة الحالي يأتي مشابهًا – أو مطابقًا – لموقفها منذ عام كامل، ففي إبريل ٢٠١٧ دشن عباس حملة تكسير عظام بين السلطة وحماس، واتخذ جملة من الإجراءات شملت اقتطاع جزء من رواتب الموظفين في القطاع، وعدم سداد جزء من فاتورة وقود كهرباء غزة مما فاقم معاناة أهل القطاع وضيق الخناق عليهم، وأظهر السلطة آنذاك بأنها شريكة في الحصار، وكانت تلك الإجراءات القاسية وغير المسبوقة وقتها تحت لافتة “خطوات غير مسبوقة ضد حالة الانقسام في قطاع غزة”.

تهديدات عباس الحالية تستهدف مزيدًا من الضغط على غزة للموافقة بالحل القادم (كنموذج ما قبل أوسلو) فإن التلويح بانفجار شعبي في غزة ضد حماس ربما يدفعها إلى قبول الأمر الواقع.

من الواضح أن سلاح حماس والفصائل الأخرى هو جوهر هذا التدافع السياسي، فعباس لن يقبل بتسلم قطاع غزة لمجرد الأمور الإدارية والمعابر، وحماس في نفس الوقت لن تقبل بتسليم سلاحها.

لقد بدا قبل حوالي شهرين من محاولة الاغتيال أن عباس قبل على مضض تأجيل الحوار حول موضوع سلاح حماس والسلطة الأمنية بالقطاع، لكن يبدو أن الموقف قد تغير الآن وأصبح يطالب بأن تنتقل هذه الصلاحيات لسلطته فورًا.

قد يكون أحد أسباب تشدد عباس الحالي في هذه المسألة راجع لما يتردد عن مخاوفه من وجود مخطط إقليمي ودولي تشارك فيه مصر و”إسرائيل” لاستبعاده، واستبداله بشخصية أخرى ربما تكون محمد دحلان، وأن هذه المخاوف هي التي تدفعه لقطع الطريق على إتمام المصالحة التي ترعاها مصر.

لقد تعززت هذه المخاوف بتصريح متعجرف من السفير الأمريكي في تل أبيب قال فيه: ” إذا لم يقبل الرئيس محمود عباس، العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، فإنه سيأتي من يقبل بها”.

هذا التفسير يأتي متماشيًا مع دعاوى عباس بأن حماس متساوقة مع “صفقة القرن” باعتبار أن الدولة المستقلة الموعودة ستضم غزة، إضافة إلى أجزاء من سيناء لتوطين اللاجئين.

لقد عتب مسؤولون في رام الله، على مصر أنها تقوم “بتنفيس” إجراءات السلطة في غزة. وهناك شعور لدى قيادة السلطة الفلسطينية، أنّ الطرفين الأميركي و”الإسرائيلي”، على استعداد لتقليل الاحتقان والضغط في غزة، والتفاهم مع حماس حتى لو كان هذا على حساب صلاحيات السلطة.

يريد الرئيس الفلسطيني احتكار كل السلطات في غزة، بما فيها الأمن والمساعدات الخارجية وجباية الضرائب والرواتب، والمعابر. ولا يرى عباس طريقًا لتحقيق هذا إلا بزيادة الضغط على حماس، ولذلك يتسم خطابه السياسي بكثير من التوتر والانفعال عندما يرى التصريحات “الإسرائيلية” والأميركية حول ضرورة منع انفجار الأوضاع المعيشية في غزة، إذ يعتبرها محاولة للتهرب من حل سياسي للقضية الفلسطينية وإفشالًا متعمدًا لخطته في الضغط على حماس.

قد يكون من خيارات عباس دفع الأمور لاستعجال مواجهة عسكرية بغزة بين حماس و”إسرائيل” عبر تضييق الخيارات أمام أهل غزة، مراهنًا على أن فرص حماس هذه المرة ستكون ضعيفة جدًا حال اندلاع حرب رابعة على غزة.

 ثانيا: حماس:

خيارات حماس المتاحة بعد التصعيد المفاجئ من السلطة تبدو محدودة ومحفوفة بمخاطر كبرى.

وهناك خمسة خيارات متاحة يصعب على حماس المفاضلة بينها، وهي:

1.    اللجوء من جديد لفكرة تقوية علاقتها مع محمد دحلان، وتوسيع دائرة العلاقات مع أطراف فلسطينية أخرى للتفكير باتجاه إدارة أوسع لقطاع غزة، وهي الفكرة التي ترددت بقوة إبان أزمة ٢٠١٧.

وهذا الخيار مرهون بطبيعة الحال بموقف الإمارات العربية ومصر اللتين تتبنيان وتملكان ورقة دحلان.

2.   الإقدام على تفجير الوضع العسكري مع الاحتلال الإسرائيلي في غزة والرمي بالضغط السياسي وإلقائه على السلطة.

وهذا الخيار محفوف بالمخاطر وربما يمثل انتحارًا اختياريًا، لأن حماس تكاد تفتقر حاليًا لأي ظهير إقليمي (حيث قطر مقيدة بالأزمة الخليجية وسيف شبهات دعم الإرهاب مسلط عليها، وتركيا قد انخفض سقف دعمها للقضية الفلسطينية في ظل الضغوط الخارجية التي تتعرض لها من أوروبا والولايات المتحدة)، كما أن المشهد الدولي لن يتعاطف مع غزة على حساب الحليف الأمريكي.

3.  تشكيل حكومة إنقاذ وطني، تسحب شرعية حكومة التوافق وتحاول فرض واقع سياسي جديد.

ومدخل هذا قد يكون الإصرار على دعوة انعقاد المجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير)، والذي مضت أكثر من ٢٠ عامًا على آخر دورة اعتيادية له، وبحيث تسعى بالتوازي في تكوين تركيبة جديدة للمجلس تضمن تمثيله لكافة الفصائل وتجعل المصالحة أولى أولوياته.

4.    الانفجار الشعبي على حدود غزة باتجاه قوات الاحتلال، بحيث توجه الغضبة الشعبية من قسوة الحصار وآثاره إلى واقع الاحتلال، وبحيث يصبح هذا الحراك الشعبي أقرب لروح الانتفاضة، سواء عن طريق شكل “مسيرة العودة” التي تفكر بها حماس أو غيرها.

وهذا الخيار له جاذبية عند بعض قيادات حماس، لكنه يبقى أيضًا محفوفًا بمخاطر يصعب حسابها، لأن الحراك الشعبي يسهل المطالبة به والتشجيع عليه، لكن يصعب التنبؤ بمساراته بعد انطلاقه، كما أن التعامل “الإسرائيلي” معه يُتوقع أن يكون أشد شراسة وبطشًا.

5.   اتباع أسلوب الصمت والانتظار لمرحلة ما بعد عباس، عبر سياسة كسب الوقت، خاصة وأن الجهود الحثيثة للإدارة الأمريكية بتمرير صفقة القرن بأسرع ما يمكن قد يؤدي إلى الإطاحة بعباس ووقوع تغيرات كبيرة في الواقع السياسي الفلسطيني.

تلك كانت خيارات فتح وحماس، وكلها تخضع لحسابات معقدة ومتشابكة، قد تصل إلى حد إغفال المصلحة الفلسطينية العليا، ومعاناة الشعب الفلسطيني في الداخل أو في الشتات.

والتركيز على العلاقة في غزة، دون باقي الملفات الوطنية، يُساهم جزئياً في استمرار مأزق غزة، وعدم التوصل لشراكة وطنية.

هل تكون هذه الملابسات ميلادًا لحراك سياسي جديد يخرج فلسطين من عنق الزجاجة التي حشرت فيه لأسباب داخلية وإقليمية ودولية كثيرة؟

إن قوة أي قضية بقوة أصحابها على تبنيها والالتزام بها.

إن طريقين اثنين بقيا أمام الفلسطينيين لإنقاذ قضيتهم:

الأول: بمسلك جديد للقوى السياسية التقليدية القائمة بالإصرار على إعادة تشكيل المجلس الوطني، بحيث يشمل ممثلين عن كل القوى والفصائل الفلسطينية في هذه المرحلة الحرجة التي لا مثيل لها منذ عقود، فالشعب الفلسطيني كله ملتف حول قضية القدس والشعب الفلسطيني كله ومعه القوى السياسية رافض لمخططات صفقة القرن.

فهذه لحظة فارقة لاجتماع الكلمة من خلال مؤسسة وطنية – غير حزبية – وهي أعلى هيئة فلسطينية، بحيث تجتهد أولًا في تهيئة البيئة الحاضنة للمصالحة، ثم تقوم على تبنيها كمصالحة وطنية خالصة دون أي تدخل خارجي، فإنه كلما قوي التلاحم الداخلي ضعف تأثير الخارج سواء كان إقليميا أو دوليا.

سيكون أمام هذا المجلس الوطني الجديد أيضًا إجراء المراجعات السياسية اللازمة لإعادة تشكيل “النظام السياسي الفلسطيني”، وأن يعلن بشكل موحد ومحدد موقفه من صفقة القرن.

الثاني: أن يقفز الحراك الشعبي فوق النخب السياسية ويتجاوزها.

إن الموقف الشعبي الحالي لايزال دون هذا المستوى، ولا يزال متعلقًا بوعود النخب السياسية برغم أنها وعود وتعهدات مكررة، وبرغم أنها نخب عتيقة أصبحت لا تستشعر عاصفة التغييرات التي هبت على المنطقة كلها وفلسطين في القلب منها.

ومن المفارقات أن كل القوى السياسية القائمة لم تفرز قيادة شابة واحدة في صفوفها لأكثر من عشرين سنة!

القضية الفلسطينية قد تجد مخرجًا في حراك شعبي جديد غير مرتهن بالقيادات التقليدية المتكلسة، والمغيبة عن عجلة الزمان التي تدور منذ عقود في غير صالح القضية.

إن الشعب الفلسطيني وهو يرى طرفي الانقسام الوطني يلقي كل طرف منهما على الآخر مسؤولية العودة دائما إلى المربع رقم واحد، في ختام كل محاولة للمصالحة مما أشاع موجات من السخط والإحباط في الشارع الفلسطيني ونزيفًا مستمرًا في رصيد الثقة بالقيادات السياسية كافة على مدى أكثر من عشر سنوات، مما كاد يقضي بالكلية على المشروع الوطني الفلسطيني وشطب القضية الفلسطينية.

لقد مل الشعب الفلسطيني من المزاعم والادعاءات والتنظيرات الرائجة حول الأحقية والشرعية والمرجعية وغيرها من القضايا الخلافية المعهودة، ولا يراها تستحق انعدام الثقة بين طرفي الانقسام، والتنازع على كل صغيرة وكبيرة.

لقد كان واضحًا أمام الشعب الفلسطيني حتى قبل محاولة الاغتيال أن عملية المصالحة تراوح مكانها، وأن التصريحات المتفائلة كانت روتينًا مكررًا، وأن الجهود المصرية مؤخرًا كانت فقط للإبقاء على سيرورة المصالحة الفلسطينية، وليس إنجازها.

إن قطاعات من الشعب الفلسطيني الآن أصبحت تخشى أن يكتسب الواقع الانقسامي القائم من الآن فصاعداً قوة دفع جديدة، بحيث يتحول إلى حقيقة نهائية، تؤسس لواقع انفصالي دائم بين الضفة والقطاع، وهذا ربما يكون أحد فصول صفقة القرن التي قد يعلن عنها في وقت قريب. هذه الصفقة من المنتظر أن تتنكر للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

الطريق الثاني المتاح: هو الحراك الشعبي الشامل بقيادات جديدة شابة تناضل من أجل إبقاء القضية الفلسطينية حية، ثم من أجل إيجاد الوطن الفلسطيني المستقل.

لقد رأينا في ٢٠١١ عندما قامت هبة شعبية شابة في فلسطين، سارعت النخب السياسية التقليدية إلى طاولة المفاوضات لمصالحة وطنية، لم تلبث أن تم اختطافها وتهجينها إقليميًا لحين خمود الانتفاضة الشعبية.

الحراك الشعبي الثائر بقيادات شابة جديدة هو الكفيل بإعادة القضية الفلسطينية في بؤرة الاهتمام العربي والإسلامي والدولي.

حتى ينجح هذا الحراك الشعبي يحتاج أن يضع بين ناظريه جملة من “حقائق” المشهد:

·  إن تصور مباحثات سلام تؤدي إلى حل الدولتين هو سراب خادع ووهم يدركه من يرددونه من الببغاوات من الحكومات الغربية والشرقية أو المؤسسات الدولية. “إسرائيل” مصرة على رفض أي اقتراح لدولة فلسطينية مستقلة ولا تشعر بأي ضغوط تجبرها على ذلك.

·  وجود أكثر من ٧٠٠ ألف مستوطن “إسرائيلي” على الأرض الفلسطينية التي كان من المفترض أن تقام عليها دولة فلسطينية طبقًا لاتفاقيات أوسلو وطبقا للمبادرة العربية وطبقا لخارطة الطريق الرباعية، كل هذا تبخر الآن وتمثل هذه الكتل الاستيطانية البشرية عائقًا منيعًا أمام الفكرة، بصرف النظر عن عدم رضا المجتمع الدولي أو انفعالات السلطة الفلسطينية.

·  أعداد متزايدة من الصهاينة ترى الحل الوحيد الممكن هو استسلام الفلسطينيين التام للإرادة “الإسرائيلية” التي تعلن انتصارها في هذا الصراع الممتد منذ عقود، وترى أيضًا أن مجرد فكرة الدولتين معناه أن تقوم “إسرائيل” بدعم وتقوية أعدائها!

·  الإدارة الأمريكية الحالية من أشد الإدارات خضوعًا لجماعات الضغط اليمينية والصهيونية، وهي الإدارة الوحيدة التي لم تلزم نفسها – ولو شكليًا – بدعم حل الدولتين.

·  “إسرائيل” تتمتع حاليًا بدعم أمريكي غير مشروط وبدعم أوروبي مشروط، ولا توجد أي ضغوط دولية تمنعها من الاستمرار في ابتلاع كل الأرض الفلسطينية.

·  حتى أحدث القرارات الأممية التي أدانت الاستيطان “الإسرائيلي” أو استنكرت القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة ل”إسرائيل”- حتى هذه القرارات لم تغفل أن تشرح العقبات الخطيرة القائمة أمام حل الدولتين!

مثلا قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ (ديسمبر ٢٠١٦) نص على أن “الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وإذ يعرب عن بالغ القلق من أن استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية إنما يعرض للخطر جدوى حل الدولتين على أساس حدود ١٩٦٧”.

ومثله قرار الجمعية العامة في ديسمبر ٢٠١٧ بشأن القدس نص على نفس عبارات التحفظ ثلاث مرات في ثنايا القرار.

هذه العقبة الرئيسية بسبب الاستيطان يراها العالم كله ويسكت عنها، ولن تُزال أبدًا بمجرد مفاوضات سلام اختيارية.

·    إن بناء الحراك الشعبي المطلوب وتحويله من فكرة إلى واقع عملي سيتطلب استعدادًا لتضحيات جديدة كبيرة، وضخ دماء جديدة في قيادات العمل السياسي والحركي بعيدًا عن فوبيا القيادات الشابة البديلة والخوف من اختطاف القيادة.

تسعى إسرائيل حاليًا لتكون قوة إقليمية مؤثرة من خلال ضغوط شديدة لفتح علاقات مع بعض الدول العربية، وفي حالة حدوث هذا فستكون في وضع أشد إغراء للعالم الخارجي أن يصل حبال مصالحه معها، وأن يغض الطرف تمامًا عن انتهاكاتها للحق الفلسطيني.

الحراك الشعبي يحتاج أن يكون له مشروعه الواضح المطالب بـ:

·  إنهاء سياسة الفصل العنصري.

·  إنهاء الاحتلال.

·  حق العودة للفلسطينيين من الشتات لديارهم الأصلية.

·  حملات المقاطعة لـ “إسرائيل”؛ سواء من المستوطنات أو من داخل الخط الأخضر.

·  استنفار حراك شعبي لعرب ٤٨.

·  تسليط الأضواء على جوانب المعاناة الإنسانية الفلسطينية.

·  استنفار الحراك الشعبي العربي والإسلامي والدولي لنصرة الحق الفلسطيني.

إن الشعوب هي التي تُبقي حقها حيًا، وتجبر العالم على الإصغاء لها.

زر الذهاب إلى الأعلى