استعراض

في العواصم من قواصم التغيير السياسي ومتغيراته (1)

 

 

تحمل مادة (غ ي ر) في المعاجم  العربية جملة من المعاني والدلالات مما له تعلق بموضوعنا، منها: التحول، جعل الشيء غير ما كان، التبدل والتبديل، أحداث الدهر وأحواله، ﴿ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾، معناه حتى يبدلوا ما أمرهم الله، ومنها: المعارضة، والإصلاح، كما قال ابن الأعرابي: يقال: غيَّر فلان عن بعيره، إذا حط عنه رحله وأصلح من شأنه. ويقال: ترك القوم يغيرون، أي يصلحون الرحال[1]، ويقول الراغب الأصفهاني: “والتغيير يقال على وجهين: أحدهما لتغيير صورة الشيء دون ذاته. يقال: غيرت داري: إذا بنيتها بناء غير الذي كان. والثاني: لتبديله بغيره. نحو غيرت غلامي ودابتي: إذا أبدلتهما بغيرهما. نحو ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾”[2].

وهذا البعد في الدلالات اللغوية يجد صداه في سياق المفاهيم الشرعية ولكن بشكل أكثر تقييداً وتحديداً من خلال التعاطي معها في دلالاتها الشرعية وما ينضم إليها من مفاهيم مقاربة الدلالة في معانيها وإن تغايرت في ألفاظها مما اعتاد أهل العلم على اصطلاحه بالترادف، أو ما يقاربه في بعض أجزائه وجزئياته، ولو تأملنا المواضع القرآنية التي جاءت فيها مادة (غ ي ر) لوقفنا عند اشتقاقات لها من الدلالات المقترنة بالفعل والحركة اللذين يجعلان الإنسان في دائرة من الكدح بمساريه الإيجابي والسلبي، وهذا يثيره بشكل لافت قوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾، وقوله: ﴿ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾، وقوله على لسان الشيطان: ﴿ولآمرنهم فليغيرن خلق الله﴾.

ومثله مفهوم (أيام الله) الذي يجلي لنا مواطن التدبير الإلهي في خلقه حال كدحهم في حياتهم استقامة وانحرافاً، كما دل عليه قوله تعالى: ﴿ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله﴾، وقوله: ﴿قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون﴾، وكذلك مفهوم سنة الله الدالة على الثبات والاطراد والعموم حال التلبس بمقتضياتها كذلك استقامة وانحرافاً، من مثل قوله تعالى: ﴿سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً﴾، وقوله: ﴿فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً﴾.

وهذه السياقات دالة على أن الفعل الإنساني إما أن يتخذ مساراً ينقض به مقومات استخلافه الوجودي حين يستسلم لمنظومة الشيطان والخسران، فيغير بها فطرته التي فطره الله عليها؛ ذلك أن مفهوم التغيير في القرآن الكريم يعني لأول معنى كما يثيره لفظه وسياقه بادي الرأي تدهور الشيء من حال إلى حال أسوأ، فعندما يتغير مخلوق من مخلوقات الله تعالى فإنه يفارق صورته الحسنة أو خصائصه الحسنة التي خلقه الله سبحانه بها إلى صورة أو خصائص مغايرة، والنتيجة هي دخول الإنسان بدفع من الشيطان في دائرة الاستكبار والعجب بالنفس[3]، ولا يقف هذا الأمر عند حدود الفرد وإنما يسري في البنى المجتمعية كلها، كما يثيره الجمع في الآيات: (يغيروا – فليغيرن – وذكرهم بأيام الله – لا يرجون أيام الله – سنة الأولين).

وإما أن يتخذ مساراً مغايراً ومناقضاً يمكن من خلاله فهم الآية في سياق من فقه الحضارة والبناء والعمران والتنمية والإصلاح للنفس وللآفاق كما يثيره مفهوم التغيير في إطار عالم الأفكار البانية الرشيدة، وقد نبه مالك بن نبي رحمه الله إلى أن الظواهر الحضارية في العالم الخارجي لا يخط لها المدبر الحكيم سبحانه دائرة الإمكان إلا إذا وجد في القلب استعداداً، ووافق في النفس قابلية، فالإنسان لا يمكن أن يقع فريسة مستسلمة بين يدي مستعمره إلا إذا امتلك خصائص ذهنية وقلبية تؤهله ليكون عبداً لغير الله، وجنساً قابلاً لكل هيمنة واستعمار؛ فوضع بذلك اليد على مكمن الجرح والداء رحمه الله، وأبان بأن المسلك السديد لمقاومة المستعمر مسلك فكري تربوي ابتداء: بانتزاع أسباب الاستلاب، والوهن، والقابلية للاستعمار[4] من الأنفس والقلوب؛ فإن استعمرت أمة فلأنها قابلة للاستعمار، وظاهر أن مالكاً في ظلال هذا المعنى يعيد قراءة قوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾، فاكتشف بذلك مساحة مسكوتاً عنها مفادها: أن الإنسان سيقع لا محالة في اللهو، واللغو، إن أراد أن يواجه عبثاً مستعمره وعدوه في الخارج ولم يجتث بذور الانبطاح والتبعية والذل من عقله وقلبه ابتداء[5].

وهذا السياق المعجمي وما يحمله من دلالات ومعاني في المنظومة اللغوية يأخذ مداه أيضاً في سياقاته الشرعية، وقد أشرنا في السياقات المعجمية إلى المفاهيم المرادفة أو المقاربة لمفهوم التغيير، ولكن هذا المفهوم له دلالاته العميقة في النظم القرآني سواء في لواحقه وسوابقه النصية أو في بنيته الموضوعية التي تراعي ضمائمه لتشكل إطاراً عاماً له، ولذلك وفقاً لهذه المنهجية نرى أن التغيير في بعده الشرعي يتوافق مع مفهوم الاستخلاف في سياق مفهوم كلي جامع يعد من المفاهيم المركزية في الخارطة القرآنية وهو مفهوم الاستقامة، وقد انساق بعض المفكرين مع هذه المفاهيم في بنائية منهاجية واعية ترتبط بالواقع الاجتماعي وظواهره الكلية والجزئية، ولولا أن الورقة تدور مع القراءات المجملة لظاهرة التغير والتغيير السياسي، لكان لها مجال في بسط الموضوع من أطرافه كلها أصولاً وفروعاً.

ويكفينا في هذا السياق أن نقف وقفة جامعة مجملة في توصيف البعد الشرعي للتغيير؛ ليكون منطلقاً لنا في الحديث عن موضوع العواصم والقواصم في المتغيرات السياسية، وكما قلنا إن هناك بعض المفكرين قد  تصدى للتنظير لهذا المفهوم ضاماً إليه مفهوم الاستخلاف ومنبهاً عليه في إطار الوجهة والمسار والمقصد وكذلك مفهوم التوحيد، فقال: “وفق الرؤية الإسلامية في أصالتها لا يمكن أن تؤدي عناصر الفعل التاريخي (الزمان المكان الإنسان) فعاليتها في عملية التغيير إلا برابط بينها جميعاً، يشكل مقوماً أساسياً للعلاقة الاجتماعية، ألا وهو الاستخلاف.

ويحقق النص القرآني هذه المهمة حيث يتحدث عن الزمان (الذي ارتبط بخلق الإنسان الأول)، ويتحدث عن المكان الممثل في الأرض، وعن الإنسان ووصفه من خلال المهمة المنوطة به (الاستخلاف). والاستخلاف وفق هذا الفهم هو العلاقة المعنوية التي تربط الإنسان بالأرض والطبيعة من ناحية، وبأخيه الإنسان من ناحية أخرى وإذا كانت المجتمعات البشرية جميعاً تشترك بالعنصر الأول والثاني، فإن العنصر الثالث إنما يشكل محور التميز والاختصاص، إنه عنصر العلاقة المعنوية حيث  تختلف المجتمعات في طبيعة هذه العلاقة وكيفية صياغتها، وهو أهم المقومات الأساسية للعلاقة الاجتماعية والتي طرحها القرآن تحت مسمى (الاستخلاف)”[6].

وإذا كان الاستخلاف هو المحدِّد لمسار الحركة، فإن التوحيد يشكل المقصد الأعلى والنهائي لكل حركة التزمت بهذا الاستخلاف ومقوماته، وهذا ولا شك يضمن استقامة المسار والحركة ويكفل سالكيهما الاتجاه نحو الأهداف والمقاصد[7]، وهذا الذي يميز الحركة الإنسانية في أنساقها المختلفة والمتباينة، أن هناك حركة إنسانية تخرج الإنسان من جادة الاستقامة وتجعله عرضة لعوارض الزمان والمكان والأحداث، وهناك حركة إنسانية تنظم الإنسان في مسار الاستقامة وهو وإن كان يتعرض للعوارض التي اعترضت قسيمه الأول، إلا أنه وبمقتضى استقامته يمتاز بالحصانات والضمانات التي تحفظه منها بحيث يتصف بالاستجابات الفاعلة والحسنة في الوقت الذي تكون فيه استجابات الأول قلقة مضطربة، وكلاهما خاضع لمنظومة السنن الكونية والاجتماعية.

التغيير والتغير بضميمة السياسي:

غالباً ما تضفي الإضافات المفاهيمية وضمائمها المركبة أبعاداً دلالية تأخذ بالموضوع في سياقات تخصصية ومجالات من الخصوصية الموضوعية، ولكن لا تجعلها منبتة الصلة كلية عن غيرها من أخواتها في الظاهرة المعنية، خاصة ونحن نتحدث عن ظاهرة التغير والتغيير في أبعادها الاجتماعية وهي التي تمثل الحاضنة الأكبر وفي إطار التعرض للتغير والتغيير في بعدها السياسي؛ لكون الأخير من تجليات الظاهرة الاجتماعية وإن كانت له من الخصوصية المميزة عن غيره من أفراد تلكم الظاهرة.

وعند ذلك اقتران التغيير بالسياسي يأخذه إلى مجالات مرتبطة أساساً بالظاهرة السياسية، والأخيرة بحكم تعقدها وتشابك أحداثها وسيولتها فليس من السهل التحكم فيها وتغيير مساراتها، وهذا يتطلب من الباحث السياسي النظر إليها حال حركتها، ولذلك حتى يتسنى له التعرف على مساراتها وتفسيرها يفترض سكونها؛ لأجل التعرف على عناصرها وفواعلها والعلاقات داخلها سواء بين الفاعلين أو بينهم وبين مسارات الحركة فيها، وهو في هذه الحالة يمارس عملية التحليل والتفكيك لأجل تفسير الظاهرة بل كذلك النظر في مآلاتها واستشرافها إذا أمكن، وتعرضنا للظاهرة السياسية بشيءمن الإجمال والإشارة إلى تعقدها وسيولتها للتأكيد على أن التغيير السياسي ومتغيراته تزداد تعقداته بحكم ضميمته التي جعلته يزداد سيولة فوق سيولة الظاهرة ذاتها.

والتأمل في مفهوم السياسة يعطي القارئ غير المتخصص ملامح عامة قبل التعرض إلى مركب التغيير السياسي ودلالاته العامة وما يعكسه في الواقع السياسي للمجتمعات والدول، والدلالة السائدة والمتحكمة لمفهوم السياسة في عالم اليوم لا تأتي إلا من التقاليد الغربية ونسقها المعرفي، وهي تستبطن مفاهيم الصراع وما يرتبط بها من مفاهيم السلطة والقوة والنفوذ والتحكم وكل ما يتعلق بوسائل إدارة الصراع، وضمان عدم خروجه عن حدود الفاعلية الإيجابية، فالفكر الغربي بمراحله التاريخية كلها قائم على مسلمة أساسية هي أن الصراع هو الحقيقة الوجودية الأساسية، وأن الإنسان في صراع دائم مع الطبيعة أو مع الإنسان أو مع عالم الغيب[8].

ولكن هل من الحكمة تعميم هذه الدلالات التي يستبطنها مفهوم السياسة في نسقها الغربي في بيئات لا يمكن أن تستوعبه بأي شكل من الأشكال بحكم الخصوصية الغربية في الدال والمدلول، فضلاً عن عدم قدرته على التعميم لقصوره ذاتاً وموضوعاً عن استيعاب هذه البيئات، كما أن سيولة الأحداث السياسية وتعقدها وتشابكها يجعل الباحث السياسي في هذا النسق ينساق مع منهجيات التحليل والتفسير دون أن يكون عنده مسعى للبحث عن مسالك ومسارات التحكم أو على الأقل التأثير في الظاهرة السياسية وتفاعلاتها؟!

ولكن عند التعرض لهذا المفهوم ودلالاته في نسق آخر يتوافق مع الخصوصية الحضارية التي يتبناها الباحث، فإنه يأخذ مساراً مغايراً ولا شك؛ ومرجع ذلك أن هذا النسق يؤكد على إمكانية التأثير في الظاهرة وتغيير مساراتها، ونعني به النسق الحضاري الإسلامي، فإن لمفهوم السياسة معنى مغايراً عن قسيمه الغربي يلزم الباحثين أن يبدؤوا فيه ويعيدوا حتى تتشكل به العقول ويكون هو الرائد دون غيره، والتنبيه على غيره ليس من جهة تبنيه وإنما من جهة البحث العلمي في سياق مقارن، والباحث هنا ليس ببدع من التأكيد على تغاير المفهوم في نسقه الإسلامي عن الأنساق الأخرى، فقد كان لعلماء السياسة المسلمين من المعاصرين صولات وجولات في تقرير هذا المفهوم والدعوة إليه والتصنيف فيه وترسيخه في عقول الطلبة والباحثين، والباحث هنا عالة عليهم وسائر في ركابهم، ولذلك سوقه في هذه الورقة إنما هو من باب التأكيد والتذكير.

وبناء على ذلك فإن للرؤية الإسلامية ميزة في تفسير الظاهرة السياسية لا تتفق مع الرؤية الوضعية الغربية، فإن سيولة هذا الظاهرة وتعقدها تأخذ به الرؤية الإسلامية إلى حيث التسكين في سياقات من القواعد الكلية والمعايير الحاكمة تراعي حركية السياسة وتجددها، ولذلك تجد تعريفها المعجمي يأخذ مساراً مغايراً بالكلية لما عليه قسيمتها في النسق الغربي، فهي في بعدها الإسلامي كما تشير إليها المعاجم: “القيام على الأمر بما يصلحه”، وهي كما قال أبو الوفاء ابن عقيل: “ما كان فعلاً يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نزل به وحي”[9].

وأنت خبير بأن المعاني التي تثيرها هذه التعريفات للسياسة ذات دلالة تأخذ بمسارات حركتها في الواقع الإنساني ليس فقط في إدراكها وتحليلها وتفسيرها بل والتحكم والتأثير فيها؛ فإن أخذ الناس بالإصلاح بموجب ما تفرضه السياسات العامة مؤداه حفظ مقاصدهم وضرورياتهم العامة في الدين والنفس والنسل والعقل والمال كما يقوله علماء المقاصد، ولذلك هناك مستوى من النظر التأصيلي والتنظيري عند علماء السياسة الشرعية من المحققين كالماوردي وأبي يعلى والجويني وابن تيمية .. في غيرهم يراعي أهمية سياسات الملك التي تسعى إلى تدبير أمور الخلق ومعاشهم، ومن أمثلة ذلك ما قاله الماوردي في أقل كتبه شهرة وهو تسهيل النظر وتعجيل الظفر: “فإن الله جل اسمه ببليغ حكمته، وعدل قضائه جعل الناس أصنافاً مختلفين، وأطواراً متباينين، ليكونوا بالاختلاف مؤتلفين، وبالتباين متفقين، فيتعاطفوا بالإيثار تابعاً ومتبوعاً، ويتساعدوا على التعاون آمراً ومأموراً .. فوجب التفويض إلى إمرة سلطان مسترعى، ينقاد الناس لطاعته، ويتدبرون بسياسته، ليكون بالطاعة قاهراً، وبالسياسة مدبراً، وكان أولى الناس بالعناية ما سيست به الممالك، ودبرت به الرعايا والمصالح، لأنه زمام يقود إلى الحق، ويستقيم به أود الخلق”[10].

والنص كما هو ظاهر ابن زمانه ووقته، ولكنه يشير إلى مسألة غاية في الأهمية وبها تفهم السياسة ومسالكها وعملياتها في الواقع، وهي مسألة التدبير والتصرف في الأمر مراعاة لمصلحة الخلق في معاشهم وفقاً لما تقتضيه الشريعة، فالسلطة جوهرها التدبير والرعاية والطاعة التي تقتضي الخضوع للآمر بموجب ما يفرضه العقد السياسي بين الحاكم والمحكوم، وهذا يظهر من خلال تعابير الماوردي نفسها حيث استعمل لفظ التدبير[11]، وقيادة الخلق إلى الحق، وتقويم الأود، ولعل هذا يقترب مع ما هو مشهور من تعريف للخلافة عند الماودري نفسه و عند غيره بأنها (حراسة الدين وسياسة الدنيا به)، ونرى أن الدين لا يقف عند حدود المفعولية في فعل الحراسة، أي أن الدين لا يحرس من قبل غيره فحسب، بل هو يمارس الحراسة للخلق؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون﴾.

وبالانتقال إلى مقصودنا الأساس من هذه الورقة وهو التغيير السياسي، فإنه يلزم استحضار هذه الدلالات بنسقيها المتقابلين عند  التعاطي معه، وهذا سيتجلى معنا عند الحديث عن العواصم من قواصم السياسة ومتغيراتها، والتغيير السياسي بهذا التركيب الإضافي يثير كذلك جملة من الدلالات فرضتها نماذج معرفية ومضامين نصية وقراءات تحليلية في الواقع السياسي والاجتماعي؛ وهذا يُلمس من خلال ما عُرف به هذا التركيب استناداً إلى ما أجملناه حول مفهوم السياسة والسياسي آنفاً.

وسنعرض جملة من التنظيرات للتغيير السياسي للنظر في مدى تأثرها  بالنماذج المعرفية وآثارها في قراءة الظواهر السياسية، ومعرفة قدرتها أو عدمها  على التعميم في البيئات المغايرة للنسق الوضعي، وفي هذا السياق يشير ستفين دي تانسي عند تعرضه إلى نماذج في التغيير السياسي تحت عنوان صريح هو (التغيير السياسي)، فيذكر ثلاثة نماذج وهي النموذج الأمريكي والروسي والبريطاني ويشير بحسب استقرائه لمنظري النخبة السياسية من أمثلة موسكا وباريتو من جهة ومنظري الماركسية ماركس وإنغلز ولينين من جهة ثانية، وألاردت وليتونين من جهة ثالثة.

فيقلل الأولان من شأن حدوث تغيير سياسي حقيقي؛ ومرجع ذلك اعتقادهم أن النخب تمسك بأفضل البطاقات في اللعبة السياسية، ولكن في وقت نفسه يريان إمكانية حدوث دورات من التغيير السياسي تؤدي إلى تغيير في أعضاء الحكومة، وليس إلى تغيير الحقيقة الأساسية للهيمنة النخبوية، ولذلك يصف باريتو هذه التغييرات بدورات تحكم فيها الأسود باستخدام القوة، ثم يخلفها الذئاب الذين يمارسون الحكم من خلال المكر والخداع، بينما يتوقع موسكا إمكانية تولي قادة شعبيين السلطة باسم الديمقراطية، إلا أنه يرى أن هذه العملية عملية تضليلية؛ لأن القيادة الجديدة ستحكم لا محالة بالطريقة التي تقتضيها مصالحها الخاصة[12].

ويرى منظرو الماركسية في المقابل أن التغيرات السياسية الكبيرة لا تحدث إلا من خلال ثورات عنيفة تؤدي إلى حل التناقضات القائمة بين النظام السياسي والنظام الطبقي الاجتماعي والاقتصادي التابع له؛ وهذه التناقضات بحسبهم حدثت نتيجة حدوث تغيرات تدريجية طويلة الأجل في علاقات الإنتاج مع الأنماط التجارية[13].

ومال الكتاب التعدديون إلى تأكيد إمكانية حدوث تغيير تدريجي نتيجة عوامل كثيرة تسمح باستمرار حكومة مستقرة من خلال التسويات المتفق عليها بين الجماعات، ولذلك يرى ألاردت و ليتونين أن أكثر الأوضاع السياسية استقراراً تتحقق بالتغلب على كثير من الخلافات الاجتماعية بالتفاوض السياسي بين الجماعات المتنوعة لتحقيق الأهداف المختلفة[14]، ويفهم من هذا أن التغيير لدى هذه الطائفة من المنظرين يمكن أن يتحقق بالتدريج سلمياً من خلال تفاعلات السياسة بعيداً عن العنف واستخدام القوة.

هذه الرؤى تعطينا إشارات منهاجية يلزم أن يتنبه لها الباحث السياسي في عالمنا العربي والإسلامي، ومنها: أن دائرة النظر عند منظري السياسة وأمثالهم في العالم الغربي بشقيه لا يرى مجال بحثه إلا في دائرته الخاصة؛ لأنه يرى نفسه ذاتاً مركزية، ويرى سواها موضوعاً في دائرة من المفعولية تنجذب إليه إنجذاب التابع للمتبوع، وبناء على ذلك لا يرون إمكانية اتساع النظر والرؤية فكرياً ومنهجياً إلى مساحات وبيئات أخرى يمكن استيعابها، ونعني بذلك أبعاداً حضارية أخرى لها من الخصوصية الحضارية ما يجعلها تسهم في رفد العالم الإنساني بالنماذج المعرفية والفكرية بمختلف تمثلاتها أسوة بغيرها بله تفوقها بأضعاف إحكاماً ودقة.

ومن هذه الإشارات أن كثيراً من منظري الغرب وخاصة في سياقه الوضعي الحداثي والليبرالي ينطلق في تقييمه وتقويمه للتغيير السياسي من القيم الديمقراطية في المجتمع الليبرالي، فيرى أن الديمقراطية تعد هي المسار في عملية التغيير، وإذا حدثت تحولات في المنظومة السياسية الغربية، فإنها تدور في سياق هذا النموذج الديمقراطي كما أشار إليه تانسي فيما سبق.

ومنها الاضطراب والتذبذب بل والغموض الذي يحيط بهذه التنظيرات حول التغيير السياسي؛ بحيث لم يستطع الوضعيون حتى اللحظة الوصول إلى تفسيرات يمكن تعميمها حول ظواهر التغيير السياسي، ولذلك نجدهم في تعريفاتهم مركزين على إحدى زوايا النظر دون غيرها بل يشير إلى أن التنظير السياسي لدى هؤلاء تحكمه الرؤى الجزئية والتجزيئية في النظر إلى الظاهرة السياسية، ولهذا أمثلة تتوافق مع ما نبهنا إليه آنفاً.

فصمويل هنتنجتون مثلاً يشير في هذا المجال إلى أن التغيير السياسي -الذي يجعله مقروناً مع التحديث السياسي في سياق مقارب- يأخذ مساراً استيعابياً أكثر منه مساراً مفاجئاً كما هو الحال في السياقات الثورية التي تأخذ منحى عنيفاً، ولذلك يذهب باتجاه توسيع دائرة المشاركة السياسية والتأكيد على المأسسة السياسية، فيقول في خلاصة بحث التغيير السياسي: “الدليل القاطع على أنه كلما تعددت في النظام السياسي التقليدي البنى المؤسسية وتوزعت السلطة، قل العنف عند تحديثه سياسياً وتكيف مع توسيع نطاق المشاركة السياسية بطريقة أيسر. وتتيح هذه الظروف ظهور نظام سياسي تشاركي حديث، من الأرجح أن يكون ديمقراطياً أكثر منه استبدادياً”[15].

وهذه الرؤى حول التغيير السياسي انعكست بشكل واضح في صياغة مفهومه والتعبير عنه بالإضافة إلى رؤى غيرها مراعية الوقائع والأحداث التي يتلبس بها الواقع السياسي والبنى السياسية، وهو ما يثير إشكالية مدى استيعاب هذه المفاهيم لأفرادها وأجزائها بما يجعل تغطي كل ما يتعلق بظاهرة التغيير السياسي، وظاهر أن الباحث السياسي بحكم تأثره بنموذجه المعرفي والواقع الذي يعيش فيه يذهب في صياغة هذه المفاهيم بما يتوافق ويتناغم مع بيئته التي يعيش فيها بوعي أو بغيره.

ولذلك نشير إلى بعض التعريفات التي أحاطت بالتغيير السياسي بشكل مجمل؛ ليتضح لنا انعكاسات الرؤى الكلية التي يتبناها الباحثون الوضعيون في بناء المفاهيم الحركية فضلاً عن التأثر بشكل كبير بالأبعاد التخصصية، فيشير البعض إلى أن التغيير السياسي (هو مجمل التحولات التي تتعرض لها البنى السياسية في مجتمع ما، بحيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها أو دول عدة)، كما يقصد به (الانتقال من وضع استبدادي إلى وضع ديمقراطي)، ويعرف كذلك بأنه (حصول نظام سياسي على قدرة جديدة، والتغييرات المرتبطة بتلك القدرة في الثقافة والهيكل السياسي)، وهناك من عرفه بأنه (العملية التي تحدث نتيجة ثورات وهزات سياسية واجتماعية، تتغير معها كل بنيات المجتمع)[16].

وهذه التعريفات عن التغيير السياسي يغلب عليها النظر إلى التوصيف المجالي والحركي للعمليات السياسية في صورها ومظاهرها دون الغوص في منطق التحولات السياسية بموجب ما تفرضه المنهجية السننية في الواقع الإنساني وهو ما لم يتعرض له بشكل جلي إلا الفكر السياسي الإسلامي، ولو تأملت بعض هذه التعريفات، لأدركت أن بعضها يأخذ وجهة واحدة من حيث النظر إلى التغيير بمنطق التأثر بالمنهجية الوضعية والحداثية التي تتحكم في البيئات الجغرافية والفكرية المختلفة، كما أن الغالب على بقية التعريفات النظر إلى التغيير السياسي في سياق البنى السياسية من داخلها حتى كأنها ترى أن هذه البنى ثابتة وحتى وإن أصابها تغيير ففي بعض شخوصها وأفرادها وليس في بناها وهياكلها فضلاً عن منظومتها الكاملة، وإنما هو إعادة توزيع للسلطة، والاستثناء هنا متوجه إلى التعريف الأخير الذي راعى تغير البنى الاجتماعية والسياسية نتيجة الثورات والانقلابات ونحوها.

ولذلك تجد المنطق الحداثي والليبرالي هو المتصدر لتفسير أمثال هذه الظواهر، فالتغيير السياسي عند أكثرهم تكون وجهته من الاستبداد إلى الديمقراطية، وهذا يتجاهل بشكل سافر ما شهده الواقع السياسي لبعض البلدان، وخاصة في العالم العربي والإسلامي، فليس خافياً على أحد أن النموذج المصري شهد تغييراً سياسياً حاداً بشكل كبير من خلال التخلي عن المسار الديمقراطي وتبني النموذج الاستبدادي، فالوجهة فيه معكوسة بناء على التعريف أعلاه الذي يرى أن التغيير هو الانتقال من وضع استبدادي إلى وضع ديمقراطي.

وإذا كان الأمر كذلك من حيث قصور البناء المفاهيمي للتغيير السياسي في سياقه الوضعي، فهل هو كذلك في سياقه الإسلامي، وكنا فيما سبق قد وقفنا مع مفهوم التغيير في بعده الشرعي دون ضميمة السياسي، وهذه الضميمة في حقيقتها لا تشكل قيداً مبايناً عند النظر إلى مفهوم التغيير في المنظومة الإسلامية؛ فإن هذا المفهوم يأخذ بالاعتبار كل سياقات الظاهرة الإنسانية والاجتماعية بما فيها الظاهرة السياسية، ولكن على الأقل تكون ضميمة السياسي للتغيير ذات بعد تخصصي أكثر مما لو لم تكن مقرونة به.

وبهذا الاعتبار فإن لهذه الضميمة أثرها من جهة سياقها الخاص المتعلق بالظاهرة السياسية دون أن تكون منبتة عن حواضنها الاجتماعية الأخرى، ومن باب الإشارة الفارقة وهي أقرب إلى الاستطراد فإن التغيير تكمن فيه عناصر تشكل بمجموعها حال تفعيلها بناء حضارياً فاعلاً في البنية المجتمعية، وأهم هذه العناصر هو الإنسان؛ لكونه هو الفاعل فيها، وإنما تأخذ العناصر الأخرى وهي الزمان والمكان أهميتها من فاعلية الإنسان نفسه؛ إذ تشكل بحد ذاتها حواضن ظرفية لا يمكن أن تفعل شيئاً دون أن تكون هناك إرادة فاعلة محركة، ولذلك يثير قوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ العقلية المسلمة في إطارها الجمعي لا الفردي باتجاه التحقق بالتغيير في الأنفس الذي يشكل شرطاً أساسياً للتغيير في الآفاق، والأول إرادة بشرية بتوفيق من الله، والثاني هبة من الله تعالى للإنسان في التغيير المقصود[17]، وهذا المعنى هو أحد القسيمين اللذين تشير إليهما الآية الكريمة.

لكن ما الذي يثيره هذا المعنى التقريري في بعده السياسي ما دام هو المخصص لمفهوم التغيير بضميمته إليه؟

الذي يثيره في هذا السياق أن مفهوم السياسة في منظوره الإسلامي يأخذ بعداً مبايناً لما عليه قسيمه في منظوره الوضعي، ذلك أن السياسة لا تقف عند حدود هيكلية وتوصيف بنيوي لمفهومي الدولة والسلطة أو التعمق في إطار العلاقة السياسية في دائرة الوسائل والأهداف في بعدها النفعي البراجماتي بعيداً عن دائرة القيم المطلقة التي لا تبالي المنظومة الوضعية بالها منذ قرون، حيث أضحى لنموذج الدولة القومية مقام مطلق لا يجامع أي مطلقات أخرى حتى وإن كانت معتقدات الإنسان ودينه.

فالسياسة في بعدها الإسلامي كما أشرنا آنفاً  أنها تدور في سياق منظومي يأخذ بالاعتبار المفاهيم والفواعل والوسائل والمقاصد، وبها كلها تتأسس العلاقة السياسية في البناء الإنساني داخلياً وخارجياً غير منبتة الصلة عن محيطها القريب والبعيد، فإذا كانت السياسة تعني السلطة، والدولة، وفن الممكن، والمساومة، والقوة وإدارتها، وضبط الصراع والتعدد في المصالح، والحيلولة دون الإخلال بتماسك الوحدة السياسية حتى وإن كان بالقسر والإكراه أحياناً[18]، فإنها في بعدها الإسلامي تدور مع التوحيد، والإصلاح، وتدبير الشأن العام، وجلب المصلحة ودرء المفسدة، والحفاظ على القيم الإنسانية الحاكمة، والمقاصد العليا، ومراعاة السنن الشرطية الضامنة لسير البشرية في مسارات الاستقامة والهداية، وإنما يضمن ذلك مرجعية دستورية منظمة للعلاقة السياسية.

التغيير ودائرة التعانق المفاهيمي:

ويأتي التغيير في نسقه الإسلامي ليأخذ هذه المقومات بالاعتبار، فيكون مراعياً للمنظومة الإسلامية في إرادتها ومعتقدها ومقاصدها وتدبير شؤونها العامة وتنظيم علاقاتها الداخلية والخارجية وربط البنى المجتمعية في إطار علاقات عادلة تتوازن فيها الكفة وتتواءم مع مقتضيات الواقع المعيش بين أطراف المجتمع حاكماً ومحكوماً، ولذلك نجد مفهوم التغيير يعانق مفاهيم أخرى تأخذ بسياقاته ونسقه، فتتعاضد في بنية دلالية ومنهاجية وسياقية؛ لتقوم بوظيفتها في الحفاظ على البنى المجتمعية بأفرادها ومؤسساتها ونظمها وعلاقاتها ومرجعيتها في نسق الاستقامة على الهدى،  وأهمها مفاهيم الإصلاح والاستخلاف والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إن هذه المفاهيم تأخذ بحُجُز البناء الإنساني ونُظُمه المختلفة إلى حيث القيم والتقويم والاستقامة، وبخاصة النظام السياسي وحركته السياسية وإن كان كل نظام يمتاز بخصوصيته الوظيفية، وهنا يستحضر الباحث ذلك التساوق الموضوعي بين آيات الاستقامة والإصلاح والتغيير والاستخلاف؛ لتشكل وتؤسس بمجموعها -دلالة ووظيفة- واقعاً يأخذ بالنظام والمجتمع والأمة إلى حيث الأمن والأمان والسلامة المجتمعية، أو بمعنى آخر إلى حيث العلاقات العادلة، ولذلك نجد من الآيات المركزية في كتاب الله ما يأخذ بمجامع هذه المعاني لترسخ في عقلية المسلم أهمية الدور الذي يلعبه في تصحيح مسارات الاختلال والانحلال في البناء السياسي والأبنية المجتمعية الأخرى.

ومن هذه الآيات نموذجاً ومثالاً قوله تعالى: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾، وقوله تعالى: ﴿ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم﴾، وقوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾، وقوله تعالى: ﴿وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون﴾، إنها آيات وإن سيقت مثالاً إلا أنها تأخذ بمجموعها مع غيرها في سياقاتها الموضوعية متعاضدة مع بيانها من الأحاديث النبوية الصحيحة لتفعل هذه المفاهيم في دائرة من التوظيف والتفعيل والتقويم لمسارات العمل السياسي والحركة السياسية وغيرها، فتدخل مجاميع من المفاهيم الهادمة والناقضة وبناها المؤسسية في دائرة النهي والتغيير والتقويم من مثل[19]: الظلم والاستبداد والتأمر بالقهر والغلبة، ومجاميع من المفاهيم البانية والحافظة والمستقيمة في دائرة المعروف من مثل: العدل والشورى والاختيار والكرامة وتدبير شؤون الخلق وحراسة الدين فاعلاً ومفعولاً[20] وسياسة الدنيا به.

وللحديث صلة …

[1]  الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1394هـ/1974م، ج13ص286-290.

[2]  الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، دمشق، دار القلم، ط4، 1430هـ/2009م، ص619.

[3]  د.إبراهيم أحمد عمر، فلسفة التنمية رؤية إسلامية، الرياض، الدار العالمية للكتاب الإسلامي، ط3، 1415هـ/1995م، ص44.

[4]  وأمثالها من القابليات التي تلبست بها الأمة فجعلتها مرتهنة بالاستعباد والاستعمار والاستتباع الفكري حتى بعد انتهاء الظاهرة الاستعمارية في شكلها المادي والعسكري، ومن أمثلة هذه القابليات: قابلية الاستبداد، وقابلية الفساد، وقابلية الاستعباد .. في غيرها.

[5]  د.طه كوزي، أزمتنا الحضارية العقدة والمخرج، دمشق، دار وحي القلم، ط1، 1437هـ/2016م، ص225.

[6]  د.سيف الدين عبدالفتاح، النظرية السياسية من منظور إسلامي، عمان/الأردن، المركز العلمي للدراسات السياسية، ط1، 2002م، ص216.

[7]  المرجع السابق، ص219.

[8]  نصر محمد عارف، علم السياسة علم تنظيم المجتمعات البشرية وإدارتها، بحث منشور ضمن كتاب: مدخل لتكوين طالب العلم في العلوم الإنسانية لمجموعة من المؤلفين، بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط2، 2013م، ص21.

[9]  ابن قيم الجوزية، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، مكة المكرمة، دار عالم الفوائد، ط1، 1428هـ، ج1ص29.

[10]  أبو الحسن الماوردي، تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك، بيروت، مركز ابن الأزرق لدراسات التراث السياسي، ط2، 1432هـ/2012م، ص125-126.

[11]  انظر تحليلاً لنص الماوردي في: د.حامد عبدالماجد قويسي، في  التراث السياسي الإسلامي: حول نظرية  السلطة وتعاملها الخارجي، القاهرة، مكتبة الشروق الدولية، ط1، 1430هـ/2009م.

[12]  ستيفن دي تانسي، علم السياسة الأسس، بيروت، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2012م، ص206.

[13]  المرجع السابق، ص206-207.

[14]  المرجع السابق، ص207.

[15]  صمويل هنتنجتون، النظام السياسي في مجتمعات متغيرة، بيروت، دار التنوير للطباعة والنشر، ط1، 2017م، ص229.

[16]  عبدالمؤمن سي حمدي، إشكالية التغيير السياسي في المنطقة العربية في ظل التحولات الجديدة، أطروحة دكتوراة غير منشورة، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة محمد بوضياف، الجزائر، 2019م، ص23.

[17]  انظر في هذا المعنى: جودت سعيد، حتى يغيروا ما بأنفسهم، دمشق، دار الفكر، ط8، 1989م، ص46.

[18]  محيي الدين محمد قاسم، السياسة الشرعية ومفهوم السياسة الحديث، القاهرة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1418هـ/1997م، ص43.

[19]  انظر: د.أحمد كافي، مشاريع الإصلاح السياسي بالمغرب في القرنين التاسع عشر والعشرين، القاهرة، دار الكلمة، ط1، 1434هـ/2013م، ص28.

[20]  شاع في كتب السياسة الشرعية أن الدين محروس في دائرة وظيفة مركزية من وظائف الخلافة، ولكن تأخذ حراسة الدين بعداً آخر لا يقل أهمية، وهو أن تفعيل الدين الحق في الحياة الإنسانية يحقق لها الحراسة بالدين من الدواخل وعوادي الزمان.

زر الذهاب إلى الأعلى