كانت الحياة السياسية قبل الربيع العربي لا تسمح للحياة الفنية أن تغرد خارج سرب السلطة إلا بقدر معلوم.
عالم الفن كان أقرب ارتباطاً بمؤسسات الدولة من غيره، تستثمر الأنظمة فيه الشهرة والوجاهة، لامتلاك القدرة على التأثير وتوجيه الرأي العام. ويستثمر الفنانون علاقاتهم مع رجال النظام للحصول على النفوذ والمصالح، والاستمتاع بالحياة ضمن دائرة المحسوبيات. وهو أمر ليس بدعاً في أهل الفن، فالحياة في المجتمع الشمولي تتوجه بوصلتها حيث تكون المصلحة.
لكن ثورات الشباب في أنحاء الوطن العربي، صنعت روحاً جديدة متمرِّدة في كافة الأرجاء، لم يستثنى منها الشارع الفني، الذي انقسم إلى فريقين متضادين. أحدهما، مؤيد لحق الشعوب العربية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. والثاني مدافع عن مصالحه القريبة والتاريخية مع الأنظمة القائمة، مبرراً قمعها للثورات ومدافعاً عن بطشها بالثورة وشبابها.
والسلطة العربية لا تعرف الحلول الوسطى؛ فهي تقسم المجتمع إلى موالٍ ومعارض، وهذا ينسحب على الفن فلا حياد هناك إذا تعلق الأمر بوجودها.
وهكذا كان على الفنان إما الوقوف إلى جانب الحاكم والدفاع عنه، أو الانحياز إلى نبض الشارع رغم ما يحمله ذلك من مخاطر .
والنظام القمعي لا يتوانى في إخضاع الفنانين الذين في متناوله وابتزازهم، وربما إجبارهم على التسبيح بحمده والغناء له.
مع بداية ربيع الثورات العربية، لم يتردد فنانون في الانخراط في الاحتجاجات على الأوضاع القائمة، إلا أن فنانين آخرين غامروا بالارتماء في أحضان أنظمة كل من حسني مبارك ومعمر القذافي وبشار الأسد وعبد الله صالح، مما عرضهم لغضب الشعوب العربية، على الرغم مما قدمه البعض منهم من تاريخ فني محترم.
وخلال ثورات الربيع العربي حصل ما يشبه الإعصار في مواقف الفنانين العرب، بين من وقف مع الحراك الحاصل المطالب بالتغيير وشارك في هذه الثورات، وبين من رفضها ودافع عن الأنظمة بكل شراسة، مبررًا الأمر بأنها ما هي إلا مؤامرات خارجية تهدف إلى القضاء على الأوطان التي ثار بها الشعب.
موقف فناني سوريا:
مع ازدياد الضغط الشعبي والفني على النظام السوري، استقبل الرئيس بشار الأسد وفدًا من الفنانين السوريين يضم ممثلين ومخرجين. ودار الحديث حول الأوضاع التي تشهدها سورية والخطوات التي قطعتها لتجاوز هذه المرحلة ودور الفن والفنانين، خصوصًا في هذه الفترة للنهوض بواقع المجتمع وتعميق اللحمة بين أبناء الوطن، والتوعية بما تتعرض له سورية من مخططات تستهدف أمنها واستقرارها.
وأعرب الفنانون عن دعمهم لما وصفته الوكالة الرسمية لسوريا بـ”مسيرة الإصلاح”، بقيادة الأسد، واستعدادهم لتسخير كل إمكاناتهم في سبيل مستقبل سورية وأمنها وازدهارها.
“أما آن للكيماوي أن يستشيط”
“السيد الرئيس بشار الأسد.. سأخاطبك أبًا وأخًا وقائدًا كما أنت لنا دائما.. مجزرة “خان العسل” لم تقع اليوم، بل منذ أيام عندما قامت عصابات جبهة العهر بشن هجوم كبير اجتاحت على أثره المنطقة”.
“سيدي الرئيس.. لا نريد بيوتنا بل نريد سوريتنا، لا نريد عقاراتنا بل نريد إنقاذ حضارتنا، لا نريد أنجاسًا يبكيهم البعض لأنهم من الشعب السوري، لا نريد خونة بين صفوف الشعب السوري، أسقِطوا الجنسية السورية، علقوا المشانق في الساحات”.
“نريد قصف كل منطقة فيها إرهابي، ولو مات آلاف المدنيين، كل من بقي من المدنيين في المناطق تلك، هو حاضن ومتواطىء، لن تنتهي الحروب بدون دم وقتل وتنكيل.. يكفي صبرًا أحرقوا الأرض بمن فيها لتتعمد سوريا بالدم كي تجتاز أزمتها.. لا تهادنوا مع القتلة ومن احتضنهم! لا ترحموا كل من قدم طعامًا أو ماء أو ضمادًا أو مأوى أو سلاحًا لخنازير الزنا وزعران النكاح وحثالة المتأسلمين.. أما آن للكيماوي أن يستشيط”.
لم تكن هذه الرسالة لسياسي ولا لقائد عسكري ولا لطاغية مستبد ولا لقاتل محترف يريد أن يفتك بالشعب، بل رسالة من فنان يحرض فيها رئيس بلده على شعبه بكل أنواع القتل والتنكيل، والأعجب أنها ليست من أي فنان بل من فنانة امرأة، الفنانة السورية رغدة، والتي طالما لعبت أدوارًا معارضة للسلطات والأنظمة؛ كما في فيلم الحدود وفيلم التقرير مع الفنان السوري دريد لحام، والذي أصاب جمهوره ومحبيه بالصدمة، والذين انتظروا منه موقفًا آخر ينصف حالهم المأساوية التي وصلوا إليها، بسبب مطالبتهم بحريتهم واستعادة كرامتهم التي سلبها النظام. لكنه اتخذ موقفًا قريبًا من النظام، ووقوف مع الجيش في قمع المظاهرات وقتل المدنيين، وذلك بعد أن اعتاد عليه الجمهور وهو يوجه انتقادات لاذعة للنظام من خلال بطولته للمسرحيات الجريئة التي كتبها محمد الماغوط. ومن ينسى له تلك الكلمات التي قالها في مسرحية “كاسك يا وطن”، يخاطب فيه دريد لحام غوار والده الشهيد في الجنة؛ حيث يجري حوارًا مع والده الذي يسأله عن أحوال الوطن بعد استشهاده فيجيبه: “أحوالنا ممتازة ولكن ينقصنا القليل من الكرامة”. في إشارة إلى كرامة الشعب التي أهدرها النظام. كانت صدمة الجمهور في الفنان دريد لحام كبيرة منذ انطلاقة الثورة، فكل تاريخه المسرحي الطويل، الذي حارب من خلاله الطغيان والديكتاتورية والتسلط، وتساءل جمهوره بعدها هل أعماله لم تكن أكثر من زيف وتمثيل، لكسب الجماهيرية لا أكثر؟ لا سيما عندما أدلى بتصريح استنكره الشعب السوري بل العربي من معجبيه: “أن مهمة الجيش السوري ليست محاربة إسرائيل، بل حماية الشعب السوري والحفاظ على أمنه”، واصفًا الثوار بأنهم “مندسون يريدون دمار سورية وخرابها”، متغافلًا – وهو الأستاذ الجامعي الذي اختار الفن وسيلة لإيصال رسالته السياسية والثقافية، وقدم مسرحيات ساعدت في تشكيل وعي الشارع العربي – أن شعبه على قدر كبير من الوعي، وأنه لن يغفر له ذلك الموقف. والسؤال هنا أين ذهبت عبارات دريد لحام، من قبيل ما جاء على لسانه في مسرحية “كاسك يا وطن”: “لا ينقصنا نحن العرب شيء سوى شوية كرامة … يا ابني يا نايف لما بيضربك الغريب شكل، ولما يضربك ابن بلدك شكل تاني”.
وهي عبارات ما تزال تدوي في مسامع جمهوره العريض، والذي أبدى استياءه وأسفه من موقف الفنان دريد لحام، والذي اعتبروه يومًا رمزًا “للنضال العربي”، مؤكدين أن ما قدمه دريد من مسرحيات طوال السنوات الماضية، لم يكن إلا ادعاءات وسيناريوهات كتبتها السلطة لتعزف بها على وتر المواطن الفقير. ومن العجيب واللافت للنظر فى موقف دريد لحام أنه وقع على بيان مع عدد من الفنانين، 34 فنانا سوريا، يوم 29 مارس 2011 ، عبروا فيه عن تأييدهم لأي “حراك سلمي” يحقق كرامة وحرية ورفع مستوى معيشة المواطن السوري، بينما بدا تفاعلًا غير معتاد مع الأحداث السياسية التي تشهدها البلاد منذ نحو أسبوعين حينها. وقالوا في بيانهم: “نتقدم ببالغ العزاء لأنفسنا كسوريين، ولكل الأسر التي فقدت أحداً من أبنائها ممن سقطوا شهداءً في هذه الأحداث المؤسفة، وعليه فإننا ندعو إلى إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام في عموم سورية على أرواح شهدائنا في محافظة درعا وباقي محافظات بلدنا الحبيب”. كما طالبوا بمحاسبة كل من تسبب في إراقة تلك الدماء الغالية، وكشف الملابسات التي أدت إلى هذه الاضطرابات بشفافية تامة، بحسب صحيفة الوطن السورية 29 مارس/آذار. وختم البيان بالقول: بما أن الفن هو المحصلة الحضارية للأمة، فإننا كفنانين سوريين ندرك أن كل ما حققناه ما هو إلا انعكاس صادق لحالة مجتمعنا الذي ننتمي إليه، ونحن ملتزمون ومعنيون بكل ما يحقق آماله وتطلعاته وأحلامه وطموحاته المشروعة تحت سقف الوطن. ومن بين الموقعين على البيان، الفنانون (بسام كوسا، باسم ياخور، باسل خياط، رافي وهبي، طاهر ماملي، الليث حجو، أيمن زيدان، شكران مرتجى، أمل عرفة، سلافة معمار، منى واصف، عباس النوري، دريد لحام، عابد فهد، جمال سليمان). وماتزال مواقف بعض الفنانين السوريين حيا أحداث الشارع السوري تثير كثيرا من الحيرة والارتباك في صفوف معجبيهم الذين تعلموا أبجديات الحرية من أعمالهم الفنية .. والقائمة طويلة.
أراء الجمهور:
لم تكن خيبة الشعبين السوري والعربي مقتصرة على ما يحدث في سورية من مجازر بحق المواطنين العزل، بل زادت تلك الخيبة عندما ظهر فنانون سوريون على الفضائيات العربية، يدلون بمواقفهم حيال الثورة، والتي كانت بمثابة صدمة قوية عصفت بقلوب السوريين والعرب كلهم. فالسوري محمد الحمصي يستنكر موقف الفنان عباس النوري، الذي وصف الاحتجاجات السياسية التي تشهدها بلاده حاليًا بأنها “تقليد أعمى لثورتي مصر وتونس، من دون مراعاة اختلاف طبيعة البلدان وشعوبها”. “خيبتي بأبو عصام كبيرة، فمن بطل ثائر إلى مواطن خائن، ينافق للنظام الفاسد”، بحسب الحمصي، مؤكدًا أن الفارق كبير بين ما يظهر على شاشات التلفاز وما يسكن النفوس. وأكثر ما أثار سخط الحمصي، تصريح النوري بأنه توجد هناك بعض المطالبات بشأن التغيير، لكنها لا تستحق ثورة، وأن من الممكن تحقيقها من دون التأثير على الأمن والاستقرار، مشيرًا إلى أن التزام النوري بالصمت هو “أشرف من هذا الكلام”. “بكيت بحرقة عندما سمعت ما قاله فناني المفضل باسل خياط”، هكذا ما رددته وفاء إبراهيم، التي عدت موقف خياط وهو يهاجم الثورة السورية وثوارها بأنه موقف يخجل منه كل العرب. وتضيف وفاء أن آخر ما كان ينتظره الشعب العربي من فناني سورية هو تلك المواقف المخيبة للآمال، والتي “زادت الشعوب سخطًا على سخط”. وأسوة بقائمة “العار” المصرية، أنشأ الثوار السوريون قائمة مماثلة للفنانين السوريين، تحمل عنوان “قائمة العار السورية.. سوريون ضد الثورة”، والتي تصدرها عدد من كبير من الأسماء السورية التي لمعت في سماء الفن العربي، إذ اشتملت على الفنانة سوزان نجم الدين، التي أكدت أن الشعب السوري واع وذكي وبأنه ملتف حول قيادة بشار الأسد، الذي أخرج الوطن إلى فضاءات رحبة من التطوير والتحديث، مطالبة الشعب بأن لا يصدق القنوات الفضائية؛ لأنها “مندسة”، ومشددة على الجميع أن يضعوا أيديهم فوق يدي رئيسهم. بدوره، عبر الفنان عارف الطويل بانفعالية كبيرة عن سخطه من الثورة ومن المندسين، واصفًا الثوار بأنهم “يريدون تخريب البلد”، وأنهم “عملاء”. في حين عبر عبدالمنعم العمايرة عن حزنه الشديد من نقابة الفنانين التي لم تقم بإعداد المسيرات الحاشدة لتؤكد ولاءها لبشار الأسد. ووصف مصطفى الخاني المتظاهرين بأنهم “عملاء ومندسون يريدون تفكيك سورية”، مؤكدًا أن الرئيس “سيقطع يد كل من قتل بريئا في سورية”، واصفًا نفسه بأنه مواطن سوري يحب بلده ويحترم رئيسه، ويخشى على أمن وطنه واستقراره. ولم يرق هاشم عطية موقف الفنان رشيد عساف، الذي صرح بأنه مع السلطة ويدافع عنها، ويرغب ببقائها، مشيدًا بمواقفها “الوطنية والقومية”، مستغربًا عطية من معظم أدوار العساف، التي دافع فيها عن المظلومين وحارب الظلم القهر. ويتساءل عطية عن رفض الفنانين السوريين لرؤية الواقع السوري، وغض أبصارهم عن المجازر والصور الدموية التي شهدتها درعا وتل الزعتر “وكأنهم من كوكب آخر”.
دعم الفنانين المصريين لبشار وزيارة سوريا
كان لافتًا -وربما مستفزًّا- للكثيرين مشاركة وفد من الفنانين المصريين في معرض دمشق الدولي، من أبرزهم محمد صبحي وإلهام شاهين، رغم المقاطعة العربية المعلنة منذ سنوات لنظام دمشق.
ولكن تلك المشاركة لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبق للفنانة إلهام نفسها أن زارت دمشق في مايو/أيار الماضي، تلبية لدعوة رسمية من نظام بشار الأسد ضمن وفد من الفنانين المصريين ضم فاروق الفيشاوي والإعلامية بوسي شلبي.
محمد صبحي والصدمة :
كانت صدمة الجمهور أكبر فى الفنان محمد صبحي، والذى عرف عنه النضال والوقوف مع الشعب ضد الظلم والاستبداد في أعماله الفنية والمسرحية.
فحين هاج “الفيسبوك” ومواقع التواصل الاجتماعي وانتفض غضبًا ضد محمد صبحي ورفاقه، ووصفوهم بأنهم “وظفوا الفن أسوأ توظيف، واستثمروا جماهيريتهم العريضة لتجميل وجوه القتلة، لم يزد محمد صبحي في ردة فعله عن أن يقول لمعارضي زيارته لسوريا: “منحطون أخلاقيًّا”! ليسب جميع من اعترض على زيارته لسوريا في مثل هذا التوقيت، ولم يسمح لأحد أن يختلف معه، حتى ولو لحظة مصافحته القتلة علنًا أمام الكاميرات.
فالشعوب العربية، التي خذلها اليوم “محمد صبحي”، هي نفسها التي منحته النجومية العريضة، وصفقت له حين حدثها يومًا عن أشواق الحرية، والعدالة الاجتماعية والتسامح الإنساني والديمقراطية الموعودة. وعلق الفنان السوري د. عبد القادر الملا على زيارة الفنانين لسوريا: “إذا لم يكن من حق السوري التدخل في الشأن المصري، فمن الأولى أن يكف المصريون عن التدخل في الشأن السوري، خاصة بعد أن صمتوا على كل جرائم السفاح، ولم نعد نسمع صوتاً واحداً مناصراً للشعب الشقيق الذي يباد على مرأى ومسمع من العالم، وبدلاً من ذلك، تتكالب المواقف الداعمة للمحرقة السورية التي يوقدها الأسد وحلفاؤه، وبدلاً من الاحتجاج بالحد الأدنى على تلك المحرقة، يتكبد محمد صبحي عناء السفر لدمشق للمشاركة في نهش جثة السوري والتكسب على حساب دمه”. زيارة محمد صبحي لدمشق لا يمكن ترجمتها على أنها تصرف شخصي، ولا خيار ولا وجهة نظر، بل تأتي ضمن المحاولات المستميتة من قبل الكثيرين لتبرئة بشار الأسد والمساهمة بغسل جرائمه، والتطوع بلعب دور شاهد الزور في محرقة العصر الكبرى.
صبحى وحلم الأنظمة:
حين حدث حسني مبارك الجماهير في الثمانينيات بحلم تعمير الصحراء، مضى محمد صبحي مع مبارك في “دويتو” متفاهم؛ فكان مسلسل “رحلة المليون” وشخصية سنبل، التي أدي دورها وسيلة فنية لتسويق أوهام مبارك وأكاذيبه حول زراعة الصحراء، والتي تأكدت بعد ذلك، بينما كان النظام يتجه إلى الابتزاز والضرائب والإفقار المنظم، والخصخصة المرتجلة، و بيع أصول الدولة.
ويا ليت الفنان محمد صبحى والذى يصفه النقاد والجمهور بالمثقف الواعي لنبض الشارع استمع وقرأ عن القانوني والمحامي الدولي الشهير المتخصص في جرائم الحرب “دانيال ماكوفر”، والذي قال عن جرائم النظام السوري : “هجوم منهجي واسع الانتشار” و دعا إلى تشكيل محكمة دولية بنمط محاكمات “يوغوسلافيا” و”رواندا”.
ولم يدر بخلده أن “كوميديانا” مصرياً سيعتبر ذبح الشعوب بدم بارد “حماية للدولة، وأية قيمة للدولة دون ناسها؟ وأية قيمة للفنان دون جمهوره!”، فقد أدرك ذلك من قبل فنان عالمي كبير صاحب مدرسة ينتمى إليها الفنان محمد صبحى، وهو الكوميديان “شارلي شابلن” ( 1889 -1977 )، فكانت مواقفه المشرفة في نصرة الحريات مضرب الأمثال؛ حيث مثل أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي ثمنًا لمواقفه المشرفة في دعم الحريات، لا خذلانها كما يفعل الكوميديانات الآن! وفي ساحة الفن عرفنا مسرح “يوسف الخياط”، الذي جهر بكلمة الحق في وجه الخديوي “إسماعيل”، الذي أمر بإغلاق المسرح و طرد يوسف وفرقته خارج مصر، وأثبت الخياط موقفًا للتاريخ.
أيقونة الثورة السورية.. فنانون ضد الاستبداد
لم تُحصر قضية الفنانين السوريين بمجرد المعارضة أو التأييد، فقد اعتقل بعض المعارضين، وصودرت أملاكهم وحُوربوا في لقمة عيشهم، وما زال نظام بشار الأسد يصدر بحقهم مذكرات اعتقال ومصادرة أملاك، حتى بعد أن خرجوا من سوريا مضطرين من بطش استبداد النظام.
فدوى سليمان
فنانة سورية، كانت من أوائل المشاركين في المظاهرات المعارضة لنظام بشار الأسد، معترضة على “الإذلال الثقافي والإقصاء الإنساني والفكري” الذي تعيشه سوريا. ورغم أنها تنتمي إلى الطائفة العلوية التي ينحدر منها بشار الأسد، إلا أنها حين اندلعت الثورة انضمت للمتظاهرين، وتصدرت المنصات وإطلاق الهتافات، حين كانت المظاهرات السلمية تسود عموم المدن الثائرة بوجه الأسد.قصت شعرها مثل الرجال وباتت تتنقل من منزل إلى آخر لتفادي اعتقالها. وتقول فدوى إنها دخلت المسرح على أساس أنه يقود للتغيير، “فالثقافة هي حرية التعبير والتفكير”، وعن فترة دراستها في المعهد تشير إلى أنها “اكتشفت عدم وجود حرية تفكير أو تغيير أو مسرح، هذا البلد يريد أن يفرغنا من محتوانا، وكل المؤسسات تحت يد الأمن”. وتضيف: “كنت معترضة على أسلوب العمل والإذلال الثقافي والسرقة والإقصاء الإنساني والفكري، فكل مكان تذهب له تخشى على نفسك، وكأنك داخل في فرع أمن، حتى وأنت ذاهب إلى شركة فنية”.
وألقت فدوى مونولوجات تلهب الحماسة أمام عدسات الكاميرا، تدعو لاستمرار المظاهرات السلمية في أرجاء سوريا حتى يرحل الأسد. وفي إحدى الرسائل المصورة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 ذكرت أن قوات الأمن السورية تمشط أحياء حمص بحثًا عنها، وتضرب المواطنين لإرغامهم على الكشف عن مخبئها. عبرت الحدود سيرًا على الأقدام إلى الأردن، قبل أن تستقر في فرنسا، وعانت في سنواتها الأخيرة من مرض السرطان، وقال الممثل السوري فارس الحلو المقيم أيضًا في فرنسا لوكالة الأنباء الفرنسية: إن الفنانة السورية ظلت محافظة على نشاطها المعارض حتى النهاية، من خلال المشاركة في مظاهرات ثقافية. فارقت الفنانة المعارضة فدوى سليمان الحياة يوم الخميس 17 أغسطس/آب 2017، بعد صراع مع المرض في فرنسا. وقد نعى الائتلاف السوري المعارض في بيان الفنانة السورية ووصفها بـ”الفنانة الثائرة الحرة”، وأنها “رمز من رموز الثورة، ووردة انضمت إلى مظاهرات السوريين واعتصاماتهم مع أول هتافات الحرية”. وأضاف أن الفنانة وافتها المنية، “بعد صراع مع المرض بعيدًا عن ثرى سوريا الذي شهد مواجهتها لاستبداد الأسد وجرائمه، قبل أن تُرغم على العيش في المنفى.
سمر كوكش
في ديسمبر 2014 قضت محكمة سورية تسمى محكمة الإرهاب بسجن الفنانة السورية سمر كوكش خمس سنوات بتهمة تمويل الإرهاب ، هذا الحكم حصلت عليه سمر بعد اعتقالها بدون محاكمة لمدة سنة . وتناقل خبر الحكم أصدقاء للفنانة وسوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبوا أن الفنانة اعتقلت على خلفية تقديمها المساعدة لنازحين سوريين عبر إطعامهم وإيوائهم. وسمر كوكش فنانة سورية، من عائلة فنية وهي ابنة المخرج السوري علاء الدين كوكش والفنانة الراحلة ملك سكر، وتخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في سورية عام 1995، وشاركت بالعديد من الأعمال في المسرح والإذاعة والتلفزيون. وبعد حجابها ورغم عدم اعتزالها التمثيل إلا انها همّشت فتوجهت إلى العمل بدبلجة مسلسلات الأطفال والرسوم المتحركة، وقالت في إحدى لقاءاتها “الحمد لله فقد أكرمني الله عز وجل بالحجاب وفي مقتبل عمري فأنا أول فنانة سورية صغيرة محجبة وكوني ظاهرة أم لا فمثلاً أنا ظاهرة في وسط الدوبلاج لأنني أعمل به باستمرار أما في وسط التمثيل فعملي قليل لذلك لا أعتبر ظاهرة مع أنني لم أعتزل عندما تحجبت لكنني عزلت حتى في الإذاعة تم استدعائي مرة واحدة بعد الحجاب ثم لم يتم طلبي بعدها لماذا لا أعرف”.
مي سكاف
مي سكاف الممثلة السورية التي أدت الكثير من الأدوار بين المسرح والسينما والتلفزيون، ولكن دورها الأبرز كان عام 2011 مع بداية الثورة السورية، فكانت ممثلة للمرأة السورية الثائرة، ورمزًا طالب الشيخ سارية الرفاعي خطيب مسجد الحسن في الميدان بدمشق السلطات السورية بإطلاق سراحها، بعد أن اعتقلت على خلفية مظاهرة سلمية رافضة للنظام. هي التي هتف باسمها بلبل الثورة إبراهيم القاشوش في المليونية الشهيرة في ساحة العاصي بحماة، وكان لمشاركاتها بالمظاهرات في أكثر مناطق دمشق سخونة وحصارًا وتنكيلًا وانتقامًا وقع مميز، فاستحقت لقب “أيقونة الثورة السورية” بكل جدارة. مي التي كانت رافضة للخروج من سوريا، وهي التي لا تطيق العيش إلا في دمشق، اضطرت إلى المغادرة حاملة حقيبة سفر صغيرة. لا تخفي الفنانة أنها استغلت جذورها المسيحية لدحض خطاب النظام، لأن النظام ومنذ اليوم الأول اتهم الثورة بأنها إسلامية إرهابية. فصرخ الكثيرون “إن كان الحراك إسلاميًّا، فلماذا يفعل النظام ما فعله مع مي سكاف وغيرها من الناشطين المسيحيين والمدنيين؟”، وهذا برأيها كان مفيدًا للحراك الشعبي، كما كانت فائدة الحراك المدني من كافة القوميات والطوائف على كامل الأرض السورية. لذلك جميعنا بتنا ندرك أن الإرهاب المنسوب للإسلام هو صناعة المجتمع الدولي بالتعاون مع الديكتاتوريات وأنظمة الاستبداد. وفى مقابلة مع قناة “العربية” الإخبارية، مساء السبت الموافق 16 يوليو/تموز2011م، أكدت الفنانة السورية مي سكاف أنها ورفقاءها من المثقفين والفنانين تعرضوا للتعنيف الجسدي والضرب والركل من عناصر الأمن الجنائي خلال فترة اعتقالهم، مشيرةً إلى أن ما حدث لها لن يجعلها تترك البلاد، وأنها مستعدة للتضحية بحياتها من أجل تحقيق الإصلاح السياسي. وشددت على أنه بعد الإفراج عنهم اعتدى عليهم “شبيحة” من مناصري الرئيس بشار الأسد، لافتةً إلى أنهم اضطروا إلى الاحتماء بمقهى “حتى هرَّبنا شبابًا من الوطن لا نعرفهم. وقد استولت اللجان الشعبية ( التابعة للنظام السوري) على منزل الفنانة مي سكاف في جرمانا بريف دمشق وقام أحد عناصرها بالاستيلاء على الشقة بعد كسر القفل وتغييره واتخذها مسكنا له ولعائلته.
علي فرزات
تعرّض منزل فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات في دمشق لاعتداء طال عدداً من أعمال الفنية كما أكد الفنان، الذي كان ترك دمشق في العام 2011 إثر عملية خطفه من وسط العاصمة السورية، والاعتداء عليه جسدياً وتهشيم أصابعه في محاولة لإسكاته رسوماته الناقدة للنظام.
وعلق على فرزات وقال: “إنه بات من المعتاد التحريض على الفنانين والأدباء، ومصادرة بيوتهم نتيجة مواقفهم المعارضة”، وتساءل ما الفرق بين النظام وبين داعش الذي يعتدي على المتاحف والتماثيل، فيما هم يكسرون أعمال الفنانين المعاصرين؟
وأضاف: “يبدو أن الفكر والفن يوجعهم أكثر من أي شيء آخر، علي فرزات لا يملك سوى القلم، ليس لديه سلاح ولا آربي جي”. الحادثة الجديدة أعادت إلى الأذهان الاعتداء الذي تعرض له فرزات مع بداية الثورة السورية العام 2011، حيث خطف من ساحة الأمويين وسط دمشق، وضرب وهشمت أصابعه قبل أن يلقى في الطريق. وهو يعلق بالقول “الحادثة كانت سببها النقد والرسم، بعد أن اعتبروا بعض رسوماتي التي تتناول الرئيس أو فروع الأمن تجاوزاً للمحرمات. لكن الحقيقة أنهم أدركوا أننا كسرنا حاجز الخوف، ولم نعد نقبل بتأليه الأشخاص الذين قدسوهم لأربعين عاماً”. وختم فرزات بالقول: “لا أدري إلى أين يريدون أن يصلوا، لديهم دائماً هاجس معاقبة الفنان ومنعه من الرسم، يحاولون لوي يدي ومنعي من القول”.
كيف حارب النظام السوري الفنانين المعارضين له؟
بسبب آرائهم وتأييدهم للثورة السورية والإعلان عن مواقفهم السياسية، تعرض الفنانون السوريون لضغوطات كثيرة من قبل النظام السوري والمؤسسات الفنية التابعة له، التي لا تقدم أعمالًا خارجة عن عباءة النظام السوري، وتغلق أبواب المؤسسات لنجوم الفن المعارضين كون الإنتاج الدرامي في سوريا يعتمد بشكل أساسي على القطاع العام، فشركات الإنتاج تساهم في التضييق على نجوم الدراما المعارضين. السينما.. والمسرح.. والتلفزيون.. جميعها وجدت نفسها رهن الاعتقال في سوري؛ حيث تصاعدت وتيرة الاعتقالات في الفترة الأولى للثورة لتطال عدداً من الفنانين السوريين بينهم نجم الكوميديا السوري محمد عمر أوسو، وقبله المخرج والمنتج السينمائي الشهير عروة نيربية.. كما لم ينجُ من السجن وريث مسرح خيال الظل الفنان السوري زكي كورديللو. وتشهد الساحة الفنية السورية سلسلة اعتقالات حيث لم تتوانَ السلطات السورية عن توقيف واعتقال الفنانين السوريين المعارضين، على خلفية مواقفهم المؤيدة لثورة شعبهم الأعزل، الذي يعيش تحت القصف العشوائي، ويعاني ويلات الموت بين رصاص القناصين وضربات المدفعية الثقيلة، التى تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.
فنانو سوريا الثوّار: حياتنا “مسلسل” دموي حقيقي داخل السجون
الاعتقالات لا تميّز بين فنان مشهور أو أقل شهرة.. علماً أن أغلب فناني الصف الأول في سوريا فضلوا التزام الصمت أو الوقوف إلى جانب النظام خوفاً على مصالحهم، بينما رفض فنانون ومثقفون السكوت عن الظلم وأعلنوا عبر صفحاتهم على “فيسبوك” موقفهم الداعم للثورة، ولم يكن موقفهم الداعم مجرد كلام واستعراض؛ بل نزلوا إلى الشارع المنكوب وشاركوا بالمظاهرات التي تصرخ للحرية.. وتندد بالمجازر.
زكي كورديللو وابنه مهيار
يعد اعتقال الممثل المسرحي زكي كورديللو من أقدم الاعتقالات في صفوف الفنانين السوريين، إذ اعتقل في أغسطس 2012. سرعان ما صرح كورديللو بمعارضته للنظام السوري، كتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك“ منشورات أدان بها القتل والدموية، وتساءل قبل أن يعتقل: “إلى أين سيلجأ كل المهجّرين في مدن وقرى سورية؟”، وفي تعليق آخر “مجازر مجازر (…) إلى متى؟ ألا يكفيكم دمًا؟ لم نعد نحتمل الدم، يكفي”.
لكل فنان معتقل قصة؛ فقد تم اعتقال الفنان زكي كورديللو مع ابنه الفنان مهيار كورديللو، الذي لا يزال قيد التخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، من منزلهما في دمشق، والفنان زكي كورديللو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، ويعتبر من أهم الشخصيات الفنية في سوريا، التي ساهمت في إحياء وتوثيق مسرح خيال الظل بشخصياته التاريخية “كركوز وعواظ”.. وشارك خلال مسيرته الفنية بعدد كبير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. وفي حين حالف الحظ السينمائي المعارض عروة نيربية بأن لم تستطع قوات الأمن الوصول لمكان إقامته واعتقاله، إلّا أنه اعتقل أخيراً في مطار دمشق الدولي، بعد أن تم توقيفه ومنعه من السفر؛ ليجد نفسه في عتمة السجن بدلاً من المشاركة في مهرجان ثقافي كان يخطط لحضوره في القاهرة. وعروة النيربية من مواليد 1977، تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وهو منتج سينمائي ومدير مهرجان” دوكس بوكس” في سوريا، وقد لعب الدور الرئيسي في فيلم “باب الشمس” ليسري نصرالله، وعمل كمخرج مساعد في عدد من الأفلام الروائية السورية، وكان شريكاً في تأسيس شركة مختصة بالإنتاج والتوزيع السينمائي والتلفزيوني، وهو يعمل كمخرج للأفلام التسجيلية ويشارك بشكل متكرر في ندوات ولجان تحكيم في مهرجانات دولية مختصة. أما حادثة اعتقال الفنان والكاتب السوري المعارض محمد أوسو من منزله مع أفراد عائلته، فقد أثارت سخطاً في الأوساط الفنية؛ فتهمة الفنان أنه يطلب الحرية لسوريا، ويتذكر المتابعون للدراما السورية مسلسله الشهير “بكرا أحلى” الذي شاركته ببطولته الفنانة سلاف فواخرجي منذ أعوام، في العمل الذي ضحكا به سوياً، وبكيا أيضاً سوياً، بينما تجاهلته الفنانة فواخرجي اليوم ولم تعلن عن كلمة تضامن واحدة مع زميلها، مفضّلة التمسك بمواقفها الداعمة للنظام.
ومع تزايد وتيرة الاعتقالات في سوريا.. لا يجد الفنانون الذين انحازوا للثورة سوى أن يدعموا زملاءهم المعتقلين عبر “الفيسبوك”، سواء كان ذلك بتغيير صور بروفايلاتهم بصور للفنانين المعتقلين، أو الكتابة عن معاناة زملائهم في السجن، وتمني غد أفضل في سوريا. يشار إلى أن النظام السوري اعتقل منذ بداية الثورة السورية التي انطلقت شرارتها في 15 آذار/مارس عدداً كبيراً من الفنانين السوريين أبرزهم الفنانة مي سكاف، الفنان جلال الطويل، الفنان محمد آل رشي، الكاتب عدنان العودة، الكاتبة ريما فليحان، الكاتبة يم مشهدي، الأخوين ملص. خطوات أخرى اتخذت ضد الفنانين المعارضين، كمثل إصدار محكمة القضاء المختص بدمشق مذكرة “مصادرة أملاك بعض الفنانين، مثل أصال نصري، وفارس الحلو، يارا صبري، كندا علوش، سامر المصري، عبد الحكيم قطيفان، جمال سليمان، مي سكاف، عابد فهد، فدوى سليمان”، أو أن يقوم نقيب الفنانين السوريين بوضع قائمة سوداء تضم الفنانين جمال سليمان ومكسيم خليل، بدعوى “الإساءة لرموز السيادة الوطنية والمشاركة في سفك دماء السوريين، عبر تأييد المعارضة المسلحة أو الدعوة للتدخل العسكري في سوريا”.
وفي توثيق خاص أعدته الشبكة السورية لحقوق الإنسان وحمل عنوان” الفنانون السوريون مابين الحرية والاستبداد” ، أكدت الشبكة : “مقتل 14 فنانًا على يد القوات الحكومية، منهم 4 قضوا بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز، فيما قتلت فصائل المعارضة المسلحة 4 فنانين، وفنان واحد قضى على يد تنظيم داعش، وثلاثة فنانين قضوا على يد جماعات مسلحة لم تحدد هويتها”، ويشير التقرير إلى 75 حالة خطف واعتقال لفنانين سوريين، منهم 50 حالة لدى القوات الحكومية، ولا يزال 9 منهم قيد الاعتقال والاختفاء القسري، ويعرج التقرير على المزيد من الاعتداءات من قبل النظام السوري، ويقول: “السلطات السورية استمرت في عمليات الترهيب والعنف ضد الفنانين، عبر القتل والملاحقة والتهديد، إلى جانب أن الحكومة السورية سعت، مع مؤيديها من فنانين ومنتجين، إلى التضييق معنويًا وماديًا على الفنانين المناهضين للسلطة الحاكمة، كما شن الإعلام الحكومي حملات تشويه لسمعة هؤلاء واتهامهم بالعمالة والخيانة للوطن، وحرضت على إلحاق الأذى بهم وعرض مطالبات بمحاكمتهم”.
خاتمة:
هكذا احتكرت الأنظمة المستبدة كل المجالات الفنية، وضيقت كثيرًا على من يغرد خارج سربها ولا تتراجع عن مواقفها الاستبدادية ضد القيم التى تنشدها الإنسانية؛ كالحق والحرية والعيش الكريم.
فالأنظمة الاستبدادية تتصور الفنانين والمطربين والمثقفين طابورًا من المهرجين والمسبّحين بحمدها، والأنظمة لا ترضى أن يكون هناك فنان صاحب موقف ورسالة إنما يكون فقط بوقًا من أبواقها.