عقد مركز رؤيا للبحوث والدراسات ندوته الشهرية عبر تطبيق الزوم تحت عنوان: (مقترحات عملية للأفراد والمؤسسات لتفعيل المقاومة الشعبية ضد التطبيع)، يوم السبت 24/محرم/1442ه الموافق 12/سبتمبر/2020م، وتعد هذه الندوة ثانية الندوات التي عقدها المركز بعد التطورات السياسية الأخيرة في منطقتنا العربية على إثر التسارع في تطبيع الحكومات العربية مع الكيان الصهيوني، وقد شهد هذا الأسبوع إعلان تطبيع البحرين مع هذا الكيان.
وحرصاً من المركز في تفعيل دور مراكز ومؤسسات البحوث والدراسات والدفع بها باتجاه الوعي بحقائق التطبيع وسياسات الكيان الصهيوني وظهيره الأمريكي ووكلائهما في المنطقة العربية، فقد استضاف المركز: الأستاذ الدكتور سامي العريان مدير مركز دراسات الإسلام والشؤون الدولية وأستاذ الشؤون العامة بجامعة إسطنبول صباح الدين زعيم؛ للحديث عن الوسائل والسبل التي يمكن تفعيلها على مستوى المقاومة الشعبية ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد شارك في اللقاء مجموعة من الأساتذة والمفكرين والمهتمين بالشأن السياسي، وتضمن برنامج الندوة مداخلة رئيسة للدكتور سامي العريان ثم فتح مجال النقاش لبقية المشاركين.
أولاً: مداخلة الدكتور سامي العريان:
وفي الآتي محاورها وأبرز ما تضمنتها من أفكار ورؤى:
(1) مقدمة المداخلة: جاءت في سياق منهج النظر في طبيعة الصراع وأصله مع الكيان الصهيوني، وقد أكدت على أهمية انفكاك الجهة في النظر إلى اليهود والصهاينة، فمن حيث البعد التاريخي فإن هناك نوعين من اليهود، ما يسمى يهود الإسلام والذي أطلقت عليه الموسوعة اليهودية العصر الذهبي لليهود، ويهود العالم المسيحي الذين عاشوا في أوربا وتعرضوا للاضطهاد والظلم، حتى جاء عصر التنوير وعصر الثورة الصناعية والفصل بين الكنيسة والدولة، وعندها استطاعوا أن ينطلقوا في المجتمعات الأوربية وأضحى لهم إسهام مجتمعي واندمجوا فيها وشعروا بأن لهم وجوداً حقيقياً.
وقد أدرك اليهود في تلك المرحلة وخاصة في أواخر القرن التاسع عشر الذي شهد تأسيس الحركة الصهيونية على يد ثيودور هرتزل، ومحاكمة ألفريد دريفوس عام 1894م أن الاضطهاد الذي تعرضوا له على يد النصارى كان بسبب الحقد الدفين الذي يكنه النصارى لليهود، والتحول الكبير الذي شهده اليهود في تلك المرحلة هو اعتناقهم للعلمانية مع تمسكهم بيهوديتهم في إطار إرثهم التاريخي والحضاري.
وقد بدأت الحركة الصهونية على هذا الأساس، فهي حركة سياسية هدفها الرئيس تجميع اليهود في أرض فلسطين بتفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين بكافة السبل والوسائل لاستيطان اليهود وإحلالهم محلهم، فهي حركة عنصرية استيطانية إحلالية عدوانية.
(2) في سياق تعريف الصهيوني: هو كل إنسان يؤمن أو يقر بحق لليهود في فلسطين ويحاول بكل الوسائل العدوانية لأخذه وإثباته، فالصهيوني هو الذي يؤمن بهذا الحق سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مسلماً أو علمانياً أو ملحداً …إلخ، وبهذا فإن من يؤمن بحق الدولتين مثلاً يعد من الصهاينة؛ لأنه يقر بأن للصهاينة حقاً في فلسطين، وهو بهذا مؤمن بكامل الفكرة الصهيونية.
وهذا التعريف للصهيوني لا تعلق له باليهودية كديانة؛ فالإسلام من وجهة النظر الثقافية والحضارية معترف باليهود بأنهم جزء من هذه المنطقة ونسيجها، واعترف بهم كديانة وشعب، وقد نظم القرآن العلاقة بين المسلمين وغيرهم ممن يعيشون في دار الإسلام ما دامت هذه العلاقة سلمية تآلفية بعيدة عن الاعتداء والظلم، وإنما جاء النهي الصريح في القرآن عن موالاة المعتدين.
(3) هناك إشكال رئيس في المشروع الوطني الفلسطيني: وهو التحولات التي عرضت له فجعلته يتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، فمنذ عام 1974م انساق هذا المشروع في أول تحولاته في اتجاه تكوين وتشكيل دولة فلسطينية على أرض فلسطين، فهو تحول من مشروع يريد مواجهة الكيان الصهيوني وعدوانه إلى تحقيق بعض مطالب الشعب الفلسطيني.
وقد غير هذا التحول طبيعة الصراع، وقد وصل هذا المشروع إلى نهاياته في نهاية أوسلو، فقد بدأ بالنقاط العشر عام 1974م، ثم تطور إلى الاعتراف بإسرائيل على 78% من أرض فلسطين عام 1988م، ثم انتقل إلى حل الدولتين في أوسلو عام 1993م، وبعد سبعة وعشرين عاماً انتهى إلى لا شيء خصوصاً بعد صفقة القرن وقرار الضم، والآن التطبيع الذي يجري تحت شعار السلام مقابل السلام؛ لأن الوجهة كانت خاطئة.
(4) إسرائيل وُجِدت في هذه المنطقة لتبقي عليها مجزئة مقسمة ضعيفة: ولن تستطيع إسرائيل أن تهيمن على هذه المنقطة بدون أن يكون لها مخالب فيها وسطوة عليها وعلى ممالكها، والغرض الرئيس من زرع هذا الكيان هو الإبقاء على هذه المنطقة في دائرة التبعية والهيمنة؛ ولكي تضمن ذلك كان لا بد من جعل هذه المنطقة تغلب عليها سياسات الاستبداد وغياب الديمقراطية، وتنازع المصالح الضيقة والصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية، وغياب التنمية وسيادة التخلف والضعف والاحتراب الداخلي، وتكديس الثروة والسلطة بيد القلة، وتصعيد قيادات ونخب تؤمن ببقاء إسرائيل وتحارب من يحاربها ويهدد وجودها، ولذلك كل محاولة للوحدة أو محاولة للتقدم الحضاري وكل ثورة ضد الاستبداد والظلم يعد خطراً على إسرائيل ولذلك تضرب كل تجربة لبناء نموذج حضاري ديمقراطي وتحاصره.
(5) الحديث عن مشروع للتصدي الكامل والمواجهة للمشروع الصهيوني والتطبيع معه يلزم تجاوز النظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية الفلسطينيين فقط، القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين فحسب بل هي قضية الأمة والعالم؛ لأن إسرائل شر على هذا العالم كله، بل هي شر كذلك على اليهودية ذاتها، وعلى هذا الأساس لا بد أن يقوم مشروع المواجهة على جملة من الخصائص والمقومات:
– العودة الكاملة لحقوق الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها؛ لأن المشروع الصهيوني قائم على نفي الآخر، ولا يمكن استرجاع هذه الحقوق إلا بتفكيك هذا المشروع.
– هذا الصراع مع الكيان الصهيوني لا يتسنى حسمه بالاقتصار على قدرة الشعب الفلسطيني وإمكاناته، فهو أكبر منه، نعم هو بنضاله وجهاده لأكثر من عشرة عقود واستعصائه على الاستئصال والاستسلام استطاع الحفاظ على قضيته ومقاومته، فهو جزء رئيس في معادلة القوة، ولكن لا يكفي وحده لحسم الصراع.
– كأي مشروع له نقاط قوة وضعف؛ فإن للمشروع الصهيوني نقاط قوته وضعفه، وعلى المشروع الذي يواجهه يلزم خروجه من دائرة كونه مشروعاً محصوراً بشعب صغير إلى مشروع تحرر عالمي وإنساني يحشد كل الطاقات والإمكانات ليس على نطاق الأمة العربية والإسلامية بل على نطاق العالم أجمع؛ لأنه قضية تحرر إنساني عادلة ضد حركة عدوانية استيطانية ظالمة، وهذا يستوجب إنشاء حركة تضامن عالمية مع فلسطين تخرج قضيتها من محيطها المحلي والإقليمي إلى المحيط العالمي على كل المستويات بما فيها إيجاد قيادات عالمية تأخذ مواقعها وشرعيتها من خلال نضالها وعطائها.
– أنه مع سقوط أوسلو وانتهاء وهم حل الدولتين سينتقل مركز الثقل عاجلاً أم آجلاً للقضية الفلسطينية بكل تجلياتها المختلفة من الداخل إلى الخارج، وهذا لا يعني انتهاء دور الداخل بل تحوله بعد انتهاء دور سلطة أوسلو كشريك ومعين للمحتل في إضعاف المقاومة أو قمعها وخفض تكلفة الاحتلال إلى انعتاق القضية وخروجها من مجالها المحلي والإقليمي إلى عالميتها وإنسانيتها.
– المهمة الاستراتيجية لمشروع المواجهة تحديد المقومات والمحددات الاستراتيجية للكيان الصهيوني والعمل على إضعافها وتقويضها وإنهائها بكافة السبل والوسائل، ولأن كثيراً من هذه المحددات هي خارج الفعل الفلسطيني المباشر فإن هذا يستدعي وجود حركة تضامن عالمية فاعلة تدخل في دائرتها دول وحكومات ومؤسسات وحركات وأحزاب ونشاطات للأفراد والشعوب.
– هناك مهمتان رئيستان في مشروع المواجهة:
الأولى: دعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، وفي أماكن وجوده في الشتات؛ من أجل الحصول على حقوقه.
الثانية: الاشتباك مع الحركة الصهيونية العالمية وأسباب قوتها، في كل مكان، وعلى كافة الأصعدة، وفي كل المجالات، وفي كل الجغرافيا سياسياً واقتصادياً وقانونياً وإعلامياً وثقافياً وأكاديمياً وفنياً وحقوقياً وإنسانياً.
– حين تصبح القضية الفلسطينية هي مركز الصراع ضد الظلم والاحتلال والقمع والعنصرية والاستبداد والاستغلال سيصبح الصراع عالمي الوجهة وإنساني المآل؛ بحيث يتجاوز الصراعات الأخرى ويفرغها من سلبياتها كالصراعات الطائفية والإثنية والمذهبية، وستصبح فلسطين وقتها هي البوصلة والميزان.
– أن هذا المشروع بعد أن تكتمل خطته الاستراتيجية وتبنى مؤسساته وتفعل خططه العملية والتي كثير منها قائم بالفعل ولكنه بحاجة إلى التفعيل والتشبيك سيمثل جوهر العمل والحركة ضد الكيان الصهيوني وامتداداته وأدواته الإقليمية والعالمية ولدعم صمود الشعب الفلسطيني.
– أنه مع تصاعد كل أشكال المقاومة وإضعاف كل المحددات الاستراتيجية للكيان الصهيوني ستأتي لحظة تاريخية معينة يحدث فيها التغيير الاستراتيجي الذي تتغير فيه موازين القوى، فيتفكك هذا الكيان ويسقط بعد انهيار عوامل بقائه ومقوماته، وفي سورة الإسراء من الإشارات ما يعطي الأمل الكبير، فالمعاني الحقيقية لهذه السورة تتكشف هذه الأيام، قال تعالى: (وَقَضَينا إِلى بَني إِسرائيلَ فِي الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلُوًّا كَبيرًا . فَإِذا جاءَ وَعدُ أولاهُما بَعَثنا عَلَيكُم عِبادًا لَنا أُولي بَأسٍ شَديدٍ فَجاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعدًا مَفعولًا . ثُمَّ رَدَدنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيهِم وَأَمدَدناكُم بِأَموالٍ وَبَنينَ وَجَعَلناكُم أَكثَرَ نَفيرًا . إِن أَحسَنتُم أَحسَنتُم لِأَنفُسِكُم وَإِن أَسَأتُم فَلَها فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسوءوا وُجوهَكُم وَلِيَدخُلُوا المَسجِدَ كَما دَخَلوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّروا ما عَلَوا تَتبيرًا).
فالسورة فيها إفسادان كبيران، وفي أحدهما: سيكون علو كبير، والإفساد الأول حدث في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكن في عصر بختنصر أو غيره، وقد تمثل هذا الإفساد في المؤامرات ضد الرسول صلى الله عليه وسلم ومحاولات قتله والصد عن دعوته … إلخ.
وأما الإفساد الثاني: فهو الذي يراه المسلمون اليوم بعيونهم ومعه علو، والدليل على أن الإفساد الأول هو في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى (عباداً لنا)، والعباد حين ينسبهم الله إلى نفسه فالمقصود بهم المؤمنون.
(6) في إطار مواجهة التطبيع ما هو دور الشعوب في التصدي لهذا التطبيع الذي له أذرع متعددة داخل الأمة وخارجها؟ ولا بد هنا من تسكين دور الشعوب في سياق كلي، فإن لكلٍ دوره في الصراع ضد الكيان الصهيوني ومقاومة التطبيع معه، وهناك جملة من الأفكار في تفعيل دور الشعوب:
– يهدف النشاط الشعبي في جوهره إلى نزع الشرعية عن الاحتلال الصهيوني، بمعنى أنه لا بد من رفض الوجود الصهيوني، والنشاط الشعبي بالرغم من كونه لا يستطيع أن يفعل الكثير ولكن يمثل في حقيقته استنكاراً أخلاقياً وبالتالي هو أداة غير مباشرة لنزع هذه الشرعية، وعندما تتم ممارسة هذا النشاط بشيء من المثابرة والتصميم والشجاعة فإنه قادر على التأثير في الأفراد وصناع القرار سواء كانوا محليين أو خارجيين، بغرض تغيير قناعاتهم وأنماط تفكيرهم تجاه هذا الكيان. وعلى الرغم من اعتقاد الناس بأن نشاط الفرد الواحد لا يقود إلى تغييرات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ملموسة ولكن هناك دراسات عديدة تثبت العكس، ولعل من أهمها دراسات للكاتب جين شارب الذي يتحدث عن العمل الشعبي اللاعنفي في مواجهة الظلم، وله كتب عديدة أحدها (198 وسيلة للنشاط اللاعنفي).
– هناك نشاطات تثقيفية يمكن أن يقوم بها الأفراد، ونقطة البداية التثقيف الذاتي في أي نشاط، ولا بد أن تكون لدى الشعوب الثقافة الكافية حول القضية الفلسطينية، فلا بد من تحصيل الثقافة السياسية الأساسية عن تاريخ هذه القضية وتاريخ الاحتلال الصهيوني والحركة الصهيونية، والتعرف على الأكاذيب التي سيقت في سياق الصراع مع الكيان الصهيوني، ومنها على سبيل المثال أكذوبة أن الفلسطينيين باعوا أرضهم وديارهم.
– الخطابات العامة، فبمقدور النشطاء والقادرين عقد خطابات جماهيرية تحث على المزيد من هذه الأنشطة التي تدعو إلى رفض الاحتلال والوجود الصهيوني، ورفض التطبيع معه، ودعم المقاومة بكل أشكالها.
– عرض الرموز والشعارات والرسوم الكاريكاتيرية واللافتات والملصقات والعروض المسرحية والفنية، والعروض الكثيرة التي يمكن أن تنضم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
– الأنشطة الاجتماعية والاجتماعات التضامنية والمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات، ومنها إحياء يوم القدس.
– الانسحاب من المؤسسات الاجتماعية التي فيها أي جوانب تطبيعية.
– الاحتجاجات الطلابية والصمت الاحتجاجي في الجامعات وغيرها.
– المقاطعة لكل الفعاليات الاجتماعية التي يتواجد فيها الصهيوني، وكذلك الأمريكي الرسمي الذي يظاهر الصهاينة، وأصبح جزءاً في هذا الصراع وأصله.
– الأنشطة الرياضية.
– الإعلام والتواصل والنشاطات العامة والمواقع الإلكترونية، وقد تم تبني شعار في كل وسائل التواصل الاجتماعي وهو (Palestine is a red line) (فلسطين خط أحمر) ودعوة الجميع إلى نشره في صفحاتهم.
– الصحف والمجلات والتسجيل الإذاعي والتلفزيوني، والكتيبات الثقافية، والتواصل الشخصي مع الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة، بغرض دعمهم وتأييدهم وحثهم على الصمود والصبر في مواجهة المحتل.
– والأهم من ذلك الأنشطة الاقتصادية، فتكون هناك لجان في كل مكان تدقق في المواد الاستهلاكية القادمة من الكيان الصهيوني وغيره ممن يظاهره ويسانده ويدعمه ويطبع معه، ومواجهة ذلك كله بالمقاطعة الكاملة، وهناك حركة مقاطعة عالمية اسمها (BDS) (Boycott Divestment and Sanctions) تدعو إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وتدعو إلى المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والثقافية وأصبحت حركة عالمية، وقد اعتبرها الكيان الصهيوني تهديداً وجودياً لها لأنها تستهدف نزع الشرعية عن هذا الكيان.
– الأنشطة السياسية ووسائل المعارضة ودعم مجموعات الضغط، وهذه تكون في المجتمعات التي تتمتع فيها الشعوب بشيء من الحرية وليس في المجتمعات الاستبدادية.
– عرائض الاحتجاج سواء كانت إلكترونية أو توجه إلى سياسيين.
– الاعتصامات المدنية.
– منظمات المجتمع المدني تستطيع أن تلعب دوراً حيوياً في رفض الكيان الصهيوني ونزع شرعيته، والضغط على الحكومات التي تؤيده، من خلال جهود عديدة من مثل الاحتجاجات والفعاليات السلمية والمواد التثقيفية وإظهار الحق الذي يعتمد على التاريخ والحقائق القائمة على الأرض والحديث عن قيم العدالة وحقوق الشعب الفلسطيني.
– فضح استخدام الكيان الصهيوني للعنف القائم ضد الأسرى الفلسطينيين، ومحاصرة غزة وطبيعة الحياة التي يعيشها الفلسطينيون داخل الأرض المحتلة، وما تقوم به الأجهزة الصهيونية من اغتيالات وقتل وتشريد ونفي وسجن وسلب للأراضي وهدم للبيوت.
– وضع المواثيق المواجهة للتطبيع، وهذا يمكن أن يكون على نطاق تخصصي، ومنذ سنتين وضع الميثاق الإعلامي لمقاومة التطبيع، فيضع الإعلاميون والاقتصاديون والأكاديميون والطلاب وكل الفئات أمثال هذه المواثيق الرافضة للتطبيع.
ثانياً: اتجاهات النقاش:
(1) على مستوى التساؤلات المتعلقة بموضوع المداخلة ومضمونها كان التركيز على النقاط الآتية:
– الحاجة إلى أن تكون النشاطات الجماهيرية متسمة بالإرادة والإدارة الفاعلة والاحترافية، وأهمية أن تكون هناك مجموعات في الأمة مهمتها الخاصة مواجهة التطبيع وفقاً لما يثيره قوله تعالى: (وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ).
– الكيفية التي تتم بها مقاومة اندفاع الدول العربية نحو التطبيع والقضاء على تغفيل الشعوب في اتخاذ الحكام لقرارات مصيرية دون الرجوع إلى الشعوب صاحبة الشرعية من حيث الأصل، وكان النظر في هذا الإطار متجهاً نحو التأكيد على رفض التطبيع بكل الوسائل الممكنة، وأهمية التغيير الاستراتيجي في المنطقة بحيث ترجع الشعوب مرة أخرى ليكون الزمام بيدها.
– تقويم دور علماء الشريعة في بيان الحق الشرعي للأمة في فلسطين، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية من ثوابت الأمة التي لا يمكن التخلي عنها، وضرورة توعية الأجيال الشابة الجديدة بثوابت هذه الأمة سواء على مستوى دينها وعقيدتها أو على مستوى قضايا المصيرية وفي جوهرها القضية الفلسطينية والقدس، كما ينبغي فضح الدوائر العلمائية المأجورة التي انساقت مع سياسات حكومات التطبيع وتسويغ وتبرير هذه السياسات بحجج واهية، ومن المهم أن يكون العمل العلمائي ذا ساقين، مؤسساتي وفردي، والجانب الفردي يجنب المؤسسات العلمائية ضغوط المكان الذي تتواجد فيه.
(2) على مستوى التعقيب كانت هناك مداخلة من الدكتور عصام عبد الشافي رئيس أكاديمية العلاقات الدولية في إسطنبول، وتضمنت مداخلته النقاط الآتية:
– جاء في كلام الدكتور سامي العريان الحديث عن متوالية (الوعي – الإرادة – البرنامج – الرؤية – الإمكانيات)، وأكد على أن الأمة اليوم في مرحلة تزييف للوعي بطريقة ممنهجة سواء من قوى الثورة المضادة أو من قوى الاستكبار العالمي، وهذا يتطلب وضع خطة واضحة للوعي المضاد لإعادة بناء الوعي للأجيال الجديدة، فهناك حاجة ماسة إلى خطط بديلة للوعي تنطلق من ثوابت الأمة تستهدف الشباب الذي عانى الكثير من المشاق بعد فشل بعض التجارب الثورية.
– في إطار فكرة الإرادة لا بد من الاعتراف بأن الإرادة غائبة وهذا يتطلب بث العزيمة والمدافعة في شباب الأمة استهدافاً لاستدامة روح المقاومة للكيان الصهيوني، ورفد ذلك بجهود النخب الفكرية، وعلى مستوى هذه النخب هناك تحد يلزم النظر إليه بشكل جدي، فإن جهود النخب في البحوث والدراسات بالرغم من قيمتها العلمية والفكرية إلا أنها محصورة في إطار النخب وهي بعيدة عن العامة والأجيال الشبابية، وهذا يتطلب تسويقاً لمخرجات هذه المؤسسات والمراكز البحثية ويكون نشراً على نطاق واسع يراعي العامة، وتكون هناك منصات ألكترونية يتابعها الملايين وتنشر فيها هذه الأفكار على شكل فيديوهات قصيرة أو أنفوغراف بحيث لا يقف الأمر عند حدود الحوار النخبوي.
– لا بد من إيجاد شبكة ما بين المنصات القائمة التي يتابعها الملايين، فلو تم التنسيق ما بين هذه المنصات وتشبيكها في إطار حملة مشتركة فهذا يدعم حركة الأمة في مواجهة التطبيع.
– التشبيك بين المؤسسات والمراكز البحثية القائمة في تركيا سواء المراكز التركية التي تهتم بالقضية الفلسطينية ومواجهة التطبيع، أو المراكز العربية، في إطار خرائط الموجود وتجاوز حالة العمل الفردي الذي يجعل هذه المراكز وكأنها جزر مستقلة لا صلة لها ببعضها البعض.