إقليميتقارير

حرب الثعابين.. التطبيع بالسوشيال ميديا

هدف استراتيجي

كان التطبيع طوال الوقت هدفاً استراتيجياً إسرائيلياً خاصة بعد إبرام معاهدة السلام مع مصر، وخلال مرحلة الصراع المستمرة، ظل الكيان الصهيوني في محاولات دؤوبة للوصول إلى أقصى درجة من التطبيع مع الدول العربية، فمشكلته الأساسية كانت في الرفض العربي الرسمي والشعبي لوجوده وإن كان هذا الرفض تراجع كثيراً وبصورة دراماتيكية في الآونة الأخيرة ، ولم تتوقف “إسرائيل” عند التطبيع الرسمي ومد الجسور مع الحكومات العربية في السر و العلن، ولكن ظل الهدف الأكبر طوال الوقت هو التطبيع مع الشعوب.

ويمكن تعريف التطبيع وفقاً لدراسة للمركز الفلسطيني للإعلام [1] على أنه ممارسة سياسات (على مستوى الحكومات) أو أفعال (على مستوى الأفراد والجماعات) للتعامل مع “إسرائيل” أو الإسرائيليين، على أنهم جزء طبيعي من الوطن العربي، وتجاهل ممارسات الحكومة الإسرائيلية والإسرائيليين في إبادة وتشريد الفلسطينيين.

ويسعى “التطبيع” إلى إنشاء علاقات مع “إسرائيل” وتجاوز الجرائم بحق الفلسطينيين من غير تحميلهم أي مسؤولية وتقوم سياسة التطبيع على:

الاعتراف بالواقع الذي فرضته إسرائيل على الأرض، وتوقيع الاتفاقيات، حتى لو كانت مرحلية، بما يعني انتهاء الصراع والعداء وبالتالي ضرورة بناء العلاقات الطبيعية مع إسرائيل مثلها مثل أي دولة طبيعية في العالم، وبناء علاقات طبيعية مع الاحتلال الإسرائيلي. وأخذ التطبيع في سعيه لمد الجسور وإقامة علاقات رسمية وشعبية أشكالاً متعددة، سواء التطبيع السياسي، والذي بدأ مع كامب ديفيد وتطور مع أوسلو، وبدأ يتسع لفتح الطريق لما يسمى الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وكل يوم يكسب هذا النوع من التطبيع أرضاً جديدة، آخرها امتداده إلى منطقة الخليج وخاصة السعودية والإمارات والبحرين، وهو ما كان إلى وقت قريب درباً من دروب الخيال، ومع التطبيع السياسي يأتي التطبيع الاقتصادي وله صور متعددة، ثم التطبيع الثقافي بصوره المختلفة؛ من التعاون بين الجامعات الصهيونية والعربية والمؤتمرات والمهرجانات، وهو ما نجح فيه الكيان الصهيوني و نتج عنه: “إعادة صياغة المفاهيم ومناهج التفكير، بما ينسجم مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وإعادة النظر في الكثير من قضايا التاريخ العربي”.

التطبيع الإعلامي

وإذا كان التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي من بين صور التطبيع الأساسية عند الكيان الصهيوني، إلا أن التطبيع الإعلامي كان من أولويات هذا الكيان؛ “فكان من بين توصيات مؤتمر الحركة الصهيونية الأول في بازل عام 1897، ضمن البند الثّاني التأكيد على أهمية الإعلام ودوره في التّعبئة والتّثقيف، حيث نصّ البند على ضرورة نشر الرّوح القومية والوعي بين يهود العالم من أجل خلق “الدّولة اليهودية” في فلسطين”. هذا المؤتمر الذي حضره 204 مندوب يهودي 117 منهم مثلوا جمعيات صهيونية مختلفة وسبعون جاؤوا من روسيا وحدها، كما حضره مندوبون من الأمريكيتين الشمالية والجنوبية والدول الاسكندنافية وبعض الأقطار العربية وبالأخص الجزائر، كان مقرراً عقد المؤتمر في مدينة ميونخ الألمانية إلا أن الجالية اليهودية هناك عارضت ذلك لأسباب خاصة بها الأمر الذي استوجب نقله إلى مدينة بازل السويسرية. وقد أوجز هرتزل الحكاية فى جملة ثبت دقتها بعد أكثر من قرن من الزمان: “نحن هنا نضع حجر الأساس للبيت الذي سيسكنه اليهود في المستقبل”[2].

وظّفت الحركة الصهيونية كلّ شيءٍ لخدمة مشروعها، بما في ذلك الإعلام، إذْ وفرّت مساحة مهمة ترتكز إلى حجج وذرائع دينية توراتية بضرورة إقناع يهود أوروبا بالفكرة الصهيونية والهجرة لاستيطان فلسطين. وقامت منذ البداية بالترويج لضرورة الكيان الجيو-استراتيجي في سياق المشاريع الاستعمارية الأوروبية في المنطقة، وعقائديًا من خلال إعادة إحياء التراث الدّيني اليهودي بما يتّسق مع المشروع الصّهيوني في فلسطين، وكمشروع حامٍ ليهود العالم من “العداء للسّامية”.

لقد شكّل الإعلام رافعةً هامّة للحركة الصّهيونية لجمع شمل اليهود في العالم وتوجيههم إلى فلسطين، كما أنّه اتخذ لاحقًا منحى آخر، يقع في إطار التّبرير للدّفاع عن الحقّ في الوجود الصّهيوني في فلسطين. في العام 1942 تأسّست “هيئة التحرير” حيث جمعت بين رؤساء تحرير الصّحف الكبرى والقيادة السّياسية للتّشاور وتوجيه الإعلام لخدمة المشروع الصّهيوني وبناء الدولة، ومنع نشر ما يمكن أنْ يؤثرَ على الرّوح الصّهيونية المعنويّة.

ويحظى الإعلام اليوم بمكانة رفيعة في المؤسسات الحكومية الصهيونية، إذ تمتلكُ كلُّ الوزارات أجهزةً إعلاميةً، وتمتلك وزارة الخارجية جهازا إعلامياً ضخمًا والهدف في النهاية تجميل صورة الاحتلال وجعل العدو أمراً واقعاً وطبيعيّاً وأكثر قبولاً في المنطقة، وتحديداً في الوطن العربي.

وهناك تاريخ ممتد للتطبيع الإعلامي ولكن في السنوات الأخيرة أخذ صوراً أكثر فجاجة وخاصة مع سطوة الفضائيات وانتشارها، وخرج متحدثون باسم الحكومة “الإسرائيلية” ووزارة الخارجية وجيش الدفاع الإسرائيلي، وخرجوا عبر الشاشات العربية خاصة قناتي “الجزيرة “القطرية “والعربية “السعودية”، وخاصة فى أوقات الأحداث الكبرى والأزمات.

وبحسب خليل غره “يُسمّى هذا النوع من المقابلات مقابلات المُحاسبة، والتي يواجه فيها المُستضاف على نشرة الأخبار أو في البرنامج التلفزيوني أسئلة بخصوص أحداث معينة تفترض أنّه يتحملُّ مسؤولية ما تجاهها. في مثل هذا النوع من المقابلات وبالذات في حالة حديثنا عن مقابلة لناطق باسم الجيش الصهيوني على قناة عربية، فإنّ المذيع عادة ما يحظى بدعم المشاهدين. وفي ذات الوقت، يكون المُستضاف – الناطق باسم الجيش الصهيوني – مُهدَّدًا بالمقاطعة أو الانتقاد في أي وقت. يقول “بنويت وليام”  أنّهُ فيما يخصّ المقابلات التي تدور في صلب مناطق صراع، تمّ تطوير استراتيجيات خطابة إعلامية تبدأ بالإنكار وتنتهي بالاعتذار وما بينهما، وذلك من أجل إعطاء شرعية لما يدافع عنهُ المُتحدّث. وقد يلجأ المُتحدّث كذلك إلى أسلوب “الخطابة الدّفاعي”، والذي يُفيدُ باستعمال العنف ليس بشكل مفرط وفقط للضّرورة.[3]

وحلل بوتان جونان في دراسة له عددًا من المقابلات التي أجراها النّاطقون باسم الجيش على 3 قنوات: هي الجزيرة، الجزيرة الإنجليزية، والعربيّة، وذلك في أوقات مختلفة منها الحرب على غزة عام 2012، والحرب على غزة عام 2009، والعدوان على سفينة مرمرة، وغيرها من أحداث. بحسب “جونان”، فإن أوّل استراتيجية يلجأ إليها ناطقو الجيش في هذه المقابلات لمواجهة الأسئلة التي تطرح عليها، هي الإنكار.

أمّا الاستراتيجية الثّانية التي اعتمدها النّاطقون في المواجهة، فهي استراتيجية توجيه التّهم لجهة أخرى. مثلًا: ردّ النّاطق باسم الجيش على سؤال المحاور في قناة العربية، عند مُهاجمة أسطول مرمرة التّركي المُتّجه نحو غزة عام 2010، بالقول “إنّ المسؤولية تقع على الإرهابيين الذين كانوا يخطّطون لاختطاف جنود وقتلهم”. في حالات أخرى كانت توجّه الاتّهامات ضدّ حركة المقاومة حماس، والادّعاء بأنّها “تستعمل المدنيين كدروع بشرية” أو أنّها” تطلق القذائف من داخل المُستشفيات”، وذلك لتبرير عمليات القصف وإعطائها الشّرعية.

إن مجرد ظهور هذه الشخصيات على الشاشات وإطلالها على المشاهدين العرب هو في ذاته لطمة على وجه المشاهدين، بغض النظر عن النتائج الأخرى التي يحققها هذا الظهور .

تطبيع السوشيال ميديا

أولاً: حجم السوشيال ميديا في العالم العربي

كان الكيان الصهيوني في الماضي ينفق الملايين للحصول علي معلومات عن العرب، ولكن بعد التطور المذهل في تكنولوجيا الاتصالات، لا يستوجب الأمر أكثر من تحليل البيانات المتاحة بالفعل في كثير من الأحيان، وعن حجم المتعاملين مع شبكات التواصل الاجتماعي من الدول العربية، وهناك العديد من الدراسات والإحصائيات، أهمها:

إصدار كلية دبي للإدارة الحكومية عن الإعلام الاجتماعي العربي، وبالتأكيد حللتها أجهزة الكيان الصهيوني، ولذا كان انفتاحها المذهل على السوشيال ميديا العربية .

قامت الدراسة علي تحليل بيانات من 22 دولة عربية تم جمعها من على فيسبوك وتوتير وانستجرام ولنكيد إن، من يناير 2016 إلى يناير 2017.

تركز الدراسة في قسمها الأول على دور بيانات الإعلام الاجتماعي في صناعات السياسات العامة.. بينما اشتمل القسم الثاني على مسح شامل للأشكال والكيفية التي يستخدم بها المواطنون في الدول العربية السوشيال ميديا، مع التركيز على مواقع فيسبوك، توتير، انستجرام، ولينكد إن، وتشير النتائج التي خلصت إليها الدراسة بالمجمل، إلى أن وسائل الإعلام الاجتماعية في العالم العربي، تكتسب أهمية متزايدة وتتغلغل في حياة العرب.

ووفقاً للدراسة، 64% من مستخدمي السوشيال ميديا في البلدان العربية أقل من  30 عام، أي من فئة الشباب وهم من توجهت وسائل التواصل الاجتماعي الصهيونية إليهم بخطابها.

تويتر

ويبلغ حجم استخدام تويتر في نهاية الربع الثالث من عام 2016، 317 مليون مستخدم حول العالم “فعال ومتفاعل” شهرياً[4].

وتشير الإحصائيات أنه في مارس 2017 بلغ عدد المستخدمين ١١ مليون و١٠٠ ألف مستخدم “فعال ومتفاعل” في البلدان العربية، وهو ما يشكل زيادة مقدارها ثلاثة أضعاف عن العام 2014.

وإجماليا، يقدر عدد حسابات تويتر في البلدان العربية ١٦ مليون و٣٠٠ ألف  حساب، في 2017.

وتصل عدد التغريدات، من البلدان العربية خلال شهر مارس 2016: 849 مليون و١٠٠ ألف تغريدة، بارتفاع نسبته 59% عن العام 2014.

وتُنشر يومياً ما معدله 27 مليون و٤٠٠ ألف  تغريدة، في البلدان العربية، بزيادة على هذا المعدل مقدارها 10 مليون تغريدة، عن عام 2014 الذي شهد ما معدله 17  مليون و ٢٠٠ ألف  تغريدة يوميا.

مصدر المعلومات كلية دبي للإدارة الحكومية
مصدر المعلومات كلية دبي للإدارة الحكومية

 فيس بوك

وفيما يخص إحصائيات استخدام الفيس بوك في المنطقة العربية:

فيتبين أن الفيس بوك هو الشبكة الاجتماعية الأكثر رواجاً وشعبية وفقاً للإحصائيات، قياساً بوسائل التواصل الأخرى، وتشير الإحصاءات في بداية عام 2017 إلى وجود ما يقرب من 156 مليون مستخدم “فعال ومتفاعل”، بزيادة 41 مليون مستخدم مقارنة بعام 2016، الذي كان فيه إجمالي عدد المستخدمين في الدول العربية 115 مليونا.[5]

مصدر البيانات كلية دبى للإدارة الحكومية
مصدر البيانات كلية دبى للإدارة الحكومية

 هذا بالنسبة لفيس بوك وتوتير، أما بالنسبة لانستجرام:

والذى يتزايد عدد مستخدميه بصورة مدهشة، [6]

وهو من الوسائل التي اتجه إليها الكيان الصهيوني في تطبيعه الجديد؛ فتشير الإحصائيات إلى أن عدد مستخدمي الانستجرام “الفعالين والنشطين” 7،1 مليون مستخدم، في شهر يناير 2017، وهو ما يشكل نسبة 1.8% من إجمالي عدد مواطني الدول العربية.

مصدر البيانات كلية دبى للإدارة الحكومية
مصدر البيانات كلية دبى للإدارة الحكومية

   [6]

ثانياً السوشيال ميديا والكيان الصهيوني

منذ العام 1879 الصهاينة يعرفون تماماً طريقهم ويخططون لكل خطوة يخطونها، يقرؤون الواقع جيداً ويتعاملون مع مستجداته باستمرار، وعقب ثورات الربيع العربي، وكانت السوشيال ميديا حاضرة بقوة في اندلاعها، كانت “إسرائيل” تدرس الأمر بدقة، وكونت من المعلومات ما يكفي لتبدأ ضربة البداية مع وسائل التواصل الاجتماعي الموجهة للعرب كنوع جديد من الإعلام والتواصل، فحددت بدقة شديدة جمهورها “الجمهور العربي” وفي القلب منه الشباب والفتيات، وحددت الرسالة الإعلامية، وأيضاً تم تحديد أي نظريات سيعمل عليها للتأثير في هذا الجمهور، وحدد أهدافه بدقة ما بين القيام بعملية احتواء للأجيال الجديدة لإبعادهم عن جوهر النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وتحييدهم على أقل تقدير، وإبهارهم بإسرائيل المتحضرة المتمدنة الحديثة الجاذبة والقيام بعمليات تجنيد.

وبدأت الانطلاقة من وزارة الخارجية “الاسرائيلية”، ويجلس موظفون في لجان إلكترونية للتواصل مع شباب من العالم العربي وجميع أنحاء العالم، ويعمل نحو 10 مسئولين بالخارجية و”عشرات الموظفين المدربين” على كتابة المنشورات ونشر الصور، وترجمة المواد من العبرية إلى العربية، وكتابة تعليقات للمتصفحين، للتواصل بين إسرائيل والشباب فى العالم العربي، بقسم سمى “الدبلوماسية الرقمية” العربية في الوزارة.

وبحسب حسن كعبية المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية باللغة العربية، في تصريحات نشرها موقع المصدر، “قبل 10 سنوات عملت فى سفارة إسرائيل لدى القاهرة وكنت أتجول فى المقاهي وأرى كل الشباب يجلسون وبحوزتهم حواسيبهم وهواتفهم المحمولة يتصفحون الإنترنت، فأدركت أن هذه هي الطريقة التي يتواصل عبرها الشباب اليوم مع الإعلام”.[7]

وكان لوزارة الخارجية السبق في ذلك، تبعتها وزارة الدفاع أو ما يسمي “جيش الدفاع الاسرائيلي” ،ورئاسة الوزراء، وغيرها من المؤسسات “الإسرائيلية”.

حتى أن العقل الذي يقف وراء هذا التطور وهو “يوناتان جونين” رئيس قسم الدبلوماسية الرقمية باللغة العربية في الخارجية “الإسرائيلية”، اختير ضمن  قائمة «فوربس إسرائيل»  كواحد من أبرز 30 شخصية مؤثرة في إسرائيل، ليعكس تنامي قوة منصات السوشيال ميديا الإسرائيلية الموجهة للعرب[8].

واستطاعت “إسرائيل ” أن تخطو خطوات واسعة في هذا النوع من التطبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولنقف هنا عند نموذجين الأول تابع للخارجية “الاسرائيلية”، والثاني تابع “لجيش الدفاع “، ونؤكد على الحذر في التعامل مع هذه الصفحات.

( أ ) صفحة اسرائيل تتكلم بالعربية “الخارجية”.

أول صفحة سوشيال رسمية للتطبيع

الصفحة الأولى أنشأتها وزارة الخارجية “الإسرائيلية” عام 2011، وإن كان نشاطها في العام الأخير يعد الانطلاقة الأساسية، وربما ليس من قبيل الصدفة أن يكتب القائمين عليها أنها تأسست في ‏14 مايو 1948‏ في إشارة لبداية الاحتلال، والصفحة تؤكد أن مهمتها وفقاً للسبب المعلن تعد مصدراً للمعلومات عن “إسرائيل” باللغة العربية، ومن أجل إطلاع الجمهور العريض على نشاطاتها أولاً بأول.. أما السبب الحقيقي وفقاً لخبراء فهو تحقيق أقصى قدر من التطبيع مع الشعوب العربية.

والصفحة تعترف أن جميع المواد من قبل وزارة الخارجية الإسرائيلية تنشر تحت رخصة Creative Commons Attribution 3.0.

والصفحة حصلت على التسجيل الرسمي من فيس بوك ويتابعها حتى كتابة هذا التقرير  مليون و386 ألف و446 ‏[9]

ومعظم المتابعين لها من سن 18 إلى 24 عام وهو السن المستهدف من الرسالة الإعلامية للصهاينة.

وإلى جانب قسم السوشيال ميديا الإسرائيلية بالعربية، يدير “يوناتان جونين”   هذه الصفحة لأهميتها فى التطبيع عبر السوشيال ميديا.

ملاحظة

أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن زيارة يوناتان جونين إلى القاهرة في زيارة عمل، وهي الزيارة التي استمرت 48 ساعة وشملت لقاءات لـ”جونين” حول موضوع استخدام الشبكات الاجتماعية للتواصل مع العالم العربي.[10]

والذي صرح بأن مصر تمثل منبرا فكرياً وسياسياً هاما طالما درس عنه وعن أدبائه طوال حياتي الجامعية.. وقال: “حتى مع تخرجي و انخراطي في الحياة العملية، لا تزال مصر وأدبها يمثل قبلة هامة أتواصل معها يوميا”.

يوناتان جونين..”قائد” الإعلام الرقمي الصهيوني فى القاهرة

غير أن أهم نقطة حرص جونيين على تصديرها مع انطباعاته ومشاهداته في مصر، أنه قال إن الجمهور المصري يمثل ركيزة أساسية يسعى إلى التواصل معها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي يشرف عليها.

ملاحظة 2: معظم متابعي الصفحة من الجنسية المصري، بحسب تصريحات لمدير الصفحة نفسه.

والصفحة تعتمد على مادة وصور جاذبة للجمهور، وتجميل وجه “إسرائيل” هو الهدف الأساس، ويمكن أن نرى ذلك في مئات الصور والفيديوهات مثل هذا النموذج إسرائيل في 60 ثانيةa href=”#_ftn11″ name=”_ftnref11″>[11]؛ فهو ينقل لك في دقيقة أكثر من 10 رسائل منها:

1- “إسرائيل” بلد متحضر وجميل.

2- تمتلك مقومات سياحية هائلة.

3- تمتلك أكثر المدن قدسية في العالم.

4- الجنود “الإسرائيليين” أكثر جنود العالم إنسانية!

5- بلد غني اقتصادياً وينظر للمستقبل.

6- يحترم جميع الثقافات!

7- يحترم الدين المسيحي.

8- يحترم الدين الإسلامي ويتيح حرية العبادة.

9- بلد يحترم الماضي والتاريخ.

وغيرها من الرسائل وفى النهاية يقول لك أهلاً بك في إسرائيل!

وشاهده فى ساعات 215 ألف، وسجل إعجابه عشرة آلاف وأكثر من 800 مشاركة!

صورة نموذجية للتطبيع، وهناك عشرات الأفلام من هذا النوع.

ونوع آخر وهو التقارب الاجتماعي مثل هذا العمل‏[12] وهو يثبت أن عملية الختان تكاد تكون متطابقة بين اليهود والمسلمين؛ فهو يستخدم وسائل غاية في التأثير.. هذا الفيلم شاهده في ساعة مثلاً أكثر من ١٠٠ ألف من مشتركي الصفحة.

ونموذج ثالث يوضح أن الإسرائيليين نموذج للعدل! وغاية في الإنسانية في تعاملهم الصحي مع أطفال فلسطين الذين يعانون من مشاكل صحية ‏[13] هذا المقطع الذي شاهده في ٣ ساعات ٣٥ ألف مشاهد عربي، وهذا الفيديو الذي يروج للتطبيع بظهور شباب سعودي وعراقي جنباً إلى جنب بجوار فتيات إسرائيل‏[14] وغيرها من عشرات الأعمال المؤثرة فنياً.ويستطيع من خلال عشرات الرسوم الكاريكاتيرية أن يصل للجمهور بالرسالة التي يريدها بشكل سلس، يحاول أن يغير كل المفاهيموالثوابت مثل هذا الكاريكاتير

إستغلال الكاريكاتير في تغيير المفاهيم

وأيضاً الاحتفاء بشخصيات محبوبة عربية فى الأدب والغناء والموسيقى والتمثيل.. مثل الاحتفاء بعيد ميلاد نجيب محفوظ؛ فقالت الصفحة في ذكرى ميلاد الروائي نجيب محفوظ “الأكثر شهرة في إسرائيل، يعتبر هذا الروائي المصري الشهير والوحيد الذي حصد جائزة نوبل العالمية للأدب من أكثر الروائيين شهرة في إسرائيل. حظي بترجمة العديد من رواياته الى العبرية كما كرس البروفسور والباحث ساسون سوميخ، عراقي الأصل، العديد من الأبحاث لإنتاج محفوظ الغزير، ولعل أفضل صفة أطلقها على هذا العملاق هي الجسر بين الأدب العربي والأدب العبري، من خلال رواياته المترجمة، ابتداء من مستهل سيرته الأدبية، منها زقاق المدق، ثرثرة فوق النيل، ميرامار، أولاد حارتنا وغيرها. كما شاهد الألوف من الإسرائيليين على شاشة التلفزيون الإسرائيلي العديد من الأفلام التي نقلت الأجواء الشعبية المصرية من خلال روايات محفوظ. تجدر الإشارة إلى أن روايات محفوظ وإنتاجه الأدبي يتم تعلمها في الجامعات العبرية، كما نشرت له ترجمات للقصص القصيرة في المجلات والدوريات الأدبية. وكرس له البروفسور سوميخ فصولاً في ذكرياته بالعبرية والإنجليزية، حيث كان على صلة وثيقة بالأديب الراحل ومعجباً به. كما أنه كان قد كرس أطروحة الدكتوراه لإنتاجه الأدبي الغزير. وكان محفوظ واقعياً، محباً للسلام، والتقى بعدة شخصيات أدبية من إسرائيل؛ منها سامي ميخائيل وايلي عمير.

وما حدث مع نجيب محفوظ حدث مع اللاعب محمد صلاح ومع أم كلثوم وعمرو دياب وفيروز وغيرهم من الشخصيات”.

بخلاف تعليم اللغة العبرية والأكل والفنون والتراث.. وفي النهاية تأتي الأخبار بالصيغة التي يريدها القائمون على هذه الصفحة، التي تعد أكثر تأثيراً من قنوات تلفزيونية.

وبذلك يكون  حقق كل صور التطبيع بتقديم رسالة محددة لجمهور واضح ومدروس بدقة.

( ب) صفحة أفخاي أدرعي ” جيش الدفاع”

افخاي ادرعي..وتطبيع جيش الاحتلال

المتحدث بلسان جيش الدفاع الاسرائيلي للإعلام العربي، كما يعرف نفسه على الصفحة التي يشترك بها مليون و333ألف 225 حتى كتابة هذا التقرير الثلاثاء 12 ديسمبر2017

وهى تسير على نفس سياسة صفحة وزارة الخارجية والمسؤول عن الصفحتين واحد، وهو يوناتان جونين رئيس قسم الدبلوماسية بالعربية في الخارجية الإسرائيلية.

فيستقطب كُتاب عرب لنشر مقالاتهم وأفكارهم وترويجها عبر الصفحة مثل هذا المقال‏[15] وهو مقال مشترك كتبه مع افيخاي ادرعي العراقي  مهدي مجيد عبدالله.

وينفي الأخبار خاصة الجرائم العسكرية بطريقة مبكرة ومبتكرة، مثل نفي الغارات على غزة.

“إنما للصبر حدود” تحت هذا العنوان كتب يقول “الإعلام الذي يجهل مسؤوليّته تجاه المواطنين وحقّهم في معرفة الحقيقة، هو ليس بالفعل إعلامًا! للأسفالعربية ووسائل إعلام محترمة أخرى سواء أن كانت عربية أو فلسطينية سقطت في فخ هذه الأكاذيب. فخلافًا للتّقارير الكاذبة إسرائيل لم تنفّذ أي غارة في قطاع غزّة.. لن نسمح بأن تُنسب إلينا أفعال لم نقُم بها!

وكذلك الترويج للأسلحة الجديدة وتمرير المفاهيم “الإسرائيلية”، وكما صفحة الخارجية يلعب على وتر التسامح وإظهار الإسرائيليين على أنهم محبو الدين الإسلامي؛ مثل هذا اللقطات لطبيبة إسرائيلية يهودية تقرأ القرآن ‏[16].

ويهنئ المسلمين والعرب في كل الأعياد وباللغة التي يفهمونها:

“وُلِـد الُهدى، فالكائناتُ ضياء *** وفــــــم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ

بمناسبة المولد النبوي الشريف أتّقدّم باحر التهاني للأمّة العربية والإسلاميّة داعيًا المولى عزّ وجلّ أن يحلّ السلام في الشّرق الأوسط ويسود الأمان في كافّة الدّول كلّ عامٍ وأنتمْ بألفِ خيرٍ”، ويعرض هذا الفيديو شديد العذوبة وهو يكتب بالعربية!‏[17] هذا الفيلم شاهده 275 ألف عربي! وأعجب به أكثر من عشرة آلاف.

فهذا نص تهنئته على الصفحة في المولد النبوي مع عرض هذا الفيلم.. ويروج للجيش الإسرائيلي الذى يتحمل الصعاب! وللأجهزة الحديثة وقدرته الفائقة على الطريقة الأمريكية‏[17].

ومن الواضح من قراءة وتحليل  لصيغ الأخبار والبوستات أن هناك جيشاً من العرب وخاصة المصريين يكتبون بها.

التأثير الإعلامي للصفحات الإسرائيلية والرسائل المسمومة

للوصول لأعلى تأثير إعلامي ممكن في الجمهور، ينبغي تحديد مواصفات هذا الجمهور بدقة، وبالتالي اختيار الوسيلة المناسبة، وصياغة الرسالة بالشكل المطلوب ومن قراءة النموذجين “الخارجية” و”جيش الدفاع” نصل لذلك بسهولة

الجمهور.

من المعروف أن هناك طريقتين أساسيتين لدراسة جماهير وسائل الإعلام وفقاً للمدارس الإعلامية، الأولى هي باعتباره مُستهلكاً لمُنتجات وسائل الإعلام   “الجمهور المُستهدف”، والثانية حيث يُنظر إلى الجمهور كمُشارك فاعل في قراءة وتفسير الرسالة الإعلامية.

وفي العموم الجمهور المُستهدف هو مجموعة من القراء والمُشاهدين والمُستمعين ومستخدمي الإعلام الإلكتروني، تُحدّدها خصائص كثيرة، مثل العمر والجنس والمستوى الاجتماعي والاهتمامات والمستوى الثقافي والاقتصادي والتعليمي وغيرها، تقوم وسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية بإعداد المضمون وصياغة الرسائل والمعاني وفقاً للجمهور المستهدف، وقد حدد “الإسرائيليون” جمهورهم عربي، مسلم، شباب من الجنسين، يجيد التواصل مع السوشيال ميديا ويتفاعل معها.

الرسالة

وبعد تحديد الجمهور صيغت الرسالة الإعلامية بدقة واحترافية شديدة؛ فالرسالة الإعلامية تتحدد خصائصها وفقاً للجمهور المتلقي، وهو محدد بدقة لدى “الإسرائيليين” فحُددت رسالته الإعلامية، والجمهور في العموم، خاصة وأن الجمهور الجديد واحد من ثلاث، إما جمهور العناوين أو المانشيتات، وهو جمهور “الهيدرز”، أو جمهور المقدمات وما يمكن تسميته الجمهور “الفضولي”، أو الجمهور المتعمق أو المحترف، وفي السنوات الأخيرة ومع هجوم الإعلام الإلكتروني والإعلام الجديد أصبح الجمهور يميل إلى العناوين أو المقدمات القصيرة مع الشكل المبهر، ويمكن أن نرصد دوران الرسالة الإعلامية “الإسرائيلية”  في فلك الخصائص التقليدية للإعلام الجديد من التفاعلية والحركة والمرونة والكونية والانتباه والتركيز واندماج الوسائط، وهو ما صنع  حالة المجتمع الافتراضي والشبكات الاجتماعية وهي مجموعة من الأشخاص يتحاورون ويتخاطبون باستخدام وسائل الإعلام الجديد، لأغراض مهنية أو ثقافية أو اجتماعية أو تربوية، وفي هذا المجتمع تتميز العلاقات بأنها لا تكون بالضرورة متزامنة، والمشاركون لا يحضرون في نفس المكان، والتواصل يتم دون الحضور، وقد يكون المجتمع الافتراضي أكثر قوة وفعالية من المجتمع الحقيقي، وذلك لأنه يتكون بسرعة، وينتشر عبر المكان، ويحقق أهدافه بأقل قدر من القيود والمحددات..وهو ما عمل عليه الإسرائيليون وحددوا رسائلهم الاعلامية.

فجاءت صياغة الرسالة لتخاطب العقل والفكر والخيال، مع استخدام احترافي  للألوان والأضواء والصور والأصوات والمؤثرات الخارجية. إلى جانب الاستخدام المبهر لعرض الأخبار ونقدها، إذن النص الذى يخاطب العقل والوجدان والمشاعر ويدغدغ الأحاسيس ولا يخلو من مداعبة الجمهور، كل ذلك في إطار شكلي مبهر، وهو ما استخدمه الإسرائيليون في وسائل التواصل وفي النموذجين السابق عرضهما .

تفكيك رسائل التطبيع الجديد    

ولكن كيف نفكك هذه الرسائل ونحبط هذا المخطط؟

لقد سعي الإسرائيليون لعقود كثيرة في محاولة للتطبيع مع الشعوب العربية وكان نجاحهم محدوداً، ولكن في الأعوام الأخيرة ومن خلال الإعلام الجديد والسوشيال ميديا فقد حققوا نجاحاً غير متصور، ولو استمر أداؤهم على هذا النحو فستكون النتائج كارثية ولذا نرى:

  • ١- ضرورة الدعوة لوقف أي تعامل جديد  مع الصفحات الإسرائيلية على السوشيال ميديا بأشكاله المختلفة، سواء على الفيس بوك أو تويتر أو انستجرام، وتوعية الجمهور العربي لمخاطرها.
  • ٢- حث القنوات الفضائية العربية خاصة الجزيرة العربية والإنجليزية وقناة العربية على وقف التطبيع مع “الكيان الصهيوني” عبر الشاشات.. فظهور الشخصيات “الإسرائيلية” عبر هذه القنوات كان الباب الرئيس ليكونوا نجوماً على السوشيال ميديا  وبدأ تطبيع بشكل جديد.
  • ٣-مقاطعة حسابات “الكيان الصهيوني” على مواقع التواصل بإلغاء الإعجاب والمتابعة مهما كانت، وأيضاً وقف كافة أشكال التداول (النشر والمشاركة) لمواده الإعلامية التي تستهدف تشويه الفلسطيني وحقه، وتشويه علاقته بالمقاومة، وكسر حاجز العداوة .
  • ٤-تضمين مادة  التربية الإعلامية المقررة  في مدارس الدول التي تدرسها لطلابها ، تنبيه لمخاطر هذه الصفحات ، ومحاذير التعامل معها .
  • ٥- زيادة المحتوى العربي على شبكات التواصل الاجتماعي المناهض للتطبيع عموماً والتطبيع على السوشيال ميديا بشكل خاص.
  • ٦- ضرورة وجود قرارات صارمة من النقابات والتنظيمات ذات الصلة بالصحافة والإعلام في حال العمل مع المؤسسات “الإسرائيلية”، فالمحتوى كتب بأسلوب عربي ومصري في الأساس.
  • ٧- حث المؤسسات العربية على التوقف عن استقبال النشطاء “الإسرائيليين” في مجال الإعلام الاجتماعي والتطبيع الفج معهم، وهو ما يعطيهم مزيدًا من القوة والهيمنة في هذا المقام.
  • ٨-على الشباب العربي الناشط فى مجال الإعلام الرقمي والمتفاعل على السوشيال ميديا ، وخاصة ممن يجيدون لغات أخري غير العربية ، خاصة العبرية واللغات الحية الأخرى ، عمل صفحات باللغة العبرية واللغات الأخري ، توجه إلى جمهور المتحدثين بهذه اللغات، يتم من خلالها كشف الكيان الصهيوني ، وفضح ألاعيبه وجرائمه وممارساته .
  • ٩-على الشباب الناشط في الإعلام الرقمي ، والسوشيال ميديا  فى الداخل الفلسطيني ، الذى يجيد اللغة العبرية . عمل ،صفحات باللغة العبرية ، موجهة للداخل الصهبوني ،تتحدث إليهم ، بنفس منهجهم ولغتهم ، وتفند أكاذيبهم وتوضح القضايا الفلسطينية العادلة أولاً بأول.
  • ١٠-هناك صفحات فلسطينية نشطة على وسائل التواصل الإجتماعي ، مثل شبكة قدس الإخبارية ، والمهتمة بالشأن الفلسطيني والصهيوني واستطاعت أن تستقطب الملايين من المشتركين بها 6103081‏  مشترك – أكثر من ستة ملايين-حتى كتابة هذا التقرير ، ويمكن تعزيز هذه مثل هذه الصفحات ، ودعمها ، والانتقال إليها بدلا” من الصفحات العبرية ، وعلى هذه الصفحات ، أن تحذر من الاشتراك والتفاعل مع الصفحات الصهيونية المباشرة ، وبين مخاطر الانزلاق إلى التطبيع من خلالها ، والتفاعل مع مثل هذه الصفحات .

التطبيع عبر السوشيال ميديا، بسير يسرعه جنونية ففي كل ساعة يزيد عدد المتابعين والمتفاعلين بالآلاف ، بحجج مختلفة أشهرها “أعرف عدوك” ، ولانتقاده  وحتى “سبه” ، وهى كلها حجج مغلوطة ، فكل ما يخطط له أن تتفاعل معه حتى ولو بالانتقاد والهجوم والسباب ، وهو ما يؤكد نجاح “الكيان الصهيوني” في إدارة هذا الملف والتفوق فيه وهو ما يستوجب التعامل الجاد معه من المعنيين من العرب أفراد ومؤسسات ودول .. قبل فوات الأوان .

      

 —————————————————————————————————————

 

 

[1] https://goo.gl/FvwFet

[2] http://www.babelwad.com/ar/normalization-in-media

[3] تحليل  ” يونتان جونان” في بحثه  “استراتيجيات ناطقي الجيش في القنوات العربية”, ضمن ملف الجيش والاستراتيجيات” مجلد 7 العدد 1 2015.

[4] https://goo.gl/XoyyiY

[5] https://goo.gl/NaJvFD

[6] https://goo.gl/yLSiyd

[7] https://goo.gl/wyqeyD

[8] https://goo.gl/HV3zCZ

[9] https://goo.gl/avKShC

[10] https://goo.gl/RDMej9

[11] https://goo.gl/kn7dKa

[12] https://goo.gl/tbz2oC

[13] https://goo.gl/wJZQE3

[14] https://goo.gl/S55Cvj

[15] http://elaph.com/Web/Opinion/2017/12/1181113.html

[16] https://goo.gl/NPJUiX

[17] https://goo.gl/dHAzFe

[18] https://goo.gl/nWHVTt

زر الذهاب إلى الأعلى